الاجتهاد: مما اشتهر في الفقه الامامي مسألة “من زنا بذات بعل حرمت عليه أبدا” وهذه المسالة مما تفرد به المذهب، ولا وجود لها في مذاهب اهل السنة وفقههم. لكن وجدتَ هذا الحكم عند الاباضية فقط، الا انهم يحرمون الزواج اذا سبقه زنا مطلقا حتى ولو لم تكن المراة متزوجة او ذات بعل كما يعبر عنها.
في الفقه الشيعي استدل للتحريم بامرين:
الاول: ما ورد في الفقه الرضوي: (ومن زنا بذات بعل محصنا كان أو غير محصن ثم طلقها زوجها أو مات عنها وأراد الذي زنا بها أن يتزوج بها لم تحل له أبدا ) الا ان هذا الكتاب لم يثبت انه كتاب رواية عن الامام الرضا عليه السلام كما يدعي البعض حتى يناقش في حجيته، بل المعروف أنه كتاب يشمل مجموعة من فتاوى أحد أعلامنا القدماء(رض)، حيث قيل أنه رسالة الشيخ ابن بابويه(ره) إلى ولده الصدوق(قده)، وقيل غير ذلك.
الثاني: دعوى الاجماع التي ذكرها السيد المرتضى في كتابه “الانتصار” حيث ذكر أن الحجة في ذلك اجماع الطائفة… ، مع ان الطائفة لو اجمعت فعلا على ذلك لنقله غيره ولما تفرد به، وباي حال فإن الاجماع دليل من لا دليل له… مع ان المحقق الحلي خالف هذا الاجماع ولم يفت بذلك وتردد في المسالة.
والحق انه لا دليل او لا نص على المسالة، وهو ما اعترف به الفاضل الهندي في كتابه “كشف اللثام” حيث قال: وليس عليه نص بخصوصه.
قبل سنوات اتصل بي صديق وسالني عن امراة كانت في العدة (المعتدة حكمها حكم زوجة حتى تنقضي عدتها) وكان لديها عامل في البيت وقد قام بالهجوم عليها واعتدى عليها بحيث تمت معاشرة جنسية.. ثم بعد ذلك جاء يخطبها ويطلبها للزواج، قلت لصديقي له بأن مشهور الفقهاء هو التحريم الا ان رأيي هو عدم الحرمة لضعف الاجلة ولقاعدة ( الحرام لا يحرم الحلال) فضلا عن وجود روايات صحيحة بجواز وزاج الزاني ممن زنا بها، وهي روايات مطلقة لم تفصل بين كونها ذات بعد او غير ذلك.
ومع ذلك، ولكي انيط المسالة بقول فقيه معروف فقد اشرت الى ان هذا هو راي السيد الروحاني والسيد فضل الله كما ان الشيخ الفياض كان رأيه أنها تحرم عليه على الاحوط الاولى كما عبر، وهو تعبير عن احتياط استحبابي..
اتصل بي بعد ذلك، وقال لي بان المراة ترغب بان تتحدث لي، قلت له لا بأس. اتصلت بي، وقالت بانه حصل كذا بينهما وانه جاء خاطبا وانها سمعت انه لا يجوز لها ان تتزوج منه.. قلت لها: راي عدد من العلماء المعاصرين هو الجواز، ويمكن ان تبني على رايهم.
وتذكرت موقفا آخر في يوم ما عندما كنت في مجلس السيد حسين بحر العلوم رحمة الله (توفي سنة 2001) وقد جاءه استفتاء من امراة قرأه عليه أحدهم وجاء فيه: انها كانت متزوجة وارتبطت بعلاقة غير شرعية مع رجل، وان زوجها طلقها بعد ذلك، ثم تزوجت من الرجل الذي كانت على علاقة معه.. هز السيد يده وقال: هذا ليس زوجها شرعا! عليها ان تفارقه.. تالمت من حال هذا المراة، صحيح انها اخطات، لكنها لماذا يقيد الفقيه الناس بأمور فيها سَعة؟ وما هو مصير هذا المراة؟ امور كهذه لا يلفت الفقيه اليها للاسف، فهو لا ينظر الى نتائج الفتوى على الواقع.. بل ينظر الى النص فقط، رغم انه لا يوجد نص هنا.
مع التحية و السلام
وجود النص في الفقه الرضوي المنسوب و ادعاء الإجماع من السيد المرتضى علي حرمة الزواج في المسألة يقتضي إيراد الدلائل الفقهية المقبولة على وفق ما تقرر في علم الأصول عند فقهاؤنا الأصوليين. والحال ان هذه الدلائل مفقودة في ما تقرر هيهنا. فان ما قاله الكاتب يؤول إما الى الاستحسان الشخصي أو إلى المصالح المرسلة.
موقع الاجتهاد السلام عليكم ورحمة الله
تعليق أحد الإخوة على مقالكم الذي نشرنا في موقع الاجتهاد
رابط المقال في الموقع: https://b2n.ir/92748
التعليق: حسین انصاری
12 فبراير، 2019 في 8:09 م تحرير
مع التحية و السلام
وجود النص في الفقه الرضوي المنسوب و ادعاء الإجماع من السيد المرتضى علي حرمة الزواج في المسألة يقتضي إيراد الدلائل الفقهية المقبولة على وفق ما تقرر في علم الأصول عند فقهاؤنا الأصوليين. والحال ان هذه الدلائل مفقودة في ما تقرر هيهنا. فان ما قاله الكاتب يؤول إما الى الاستحسان الشخصي أو إلى المصالح المرسلة.
سأرسل ملاحظتكم على التعليق إلى الموقع
شكرا لكم
رد الشيخ عز الدين البفدادي على تعليقكم على المنشور:
عز الدين البفدادي الاخوة في موقع الاجتهاد الأخ المعلق يقول بأن الأدلة مفقودة، فاذا لم يكن هناك دليل فلا وجه للتبرع بالحكم بالتحريم، ثم يقول بعد ذلك بأن قول الكاتب استحسان، وليس في الامر استحسان، ولا اعرف وجه الاستحسان في المسالة. فانا لم اثبت حكما بل نفيت حكما مدعى ورجعت الى الاصل في التكليف وهو البراءة، لو ادعيت حكما بغير دليل عندها يمكن ان يقول بان هذا استحسان، لذا ارجو ان يكون معنى الاستحسان واضحا لديه.. كلامي واضح حيث لا دليل لا حكم، وهنا لا دليل كما يصرح الفقهاء من يفتي بالتحريم متابعا الشهرة ومن يرفض التحريم لعدم وجود دليل عليه.