خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / موقع الاجتهاد و جميع المواضيع / جميع الأبحاث والأحداث / حوارات ومذکّرات / 55 مذكرة خاص / الشخصية العلمية للسيد مصطفى الخميني في ثلاثة محاور: التحصيل، والتدريس، والتأليف
الشهيد-السيد-مصطفى-الخميني

الشخصية العلمية للسيد مصطفى الخميني في ثلاثة محاور: التحصيل، والتدريس، والتأليف

خاص الاجتهاد: يُحيي الرابع والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر من كل عام ذكرى الغمّ الثقيل والمصاب الجلل لاستشهاد آية الله السيد مصطفى الخميني في غربة المنفى. فاستشهاده المظلوم والغريب في خريف الطبيعة، أثمر ربيع حرية الأمة الإيرانية من الاستبداد والاستعمار.

ولكن لكونه نجل الإمام الخميني(قدس سره)، قُلّما جرى الحديث عنه وعن شخصيته متعددة الأبعاد في السنوات التي تلت انتصار الثورة الإسلامية، ولذلك بقيت الأمور غير المسرودة حول أبعاد شخصيته كثيرة. / بقلم: محمد كاظم تقوي

العالِم والـ “خميني الثاني”
لقد كان آية الله السيد مصطفى الخميني في الوقت ذاته شخصية علمية بارزة في كل من الحوزة العلمية في قم والحوزة العلمية في النجف. ولكن مع انطلاقة نهضة الإمام الخميني، وخلال فترة حبس وإقامة قائد النهضة الجبرية، ثم استمراراً مع نفيه من إيران، لُقّب بـ “الابن الكفؤ للإمام”؛ حتى أن المراكز الأمنية التابعة لنظام الشاه أطلقت عليه وصف “الخميني الثاني”. وكان لا بدّ من نفيه ليُنسَى طريق وأهداف والده.

كان آية الله السيد مصطفى الخميني، مع انتقال مكان نفيه إلى النجف، يمتلك إيماناً لا يُضاهى بأهداف والده وقائده، ما مكنه من تقديم إسهامات جليلة في استمرار حركة النضال والجهاد.

تُظهر حياة هذا العالم أنه كان صاحب شخصية روحية ومعنوية عالية، ومختصاً بالسير والسلوك، وكانت العبادات والزيارات والأذكار تحتل موقع الصدارة في مسيرته.

وبما أن تغطية الأبعاد الثلاثة لشخصيته في مقال واحد أمر متعذر، فسيركز هذا المقام على التعريف بشخصيته العلمية.

يجب النظر إلى شخصية آية الله السيد مصطفى الخميني العلمية ودراستها في ثلاثة محاور رئيسية: الدراسة، والتدريس، والتأليف.

المحور الأول: الدراسة

بعد أن أنهى السيد مصطفى المرحلة الابتدائية في المدارس الحديثة، التحق بدراسة العلوم الدينية في المدرسة الفيضية بقم بدءاً من العام الدراسي (1945-1946). وبعد إتمامه مرحلتي المقدمات والسطوح، اهتم منذ عام 1951 بالتحصيل في مرحلة البحث الخارج في الفقه والأصول، وكذلك الفلسفة والتفسير.

وقد استفاد في مرحلتي السطوح العالية والخارج من أبرز أساتذة تلك الفترة في الحوزة العلمية بقم. فكان من أساتذته في مرحلة السطوح العالية: آيات الله مجاهدي التبريزي، وعبد الجواد جبل عاملي الأصفهاني، وسلطاني الطباطبائي. أما أساتذته الرئيسيون في مرحلة الخارج والاجتهاد فهم أصحاب السماحة آيات الله: البروجردي، والإمام الخميني، والمحقق الداماد، والعلامة الطباطبائي (رضوان الله تعالى عليهم أجمعين).(1)

أنهى السيد مصطفى فترة تحصيله التي تجاوزت الخمسة عشر عاماً (في المقدمات والسطوح والخارج) بثلاثة مميزات بارزة: الاستعداد الفائق، والذاكرة القوية جداً، والهمة العالية والمثابرة والاجتهاد.

شهادات كبار العلماء في نبوغه
وفي هذا الصدد، يقول آية الله الشيخ محمد فاضل اللنكراني: «لقد وصل السيد مصطفى، بفضل ذكائه الخاص واستعداده المتميز وجهوده المتواصلة ومثابرته الخاصة وتوفيقه في الاستفادة من الأساتذة البارزين، وخاصة والده الماجد الإمام الخميني، إلى مرتبة الاجتهاد والتخصص في الفقه والأصول والفلسفة والتفسير.»(2)

ويرى آية الله شهاب الدين الإشراقي أن: «المرحوم الحاج آقا مصطفى لم يكن قوياً فحسب في كلا الجانبين [استعداد إدراك المسائل العلمية والذاكرة القوية]، بل كان عبقرياً… دون أدنى تعصب… كانت قوة ذاكرته واستعداده في حدود النبوغ، ولم أرَ في الحوزتين العلميتين بقم والنجف أحداً بقوة استعداده العلمي وذاكرته.»(3)

كما توصل آية الله جعفر السبحاني، من خلال معاشرته العلمية للسيد مصطفى، إلى هذا الاستنتاج: «من ضمن ميزاته في الدرس، في الدرجة الأولى، كان استعداده القوي، كما كان يتمتع بذاكرة قوية… لقد كان يجمع بين العمق الفكري والذكاء. وإلى جانب هاتين الصفتين، كان يتمتع بذاكرة قوية. وإحدى مواهبه كانت الفكر الولّاد والمنتِج.».(4)

ويصف آية الله السيد محمد أبطحي الكاشاني، قرينه في مباحثة الفقه والأصول، بأنه “صاحب استعداد وذكاء غزيرين”.(5)

عرّف آية الله صادق خلخالي، رفيقه في الدرس والمباحثة لمدة ثلاثين عاماً، صديقه بقوله: «كان السيد مصطفى سريع الانتقال وفطن وواعٍ إلى حد كبير… لقد كان نادِرة زمانه، وكان كثير المطالعة جداً… وكان مبتكراً للغاية في مبحث الأصول… إحدى خصوصيات الحاج السيد مصطفى هي أنه، مع ما كان يتمتع به من ذاكرة واستعداد كافيين، كان كثير العمل والجهد بشكل لا يُصدّق. وأهل الفن يعلمون أنه إذا اجتمعت هذه الأمور الثلاثة في شخص واحد، فإنه سيكون من النوابغ. وقد اجتمعت في وجود الحاج السيد مصطفى كل من الذاكرة القوية، والاستعداد الفائق، وكثرة العمل والجهد… عندما كان في قم (قبل النفي)، كان أستاذاً معروفاً لمنظومة الحكمة في الحوزة العلمية. وبالطبع، كان يدرّس الأسفار أيضاً لعدد قليل من الطلبة… كان لديه شغف كبير بإزاحة الستار عن أسرار عالم الوجود، علماً وعملاً.» (6)

الإتقان في المعقول والمنقول: الفلسفة والعرفان
ووصف الحكيم والفيلسوف ذو الصيت العالي؛ السيد جلال الدين الآشتياني، الأبعاد العلمية لصديقه، قائلاً: «كان السيد مصطفى ماهراً ومُتقناً جداً في الأدب العربي، ويُحسن الاستفادة منه. وقد بذل جهداً كبيراً وتخصص في الفقه والأصول والعلوم القرآنية. وكان مُتمكناً جداً في تدريس الفلسفة. وقد قال له الإمام (الخميني): ‘إن لم تتابع الفلسفة، فكأنما انتحرتَ’… كان أستاذاً في العرفان. انظر إلى كتابه التفسيري هذا؛ إنه يعرض المباني العرفانية بمستوى عالٍ جداً… لم أكن أصدق أن الحاج السيد مصطفى لديه هذا التمكن في العرفان. وكان أستاذه في العرفان هو والده المرحوم الإمام. إن ذلك الذكاء والاستعداد القوي والمثابرة وأستاذ كالإمام، كل ذلك صقله وجعله قوياً في وادي العرفان.» (7)

كما يرى آية الله السيد عباس خاتم يزدي أن الحاج السيد مصطفى كان «مجتهداً كاملاً ومطلقاً في الفقه والأصول، وصاحب رأي أيضاً في العرفان، والأخلاق، والفلسفة، والرجال… وكان قليل النظير في الفقه والأصول في زمانه.» (8)

ويقول آية الله السيد محمد البجنوردي عن الحاج السيد مصطفى: «كان والدي المرحوم يُكنّ له علاقة كبيرة جداً… وقد كان مضروباً به المثل في النجف، حيث كانوا يقولون: ‘الآقازاده (ابن العالِم) الذي يمتلك الفضل هو الحاج السيد مصطفى’… كان يُطرح كطالب علم فاضل جداً، وحسن الاستعداد، وسريع الفهم، وجامع للمعقول والمنقول. كان أدبه وعلم الرجال لديه جيداً، وكان مُتمكناً أيضاً في الشعر.» (9)

على الرغم من أن أصدقاء وزملاء درس وتلاميذ آية الله الشهيد السيد مصطفى الخميني قد عبّروا عن الكثير من الخصائص والأوصاف المتعلقة بشخصيته العلمية، إلا أنه يُكتفى بهذا المقدار، ويُختتم هذا الوصف بذكر خاطرة للدكتور محمود البروجردي:

في شتاء عام 1345 شمسي (1966م) عندما تشرفت بزيارة الإمام في النجف، سألته ذات ليلة عن الوضع العلمي للحاج آقا مصطفى. فقال الإمام: ‘مصطفى في هذا السن، أفضل مني بكثير مما كنتُ عليه أنا في مثل هذا السن’. يُذكر أن هذا الأمر كان يتعلق بـ السادسة والثلاثين من عمر الحاج آقا مصطفى.(10)

لقد تم حتى الآن سرد مسيرة التحصيل العلمي للشهيد آية الله السيد مصطفى الخميني على لسان أقرب وأبرز أصدقائه، وتم التأكيد على لسانهم جميعاً على استعداده الفائق، وذاكرته المدهشة، وكذلك همته وسعيه الوافر في التحصيل والتحقيق والمطالعة.

المحور الثاني

برز توفيق هذا العالم المحقق في مجال التدريس أيضاً؛ ففي عقد الثلاثينيات الشمسية (الأربعينيات والخمسينيات الميلادية) في الحوزة العلمية بقم، كان يدرّس الحكمة المتعالية، ويشمل ذلك: شرح المنظومة للسبزواري، والأسفار الأربعة لصدر المتألهين، وذلك لجمع من الفضلاء، كان منهم آية الله طاهري الخرم آبادي وآية الله مؤمن القم.(11)

كما وُفِّق (السيد مصطفى) في تدريس دورة مكثفة لخارج الأصول، وقام بتصنيف مباحثها بقلمه، وسيأتي توضيح ذلك في قسم المؤلفات. ولم يطلع الكاتب على تقرير لتدريس آخر له في الحوزة العلمية بقم.

أما سنوات إقامة الحاج السيد مصطفى في النجف الأشرف، فكانت سنوات مثمرة علمياً، وخاصةً أنه كان يدرّس خارج الأصول لعدد لا بأس به من فضلاء الحوزة، وبالإضافة إلى التدريس التفصيلي والتحقيقي لتلك المباحث، نجح أيضاً في تأليفها وكتابتها.

وكان له درس آخر يدرّسه لجمع من الفضلاء هو درس خارج الفقه، والذي كان يُعقد في أيام العطل، ويُعد مجلد “كتاب الصوم” في الفقه الاستدلالي نتاجاً لهذا الدرس. وكان درسه الآخر في النجف هو درس تفسير القرآن، الذي كان يُعقد في أيام العطل الأسبوعية، وقام هو أيضاً بكتابة نتاج هذا الدرس بقلمه.

بالرغم من أن النشاط الرئيسي للشهيد السيد مصطفى في سنوات إقامته بالنجف كان التدريس والتأليف، إلا أنه حرص في الأشهر الأولى من وصوله إلى النجف على حضور دروس الأعلام وكبار الفقهاء هناك، وذلك ليحصل على معرفة مباشرة بجودة الدروس ووضع ومكانة أعلام تلك الحوزة العريقة. ويُعد كتاب “دروس الأعلام ونقدها” نتاجاً لهذا الحضور الاستكشافي في دروس كبار الحوزة العلمية بالنجف.

وكذلك، كان السيد مصطفى حاضراً بنشاط وحيوية في جميع تلك السنوات في درس خارج الفقه للإمام الخميني، خاصة في مباحث البيع، والخيارات، والخلل في الصلاة.

كما استفاد علمياً بشكل خاص من آية الله الميرزا حسن البجنوردي، وذلك على نحو خاص لمدة سبع أو ثماني سنوا.(12)

لم تقتصر الأنشطة العلمية لآية الله السيد مصطفى الخميني على قوالب التحصيل والمباحثة والتدريس فحسب، بل كان يطرح القضايا والنكات العلمية ويناقشها في أي تجمع وفرصة متاحة؛ فعلى سبيل المثال، كان في رحلاته المتكررة لزيارة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، بصحبة طلابه وأصدقائه، يجري ساعات طويلة من النقاش العلمي والأسئلة والأجوبة أثناء السفر وفي أوقات التوقف والراحة، وكان يجيب على التساؤلات المتعددة والمتنوعة للحاضرين(13)

المحور الثالث: التأليف

برز الشهيد آية الله السيد مصطفى الخميني في ميدان التأليف بإنتاج مختلف، ومتنوع، وغزير في شتى فروع العلوم الإسلامية! وتتوزع أعمال السيد مصطفى الخطية على مجالات الفقه، أصول الفقه، الفلسفة، التفسير، الرجال والتراجم، وتظهر بوضوح في هذه العشرات من المجلدات العلمية والتحقيقية شخصية العالم “الجامع للمعقول والمنقول”. إن كتاباته الفقهية تشمل كلاً من الفقه الفتوائي والفقه الاستدلالي؛ والفقه الفتوائي يأتي في شكل حاشية على المتون الفتوائية للفقهاء الكبار، كما جاء في شكل مؤلفات مستقلة بقلمه.

وكذلك فقهه الاستدلالي، جاء في شكل حواشٍ محققة على بعض الآثار الفقهية المهمة لكبار الفقهاء، كما جاء في شكل مؤلفات استدلالية وتفصيلية بقلمه. كما أن بعض كتاباته في الفقه الاستدلالي هي شرح وتفصيل وتبيين للمتون الفتوائية للفقهاء السلف. وقد كتب السيد مصطفى بعض القواعد الفقهية بشكل مستقل، تماماً كما كتب بعض المسائل الفقهية والأصولية في قالب رسالة منفصلة.

الآثار الفلسفية والتفسيرية: التنوع والمنهج المبتكر
تجلت الآثار الفلسفية للشهيد السيد مصطفى في شكل تعليقة على “أسفار” صدر المتألهين، وفي شكل حواشٍ منفصلة على بعض كتب الحكماء السلف، وكذلك صدرت بقلمه في قالب تأليف أساسي، مهم، مستقل ومفصل.

أما آثاره التفسيرية فقد كُتبت في قالبين: التفسير الترتيبي التفصيلي، والتعليقة على بعض التفاسير العرفانية للمتقدمين.

تفسير القرآن الكريم
نقطة أخرى يجب الانتباه إليها في مؤلفات السيد مصطفى هي أنه وُفِّق في كتابة آثار قيّمة في شتى فروع العلوم الإسلامية على مدى عقدين من عمره البالغ سبعة وأربعين عاماً، ولكن المؤسف أن العديد من أعماله الخطية ظلت مفقودة حتى الآن؛ فعندما عُقد مؤتمر تكريمي له في عام 1997م (1376 شمسي)، تم تحقيق ونشر ثلاثين مجلداً من أعماله الفقهية، الأصولية، الفلسفية والتفسيرية، وظل جزء من أعماله يُشار إليه دائماً في سيرته الذاتية كـ”آثار مفقودة”، وهي أعمال كان يشير إليها أو يذكرها في بعض كتاباته.

لا يفوتنا التنويه بأن من بين آثار السيد مصطفى ـ التي طُبعت لحسن الحظ ـ يجب اعتبار “تفسير القرآن الكريم”، الذي صدر في خمسة مجلدات ويتضمن المقدمة، وتفسير سورة الفاتحة، وتفسير 46 آية من سورة البقرة، هو أهم أعماله العلمية و”أُمّ آثاره”. إنه عمل يشتمل على أنواع من المسائل في شتى العلوم، ويحمل كمّاً هائلاً من المحتويات والنكات العلمية القيّمة.

المنهج البديع في التفسير: لا خلط بين الفنون
في “تفسير القرآن الكريم”، اتبع السيد مصطفى منهجاً بديعاً ونظاماً فائقاً؛ حيث أورد المباحث المتعلقة بكل آية والمطالب المستفادة منها في شكل نكات ومسائل منفصلة. وعلى الرغم من تنوع المطالب وغزارة المباحث، فإنه لا يوجد أي خلط بينها.

لقد أورد (المفسر) المباحث والنكات ضمن علوم: اللغة، الصرف، النحو، البلاغة، القراءة، الرسم القرآني، الإعراب، المنطق، الكلام، الفلسفة، العرفان، الأخلاق، الفقه، أصول الفقه، المباحث الاجتماعية، علم الحروف والأعداد والأوفاق، وعلم العروض، وذلك على شكل تصنيفات مرتبة.

على سبيل المثال، في تفسير الآيات 25 و 26 و 27 من سورة البقرة، أورد تحت عنوان “مسائل اللغة والصرف” ستة عشر مطلباً ومسألة، وتحت عنوان “وجوه البلاغة والفصاحة والمعاني” أورد سبعة عشر مطلباً بأسماء: “الوجه الأول… الوجه الثاني… الوجه السابع عشر”. كما استنبط ووضح أربع مسائل فقهية، وثلاثة أبحاث أصولية، وأربعة أبحاث كلامية، وثمانية أبحاث فلسفية ومسألة حِكَميّة.

وأورد المفسر المبتكر المباحث والمطالب العرفانية في تفسيره تحت عنوان “بعض البحوث العرفانية والإيقانية”، أو “علم الأسماء والعرفان”.

إحاطة بالمسالك والمشارب
هناك عنوان آخر يستخدمه في تفسيره هو: “التفسير والتأويل على مختلف المسالك والمشارب”، أو “التفسير والتأويل على اختلاف المسالك ومشارب شتى”. وتحت هذه العناوين، يُورد منهج ومسلك الإخباريين، أرباب الحديث، أصحاب النظر والفهم، الحكيم الإلهي، المتكلم، أهل العرفان، أصحاب الكشف والإيقان، ومسلك العارف الخبير، وذلك في تفسير الآيات ذات الصلة. وهذا بحد ذاته علامة أخرى على إحاطته بالعلوم المتنوعة وكذلك بالمناهج والآراء، حيث يلمس القارئ تبحر وتمكن المفسر الشهيد.

تجدر الإشارة هنا إلى أنه لم يرد في مجموعة الأساتذة الذين تلقى السيد مصطفى العلوم المختلفة على أيديهم رسمياً، ذكرٌ يفيد بأنه درس العرفان النظري أو العرفان العملي لدى أستاذ محدد. ولكن بعيداً عن الذوق العرفاني الغزير والميل الشديد للسير والسلوك العرفاني الموجود في آثاره، والمنقول أيضاً من أحواله؛ فقد تلقى علم العرفان من محضر العارف الكامل والسالك الواصل الإمام الخميني. والدليل أنه في ثنايا كتبه يُسمّي كتب الإمام العرفانية وينقل منها؛ كتب مثل: “شرح دعاء السحر”، أو “مصباح الهداية”، أو “آداب الصلاة”، التي كانت في تلك السنوات مخطوطة وغير مطبوعة.

المؤلفات المطبوعة لآية الله الشهيد السيد مصطفى الخميني
صدرت ثلاثون مجلداً من مجموعة مؤلفات العالم الرباني والفقيه والحكيم المحقق آية الله السيد مصطفى الخميني المطبوعة في عام 1997م (1376 شمسي)، وهي: خمسة مجلدات في تفسير القرآن الكريم.

ثمانية مجلدات في أصول الفقه الاستدلالي والمفصل، وهي نتاج تدريسه لخارج الأصول لأكثر من عشر سنوات في الحوزة العلمية بالنجف الأشرف، وتغطي المباحث حتى نهاية “تنبيهات الاستصحاب”.

وكذلك، تضمنت آثاره الفقهية المطبوعة: مجلدين في الفقه الاستدلالي في مبحث “الطهارة”، ومجلداً واحداً في باب “الصوم”، وخمسة مجلدات في موضوع “البيع والخيارات”. بالإضافة إلى مجلدين كأول شرح وتعليقة على بعض كتب “تحرير الوسيلة” للإمام الخميني، تحت عنوان “مستند تحرير الوسيلة” [والذي كُتب إما بالتزامن مع شرح صديقه في الدرس والمباحثة آية الله محمد فاضل اللنكراني المفصل على تحرير الوسيلة بعنوان “تفصيل الشريعة”، أو كان متقدماً عليه]. ومن ضمن الآثار الفقهية المطبوعة أيضاً: “تحرير العروة الوثقى”، و”تعليقة على العروة الوثقى”، و”دروس الأعلام ونقدها”، و”العوائد والفوائد”، و”الخلل في الصلاة”.

العثور على جزء من الآثار المفقودة
لطالما عُدَّت كتب عديدة في السير الذاتية للسيد مصطفى كـ”آثار مفقودة”، وقد كُتبت بأشكال متنوعة وعناوين متعددة في مختلف فروع العلوم الإسلامية، وهو ما كان ولا يزال مثار أسف. ولكن، بعناية إلهية، عُثر في الأشهر الأخيرة [في عام 2021م] على جزء من آثاره المفقودة، وهي قيد التعريف التفصيلي حالياً، أملاً في العثور على بقية الآثار المفقودة، ليتم إعدادها للنشر في مجلدات مفصلة.

تضمنت الآثار المفقودة للسيد مصطفى موضوعات في: الفقه، الأصول، الفلسفة، العرفان، التفسير، الرجال، وغير ذلك. وقد كان (الشهيد)، في عام 1964م، قد عرّف عن نفسه في استجواب الساواك بأنه “طالب في المراحل العليا يدرّس في فرعي المعقول والمنقول”، وسرد بعد ذلك اثني عشر عنواناً من الكتب التي كتبها.(14)

بعض الآثار التي عُثر عليها حديثاً
فيما يلي بعض ما عُثر عليه في الأشهر الأخيرة بدعم من الأستاذ المحقق السيد حسن الخميني وبجهود بعض مريدي ذلك العالم الرباني والشهيد السامي:

1. خمس مئة صفحة مكتوبة في موضوع “الحكمة المتعالية”، والتي أشار إليها (الشهيد) في الاستجواب المذكور كـ: “دورة في الفلسفة القديمة بقي منها مختصر”. وما عُثر عليه حتى الآن يمتد إلى مبحث “القوة والفعل”. ولحسن الحظ، ليس هناك أي سقط حتى الصفحة 400. ويُؤمل العثور على بقية هذا الأثر النفيس، والذي سيكون قليل النظير، إن لم يكن فريداً، في مجال الآثار الفلسفية بعد صدر المتألهين، وهو كتاب تفصيلي وتحقيقي وغني بالنكات والابتكارات للمؤلف.

2. ما يقرب من ألف صفحة وفي مجلدين في موضوع “كتاب الصلاة”، ويغطي نحو خمسي مباحث كتاب الصلاة. وهناك تخمين قوي بوجود ثلاثة دفاتر أخرى، وأكثر من ألف صفحة في نفس الموضوع. يتضمن هذان المجلدان مباحث: “صلاة القضاء، صلاة الآيات، صلاة المسافر، صلاة الجمعة، والاستئجار في الصلاة”. ولم يُعثر بعد على المباحث المتعلقة بأفعال الصلاة ومقدماتها. وقد أشار (الشهيد مصطفى) إلى هذا الأثر في الاستجواب بعنوان: “11- كتاب صلاة”.

3. أكثر من ثلاث مئة صفحة في الفقه الاستدلالي في باب “الإجارة” من أبواب المعاملات الفقهية؛ جزء منها كُتب كشرح على “وسيلة النجاة” لآية الله السيد أبو الحسن الأصفهاني، ولكن أكثر من مئتي صفحة هي أثر مستقل في الموضوع ذاته.

4. دفتر في 326 صفحة يغطي جميع مباحث ألفاظ أصول الفقه من تعريف وموضوع علم الأصول حتى نهاية مبحث المجمل والمبيّن. ويليه أكثر من مئة صفحة تغطي مباحث الأمارات والأصول العملية. وقد يُعثر على نحو مئة صفحة أخرى لإكمال دورة مكثفة في أصول الفقه، وهي نتاج تدريسه لخارج الأصول في الحوزة العلمية بقم. وقد أشار (الشهيد) إلى هذا الأثر في الاستجواب بعنوان: “7- تمام مباحث الألفاظ في الأصول وتمام مباحث العقلية في الأصول”.

5. رسالة في 58 صفحة في موضوع “الوجود الذهني”، وهي من المسائل الفلسفية المهمة، بدأ السيد مصطفى الخميني بكتابتها في طهران عام 1955م. وقد كتب في ختامها: “هذا تمام الكلام في المقام الراجع إلى معضلات الوجود الذهني ومشكلاته؛ والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً. والحمد لله الذي وفّقنا لتتميم ذلك الكتاب، لئلا يكون الناس على جهالة وعيّ”. وقد أتم رسالة “الوجود الذهني” في غرة شهر رمضان المبارك عام 1956م (1375 هجري قمري)، أي في سن السادسة والعشرين.

6. 203 صفحات من تقريرات درس “كتاب الطهارة” لآية الله السيد محمد المحقق الداماد، كتبها بنفسه قائلاً: هذه وجيزة من أبحاث سيدنا الأستاذ العلامة الكبير السيد محمد الداماد أدام الله ظلّه”. تجدر الإشارة إلى أن هذه الكتابة هي الأولى والوحيدة للسيد مصطفى كتقرير لمباحث أساتذته، حيث لم يكن التقرير من دأبه.

7. رسائل مستقلة في قواعد: “اليد”، و”التجاوز والفراغ”، و”أصالة الصحة”، و”القرعة”، حيث كُتبت كل منها بشكل مستقل، مع ذكر سنة ومكان كتابتها. وتجدر الإشارة إلى أن الرسالة التي تحتوي على قاعدة “اليد” تقع في 51 صفحة وهي غير تامة. وقد كتبها في أصفهان خلال العطلات عام 1953م (1372 هجري قمري)؛ أي أنه كتب هذه الرسالة التحقيقية والاجتهادية في سن الثالثة والعشرين. كما بدأ تأليف رسالة قاعدة “التجاوز والفراغ” في همدان عام 1952م (1371 هجري قمري) وأتمها في قم في سرداب منزله الشخصي. وأتم السيد مصطفى كتابة رسالة في موضوع “قاعدة القرعة” في طهران عام 1954م (1373 هجري قمري) في 28 صفحة. وكذلك كتب رسالة في موضوع “الإجماع” في 30 صفحة.

8. تعليقة على تفسير “بيان السعادة” للگنابادي؛ وهو تفسير بحجم رحلي، وتحتوي على تعليقات متعددة ومفصلة للسيد مصطفى على تفسير بعض سور القرآن، ويبلغ مجموعها حجماً يعادل مجلداً واحداً.

9. حواشٍ وتعليقات على كتب متعددة وكثيرة في موضوعات الفقه، والفلسفة، والرجال، والتراجم، وقد تم العثور على العديد منها والحمد لله. إحداها هي حواشٍ مفصلة على “حواشي السيد محمد كاظم اليزدي على المكاسب”. وإحداها هي تعليقات السيد مصطفى على كتاب “المبدأ والمعاد” للملا صدرا. وقد أشار الشهيد إلى هذا الأثر في الاستجواب المذكور، كما ذكر أثراً آخر له هو “حاشية على شرح الهداية الأثيرية لآخوند الملا صدرا الشيرازي”.

10. كتابات مستقلة في صفحات ـ وليست في دفاتر أو حواشٍ على كتب ـ في موضوع تاريخ الإسلام، تضمنت في ثناياها تحليل مباحث معرفية مهمة مثل حقيقة الوحي، وقد عُثر حتى الآن على ما يقرب من 200 صفحة منها.

11. كتابات مستقلة في موضوع الرجال، عُثر حتى الآن على ما يزيد عن مئة صفحة منها وتخص باب “الألف”.

روح التحقيق والاستفادة من النوابغ
نأمل، بفضل العناية الإلهية، أن يتم العثور على جميع الآثار المفقودة لهذا العالم الرفيع والفقيه والحكيم المحقق والسالك الواصل، لتستفيد الحوزات العلمية ومجالات العلم والتحقيق من تحقيقاته وابتكاراته؛ ذلك لأن إحدى سماته البارزة، في الوقت الذي كان يستفيد فيه من آثار وأفكار الآخرين، هي روحه غير التقليدية وسعيه الدائم بروح تحقيقية في جهوده العلمية:

«كان للمرحوم الحاج السيد مصطفى جولان فكري وجسارة علمية عجيبة، وكان يبدي رأيه في المباحث منذ البداية، ولم تكن له حالة تعبدية تجاه المطالب العلمية… لقد كانت روح الاجتهاد حية فيه منذ المراحل الأولى، وهذا هو ما أدى إلى ترقيه.» (المصدر: ذكريات وتذكارات، ج1، ص102).

ابتكارات الفقيه الحكيم: الاجتهاد الشوروي والنقد الجذري
إن تناول ابتكارات العالم الجامع آية الله الشهيد السيد مصطفى الخميني يتطلب فرصة وكفاءة خاصة. ولو قام باحث متمكن بمسح شامل لآثاره الغزيرة، لَقَدَّم للمجتمع العلمي والعام قائمة طويلة من تحقيقاته وإبداعاته وابتكاراته؛ لأنه كان يتناول المسائل بعمق، وبشكل تحقيقي وواسع النطاق، وكان يعبّر عن نتائجه بشجاعة وحزم. بهذه الروح، كان يسعى للابتكار منذ سن السادسة والعشرين، عندما كتب رسالة “الوجود الذهني” (التي عُثر عليها مؤخراً)، واستمر بهذه الروح في مباحثه الفقهية والفلسفية والأصولية والكلامية، معبراً عن آراء بديعة بناءً على ذلك:

1. الاجتهاد الشوروي
يرى السيد مصطفى أن الحجج العقلائية تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة؛ ولذا، فإن أموراً كانت حجة في الماضي لم تعد كذلك في هذه الأزمنة. ولهذا السبب، اتجه عقلاء العالم نحو الاستفادة من الحكمة الجماعية لأنهم رأوا أن التفرد في إبداء الآراء يؤدي إلى الوقوع في مخالفة الواقع، والخطأ في الرأي الجماعي أقل. وبناءً على هذه السيرة العقلائية، يقول:

«لا يجوز لأحد من المجتهدين الكرام والمحققين العظام، إظهار رأيه وإعلان مرامه في المسائل النظرية، خصوصاً المسائل العملية الفرعية التي لا مستند لها إلا المآثير المخلوطة بالأباطيل مع بُعد العصر والمصر. ويجب عليهم تبادل أفكارهم… وإلا تكون حجة الرب عليهم قاطعة…» (ثلاث رسائل، العوائد والفوائد، ص53-54). كتب هذا المطلب في منفاه في بورصة بتركيا، مشيراً إلى أنه كتبه بينما كان “أبي نائماً”.

2. نقد “الإجماع” وتأسيسه على قواعد عقلائية
يُبحث “الإجماع” كأحد الأدلة الأربعة في علم أصول الفقه، ويُستشهد به كثيراً عند البحث والاستدلال في المسائل الفقهية. لكن الملاحظات والإشكالات الأساسية والجدية توجه إليه، سواء من الناحية الأصولية أو من ناحية الاستنادات الفقهية. يرى السيد مصطفى، في المجلد السادس من “تحريرات في الأصول” حيث تحدث عن الإجماع، أن هناك إشكالات جدية توجه إليه. وكتب بحرية نابعة من التحقيق:

«فإذا كان الإجماع المحصل ممنوع الصغرى، فنقل الإجماع المحصل كذب ومسامحة ومحمول على أمر آخر، كما قيل، فإنه لأجل المحافظة على شؤون ناقلي الإجماع، يصح أن يقال: إن كثيراً من الإجماعات المنقولة، مستندة إلى القواعد العقلائية، أو الشرعية، أو الأصولية…» (ص346).

3. وجوب “فحص المتخصصين” عن المخصصات في العصر الحديث
يرى السيد مصطفى في مبحث “العام والخاص” الأصولي وفي مسألة “وجوب الفحص عن المخصِّص”، أن هذه المسألة تقع ضمن إطار تغير الزمان. ويقول: بما أن الشارع لم يختار في إيصال مقاصده أسلوباً مغايراً لأسلوب العقلاء في الكلام والبيان، فيجب التعامل مع كلام الشارع بالأسلوب نفسه.

ويوضح: نعم، كان أسلوب العقلاء في صدر الإسلام وعصر نزول القرآن وصدور الروايات هو العمل بالمطلقات وعدم انتظار المقيدات. لكن في القرون اللاحقة، وبعد جمع الأحاديث والروايات، أصبح أسلوبهم هو الرجوع إلى المخصصات والمقيدات والقرائن، ولم تعد مجرد معرفة العمومات والمطلقات مجوّزاً للعمل بها.

أما في عصرنا وزماننا هذا، فالاهتمام بأمر آخر ضروري، ولا يكفي مجرد الرجوع إلى العام ومخصصه؛ لأن الوقوع في مخالفة الواقع يتكرر كثيراً في التحقيقات الفردية. وبالتالي، فإن أسلوب العقلاء في هذه الحالة هو “تبادل الرأي مع أهل الفن في الأنظار العلمية والآراء الفقهية” لمنع وقوع الناس في مفاسد مخالفة الواقع أو ضياع المصالح الحقيقية.

كان الشهيد السيد مصطفى جازماً وقاطعاً في هذا الرأي، حيث قال: إن حجية فتوى فقهاء هذا العصر بالأسلوب العقلائي للأعصار الماضية محل إشكال! ولهذا السبب يُغيّر الفقيه رأيه وفتواه في مسألة واحدة على مدى عمره. وعليه، فإن مجرد الجلوس في بيته والإفتاء بحسب فكره الخاص، مع وجود المشكلات العلمية والمعضلات الفنية الكثيرة في هذا العصر والزمان، “ليس عادة مرضية ولا طريقة عقلائية مقبولة.(15)

الاجتهاد الشامل وتحليل الأحكام الفقهية
هذا في حين كان هو نفسه مجتهداً ومتخصصاً بشكل جدي في مختلف الفروع الإسلامية. وكما ذُكر سابقاً، فإن تفسيره للقرآن يشهد على أنه صاحب رأي في كل شيء، من الأدب العربي إلى العلوم العقلية والنقلية العالية. ويقول نجله: «كان يعتقد بضرورة البحث الاجتهادي في كل هذه المباحث. وسمعت منه هذا المطلب أربع مرات يقول: يجب على المجتهد أن يكون مجتهداً في الصرف والنحو، والمعاني والبيان، والفقه والأصول، والرجال والمعقول، وخلاصة القول في جميع العلوم، ولا يكفي الاقتصار على الفقه والأصول فقط.»(16)

4. التشكيك في عموم حرمة “الغناء”
يقول الفقيه المحقق السيد مصطفى الخميني، في تعليقاته الاستدلالية والتحقيقية على “تحرير الوسيلة” للإمام الخميني، في مسألة “الغناء”: «يبدو لي أن حكم الغناء أصعب من موضوعه؛ وهذا بحد ذاته قصور في الاجتهاد أن يُصدر رأي دون التدبر اللازم، إذ من الواضح أنه يجب الإجابة على هذا التساؤل: كيف يُجيز الله فعلاً أوعد عليه بعذاب جهنم – بحسب الروايات – في الأعراس!؟ ألا يُصبح هذا الاستثناء مستهجناً؟!»

ويضيف في موضع آخر من البحث: «الذي يظهر لي هو أن الغناء بمفهومه الواسع لا يوجد دليل على حرمته، وإنما الحرام هو نوع خاص منه، وهذا الرأي يختلف عما صدر عن الفقهاء السابقين.» أي: إذا أُقيم مجلس للهو والباطل وكان فيه غناء، فإن ذلك الغناء يكون حراماً. وهذا يختلف عن رأي الفقهاء الذين يقولون إن حرمة الغناء سببها حرمة الأعمال المصاحبة له، مثل شرب المسكر (17).

ويقول الشهيد: “وقد تعرضنا للمسألة في كتابنا الكبير”، ويقصد كتابه “المكاسب المحرمة” الذي فصّل فيه هذا البحث، ولكن للأسف هو مفقود حتى الآن ولم يُعثر عليه في المكتشفات الجديدة.

مشروعه العلمي الكبير
إن تفسير السيد مصطفى حافل بالنكات الدقيقة والبديعة التي تتطلب فرصة واسعة لتناولها. وكما ذُكر، فإن تقديم قائمة بتحقيقات وابتكارات آية الله السيد مصطفى الخميني يتطلب مجالاً واسعاً، نأمل أن يتوفر في المستقبل. ولكن يجب التذكير بهذه النقطة المهمة: لقد كان ذلك العالم المحقق يحمل مشروعاً ضخماً في ذهنه، وكان يسعى لإكمال أبعاده وأجزائه خلال ربع قرن من الكتابة في شتى فروع العلوم الإسلامية.

أركان مشروعه الكبرى:
المشروع الفلسفي الكبير: كتابة أثر تحقيقي وتفصيلي في الفلسفة، كان يُشير إليه بـ “القواعد الحِكَميَّة” أو “الموسوعة الحِكَميَّة”.

“تحريرات في الأصول”: دورة مفصلة في علم أصول الفقه، نجح في تدريس وتأليف معظمها.

“تحريرات في الفقه”: أثر مفصل وتحقيقي آخر في الفقه، لم يُعثر على جميع كتاباته فيه بعد.

كانت كتاباته الفقهية في قم تتعلق بأبواب “فقه العبادات”، بينما ركّز في النجف على أبواب “فقه المعاملات”، حيث تشمل آثاره المطبوعة خمسة مجلدات في مباحث البيع والخيارات، بينما لا تزال مجلدات المكاسب المحرمة مفقودة.

أما مشروعه المفصل الآخر والأكثر تفصيلاً، فكان هو “تفسير القرآن الكريم”، الذي كان يتصارع فيه مع مختلف العلوم لكي يشرح ويُبيّن كلام الله، ويستخرج نكاته ودروسه وكنوزه من بحر معارف وحقائق القرآن.

“فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يُبعث حياً”.

 

الهوامش

(1) آیت‌الله مجاهد سید مصطفی خمینی در آیینه اسناد ص۴۹ و ۵۳؛ یادها و یادمان‌ها در دو جلد (آية الله مجاهد السيد مصطفى الخميني في مرآة الوثائق، ص49 و 53؛ ذكريات وتذكارات، في مجلدين).
(2) ذكريات وتذكارات، ج1، ص62.
(3) نفسه، ص65.
(4) نفسه، ص84.
(5) نفسه، ص101.
(6) (المصدر: نفسه، ص107-122).
(7) نفسه، ص103-104.
(8) نفسه، ص120 و 124.
(9) نفسه، ص154 و 158).
(10) نفسه، ص190).
(11) ذكريات وتذكارات، ج1، ص75، 110 و 191).
(12) ذكريات وتذكارات، ج2، ص161).
(13): ذكريات وتذكارات، ج1، ص279).
(14) آية الله مجاهد السيد مصطفى الخميني في مرآة الوثائق، ص53-54).
(15) تحريرات في الأصول، ج5، ص289-290).
(16) ذكريات وتذكارات، ج2، ص82).
(17) مستند تحرير الوسيلة، ج1، ص287 إلى 291). 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *