الإرادة

الرسول وأهل بيته «عليهم السلام» المثل الأعلى للعزم والإرادة

الاجتهاد: شيء بالغ الأهمية في التربية الإسلامية، هو أنها تسعى لتنمية الإرادة وقوتها في نفس الإنسان المسلم.

ومن المؤكد أن قوة الإرادة لها الأثر الفعال في بناء الشخصية القوية التي لا تنحرف مع التيارات المضللة، ولا تتصدع أمام زوابع الفتن والأحداث.

إن الإسلام يمنح الإنسان المسلم طاقات من العزم والإرادة، ويجعله بمنجاة من عوامل الضعف والفزع والخوف.

لقد كان الرسول الأعظم “صلى الله عليه وآله وسلم” المثل الأعلى لقوة العزم والتصميم، فقد وقف وحده صامدا أمام التيارات الجاهلية بقيادة الجاهلي أبي سفيان والد معاوية وجد یزید، فلم يحفل بها ، ومضى مجاهدأ ومعه عمه حامي الإسلام ومؤمن قريش بطل الدعوة الإسلامية أبو طالب، وابنه القائد الأعلى في الإسلام الإمام أمير المؤمنين “عليه السلام” ، وقد ضاقت الأمور بأبي طالب ، فقد أحاطت به زعماء قریش يهددونه ويتوعدونه إن لم ينته ابن أخيه عن دعوته ، فعرض ذلك عليه ، فأجابه بهذه الكلمات التي سارت مع الفلك وارتسمت فيه لتكون نبراسا للمصلحين قائلا:
“یا عم، والله لو وضعوا الشمس بيميني والقمر بيساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى أموت دونه ، أو يظهره الله تعالی »

بهذه الإرادة الصلبة والعزم الجبار تغلب على جميع الأحداث، فطوی معالم الجاهلية ، وحطم أصنامها ، ورفع كلمة الله تعالى في الأرض ، وبنی حياة جديدة للإنسان قائمة على الوعي والصلابة في الحق.

وطعم النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” أصحابه بهذه الإرادة، فكانوا على قلتهم كالجبال ، فهزموا قوی الشرك ، وأقاموا الدولة الإسلامية العظمى التي تبنت حقوق المظلومين والمضطهدين في الأرض، وتمثلت هذه الإرادة النبوية بالإمام أمير المؤمنين “عليه السلام” الذي حصد رؤوس المشركين بسيفه، وأذل القوى المعادية للإسلام ، وقهر اليهود وأذلهم ، وهو القائل :
«لو تظافرت العرب على قتالي لما فررت منها».

إن هذه الإرادة الجبارة التي هي نفحة من روح الله تعالى قد تمثلت بأروع صورها عند سبط الرسول “صلى الله عليه وآله وسلم” أبي الأحرار الإمام الحسين”عليه السلام” ، فقد وقف صامدا على صعيد کربلاء وهو يسجل البطولات الرائعة ، بطولات جده وأبيه ، فخاطب عصابات الشرك والضلال قائلا:
«فإني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلأ برما ….»
وترجل إلى ساحات الشرف ومعه النخبة الممجدة من أهل بيته وأصحابه، وقابلوا تلك الجبوش ببسالة لم يعرف العالم لها نظيرا في جميع عمليات الحروب ، حتى استشهدوا جميعا.

وقد تسلحت بالصبر وقوة الإرادة عقيلة بني هاشم زينب الكبرى حفيدة
الرسول «صلى الله عليه وآله وسلم» ، فلم ير في الدنيا نظيرا لها في بطولتها وقوة عزمها، فقد خاطبت یزید وهو في بهو أروقة حكمه قائلة له:
«إني لأستصغر قدرك ، وأستعظم توبيخك، وأستكبر تقريعك».

أرأيتم هذه الاستهانة والتحقير لهذا الطاغية المتجبّر الذي استهان بجميع القيم الإنسانية ، إنها حفيدة الرسول «صلى الله عليه وآله وسلم» التي غيرت مجرى التأريخ بخطبها البليغة في أروقة الحكم الأموي ، وعلى الجماهير الحاشدة في الكوفة ، وقد ألبست الأمويين ثياب العار والخزي، وأخرجتهم من حظيرة الإسلام.

وعلى أي حال، فإن قيمة الإنسان إنما هي بقوة إرادته وصلابة عزيمته، فإذا تجرد عنها فليس بشيء.
يقول دیکارت : «ليس في الإنسان ما هو لاصق بشخصيته أكثر من الإرادة .. إن قوة الإرادة لها الأثر التام في تكوين الشخص وفي خلوده، وإن الشخص الضعيف الإرادة يستحيل أن يحقق لنفسه ومجتمعه أي هدف من أهدافه »

 

الهوامش:
(1) سورة الصافات : الآيات 62 – 68.
(۲) النظام التربوي في الإسلام: ۲۲۰.

 

المصدر: كتاب الإسلام منهج مشرق للحياة، للمحقق الشيخ باقر شريف القرشي، رحمة الله عليه

 

تحميل الكتاب

الإسلام ، منهج مشرق للحياة – الشيخ باقر شريف القرشي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky