الفقه بحاجة إلى أن يَسُدّ الثغرات التي موجودة فيه بالنسبة إلى العلاقات الاجتماعية وسيّما العلاقة بين الأمة. الفقه الآن يفقد فصولاً أساسيةً مرتبطة بالعلاقة. هذه الثغرات الآن موجودة. علينا أن نتصور أن هذه الثغرات إذا لم تُملأ من قبل عُلماءنا، فإن الأفكار الزائفة والمنحرفة والمتشددة المتطرفة عندما تجد أن هناك ثغرات ستأتي وتملأ وباسم الدّين هذه الثغرات.
خاص الاجتهاد:
— المذهبية ترسّخت في بعض الأوساط للأمة
— الفقه الآن يفقد فصولاً أساسيةً مرتبطة بالعلاقة بين الأمة.
— الهوية الإسلامية أصبحت ضعيفة مقابل الهويات المذهبية
— هناك دعوات خفية إلى العصبية بدل التركيز على إزالتها
ناقشت قناة الإيمان الفضائية مع الشيخ الدكتور أحمد مبلغي؛ رئيس مركز الدراسات الإسلامية التابع لمجلس شوری الإسلامي في إيران الذي كان ضيفاً على برنامج ” عين على الخبر” موضوع واقع المذاهب الإسلامية في ظل تحديات اليوم والذي وصف واقع الأمة الإسلامية على ضوء الخلافات المذهبية وصفاً غير إيجابياً لأن برأيه المذهبية ترسّخت في بعض الأوساط للأمة.
وفي مايلي نقدم لكم نص الحوار:
تشتدُّ التحديات التي تواجه الأمّة الإسلاميّة وتَكثُر الفتن والخلافات التي تُشوّه غنى الإختلافات بين المذاهب والأديان كل ذلك ينسحب سلبًا على واقعنا وعلى مسار العلاقات الإنسانية بين الأمم والشّعوب. وعلى الرغم من مختلف الجهود المبذولة وسلسلة الندوات والمؤتمرات التي تعقد بحثاً عن المشتركات وتقريباً بين المذاهب فإننا لا نزال نعيش هواجس الخلافات.
السؤال الأول: كيف نقيّم اليوم واقع الأمة الإسلامية على ضوء ما سنتحدث عنه من الخلافات المذهبية وغير ذلك؟
الشيخ مبلغي: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيّدنا و نبيّنا أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين وصحبه الميامين المنتجبين.
وصفنا لواقع الأمة ليس وصفاً إيجابياً كما نتوقع. لأن الأمة الآن ليست كتلة واحدة وأمة واحدة حقيقة كما يريدها القرآن. نجد أن المذاهب بدل أن تمارس التمذهب، تمارس المذهبية، اذا قبلنا أن هناك فرقا بين التمذهب والمذهبية.
والذي نجده في العالم الإسلامي الآن هي نشاط الحالة المذهبية إلى حدٍ كبير. نعم هناك مُصلِحون وهناك رؤية شعبية متوجهة إلى تشكيل الأمة الإسلامية، ولكن المذهبية كأنها اصبحت بحيث ترسّخت في بعض الأوساط للأمة .
من جانب آخر نجد ميلا إلى الإنفصال. يعني يريد أتباع بعض المذاهب الإنفصال والإنعزال عن الأمة. كما نجد أن الهوية الإسلامية التي تأتي على أساس الإقرار بالشهادتين، أصبحت الآن ضعيفةً إلى حد ما. وبدلاً من ذلك أصبحت الهويات المذهبية أقوى بكثير.
نحن لا نرفض أن المذهب إذا كان موجوداً فتبعاً أتباعه يأخذون هويةً وهذه الهوية لا بأس بها بل كانت لازمة، ذلك انطلاقا من أنّ كل مجموعة إجتماعية تحصل على هوية والهوية أمر طبيعيٌ ولابدّ من هذه الهوية.
ولكن فرق بين أن تكون الهويات لأتباع المذاهب في طول الهوية الإسلامية وفي سبيل تقوية الهوية الإسلامية مع أن تكون هذه الهويات في قبال الهوية الإسلامية ورافضةً للهوية الإسلامية ومضعفة للهوية الإسلامية.
والمشكلة أن الهوية الإسلامية الآن غير موجودة. و إذا قبِلنا أن الهوية هي التي تَفعَل، وهي التي تَعمل، وهي التي تحرك وتؤثر وتفعّل المجتمع، هذه الهوية الآن أصبحت مفقودةً.
أسباب المذهبية
السؤال الثاني: إذا أردنا أن ندخل قليلاً في الأسباب، اليوم طفت إلى السطح مصطلحات “الخلاف” و “إختلافات المذهبية” و إلى ما أشرتم إليها أيضاً، ولكن ثَمة من يحرك كل هذه الأمور راصداً من خلالها الأمة الإسلامية وقاصداً ايضاً إثارة الفتن وبثّ الشقاق داخل هذه الأمة. ما هي الأيادي أو مَن هي الأيادي التي هي وراء ما أصبحنا عليه اليوم من “مذهبية” و ليس ولاء للمذهب؟
الشيخ مبلغي: أنا أعتقد أن هناك أيادي مختلفة وراءها:
أولها أيدي التاريخ، لأن التأریخ جزء منه تکوّن لا علی أساس صحيح، بل على أساس العصبية، و التعصب المذهبي. والتاريخ ينعكس علينا، إذا كان إيجابيًا ينعكس إيجابياً وإذا كان سلبياً ينعكس سلبًا. فإذن جزء من التاريخ هو المشكلة ولا بدّ من إصلاحه.
وهناك أيدي الجهل والتكفير والتسفيق والتضليل. و كل من هذه الأمور موجودة. ليس فقط التكفير، بل التضليل أيضاً. التضليل بمعنى أن نتحرك تجاه مذهب آخر، بحيث ننادي أن ذاك المذهب أو أنّ غيري من المذاهب، هي على الضلالة. الضلالة غير الكون على الباطل.
بالطبع كل مذهب يقول كلية مذهبي صحيحة وغيري غير صحيحة، و لكن هذا في المقام الثبوت، وفي المقام المواجهة. وفي مقام الإثبات. نحن لابدّ أن نستفيد من القرآن. له أدبيات خاصة.. (فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ). يعني نحن إذا اتبعنا مذهباً واتبعنا قولاً ومشينا وسلكنا على أساسٍ، لا بدّ أن لا ننظر إلى الآخر و نقول أنت باطل.
بل لابدّ أن نقول نحن مذهبنا أحسن وأنت حَسَن وعلى العكس. يعني أن لانخرج من دايرة الحُسن. بل نتعامل على الحُسن، “قولوا للناس حُسْنًا”.
هذا القول ليس فقط كلام عادي وأخلاقي . هذا القول يعني مواجهتك وتعاملاتك وتصرفاتك مع الغير لا بدّ أن يتأطّر بإطار الحسن.
(مقدمة البرنامج: حتى لو كان ينتمي إلى مذهب آخر، فهو بالتالي تجتمعنا إنسانية بشكل آخر وبعد ذلك يجتمعنا الدين ومن ثم المذاهب كطريقة خيار ربما في الحياة.)
فإذن أيدي الجهل وأيدي اللاأخلاقية وأيدى عدم عمل بالقرآن والإبتعاد عن القرآن والتّشدّد والتّطرف.
وهناك أيدٍ ثالثة. الذين هم خارج هذه الأمة طبعاً لا يريدون الكثير منها الصّحّة والأمانة والهدوء والكمال والتكامل والتعامل والتبادل والتعايش لنا. هذه الأيدي اجتمعت ضدّنا ونحن لابدّ أن نعالج كل هذه المشاكل.
الإنتماء إلى المذهب ولا التعصب
السؤال الثالث: ذكرتم بأن المذهبية تختلف عن الولاء للمذهب، أو العصبية إذا أردنا أن نقول، التي ترتبط بإنتماء إلى مذهب معيّن. يعني البعض يمارس هذه العصبية إنطلاقاً من أنه لا يريد أن يخسر مذهبه، وأن يذوب في مذهب آخر، أن يحمي نفسه ربما في مكان ما. هل تُقرأ هذه الأمور مذهبية عصبية، وكيف يكون الولاء للمذهب دون أن نغرق بالعصبية، هل نستطيع أن نعبر إنتماءنا إلى مذهب ولا يقال بأننا متعصبون لهذا المذهب؟
الشيخ مبلغي: هناك أشياء لا بدّ من التفرقة بينها حتى نفهم ما هو الصحيح و الإيجابي وماهو الباطل والسّلبي.
أولاً المذهب. المذهب لا محيص عنه لأن نحن عندما نريد أن نسلك ونذهب إلى مكان، لابدّ أن نسلك ونمشي و نختار طريقاً ومذهباً.
الإسلام عندما نريد أن نذهب إليه لابد أن يكون لنا طريق. هذا الطريق لابدّ أن يتم عن شعور و درك و… إذاً المذهب لابدّ منه.
ثانياً: فهم المذهب إذاً لابدّ منه. العمل بالمذهب الذي أسمّيه بـ”التمذهب”، هذا إذاً لابدّ منه. لأن المذهب لانريد أن يكون لنا منه إسم فقط. بل المذهب طريق وسلوك و عمل. الحب بالمذهب لا بأس به. إذاً هذه صحيحة.
ولكن هناك أشياء هي باطلة. مثل الدعوة إلى المذهب. هذا باطل. هذا تبشير. إما تسنين؛ لو كان من أهل السنة أو تشييع لو كان من أهل الشيعة.
الدعوة إلى المذهب تُخرِّب الأمة وتجعل الأمة يدعون البعض البعض الآخر إلى مذهبهم. هذه حَربُ الدّعوة. لأن عندما تتمّ الدعوة من جانب مذهب وأتباع مذهب إلى الآخرين. هم يخافون على مذهبهم ويقابلون بالمثل. فإذاً تَحصُلُ العَصبيّة ويحصل الإختلاف، وسوء الظن. ويحصل الإنفصال وهذا أخطر الشيء للأمة الإسلامية.
إذاً الدعوة إلى المذهب هذا باطل. والذين يريدون أن تَتوسّعوا في دائرة مذهبهم عَبر الدعوة، يخرّبون الأمة والأمة كالسّقف ونحن نعيش الأمة تحت هذا السقف. إذا خربنا وهدمنا هذا السقف ولم يبق للأمة ولا للإسلام شيء بقاءنا لا فائدة فيه، أجيالنا تذهب. تذهب إلى خارج الإسلام. فالدعوة غير مقبولة.
المذهبية أيضاً غير مقبولة، المذهبية معناها يعني التركيز على الهوية المذهبية.
توظيف العلوم الإنسانية بما يخدم المذهب ولايخدم الأمة، هذه مشكلة كبيرة أيضاً وهذا من شقوق المذهبية. التركيز الأساس والجادّ على شعارات المذهب ورموز المذهب، وترك شعارات ورموز الأمة والإسلام، هذا خطير أيضاً، بل يجب أن يتم ذلك في اطار الخدمة الى الامة فإذن هناك علائم و ملامح في المذهب.
السؤال الرابع: اليوم أكثرَ المستهدَفين بغرس الفكر المذهبي (لو صح التعبير)، أو التعصب المذهبي هم فئة الشباب، ويُستَغل حتى أيضاً بأي خطة ربّما غربية، لإدخال الفِتَن من خلال هذا الموضوع. الشباب اليافع الذي ربّما لازال في طور النمو الفكري ويُعتَبر عرض خاصة لتلقي الشعارات مثل الخوف من مذهب آخر، أو إنتمى إلى مذهبك، أو أنت مهدد في مذهبك من الآخر وغير ذلك .. إلى أي مدى الغرب (الذي هو غير المستفيد إذا توحّدت الأمة وبالفعل يستهدف شبابنا) يهدف إلى غرس مثل هذه المفاهيم التي للأسف تُثَبِّت المذهبية؟
الشيخ مبلغي: الآن الأرضية أصبحت إلى حدٍ كبير مؤآتية لتقوية المذهبية. ولكن في نفس الوقت نحن نشاهد إلحاداً بالنسبة إلى الشريعة والدين، أحياناً من جانب بعض الأجيال المعاصرة. وهذا ليس فقط للشيعة أو للسنة بل نجد هناك حركة نحوَ خارج الشريعة وخارج الدين ولذلك هذا خطر على الدين وجزء كبيرٌ من أسباب هذا الإلحاد الجديد هو هذا الإختلاف الذي بين الأمة والتّمركز الشّديد على العصبيّة .
العَصبيّة ليس لها وجهٌ إنساني، وليس لها وجهٌ ديني، العصبية عندما تستقر، تجعل النّاس يقومون بأعمال خشنة وأعمال عنف وأعمال غير صحيحة، و هذا من أسباب فرار بعض الشعوب وبعض الأجيال من الدين.
فإذاً نحن لو أردنا ولو كان لنا ميل و إرادة و علاقة وفهم ودرك بالنسبة إلى تقوية الإسلام، وتقوية الدين، حتى تقوية المذاهب الإسلامية وكلٌ مذهبه، ليس أمامنا إلا الخروج من دائرة العصبية.
ليس حجم التركيز على العصبية وإزالة العصبية من بين الأمة حجماً مناسباً. وليس هناك أصلاً برنامج أو حركة أو تحرّك نحو إزالة العصبية. بل على العكس نجد هناك دعوات خفيّة، أو غير خفية من هنا وهناك في كل مذهبٍ لتقوية العصبية .
دور المذاهب في تشكيل الأمة الإسلامية
السؤال الخامس: نحن اليوم إذا أردنا أن نسأل إلى أي مدى بالفعل نحن قادرون بمذاهبنا المختلفة، بأن نعود إلى لمّ شملنا ونكون جميعنا تحت مظلة الإسلام. اليوم المسلمون في شتى انحاء العالم مهدّدون بوجودهم سواء كان داخل دولهم أو خارج هذه الدول. الإسلام فوبيا للأسف مصطلح تم تثبيته في الدول الغربية وجعل الكثيرين يَخافون الإسلام حتى لو كانوا سيقبلون التعاطي مع الآخر المسلم باتوا يهجمون على هذه. اليوم على أي هذا كمذاهب إسلامية نستطيع أن نحقق لقائنا بالمشتركات بين بعضنا البعض ونبض الإختلافات وبالتالي تحقيق الوحدة بالقدر المستطاع؟
الشيخ مبلغي: بنظري أن المذاهب الإسلامية بإمكانها ان تَلعَب دوراً هامّاً وجادًاً وأساسيّاً في تشكيل الأمة الإسلامية وبدلاً من إلغاء المذاهب، أنا أقول أن المذاهب بإمكانها أن تلعب دوراً أساسيّاً ولا يمكن إيجاد الأمة إلا عَبْرَ المذاهب الإسلامية.
ولكن هذا الدور المهم من قبل المذاهب الإسلامية يتحقّق عبر العديد من الطرق:
أوّلا: قيام علماء كلّ مذهبٍ بتطوير وتأهيل العلوم الإسلامية وفقاً للمشروع المذهبي الموجود لديهم. وأنا على يقين بأن كلّ مذهبٍ أصوله تتّجه نحو الأمة. نحن عطّلنا وأهملنا تلك الأصول . كل مذهب لو يرجع إلى أصوله ومِن مُنطلَق هذا الأصول يريد تطوير علوم الإسلامية، فتُوظف العلوم الإسلامية بما يخدم الأمة، بدلاً من هذا الوضع السيء الّذي جَعلنا من علومنا أداة لتقوية المذهبية.
لا بأس بتقوية المذهب داخلنا. و لكن المذهبية هي العلاقة القائمة بين المذهب مع الآخرين. يعني الفرق بين المذهب والمذهبية أو التمذهب والمذهبية هو أن التمذهب داخل المذهب. والمذهبية ترتبط بعلاقاتنا مع اتباع المذهب الأخرى. فإذا نحن علينا أن نجعل العلوم يخدم التمذهب داخلنا ويخدم الأمة في علاقاتنا مع الغير. وبنظري في هذا الأثناء وفي هذا السياق، تطوير و إعادة بناء الفقه يُعدّ أكثر أهميّة.
الفقه بحاجة إلى أن يَسُدّ الثغرات التي موجودة فيه بالنسبة إلى العلاقات الاجتماعية وسيّما العلاقة بين الأمة.
الفقه الآن يفقد فصولاً أساسيةً مرتبطة بالعلاقة. هذه الثغرات الآن موجودة. علينا أن نتصور أن هذه الثغرات إذا لم تُملأ من قبل عُلماءنا، فإن الخطر لا يقتصر على حِرماننا من بركات أحكام العلاقات فحسب، بل المشكلة تَذهب إلى أبعَد من هذا، لأن الأفكار الزائفة والمنحرفة والمتشددة المتطرفة عندما تجد أن هناك ثغرات ستأتي وتملأ وباسم الدّين يملؤون هذه الثغرات. ومن منطلق الدين يُنتِجون العنف.فإذًا مشكلة الفقه هي وجود هذه الثغرات، هذه الثقرات لابدّ أن نملأها.
السؤال السادس: ثمة أدوات في سبيل أن تقف المذاهب مع بعضها البعض. نظرة أو وقفة يمكن تشترك فيها بالحفاط على الإسلام كدين. ماذا عن علماء الدين؟ أتيتم على ذكر العلماء. للأسف اليوم هناك علماء يعتلون منابر، تَفسح لهم المجال في بثّ كل ما يُغَذِّي العصبية المذهبية. هناك أيضا إعلام يُشرِّع أبوابه لكلّ من يُنظّر لهذا الموضوع و يَبُثّ أفكاره التي للأسف هي تستقطب كثيرين قد يُقرّرون بها.
الإعلام الإسلامي اليوم لا ندري إن كان أيضا قادرًا على سدّ ثغرة وجود أو عدم وجود كَندّ لهذا الإعلام الغربية. “العلماء و وسائل الإعلام”، ماذا نتحدث عن هذين العاملين الأساسيين، إذا أردنا أن نمشي باستراتجية وبخطة تحفظ للمذاهب وجودها أو تحفظ للإسلام وجوده أيضا؟
الشيخ مبلغي: بنظري هناك مشروع كبيرٌ. نحن تحدثنا عن هذا المشروع، و لكن لَن نتحدث بشكل عمليّ وعملياتيّ دقيق و مفيد. و هذا المشروع معروف وهو مشروع المشتركات.
نحن الآن ليس عندنا معرفةٌ دقيقة بالنسبة إلى حجم المشتركات ولم نُصنِّف هذه المشتركات. هذا أوّلا وهو عدم المعرفة. سواء الاعلاميون أو الفقهاء أو المثقفون أو السياسة، ليس لدينا ميلٌ و إتجاه نحو المشتركات. بشكل مبدئي و نوعيّ نحن نركّز على الاختصاصات وحتى أضفنا على الاختصاصات ما يُفَرِّق.
هناك مساحة مشتركة وهي مساحة واسعة جدّاً.
أولاً: إعداد قائمة علميّة دقيقة من المشتركات.
ثانياً : توظيف المشتركات.
هناك كلمة في القرآن لها معنى عميق و هذه الكلمة “تعالوا إلى كلمة سواء” تعالي، بمعنى المجيء إلى المشتركات. يعني أن تأتوا إلى المشتركات و تجعلوها أساساً ومبنىً و مُنطَلَقاً و نقاط عظيمة، وأنْ توظّفوها وأن تعيدوا النتائج على أساسها .
الآن مشكلة الأمة سواء على مستوى الإعلاميين أو الفقهاء نحن أصلاً لا ننظر إلى المشتركات.
بنظري هذا المشروع مشروعٌ كبير. يجب أن نجعل المشتركات في مسار التنشيط والبناء والإنتاج. ليس لها نشاط الآن. لأننا لا نعرفها وليس لها إنتاج و ليس لها عملية البناء على أساس المشتركات. هذه الكلمة القرآنية لو نعمل بها بنظري كل شيء يُصبِح ضئيلاً وضعيفاً تجاه ضوء هذه المشتركات.
على كلٍ، سماحة الشيخ، الكثير من المؤتمرات تعقد والندوات، وتجمع المسلمين على مختلف مذاهبهم واطيافهم. حبذا لو تستغلي وضحت الاستراتجيات التي تجعلنا نركّز على المشتركات و نترك الإختلافات لكل مذهب يعني هو يقوم بها وفق مذهبه.