الإمام الرضا

الإمام الرضا (ع) والتركيز على الرهانات الفكرية والعملية في سياق قبوله بولاية العهد

الاجتهاد: لقد قام الإمام الرضا (عليه السلام) ـ خلال المدة الزمنية التي قضاها في ولاية العهد ـ بالكثير من المهام والأعمال العلمية والثقافية، والإنجازات السياسية (غير المباشرة). واستطاع ـ في الوقت نفسه ـ أن يهيئ الأجواء المناسبة لإظهار دقائق الفكر الإسلامي الأصيل، وذخائر مبادئه الصافية في الفقه، والشريعة، والكلام، والفلسفة، والتفسير.

ما هي الرهانات الفكرية والعملية التي أراد الإمام علي ابن موسى الرضا(عليه السلام) تحقيقها، والعمل على إنجازها في سياق قبوله بولاية العهد (الشكلية)؟!

قد ركز الإمام الرضا (عليه السلام) في حركته الفكرية العملية ـ بعد استلامه ولاية العهد ـ على رهانات أخلاقية وعلمية وسياسية، يمكن ملاحظتها ومتابعتها من خلال ما يلي:

1 ـ الرهان العلمي والأخلاقي

وجد الإمام الرضا(عليه السلام) ـ بحسب ما نعتقد ـ أن قبوله بولاية العهد يمكن أن يساهم في تحقيق بعض المكاسب الإيجابية للخط الإسلامي المستنير الممثل بأهل البيت(عليهم السلام)، ويعطيه بعض الدفع والقوة على المستوى الثقافي، كان بأمس الحاجة إليه في ظل ظروف شائكة، ومناخات سياسية واجتماعية ضاغطة، كانت تعمل وتتحرك عكس الأهداف والتوجهات التي سعى إليها هذا الخط الأصيل.

فعلى المستوى الاجتماعي العام كان(عليه السلام) يعمل على تعليم الناس وتثقيفهم، وربطهم ـ نفسياً وفكرياً ـ بالمبادئ والقيم الإسلامية الأساسية الواعية التي التزم بها وعبّر عنها أهل بيت النبوة(عليهم السلام) في كل سلوكهم الاجتماعي والسياسي والثقافي. وقد لاحظنا سلامة هذا التوجه من خلال الإمام نفسه (1)، وكذلك من خلال أصحابه وأتباعه وشيعته الذين أصبحوا ـ في ما بعد ـ أكثر قدرة ووعياً على التعامل مع قضايا الواقع والحياة والإنسان، والقيام بالمناظرات والحوارات العلمية الواسعة مع جميع القوى والتيارات.

أما على المستوى الشخصي(العام) (2)، فقد رأينا كيف استفاد الإمام(عليه السلام) استفادة قصوى في إبراز شخصيته العلمية الغنية والكفوءة التي قدمت أفضل وأعظم الخدمات للإسلام الرسالي من خلال تلك المناظرات والندوات والجلسات الحوارية التي كانت تجري برعاية المأمون، وبمشاركة لفيف كبير من العلماء والمفكرين المنتسبين لمختلف التيارات والعقائد الدينية والدهرية.

روى الطبرسي في احتجاجه، في تفسير الإمام(عليه السلام) لقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } أنه قال: «مشرقة تنتظر ثواب ربها»، وأضاف إلى ذلك أن النبي(صلي الله عليه و آله و سلم) كان يقول: «قال الله جلّ جلاله: «ما آمن بي من فسر كلامي برأيه، وما عرفني من شبهني بخلقي، وما على ديني من استعمل القياس في ديني، ومن رد متشابه القرآن إلى محكمه، هدي إلى صراط مستقيم». ومضى الإمام(عليه السلام) يقول: «من شبّه الله بخلقه فهو مشرك، ومن نسب إليه ما نهى عنه فهو كافر (3)» .

2 ـ الرهان الاجتماعي ـ السياسي

كان الإمام الرضا(عليه السلام) إنساناً واعياً ومدركاً تماماً لخلفيات وخبايا واقع اُمته الحضاري، لذلك لم يستطع هذا الواقع الضاغط ـ بكل فكره ورموزه وشخصياته ـ أن يخضع روحه وعقله، أو يهز قراره وإرادته، ولم تتمكن القيم السكونية (حب الاسترخاء والراحة والدعة) من الدخول إلى جوه وطبعه النفسي الخاص.

لقد وجد(عليه السلام) نفسه في واقع سياسي معقد ومرتبك، وشديد التنوع (بالمعنى السلبي طبعاً)، فحاول أن يفهمه ويحلله من موقع وعيه هو، لا من موقع سلبيات الواقع ذاته.

وكان من الطبيعي جداً أن يعمل الرضا(عليه السلام) على مواجهة هذا الواقع المنحرف عن خط الإسلام، والمفروض على الأُمّة بطريقة حركية غير مباشرة، تقوم على معيارين أساسيين في رفض أو قبول الحكم السياسي القائم:

1 ـ المعيار الأول: يتعلق بالجانب التثقيفي المعرفي في رفض التعاون مع أي نظام حاكم ظالم لا يستمد شرعيته من إجماع الأُمّة (رفض ولاية الحاكم الجائر بالمطلق).
2 ـ المعيار الثاني: يتعلق بالجانب الحركي والواقعي في التعاون مع النظام الحاكم تحقيقاً للمصلحة الإسلامية العليا (القبول المؤقت بولاية الجائر).

فعلى صعيد المعيار الأول: ثبت الرضا(عليه السلام) في أذهان أصحابه وشيعته فكرة عدم جواز معاونة الظالمين، ورفض مساعدة السلطان الجائر المنحرف، وعدم الارتباط به وبرموزه مهما كانت التحديات (4). يقول(عليه السلام) لسليمان الجعفري (وقد سأله عن أعمال السلطان): «يا سليمان.. الدخول في أعماله، والعون له، والسعي في حوائجه عديل الكفر» (5).
ويقول(عليه السلام) لأحد أصحابه: «.. يا زياد لئن أسقط من حالق فأتقطع قطعة قطعة أحب أليَّ من أن أقدم لأحد منهم عملاً، أو أطأ بساط رجل منهم.. » (6). ويقول(عليه السلام) عن آبائه، عن رسول الله(صلي الله عليه و آله و سلم): «من أرضى سلطاناً بما يسخط الله خرج من دين الله عزّ وجلّ» (7).

ويتأكد هذا الموقف المبدئي الصحيح أكثر فأكثر من خلال استعراضنا لموقف ورأي الرضا(عليه السلام) من انتفاضات وثورات العلويين ضد الحكم السياسي الظالم. حيث لم ينظر(عليه السلام) نظرة سلبية إلى تلك التحركات الثورية من حيث طبيعة المبدأ الثوري ذاته، وما يختزنه في داخله من مناهضة للظلم ورفض العدوان والطغيان والجور والباطل، بل كان(عليه السلام) ـ كغيره من أئمة أهل البيت(عليهم السلام) ـ يبارك كل ثائر على الظلم والظالمين (حتى ولو لم ينجح عسكرياً) إذا كانت ثورته ـ طبعاً ـ ضمن الحدود المشروعة، لصالح الأُمّة (8)؛ لأن الثورة النزيهة ـ في الغالب ـ تكشف للشعوب زيف الحكام، وتفضح واقعهم الكريه وممارساتهم الظالمة بحق الأُمّة، وتترك وراءها فئة تحس بالظلم والتجاوزات وتحاسب عليهما، وأحياناً تضطر الحاكم إلى تصحيح سلوكه ووسائل حكمه إلى حدٍّ ما (9).

إن الاعتراض الوحيد الذي وجهه الإمام(عليه السلام) إلى بعض الثائرين العلويين هو احتجاجه وإدانته لسلوكهم الناري أحياناً ضد المجتمع، ولانخداعهم ببعض الأصوات التي كانت تهتف باسمهم فيدّعون ما ليس لهم، ويخرجون للثورة بدون تخطيط وتنظيم، ومن دون وجود هدف أو مصلحة عليا للأُمّة (10)، وبالتالي يكون نصيبهم القتل، والتشريد، ووضع المجتمع في مواجهة خاسرة مع نفسه.

وقد لاحظنا كيف عبر الإمام الرضا(عليه السلام) عن رفضه الحاسم لكل تجاوزات أخيه زيد الملقب «بزيد النار»، حيث وقف منه ـ ومن عدوانه على المجتمع (11)ـ موقفاً سلبياً متصلباً.
إننا نعتقد أن تحريم الرضا(عليه السلام) اللجوء إلى (والتعاون مع) السلطات والأنظمة الجائرة لم ينطلق من حالة نفسية مزاجية ارتبطت بطبيعة الأجواء المتشنجة التي عاشتها اُمتنا الإسلامية خلال ذلك التاريخ، ولكنه انطلق في إطار صيغة سياسية عملية كانت تهدف إلى تأكيد وتجذير حالة الرفض النفسي والعملي للكيانات الظالمة اللاشرعية من خلال العمل المتواصل على توعية الأُمّة وتثقيفها تربوياً ومعرفياً وسياسياً وعقائدياً على معنى الحكم العادل، ومعنى الحكم الظالم.

أما بالنسبة للمعيار الثاني (التعاون المؤقت مع ولاية الجائر) (12)فقد انطلق إمامنا(عليه السلام) على هذا المستوى، بكل ما لديه من طاقات، حيث سلك طريق الدعوة إلى الإسلام، وترسيخ أبعاده المعرفية والعقائدية في ذهنية الأُمّة، بما في ذلك التوعية العقائدية والتثقيف السياسي بالإسلام (بصورة غير مباشرة طبعاً) من دون أن يسمح لنفسه (ولغيره من الأصحاب والشيعة) بأن يكون جزءاً من الواقع السياسي القائم ـ في نظر الإمام(عليه السلام) ـ على ضوابط واُسس غير شرعية.

وقد اعترض البعض على قبول الإمام(عليه السلام) بالولاية، ورضاه بالتعاون مع نظام المأمون (بالرغم من أنه لم يفعل ذلك مطلقاً) قائلين: يكفي أن اسمك قد ذكر معهم حتى تصبح جزءاً منهم؟! فقال(عليه السلام): «الأنبياء أفضل أم الأوصياء؟!» قالوا: الأنبياء. قال(عليه السلام): «السلطان المشرك أسوأ أم السلطان المسلم الفاسق؟» قالوا: السلطان المشرك. قال: «أيهما أشد، الذي يتعاون طالباً بذلك، أم الذي يفرض عليه ذلك؟!» قالوا: الذي يطلبه. فقال(عليه السلام): «كان يوسف الصديق نبياً، وعزيز مصر كان كافراً مشركاً، ويوسف طلب بنفسه: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (يوسف: 55).

فقد أراد أن يأخذ موقعاً بحيث يحسن الاستفادة من ذلك الموقع، إضافة إلى أن عزيز مصر كان كافراً والمأمون مسلم فاسق. لقد كان يوسف نبياً، وأنا وصي نبي، هو طلب ذلك، وأنا اُجبرت على ذلك (13).

 

الهوامش

(1) جاء في كتاب نثر الدرر: «أن المأمون قال للرضا(عليه السلام): يا أبا الحسن أخبرني عن جدك علي بن أبي طالب بأي وجه هو قسيم الجنة والنار، فقال(عليه السلام): «يا أمير المؤمنين ألم ترو عن أبيك، عن آبائه، عن عبد الله بن عباس أنه قال : سمعت رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) يقول: «حب علي إيمان وبغضه كفر»، قال: بلا، قال الرضا(عليه السلام): «بذلك كان قسيم الجنة والنار»، قال له المأمون: لا أبقاني الله بعدك يا أبا الحسن، أشهد أنك وارث علم رسول الله(صلي الله عليه و آله و سلم). (راجع: سيرة الأئمة الثني عشر، الحسني2: 402).

(2) نحن لا نقصد من خلال استخدامنا لكلمة «الشخصي» هنا أن الإمام(عليه السلام) كان يهدف من وراء عمله العلمي إلى بناء مجد شخصي على حساب الإسلام والمسلمين، ولكن نريد بذلك أن نؤكد أن هذه المناظرات والندوات ـ التي كانت تعقد باستمرار خلال ولايته للعهد ـ قد قدمته(عليه السلام) بصفة صاحب مشروع ونهج علمي وثقافي كبير، يرتكز على مبادئ وقواعد الإيمان الديني الإسلامي، وأبرزته كقائد رسالي فذ استطاع أن ينفع الناس بالإسلام (أكثر مما انتفع هو) من خلال وجوده الشخصي كولي للعهد بالرغم من رفضه المطلق لهذه الولاية (الشكلية). لكن الأمر الذي يبقى حاضراً في ذهنية الأجيال اللاحقة باستمرار هو أنَّ الإمام الرضا(عليه السلام) قد دعا إلى الإسلام العقلاني الإنساني، وحاول أن يؤصل ثوابته وأركانه في ذهنية الأُمّة بالرغم من وجود أزمات سياسية واجتماعية عاشها(عليه السلام).

(3) راجع: سيرة الأئمة الاثني عشر، الحسني 2: 460 .
(4) هذا المنطق ـ الرافض بالمطلق إعطاء أي شرعية لأنظمة الاستبداد والظلم في أي زمان ومكان ـ لم يكن يعني بالضرورة عدم وجود استثناءات أو بدائل واقعية لكيفية التعامل مع أولئك الظلمة بما يضمن المحافظة على الخطوط الإسلامية الأساسية.
(5) وسائل الشيعة 6: 138.
(6) انظر: الاستبصار للطوسي 6: 333 . والذي يجدر ذكره هنا هو أن هذا الحديث نفسه ينسب للإمام الكاظم(عليه السلام).
(7) عيون أخبار الرضا(عليه السلام) 2: 66.
(8) جاء في رواية عيون أخبار الرضا، عن محمد بن يزيد النحوي، عن أبيه أنه قال: إن المأمون وهب جرم زيد بن موسى إلى أخيه الرضا(عليه السلام) وقال لـه: يا أبا الحسن لأن خرج أخوك وفعل ما فعل، فلقد خرج قبله زيد بن علي وقتل، ولولا مكانك مني لقتلتك، فليس ما أتاه بصغير. فقال الإمام الرضا(عليه السلام): «يا أمير المؤمنين لا تقس أخي زيداً إلى زيد بن علي بن الحسين فإنه من علماء آل محمد (صلي الله عليه و آله و سلم)، غضب لله عزّ وجلّ، فجاهد أعداءه حتى قتل في سبيله، ولقد حدثني أبي موسى بن جعفر أنه سمع أباه جعفر بن محمد يقول: «رحم الله عمي زيداً، أنه دعا إلى الرضا من آل محمد، ولو ظفر لوفى بما دعا إليه، ولقد استشارني في خروجه فقلت له: يا عم إن رضيت أن تكون المقتول بالكناسة فشأنك، فلما ولي قال جعفر بن محمد: ويل لمن سمع داعيته فلم يجبه». فقال له المأمون: يا أبا الحسن أليس قد جاء فيما ادعى الإمامة بغير حقها ما جاء، فقال الإمام الرضا(عليه السلام): «إن زيد بن علي لم يدع ما ليس لـه بحق، وأنه كان أتقى لله من ذلك، إنه قال: «أدعوكم إلى الضامن من آل محمد، وكان زيد والله ممن خطب بهذه الآية: وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ ». (راجع: سيرة الأئمة للحسني2: 401). ونلاحظ بعد دراسة هذه الرواية أن الإمام(عليه السلام) يركز على معنى الثورة الواعية المستنيرة التي تقوم على أساس وجود أهداف إسلامية واضحة، وتمارس أعمالاً شرعية منظمة (نموذج ثورة زيد بن علي) ويدافع(عليه السلام) عنها بقوة، ويعتبرها ثورة تقوى لله.

(9) سيرة الأئمة الاثني عشر للحسني 2: 398 .
(10) لقد كانت معظم تلك الثورات انفعالية ساذجة، ومليئة بالتناقضات الذاتية، حتى من قبل قواعدها الشعبية الملتزمة بها، ولذلك كانت النتائج التي أدت إليها هذه الثورات سلبية وأحياناً كارثية، ولم تقدم أية خدمة للمجتمع. وبطبيعة الحال يعود سبب إخفاق معظم تلك الثورات ـ في وعيها وسلوكها ـ إلى انعدام الإدراك الكامل، والوعي الموضوعي الواقعي بأهداف وغايات الدولة الإسلامية والإيمان بواقعيتها وأهميتها التاريخية.
(11) راجع بعض أعمال زيد وتجاوزاته ـ وروايات اُخرى عنه ـ في كتاب: سيرة الأئمة الاثني عشر للحسني 2: 396 .
(12) قلنا بأن الأئمة (عليهم السلام) كانوا ـ من جهة اُولى ـ ينهون بشدة عن التعاون والتقارب مع الجهاز السياسي (وغير السياسي) الحاكم لبني اُمية وبني العباس.. بينما كانوا ـ من جهة ثانية ـ يعطون رخصاً شرعية لبعض الأفراد تقضي بالإمضاء والموافقة على انخراطهم في جهاز هذه الدولة أو تلك، من أجل تحقيق بعض المصالح والأهداف الإسلامية العليا المتصلة بمصير وجود الأُمّة، ومحاولة تخفيف بعض المظالم والشرور عن كاهل المجتمع الإسلامي. ونذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر: علي بن يقطين، أو إسماعيل بن بزيع… حيث توجد روايات وأقوال كثيرة تثني وتمدح هذين العاملين في خط الله، وأمثالهما من قبيل: أن هؤلاء من أولياء الله الأول». ولزيادة الإطلاع على موضوعية «ولاية الجائر» يمكن مراجعة كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري.
(13) مرتضى مطهري، سيرة الأئمة(عليهم السلام) : 187، دار الهادي، ط. 2.

المصدر: مقتطف من مقالة بعنوان: الحياة السياسية الشيعية مطالعة في تجربة الإمام الرضا(عليه السلام) للباحث :  أ. نبيل علي صالح -المنشور في مجلة المنهاج العدد: 49  السنة: السنة الثالثة عشر شتاء 1429هجـ 2008 م

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky