السيد-محمد-هادي-الحسيني-الميلاني-

آية الله الميلاني “ره”.. من هاجس تنظيم شؤون الحوزة إلى ابراز الهوية الشيعية للعالم

الاجتهاد: ما بين أيديكم حوار أجراه موقع شفقنا مع الدكتور السيد فاضل الميلاني حفيد المرجع الراحل آية الله السيد محمد هادي الميلاني “قدس سره” قبل أربع سنوات بمناسبة الذكرى السنوية الاربعين لرحيل المرجع الديني اية الله السيد محمد هادي الميلاني واقامة ملتقى تكريم المرجع الفقيد، والذي تحدث فيه عن حياته وشخصيته الدينية والعلمية.

يقول الدكتور السيد فاضل بن عباس بن محمد هادي الميلاني ان من هواجس المرحوم اية الله العظمى الميلاني، والتي كان يؤكد عليها كثيرا هو تنظيم وترتيب شؤون الحوزات العلمية.

السيد فاضل الميلاني

ولذلك فانه ذهب في شبابه عند السيد ابوالحسن الاصفهاني وقدم عرضا بتنظيم وترتيب شؤون الحوزات العلمية. وبعد أن قدم شرحا مسهبا عن أهداف وبرامج هذا الامر، توجه اية الله العظمى الاصفهاني اليه قائلا “ايها السيد هادي كن كالبستاني الذي يروي المزرعة بالماء فتنمو على اثره الورود والزهور، كما الشوك”.

لكن الفقيد لم يقتنع بهذا الجواب، لكن على اي حال وكما نقل، فان المغفور له السيد الاصفهاني كان يقول ان نظام الحوزات العلمية هو في غياب النظام عنها. لذلك يجب التسليم بان وجهة نظره كانت مبنية على أن ترتيب وتنظيم الحوزات العلمية يمهد لظهور العناصر المندسة أو بروز أهداف غير مرجوة وهذا يشكل خطرا كبيرا.

ویضیف الدكتور الميلاني ان جده انتقل لاحقا الى مدينة مشهد في ايران وفي طريقه التقى في قم باية الله العظمى البروجردي رضوان الله عليه. وقال المغفور له: انی قدمت نفس العرض والاقتراح لاية الله البروجردي وقلت ان هذا العرض طرحته قبل 30 عاما على السيد الاصفهاني وكان جوابه هذا، والان اقدم العرض والاقتراح ذاته لحضرتك واناشدك ان يتم وضع هذا الشئ موضع التنفيذ. فرد المرحوم البروجري قائلا “لتنفیذ هذا الشئ يجب ان يكون المرجع الديني واحدا او موحدا”.

فقلت أن العنوان الاول ينطبق على سماحتك في الوقت الحاضر. فسكت سماحته ولم ينطق بشئ.

وتابع السيد فاضل الميلاني أن ما كان يصبو اليه الفقيد هو توسيع دائرة العلوم العقلية والنقلية، لكي لا يتم الاكتفاء في الحوزة بالفقه والاصول وخلاصة من المقدمات الاخرى، بل أن يتم فيها تدريس جميع العلوم اللازمة وفي مقدمها التفسير والكلام والرجال وطبعا الحكمة أو الفلسفة.

ويضيف: تصوروا خمسين سنة من قبل عندما تم تطبيق هذا المشروع بأي حواجز كان يصطدم. لكن ورغم كل هذه المشاكل واصل اية الله العظمى الميلانه نهجه واسلوبه، وتحولت المدارس التخصصية ومعهد الحسيني العالي للتخصص في مجال الخطابة ليس في داخل ايران فحسب بل لدورة من اربع سنوات لاعداد الدعاة لايفادهم الى خارج البلاد، الى جزء من مشاريعه، والان فان بعض الاصدقاء الذين تخرجوا قبل 45 عاما من معهد الحسيني العالي، يتبواون اليوم مراكز ومواقع هامة في الحوزة والجامعة.

وفیما یخص الدورة التخصصية للاجتهاد التي انطلقت في مدرسة الإمام الصادق (ع)، فان كوكبة من النخبة والعلماء الذين درسوا وتخرجوا من هذه المدرسة وكنت اشارك معهم في البحث، هم الان من الاساتذة الجيدين في الحوزات العلمية.

المشورة والعمل بالشورى من الخصائص البارزة للمرجع الفقيد

ويؤكد الدكتور السيد فاضل الميلاني ان احدى الخصائص البارزة للمرحوم اية الله الميلاني رضوان الله عليه هي العمل بالشورى.

اتذكر أن ايات الله دامغاني ومرواريد وميرزا جواد اقاطهراني واعتماد الاسلام بختياري كانوا يزورون المغفور له ليالي الخميس في منزله ويتشاورون معه لساعة ونصف الساعة بشان قضايا الحوزة والتنسيق في التعاطي مع قضايا الساعة، واستمر هذا البرنامج لسنوات، وكان المغفور له يؤمن دائما بان التفرد او الاستبداد في الراي ليس صائبا على الاطلاق ولهذا السبب كان يتصرف ويتعاطى مع الامور من خلال الشورى والاستشارة.

الحزم في التصرف والعمل

وتابع یقول ان المغفور له ورغم انه کان یتکلم بتمهل وروية، وكان يتأمل في الامور، لكنه كان يتحلى دائما بحزم وصرامة لا مثيل لهما.

على سبيل المثال، اتذكر ان واحدا من المقربين من بيت سماحته، اثار موضوعا ذات يوم وكان يصر على تبريره، لكن المرحوم لم يكن يقبل بذلك ولذلك قال له بحزم “هل تريد ان تستولي على عقلي أو ديني؟” وبهذه الجملة القصيرة احبط كل الاليات الدفاعية للشخص المذكور.

ومثال اخر على ذلك هو ان عددا من تجار سوق طهران زاروا جدي رضوان الله عليه يوما، وقالوا بانك مجتهد في الفقه ونحن نقلدك، لكننا مجتهدون في القضايا الاجتماعية ونناشدك ان تنسق معنا في هذا المجال.

وتامل المغفور له للحظة وقال: ان ثبت بالنسبة لكم باني المجتهد الاعلم، فانكم تكونون قد اديتم واجبكم ولا منة لكم علي. لكن ان كنتم تقلدونني من دون احراز اني الاعلم، تكونون قد اذنبتم، لذلك يجب ان تستغفروا وان ترجعوا الان الى المجتهد الاعلم. ولكن ان كنتم مجتهدين في القضايا الاجتماعية والادارية فانا مجتهد ايضا ولا يجوز للمجتهد ان يقلد مجتهدا اخر.

لقاء علماء العالم الاسلامي

واعرب الدكتور السيد فاضل الميلاني عن الاسف لان بعض المقالات التي كتبت حول حياة المرحوم اية الله الميلاني، جاءت على ذكره بانه “لبس العبادة وتجرد عن الدنيا”. بينما امضى المرحوم اية الله الميلاني السبع او السنوات الثماني الاخيرة من عمرة على الاقل في عقد لقاءات في مشهد مع كبار علماء العالم الاسلامي من الفرق والمذاهب الاخرى.

وكان هدفه الرئيسي من هذه اللقاءات هو ابراز الهوية الشيعية كما يجب، حتى يكون بوسعه ان طرحت مزاعم باطلة حول الشيعة، احباط مفعولها.

لقاء الدكتور صبحي صالح وأحمد خالد بآية الله السيد محمد هادي الميلاني في مكتبته بمشهد
لقاء الدكتور صبحي صالح وأحمد خالد بآية الله السيد محمد هادي الميلاني في مكتبته بمشهد

واستطيع الاشارة في هذا المجال الى عدة امثلة. بما في ذلك اللقاء مع شيخ الازهر الشيخ محمد محمد الفحام عام 1391 للهجرة. وعندما لبى المغفور له نداء ربه، وجه الشيخ محمد محمد الفحام رسالة تعزية الى اسرة الفقيد قال فيها: “عندما التقيت بسماحته وجدت وكانني بين يدي احد الانبياء الإلهيين” وهذا التعبير ورد على لسان احدى الشخصيات العلمية للعالم الاسلامي من غير اتباع اهل البيت عليهم السلام.

لقاء-الدكتور-محمد-الفحام-بآية-الله-السيد-محمد-هادي-الميلاني- jpg
لقاء-الدكتور-محمد-الفحام-بآية-الله-السيد-محمد-هادي-الميلاني- jpg

واللقاء مع مفتي اهل السنة بلبنان الشيخ حسن خالد بصحبة الدكتور صبحي الصالح. واللقاء مع وزير الثقافة اليمني الذي كان من الزيدية اي القاضي اكوع عام 1394 للهجرة.

ولقاءات اخرى مثل اللقاء مع السيد مصطفى ايناغ من السنغال واللقاء مع الشيخ احمد كفتارو مفتي سورية الذي حضر درس المغفور له الذي القى محاضرته في تلك الليلة باللغة العربية، وخضع مفتي سورية لتاثير المرحوم بحيث كان يتحدث عن ذلك اللقاء فترة من الزمن.

لقاء-المفكر-مصطفى-ايناغ-بآية-الله-السيد-محمد-هادي-الميلاني
لقاء-المفكر-مصطفى-ايناغ-بآية-الله-السيد-محمد-هادي-الميلاني

واللقاء مع الدكتور عبداللطيف البدوي رئيس جامعة الازهر والشيخ بديواني من علماء باكستان ووفد من الشخصيات الفلسطينية بقيادة الشيخ محمد نمر الخطيب رئيس جامعة انقرة وسيف علي خوجة وبنجه علي اوغلو والذين شاركوا في درس المرجع الفقيد.

الاخلاق والتقوى

وحول السجايا الاخلاقية للمغفور له اية الله العظمى الميلاني، انقل موضوعا عن اية الله السيدان حيث قال: عندما حضرت عند السيد تلا المرحوم الاية الشريفة “ومن يتق الله يجعل له مخرجا…” بطريقة كان لها اثر تكويني لدي.

كما ان المرحوم قرر خلال دروسه التي كان يلقيها في مسجد كوهرشاد، أن يحاضر في الاخلاق لعشر دقائق قبل أن يبدا درس الفقه.

وقال هو: “رايت بعد مدة بان البعض يتريثون في ردهة مسجد كوهرشاد حتى تنتهي الدقائق العشر الاولى ومن ثم يحضرون درس الفقه. رايت ان الذين يحضرون هم اصحاب الاخلاق وجديرون، والذين من القرر ان يستفيدون، يعتبرون انفسهم في غنى عن ذلك، لذلك بادرت الى تعطيل درس الاخلاق”.

 

المصدر: شفقنا

 

ذكرى وفاة الفقيه الأصولي آية الله السيد محمد هادي الحسيني الميلاني “ره”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky