الاجتهاد: موضوع علم “تاريخ علم الأصول” هو «علم الأصول نفسه، مسار تكامله ومراحل حياته». والغرض منه «البحث التاريخي في علم الأصول» لكي يطلع الباحثون والطلاب بشكل صحيح على هذا العلم، وكيفية نشوئه وتحوله، وليطلعوا على فلسفة ظهوره، وليحظوا بمزيد من التوفيق في حل معضلاته(1).
سابقة “تاريخ الأُصول“: لا شك أن الظهور الرسمي لعلم باسم «تاريخ الأصول» لا يتجاوز نصف قرن، ولم يصبح البحث في تاريخ الأصول محل اهتمام علماء الأصول – كقضية مهمة وعلم ينبغي الاشتغال به بشكل جدي ورسمي – إلا في العقود الأخيرة من هذا القرن.
ولعل علماء أهل السنة تقدموا على أصوليي الشيعة في هذا الأمر، فقد كتبوا مدونات مختصرة ومفصلة في هذا المجال. ومن بينهم : الأستاذ محمد أبو زهرة (متوفی ۱۳۹۵ هـ ق) والدكتور شعبان اسماعیل (ولد ۱۳۵۹ هـ. ق) من الأساتذة البارزين في الفقه والأصول في جامعة الأزهر والجامعات المصرية الأخرى)(2).
أما بين أصوليي الشيعة فأول من اهتم بهذا الأمر الأستاذ الشهيد السيد محمد باقر الصدر، والأستاذ محمود شهابي، وآية الله جناتي، والدكتور أبو القاسم کرجي. وقبل هؤلاء، نجد بعض الأصوليين الذين دونوا أحيانا في مقدمات مؤلفاتهم الأصولية مطالب مختصرة، حول تاريخ هذا العلم وأغلبها يفتقد إلى مزيد من التحقيق والأدلة الكافية .
إن الأهمية التي أوليت للأبحاث التاريخية في العصر الحاضر، دفع علماء الأصول إلى القيام بتنقيبات ودراسات مستقلة في تاريخ هذا العلم، ليلتمسوا لمدعاهم شواهد وأدلة كافية؛ وما يلي مجموعة من المصنفات التي تشكل حصيلة هذه الأبحاث:
1- الأستاذ محمود الشهابي، كان في بداية درسه الأصولي يستعرض نبذة تاريخية حول أصول الفقه، في معهد الحقوق في جامعة طهران، وقد طبعت هذه النبذات في مقدمة كتابه «تقریرات الأصول».
۲- کتب الشهيد الصدر رسالة في تاريخ الأصول، طبعت في أول “المعالم الجديدة». إضافة إلى أن السيد الشهيد كتب أيضا الأبحاث الأصولية في ثلاث دورات(3).
3- كتب أبو القاسم کرجي رسالة «تحول الأصول» بحث فيها تاریخ علم أصول الفقه عند أهل السنة والشيعة في تسع مراحل، ثم طبعت هذه الرسالة بعد ذلك كضميمة في كتابه «تاريخ الفقه والفقهاء». .
٤- ألف آية الله جناتي – من أساتذة الحوزة العلمية في قم – كتاباً باسم «أدوار الاجتهاد» بحث فيه أيضأ تاريخ الأصول.
5- حركة الاجتهاد عند الشيعة، للشيخ عدنان فرحان، الذي تناول فيه حركة الاجتهاد من زمن الرسول (ص) حتى عصرنا الحالي وقسم مراحله الى ستة.
مع أن هذه الآثار تستحق التقدير، كونها باكورة الأبحاث الرسمية في تاريخ الأصول، لكنه لا مجال لإنكار ما اعتراها من ضعف.
فعلى سبيل المثال : ما جاء في مقدمة «تقریرات الأصول» للأستاذ الشهابي كان سريعة وفاقدة للتحليل والبيان الدقيق، إضافة إلى عدم كفاية المصادر والأدلة التي اعتمد عليها .
أما ما قام به الشهيد الصدر في المعالم وإن كان أقواها وأمتنها، لكن البحث المرتبط بتاريخ الأصول لا يشكل سوی جزءا من القسم الأول في الكتاب، وباقي الأبحاث ترجع إلى مسائل أخرى يمكن أن تأتي تحت عنوان التعرف على موقعية الاجتهاد. من هنا فإن عمل الشهيد الصدر لم يأت على بحث متكامل وحقيقي لمختلف الحقب والمراحل.
أما «تحول الأصول» للدكتور کرجي فهو أيضاً مختصر جداً ويفتقد إلى التحليل، والمواضع التي ظهر فيها تحليلاً ما، مقتطفة من المعالم الجديدة للشهيد الصدر.
و«أدوار الاجتهاد» لإبراهيم جناتی، وإن كان أكثر تفصيلاً إلا أنه ليس مختصاً بتاريخ الأصول، بل حول مراحل الاجتهاد، وهو بحث أعم من كونه بحثاً في تاريخِ الأصول.
أما كتاب حركة الاجتهاد، فهو بحث أعم من كونه حول الفقه والأصول ولم يتعمق في الاصول خاصة، واعتمد فيها على كتابي المعالم الجديدة وأدوار الاجتهاد ومقالة حول «مراحل تطور الاجتهاد الشيعي» للسيد منذر الحكيم.
والحقيقة أن البحث في تاريخِ الأصول في الوقت الحالي ما زال في مراحله الأولى، و يحتاج إلى سنوات ليصل إلى مرجلة النضوج.
من هنا، ينبغي القيام بدراسات معمقة وعلى نطاق واسع؛ ومن المتأمل أن تكون هذه المحاولة المتواضعة على هذا الطريق.
الهوامش
(1) سبق الحديث عن فوائد البحث التاريخي، وهذه النتائج تصدق أيضا بالنسبة للبحث التاريخي في علم الأصول.
(۲) للأستاذ محمد ابو زهرة أبحاث قيمة جداً في مختلف فروع العلوم الإسلامية، ومن جملتها أصول الفقه. وهو عقد في مقدمة كتابه “أصول الفقه” ابحاثا حول تاريخ الأصول. أما الأستاذ شعبان اسماعيل فهو من الباحثين الذين ألّفوا کتباً كثيرة. وله كتاب “علم الأصول، تاريخه ورجاله” بحث فيه حول تاريخ الأصول عند السنة.
(3) طبعت المعالم الجديدة مضمومة إلى كتاب الحلقات الأولى والثانية من قبل دار التعارف للمطبوعات في بيروت من العام ۱۹۸۹م.
المصدر: الفصل الثاني من كتاب ” تاريخ علم الأصول” للمؤلف: مهدي علي بور”
الدکتور علي بور لیس من أصحاب العمائم؟؟!!!
السلام عليكم
حتى الان لا