أستاذ بجامعة المذاهب الإسلامیة لـ”لاجتهاد”: محاربة الظلم و الجور من مقاصد الشريعة الإسلامية

قال الباحث الديني وأستاذ جامعة المذاهب الإسلامية في إيران؛ حجة الاسلام عبد الكريم بي آزار شيرازي في حديث له مع موقع «الاجتهاد»: تطبيق العدالة من مقاصد الشريعة الإسلامية التي يمكن العثور عليها في باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. أحد المنكرات المؤكدة الظلم والجور و مواجهتهما مسؤولية جميع المسلمين. وفيما يلي نص هذا الحوار:

هل المسلمون أو الحكومات الإسلامية لديها مسؤولية تجاه ظلم الظالم؟

بالتأكيد أحد المسائل الهامة المطروحة في الإسلام هي مسألة الدفاع الجماعي عن المظلوم، لأنّ أحد أسس الحكومة االشعبية أو الدفاع الجماعي عن المظلوم. يجب أن نقف في وجه الظالم وندافع عن حق المظلومين، حتى المظلومين من غير المسلمين. هذه المسألة وردت في أحكامنا الفقهية. من الناحية الأخلاقية أيضاً هي أحد المسائل الهامة التي كانت لدى الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله حتى قبل البعثة، وهو ما يُعرف بحلف الفضول. من الناحية العقائدية أيضاً تعتبر العدالة إحدى معتقداتنا و أحد أهداف الشريعة. يمكن العثور على حكم هذه المسألة في باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. أحد المنكرات المؤكدة الظلم والجور ومواجهتهما مسؤولية جميع المسلمين.

مسألة النهي عن المنكر لها قوة و ضعف بين المذاهب الإسلامية.  ففي مذهب الزيدية و مذهب الإمامية تم التأكيد كثيراً على مسألة النهي عن المنكر لدرجة ان المذهب الزيدي يعتبرها جزءالأصول الإعتقادية. في القرون الاخيرة استبدلت الأيادي الاستعمارية بدل مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسألة أخرى باسم «لا دخل لي ولا دخل لك»؛ يعني مسألة اللامبالاة.  بعض المسلمين الآن تحت تأثير هذا الشعار «لا دخل لي ولا دخل لك» ولا يعرفون مسؤوليتهم بأن يدافعوا عن المظلومين مع انهم يشاهدون كل هذا الظلم.

هناك مسألة أخرى وهي أن المسلمين تحت تأثير الموقع الجغرافي الذي رسمه لهم الأجانب و المستعمرون. بينما نحن في الاسلام و بين المسلمين لا نمتلك تلك الحدود. في كل مكان يقع ظلم على مظلوم علينا أن ندافع عنه.

أية قواعد أو أدلة فقهية تبرر ضرورة الدفاع عن هذه الدول؟

يوجد الكثير من الآيات و القواعد التي تدل على هذا الأمر:

ومن بينها هذه الآية الشريفة:

«أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَ لَوْ لاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَ بِيَعٌ وَ صَلَوَاتٌ وَ مَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَ لَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ».(الحج 39-40)

حتى عندما يتعرض غير المسلمين للظلم يجب الدفاع عنهم.

من بين هذه القواعد القاعدة المعروفة «نفي السبيل» المأخوذة من آيات القرآن الشريفة. ففي هذه القاعدة تم رفض أية سلطة على المسلمين.

هل ضرورة دعم الدول الأخرى حتى في حال جلبت لنا آثاراً و أضراراً سياسية و إقتصادية هو امر لازم؟

يجب التحمّل قدر الإمكان. دائماً إذا أراد الإنسان الدفاع عن المظلوم و الوقوف في صف المظلوم فإن الظالمين بالتأكيد لن يكونوا غير مبالين وسيظهرون ردة فعل. لكن يجب أن ندافع عنهمبالتوكل على الله والتسلّح بالأمل وهو سيقوم بنصرنا.

ما هو رأي سماحتكم حول صفقة القرن؟

تمت الإشارة في القرآن الكريم أنّ بني اسرائيل قبل الإسلام قد وصلوا إلى الحكم وكان لهم خلافة الأرض الموعودة. لكنّ اليهود ابتلوا بالتمييز العنصري و اعتقدوا أن الميراث ينتقل عن طريق الأم فقط. على عكس العالم كله الذي يعتبر أن الميراث من الأب. يعتقد اليهود أن الأرض الموعودة التي وعد بها الله تعالى مختصة بأولاد ابراهيم وهذا الإرث قد انتقل إليهم عن طريق الأم، بمعنى أنهم يعتبرون أنفسهم أبناء السيدة من أبناء ابراهيم و سارا، والعرب أبناء الأمةمن هاجر و يعتقدون أن هذه الأرض الموعودة مختصة فقط وفقط بيهود بني اسرائيل، وليس ببني اسماعيل؛ لأنهم لا يرثون أبداً و لهذا السبب فإنهم يقولون انّ حدودنا من النيل إلى الفرات وهي لنا حصراً.

يطرح القرآن الكريم هذا الموضوع كما يلي: «وَ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَ يَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَ نُوحاً هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَ سُلَيْمَانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسَى وَ هَارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ»(الانعام: 84)  فالله تعالى يعتبر الجميع وارثين وحتى في التوراة تم التصريح بأن بني اسماعيل، أبناء هاجر من ذريتك أيضاً. حتى في التوراة قد جاء أن الإرث عن طريق الأب، ولكنهم بناءاً الكتب التي حرّفوها يعتقدون أنّ الإرث ينتقل عن طريق الام، وهذا منحصر ببني اسرائيل.

يقول القرآن الكريم: الجميع يرثون ولكن بشرط  أنه «و لا ینال عهدی الظالمین». یعني الظالمون من ذريتك لن يصلوا إلى ولاية العهد ولا إلى الإمامة.  لذلك فغن اليهود الذين ظلموا كل هذا الظلم وبسبب الظلم الذي قاموا به من الماضي إلى ما قبل الإسلام قد حلذت عليهم اللعنة الإلهية، و أصبحوا من الذرية الظالمة لابراهيم وقد أخذ الله منهم الخلافة و الإمامة و أعطاها للمسلمين، ولأن اليهود هم ذرية ظالمة من ابراهيم فإن مسألة الإمامة قد انتفت ولن يكون لهم حصّة من الأرض الموعودة. نعم في السابق كان لهم ذلك، ولكن بسبب عدم جدارتهم التي أظهروها سلبها الله منهم وأعطاها بشكل حصري للمسلمين. فهم الآن غاصبون في الحقيقة و ينبغي علينا الوقوف في وجه هذه الذرية الظالمة و مواجهتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky