خاص الاجتهاد: اعتقد أنّ ما بين يدي أهل العلم وخصوصا حملة التخصصات الاسلامية اكاديميا وحوزويا من صورة اختلاف في طرق تحديد الهلال الشرعية مثالا يسعهم ان يقدمونه – وخصوصاً بين يدي علماء الاسلام من المذاهب الأخرى وغيرهم – كنموذج لموضوعية الفقيه الشيعي وعدم تأثره لا بعامل السياسة ولا بالتفكير الإرضائي ولا بأي شيء دون السعي الى إبراء الذمة وافراغ التكليف بحسب مبلغ اجتهاده.
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين وعلى اهل بيته الطاهرين ، والسلام على من اتبعه بإحسانٍ الى يوم الدين ، وبعد .
مما يكثُر الحديث حوله بين غير المشتغلين بالشريعة والعلوم الاسلامية قضيةٌ كثيرا ما تختلج في صدر عامة المجتمع ويلاحظ تكرر إثارتها عن قصد او غير قصد في عيد الفطر بالرغم من عدم اختصاص بشهر شوال المعظم وهي مسألة اختلاف الفقهاء في مسألة الثبوت الشرعي للهلال .
غير أنّ وجهة نظر الباحث في المقام ترسم لهذه الجدلية – موضوعياً – وجهاً آخر يسهم في تقديم صورة مصحّحة خلاصتها هو أنّ من معالم الموضوعية العلمية وعدم التأثر بالعقل الجمعي هو مظهر الاختلاف الفقهي بين أعلام فقهاء الشيعة الامامية في طرق ثبوت الهلال الشرعي ؛
حيث تجد تقواهم وتورعهم الفقهي يمنعهم من ان تهبط بهم نفوسهم الى تحقيق رغبات عامة المجتمع واستذواقاتهم وتمنياتهم فنجدهم لا يعبأون الى ما يتوقع ان يقال عنهم من رشق الاتهمات بالاجتهاد الخاطئ أو التعمد في خلق التفرقة أو التأخر والرجعية وعدم الأخذ بالتطور التكنلوجي أو حب التفرد او …او .. او الى غير ذلك مما يلاك بين لحيتي العامة جهلاً او عدم تورع .
اعتقد أنّ ما بين يدي أهل العلم وخصوصا حملة التخصصات الاسلامية اكاديميا وحوزويا من صورة اختلاف في طرق تحديد الهلال الشرعية مثالا يسعهم ان يقدمونه – وخصوصاً بين يدي علماء الاسلام من المذاهب الأخرى وغيرهم – كنموذج لموضوعية الفقيه الشيعي وعدم تأثره لا بعامل السياسة ولا بالتفكير الإرضائي ولا بأي شيء دون السعي الى إبراء الذمة وافراغ التكليف بحسب مبلغ اجتهاده .
فلله درهم من فقهاء ورعين .
كما أنّ من الجدير بالذكر هو أنّه قد أطبقت كلمة الفقهاء المسلمين سنّة وشيعة أن لإثبات الهلال الشرعي طرق .
وعلى ذلك يترتب وبشكل طبيعي جدا في نظر جميع الفقهاء ان يختلف التشخيص بحسب الاختلاف الفقهي لطرق تحديد الهلال الشرعي ، فمن يرى كفاية الرؤية المسلحة تكون نتيجة تشخيص الهلال طبقا لرأيه – ولو من قبل المكلف المقلِّد – مختلفة عن نتيجة تشخيص الهلال طبقا لرأي من يرى عدم كفاية الرؤية بالعين المسلّحة ولابدية الثبوت بالعين المجردة –
وبالرغم من ذلك فإنّ الفقهاء لم يلزموا المقلّدين أن يأخذوا بتشخيصهم في صورة العلم بفسق البينة أو الخطأ في التشخيص أو الاطمئنان بذلك وانما افتوا بالطرق الشرعية واعتمدوها في مقام التشخيص وأبرأوا ذمة المقلِّد بالعمل إعتماد على اطمئنانه اليهم ، وفسحوا المجال للمقلّد أيضا ان يعتمد عليها بنفسه في التشخيص فان شخص المقلِّد رؤية الهلال بالعين المسلّحة وكان الفقيه الذي يقلده يرى كفاية ذلك كان تشخيص المكلف حجة في حقه وان لم تشخص الرؤية لدى الفقيه .
فيتلخص من ذلك انّ إختلاف الفقهاء الاعلام في هذا المورد فرصة للتفاخر العلمي وليس فرصة لحركة العقل الإتهامي .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وبصرّنا بكل ما فيه الهداية العلمية والمعرفية والسلوكية ، وصلى الله على خاتم رسله وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين .