عادل العلوي

العقل في مدرسة الامام الکاظم علیه السلام

يتطرق الأستاذ سماحة آية الله السيد عادل العلوي في هذا البحث إلى موضوع العقل وقیمته وأدواره في مدرسة الإمام الكاظم عليه السلام في ثلاثة محاور. المحور الأول: حجیة العقل. المحور الثاني: دلیل العقل ومطیّة العاقل المحور الثالث: عوامل هدم العقل.

الاجتهاد: مما امتازت به مدرسة أهل البیت (علیهم السلام) المزاوجة بین العقل والنقل، وإعطاء العقل حقه في منظومة التشریع الإسلامي، وبیان دوره المهم في مسیرة الإنسان نحو الکمال.

ومن أهم الوثائق والکلمات الجامعة في بیان قیمة العقل وأدواره وسائر أحواله، الوصیة المعروفة لمولانا الإمام الکاظم (علیه السلام) لتلمیذه الفذ هشام بن الحکم (رضوان الله علیه).

وسنقتبس منها ثلاثة مقاطع تتحدث عن محاور مهمة:

المحور الأول: حجیة العقل

{إنّ لله علی الناس حجتین: حجة ظاهرة، وحجة باطنة، فأمّا الظاهرة فالرّسول والأنبیاء والأئمّة علیهم السلام، وأما الباطنة فالعقول}.

ربما یتبادر إلی الذهن إنّه کانت الدعوة تارة إلی العقل والعقلانیّة، وأُخری إلی الوحي وأصحابه من الأنبیاء والمرسلین، فأي علاقة بین العقل والوحي؟!!

فهل هما متقابلان، أم حقیقة واحدة من الواحد الأحد، ذات بعدین وجهتین، فلا تضاد بینهما؟ کالوجهین لعملة واحدة.

إن الإمام علیه السلام وکأنّه من باب دفع الدخل المقدّر، أشار إلی هذه الحقیقة الناصعة، التي من عرفها، فتحت أمامه آفاق جدیدة في المعرفة وکشف الحقائق والأسرار بالمنظار العرفاني.

والحقیقة هي: إن لله سبحانه علی الناس حجتین: حجة ظاهرة وحجة باطنة.

وقبل الخوض في الموضوع وبیان الحجتین ومصداقیتهما وموضوعیتهما، لا بأس أن نشیر إلی معنی الحجة ومفهومها لغةً ومصطلحاً:

فإنها لغةً: بمعنی الدلیل، وفي المصطلح المنطقي عبارة عن القیاس والإستقراء والتمثیل، وهو من القضایا التصدیقیة لمعرفة القضایا التصوریة.

وقیل: الحجة ما یصحّ أن یحتج به (له أو علیه) أو هو ما یقع بعد کلمة لأنه، أوالحد الوسط بین الأصغر والأکبر في المقدمتین الصغری والکبری، في القیاس المنتج، من الأشکال الأربعة وضروبها المتجة.

فإذا قال المتکلّم: العالم حادث، فیقال له: ما دلیلک وحجّتک علی ذلک؟ قال: لإنّه متغیر لما فیه من التغییرات في فصوله ولیله ونهاره، وما شابه ذلک، هذا ما نراه بالوجدان في العالم، فالعالم متغیّر، ثم کل متغیّر حادث، لأن الحادث ما کان مسبوقاً بالغیر أو العدم، والمتغیر مسبوق بالغیر والعدم فهو حادث، فکلّ متغیّر حادث، فثبت المطلوب: أنه: العالم متغیّر، وکل متغیّر حادث: فالعالم حادث.

فما وقع بعد (لأنّه) هو المتغیّر، کما إنه کان الحد الوسط المتکرر في الصغری والکبری، وهذا ما یسمّی بالحجة في علم المنطق.

وظاهر قول الإمام علیه السلام إنّ المراد من الحجة هو الدلیل بمعناه الخاص، فیکون من النقل المألوف من معناه اللغوي العالم إلی المعنی الخاص، هو الدلیل المنسوب إلی الله سبحانه، فإنّه کتب علی نفسه الرحمة، وما باب اللطف، وهو ما یقرّب العبد إلی طاعته، ویبعّده عن معصیته، جعل له بجل تکویني حجةً ودلیلاً باطنیاً أودعه في جبلّته وهو العقل، وأیّد ذلک بجعل تشریعي، بحجة ودلیل ظاهري، وهم الأنبیاء والرّسل أي الوحي والشرایع السماویة، فهما حجّتان لله سبحانه، باطنة وظاهرة یدلان علی الله وعلی أحکامه وأمره وصفاته وأسمائه، فکل ما حکم به العقل حکم به الشرع المقدس أي حکم به الوحي، أي حکم به النبي أو الوصي فهما حجة الله وولیّه علی الخلق.

فللّه سبحانه حجتان: حجة ظاهرة محسوسة في مرأی ومسمع، وحجة باطنة تعرف بآثاره وخواصّها، فأمّا الظاهرة فالرّسل وهم أصحاب رسالة عالمیة کأنبیاء أولی العزم نوح وإبراهیم وموسی وعیسی النبي الخاتم محمد صلی الله علیه وآله، والأنبیاء، وقد بعث الله مئة وأربعة وعشرین ألف نبي، لهدایة الناس من آدم أبي البشر وإلی الخاتم سیّد البشر محمد صلی الله علیه وآله وسلم، وأما الحجة الباطنة فهي العقول.

الکافي بسنده: قال ابن السکیت لأبي الحسن الإمام الهادي علیه السلام: لماذا بعث الله موسی بن عمران بالعصا ویده البیضاء وآلة السحر – العصا – وبعث عیسی بآلة الطب، وبعث محمداً صلی الله علیه وآله بالکلام والخُطب؟

فقال أبو الحسن علیه السلام: إن الله لما بعث موسی علیه السلام کان الغالب علی أهل عصره السّحر، فأتاهم من عند الله بما لم یکن في وسعهم مثله، وما أبطل به سحرهم، وأثبت به الحجة علیهم.

وإن الله بعث عیسی (ع) في وقت قد ظهرت فیه الزمانات – کالفالج والمرض المزمن الطویل – واحتاج النّاس إلی الطبّ، فأتاهم من عند الله بما لم یکن عندهم مثله، وبما أحیا لهم الموتی وأبرأ الأکمه والأبرص بإذن الله، وأثبت به الحجة علیهم، وإنّ الله بعث محمد صلی الله علیه وآله في وقت کان الغالب علی أهل عصره الخطب والکلام، وأظنّه قال – والشعر – فأتاهم من عند الله من مواعظ وحکم، ما أبطل به قولهم، وأثبت به الحجة علیهم، قال: فقال ابن السکیت: بالله ما رأیت مثلک قط، فما الحجة علی الخلق الیوم؟ – إی في معرفة النبي والوصي عن غیره – قال: فقال علیه السلام: ((العقل، تعرف به الصادق علی الله فتصدقه، والکاذب علی الله فتکذّبه)). قال: فقال ابن السکیت: هذا والله وهو الجواب.

وهذا دلیل واضح علی حجّیة العقل، وفیه تنبیه علی ترقّي البشر في إستعدادها وتلطّف القرائح في هذه الأُمّة حتی استغنوا بعقولهم عن مشاهدة المعجرات المحسوسة، فإنّ الإیمان بالمعجزة دین اللئام ومنهج العوام، وأهل الیقین والبصیرة لا یقنعون إلّا بانشراح الصدر بنور الیقین، ((أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ)) [1] فبالعقل النوري والانشراح الصدري تعرف به الصادق علی الله، بعلمه بکتاب الله ، ومراعاته وتمسّکه بالسنة، وحفظه لها، والکاذب علی الله بجهله بالکتاب حتی قال کل الناس أعلم منه حتی ربّات الحجول، وترکه للکتاب ومخالفته السنة وعدم مبالاته بها، کما کان في خلفاء الجور من بني أُمیة وبني العبّاس.

وفي الکافي أیضا بسنده عن أبي عبدالله الإمام الصادق علیه السلام قال: ( حجة الله علی العباد النبي، والحجة فیما بین العباد وبین الله العقل). [2]

وهذه الحجة العقلیة قابلة للتکامل والزیادة في بصیرتها وعقلانیتها.

عن الکافي بسنده عن الإمام الباقر علیه السلام قال: (إذا قام قائمنا وضع الله یده علی رؤوس العباد فجمع بها (به) عقولهم وکملت أحلامهم).

القائم بالأمر هو صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشریف، والید نزول الرحمة وواسطة جوده وفیضه، ورؤوس العباد نفوسهم الناطقة وعقولهم الهیولانیة، عبر عنها بالرأس، لأنّها أرفع شيء من أجزائهم الباطنة والظاهرة، فجمع بتلک الید المبارکة والفیض المقدّس وبالتعلیم والإلهام عقولهم، فعلموا ذواتهم، وعرفوا نفوسهم، واستکملوا بالعلم، ورجعوا إلی معرفهم الأصلي.

فالعقل دلیل المؤمن، ولا إیمان لمن لم یعرف إمام زمانه، وماله من الحقوق، وما علیه من الواجبات. فطوبی للعارفین الکمّلین المقرّبین، والعلماء العاملین المخلصین، والعقلاء العابدین الصالحین.

المحور الثاني: دلیل العقل ومطیّة العاقل

(یا هشام لکلّ شيء دلیل، ودلیل العاقل التفکّر، ودلیل التفکّر الصّمت، ولکلّ شيء مطیّة، ومطیّة العاقل التواضع، وکفی بک جهلاً أن ترکب ما نُهیت عنه).

الإمام مولانا الکاظم(ع) یشیر في هذه الفقرة من الحدیث الشریف إلی أمور ثلاثة:

الأوّل: یتعرّض إلی بیان ماهیة العقل وعلائم العاقل وما یستدل به علی عقلانیّة المرء وتعقّله وتفهّمه للحیاة، مع إقامة البرهان والدلیل، بذکر مقدمتین صغری وکبری ثم النتیجة الحاصلة منهما بعد سلامتهما وثبوتهما وإثباتهما عقلاً ونقلاً، فمن باب الکبریات وإنّه (علینا بإلقاء الأصول وعلیکم بالتفریع) ذکر (علیه السلام) قاعدة العلّة والمعلول والسبب والمسبب وهي من الثوابت، فإن لکلّ علة معلول، وإن المعلول یدلّ علی علّته بالبرهان ألاّني، کما إنّ العلة تدل علی المعلول بالبرهان اللّمي – کما في علم المنطق والفلسفة – فبنحو الموجبة الکلیة وکبری القصیة وقاعدة ثابتة: إنّ لکلّ شيء دلیلاً یوصل إلیه ویدل علیه، کما في الدلالة الوضعیة اللفظیة وغیرها، والطبیعة، العقلیّة.

ثم العاقل بمعناه العام وجنسه البعید، یصدق علیه أنه شيء من الأشیاء. فلابد له من دلیل یدلّنا علی عقله وکونه عاقلاً، والدلیل هو التفکّر، کما إنّ العقل یصل إلی مطلوبه بالتفکّر، لأنّ محط الفکر والتفکّر هو العقل، فإنّ المجنون لا فکر له، وکذلک السفیه والأحمق، فالعاقل یفکّر، ومن فکّر کان عاقلاً، ومن عقل کان مفکّراً، فأحدهما یدل علی الآخر للتلازم، فدلیل العاقل التفکر والفکر وهو حرکة من المراد المجهول إلی المبادي المعلومة والمخزونة في وجود العاقل وفي ذهنه من قبل، والتي اکتسبها بأدوات المعرفة کالحواس الخمس الظاهریة، ثم من تلک المعلومات والترتیب بینهما یکشف المجهول المراد، فالفکر حرکة من المراد إلی المبادي، ومن المبادي إلی المراد، أو قل: حرکة بین المجهولات والمعلومات – تفصیل ذلک في علم المنطق والفلسفة – فراجع.

ثم التفکّر شيء من الأشیاء بمعناه العام الّذي یعمّ الأشیاء المادیة والمعنویة، کما یعمّ الذّوات والأفعال والصفات، فالتفکّر شيء، ولکلّ شيء دلیل، فلابد للتفکّر من دلیل، ودلیله الصممت العقلاني، لأن الصمت تارة یکون عن عيّ، وعجز وخوف، فهو مذموم ویکون من الصمت الجهلاني،

وأخری یکون عن حکمة وتفکّر فهو ممدوح، وما أکثر النّصوص الدینیة العقلانیة الواردة في مدح الصمت، فإنّه إذا کان الکلام من فضة مثلاً، فإنّ السکوت حینئذٍ یکون من الذهب، وکم الفرق بین ثمن الفضة وثمن الذّهب؟!

فعلامة کون الإنسان عاقلاً هو صمته وتفکره الدائم في خلق الله، والعاقل یصل إلی مطلوبه بالفکر.

والمطیّة: الناقة التي ترکب مطاها، أي ظهرها، أو السریعة في سیرها، فمطیة العقل التواضع التذلل والإنقیاد للأوامر والنواهي الإلهیّة، فمع التواضع یقوی العاقل علی ما یدل علیه عقله، ویؤّید من الله بإعماله، ومع التکبّر وعدم طاعة الله یضعف العقل، ولا یقدر علی إعماله في الأمور المعاشیة والمادیّة، ویکون مثله مثل الراجل العاجز عن الوصول إلی المطلوب، ولا یخفی أنّ الصمت – کما ذکرنا -.

تارة یکون مذموماً فیما لو سکت المرء عن الحق ولم یُبیّنه أو لم ینتصر له، فإنّ الساکت عن الحق شیطان أخرس، وأخری یکون ممدوحاً، وهو الّذي فیه ترک فضول الکلام، والهذر والهذیان والکلام الفارغ الّذي لا طائل تحته، ولا یترتب علیه نفع، لا في الدنیا ولا في الآخرة.

قال الإمام الکاظم لهشام (یا هشام قلّة المنطق حکم عظیم، فعلیکم بالصمت فإنّه دعةُ حسنة، وقلّة وزر، وخفة من الذنوب، فحصّنوا باب الحلم، فإنّ بابه الصبر، وإن الله عزّ وجل یبغضّ الضّحاک من غیر عجب، والمشاء إلی غیر إرب، ویجب علی الوالي أن یکون کالرّاعي لا یغفل عن رعیّته، ولا یتکبّر علیهم، فاستحیوا من الله في سرائرکم، کما تستحیون من الناس في علانیتکم، واعلموا أنّ الکلمة من الحکمة ضالّة المؤمن، فعلیکم بالعلم قبل أن یرفع، ورفعه غیبة عللکم بین أظهرکم).

بیان: الحکم بالضم: الحکمة، والدعة بفتح الدال: السکون والراحة، والإرب بالکسر وبالتحریک: الحاجة، وفي الحدیث: الکلمة ضالّة المؤمن، وفي روایة: ضالّة کل حکیم أي لا یزال یطلبها کما یطلب الرجل ضالته.

وقیل: المراد أنّ المؤمن یأخذ الحکمة من کل من وجدها عنده، وإن کان کافراً أو فاسقاً، کما أنّ صاحب الضالّة یأخذها حیث وجدها، ویؤیده ما مرّ.

(یا هشام تعلّم من العلم ما جهلت، وعلّم الجاهل ممّا عُلّمت، وعظّم العالم لعلمه، ودع منازعته، وصغّر الجاهل لجهله، ولا تطرده ولکن قرّبه وعلّمه)) [3]

وجاء في مدح الصمت أیضا:

یا هشام: قال رسول الله (ص) : ((إذا رأیتم المؤمن صموتاً – الصموت: صیغة مبالغة أي الکثیر الصمت – فادنوا منه، فإنّه یُلقی علیه الحکمة، والمؤمن قلیل الکلام کثیر العمل، والمنافق کثیر الکلام قلیل العمل)) [4]

وفي موضع آخر من الحدیث الشریف قال: ((المتکلّمون ثلاثة: فرابح وسالم وشاجب: فأمّا الرابح فالذاکر لله، وأما السلام فالسّاکت، وأما الشاجب الّذي یخوض في الباطل، إنّ الله حرّم الجنة علی کل فاحش بذيّ قلیل الحیاء لا یبالي ما قال ولا ما قیل فیه)).

وکان أبوذر رضی الله عنه یقول: (یا مبتغي العلم إنّ هذا اللسان مفتاح خیر ومفتاح شرّ، فاختم علی فیک کما تختم علی ذهبک وورقک).

الشجب بمعنی الهلاک والحزن والعیب، وفي حدیث الحسن: المجالس ثلاثة: فسالم وغانم وشاجب أي هالک، فسالم من الإثم وغانم للأجر.

وقال (علیه السلام) في موضع آخر (یا هشام بئس العبد عبد یکون ذا وجهین وذالسانین یطري أخاه إذا شاهده ویأکله – أي یغتابه ویذکره بما فیه من السوء – إذا غاب عنه. إن أعطي حسده، وإن ابتلي خذله، وإنّ أسرع الخیر ثواباً البرّ، وأسرع الشر عقوبة البغي – الظلم – وإنّ شرّ عباد الله من یکره مجالسته لفحشه، وهل یکب الناس علی مناخرهم في النّار إلّا حصائد ألسنتهم، ومن حسن إسلام المرء ترک ما لا یعنیه).

الثاني: الإمام علیه السلام یشیر إلی کلیّة کبری أخری تعطینا صفة من صفات العقل والعقلاء، وذلک إنّ لکلّ شيء مطیّة ومحمل ومرکوب یرکبه ویتمطّاه لیصل إلی مقصوده وغایته، ومطیّة العاقل التواضع لله سبحانه، وقد مرّ علینا جملة من النصوص الدینیة الدالة علی مدح التواضع والمتواضعین.

قال سبحانه وتعالی: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) [5]

فان التواضع للمؤمنین ممّا یوجب الثواب والرفعة في الدنیا والآخرة، کما أن التکبّر مع المتکبرین کالکافرین عبادة.

قال رسول الله صلی الله علیه وآله: (لا حسب إلّا بتواضع، لا حسب لقرشي ولا عربي إلّا بتواضع، فان التواضع زینة الحسب، وزینة الشریف، وینتشر الفضیلة، وإنّه حلاوة العبادة، ومن أعظم مصادیقها، وإنّ الله سبحانه کره للأنبیاء التکابر ورضی لهم التواضع، فألصقوا بالأرض خدودهم وعفّروا في التراب وجوههم، وخفضوا أجنحتهم للمؤمنین، ومن تواضع في الدنیا لإخوانه فهو عند الله من الصدّیقین، ومن شیعة علي بن أبي طالب علیه السلام حقاً).

وحدّ التواضع: أن تعطي النسا ما تحبّ أن تعطاه، وأن تعطی الناس من نفسک ما تحب أن یعطوک مثله، وإن رأی سیئة درأها بالحسنة، کاظم الغیظ، عاف عن الناس، والله یحبّ المحسنین، فمن التواضع أن ترضی من المجلس بدون شرفک، وأن تسلّم علی من لقیت، وأن تترک المراء وإن کنت، محقاً، ورأس الخیر التواضع، وأن تقول الحق ولو علی نفسک.

ومن ترک لبس الجمال وهو یقدر علیه تواضعاً کساه الله حُلّه الکرامة، فطوبی لمن تواضع لله تعالی في غیر منقصة، وأذل نفسه في غیر مسکنةٍ، ومن أتی غنیاً فتواضع له لغناه، ذهب ثلثا دینه، وما أحسن تواضع الأغنیاء للفقراء طلبا لما عند الله، وأحسن منه تیه الفقراء علی الأغنیاء اتکالاً علی الله. ومن التواضع لا یحب أن یحمدن علی التقوی[6]. فالتواضع یزید صاحبه رفعة، فتواضعوا یرفعکم الله.

قال الإمام الکاظم علیه السلام: (یا هشام: مکتوب في الإنجیل: طوبی للمتراحمین، أولئک هم المرحومون یوم القیامة، طوبی للمطهرة قلوبهم أولئک هم المتقون یوم القیامة، طوبی للمتواضعین في الدنیا، أولئک یرتقون منابر المُلک یوم القیامة).

الثالث: الإمام (ع) لینبه هشاماً یخطبه مباشرة بکاف الخطاب ویحذره من الجهل القاتل، والذي یوجب الهلاک، فیخاطبه کما هو خطاب لغیره من باب (إیّاک أعني وإسمعي بإجارة) فقال: (وکفی بک جهلاً أن ترکب ما نهیت عنه).

فإنّ الله نهاک أن تکون من المتکبرین، فإنّه قال: الکبریاء ردائي – فهو الکبریاء المطلق لا ستحقاقه ذلک – فمن نازعني في کبریائي – وکان متکبراً علی خلقي – أکببته في النّار.

فبشّر المتکبرین بنار الجحیم والعذاب الألیم، فالکبر والتکبّر منهي عنه عقلاً، لأنّه من مصادیق الظلم، وشرعاً للآیات والروایات المتواترة، فکیف تجعله مطیّة لک، وترکبه بین النسا، فهذا من الجهل الجهیل، وکفی بک جهلاً أن ترکب هذا التکبّر وتجعله مطیّة لک مع أنّه نهیت عنه عقلاً وشرعاً.

فلا ترکب أیّها العاقل ما نهیت عنه شرعاً، لأن اشتغال النفس بالمحسوسات یوجب تقیّدها وتصورها بصور حسیّة وهي حاجبة عن المعقولات، والحجاب عن المعقولات هو عن الجهل، فتدبّر.

قال سبحانه وتعالی وصف إبلیس اللّعین ((قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنْ الصَّاغِرِينَ)) [7]

وفي الأحادیث الشریفة: إیاک والکبر، فإنّه أعظم الذنوب، وألأم العیوب، وهو حیلة إبلیس، إیامک والکبر فإن إبلیس حمله الکبر علی أن لا یسجد لآدم ((أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ))[8] فاعتبروا بما کان من فعل الله بإبلیس، إذ أحبط عمله الطویل وجهده الجهید – سجد لله ستة الآف سنة لا یُعلم من سنین دنیاکم أو من سنین الآخرة، کل یوم ألف سنة ممّا تعدّون. فأحبط الله عمله – عن کبر ساعة واحدة، فمن ذا بعد إبلیس یسلم من الله بمثل معصیته؟!…

فاحذروا عباد الله عدّو الله أن یعدیکم بدائه، وأن یستفزّکم بندائه… فأطفئوا ما کمن في قلوبکم من نیران العصیبة وأحقاد الجاهلیة، فإنما تلک الحمیة تکون في المسلم من خطرات الشیطان ونخواته، ونزغاته ونفثاته، واعتمدوا وضع التذلّل علی رؤوسکم، وإلقاء التعزز تحت أقدامکم، وخلع التکبر من أعناقکم، واتخذوا التواضع مسلحة بینکم وبین عدوکم إبلیس… فاعتبروا بما أصاب الأُمم المستکبرین من قبلکم من بأس الله وصولاته ووقائعه ومثلاته… واستعیذوا بالله من لواقح الکبر کما تستقیذونه من طوارق الدّهر.

والکبر ما کان في داخل الإنسان، وإذا ظهر علی جوارحه وأفعاله وأقواله کان تکبّرا. فأیاکم والکبر فإن الکبر یکون في الرجل وإن علیه العبادة، فشر آفات العقل الکبر، وما دخل قلب أمریء شيء من الکبر إلّا نقص من عقله مثل ما دخله من ذلک، قلّ ذلک أو کثر. فاحذروا الکبر فإنّه رأس الطغیان ومعصیة الرحمن. وإن أقبح الخُلق التکبّر، ومن بریء من الکبر نال الکرامة. ولا یزال الرجل یتکبّر ویذهب بنفسه حتی یکتب في الجبّارین، فیصیبه ما أصابهم.

إنّما الکبریاء هو لربّ العالمین: ((هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)) [9]

ولا یخفی إنّه فرق بین الکبر وبین العزّة.

قال رجل للإمام الحسن علیه السلام إنّ فیک کبراً، فقال: کلّا، الکبر لله وحده، ولکن فيّ عزّة، قال الله تعالی: ((وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)) [10]

قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم: ((یا أبا ذر من مات وفي قلبه مثقال ذرة من کبر لم یجد رائحة الجنة، إلّا أن یتوب قبل ذلک)).

فقال: یا رسول الله (ص) إنّي لیعجبني الجمال حتی وددت أن علاقة سوطي وقبال نعلي حسن، فهل یرهب عليّ ذلک؟ قال: کیف تجد قلبک؟ قال: أجده عارفاً للحق مطمئناً إلیه. قال: لیس ذلک بالکبر، ولکن الکبر أن تترک الحق وتتجاوزه إلی غیره، وتنظر إلی الناس ولا تری أن أحداً عرضه کعرضک، ولا دمه کدمک.

وفي خیر آخر: إن الله جمیل ویحب الجمال: الکبر بطر الحق وغمط الناس، أي یزریهم ویراهم صغاراً، کمن علی جبل ولا یدري إنّ الناس کذلک یرونه صغیراً حقیراً. وإذا کان من التواضع قبول الحق، فان الکبر یکون بمعنی إنکار الحق والجهل به، فاقبلوا الحق فإنّه یبعّدُ من الکبر. ثم من قال: أستغفر الله وأتوب إلیه فلیس بمستکبر، ولا جبّار، إن المستکبر من یصرّ علی الذنب الّذي قد غلبه هواه فیه، واثره دنیاه علی آخرته.

قال سبحانه وتعالی: ((وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً)) [11] . ((وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً)) [12]

المحور الثالث: عوامل هدم العقل

(یا هشام: من سلّط ثلاثاً علی ثلاث فکأنّما أعان هواه علی هدم عقله؛ من أظلم نور فکره بطول أمله، ومحا طرائف حکمته بفضول کلامه، وأطفأ نور عبرته بشهوات نفسه، فکانّما أعان هواه علی هدم عقله، ومن هدم عقله، أفسد علیه دینه ودنیاه).

الإمام(ع) في هذا المقطع الشریف یدخل في أعماق الإنسان، لیفسّر لنا حقیقةً من حقائقه، بهذه الکلامات النورانیّة، وبهذا الاستدلال المنطقي العمیق بالاستنطاق والاستجواب.

فیصوّر لنا العقل أوّلاً، کالبنیان المرصوص والصرّح الشامخ، ثمّ یصوّر لنا هوی النّفس الأمّارة بالسّوء کالمعاول الهدّامة، والمواد المتفجّرة المخرّبة.

ثمّ یصوّر لنا المعاول والمتفجّرات الثلاث التي لو سلّطها الإنسان علی بنیان عقله، لهدمه وجعله رکاماً وقاعاً صفصفاً.

فقال علیه السلام: من سلّط ثلاثاً علی ثلاث، فکأنّما أعان هواه الغالب علی هدم عقله المغلوب، والنتیجة واضحة: فإنّ من هدم عنده العقل، کانت حیاته بدون وعي شعور، وعاش في الظلام، وأحاطته دوائر الشقاء والبؤس والحرمان، وانحطّ إلی أسفل السّافلین، فأفسد علیه دینه ودنیاه، فخسر الدّنیا والآخرة، وذلک هو الخسران المبین.

ولکن یبقی هنا سؤال یطرح نفسه فما هذه الثلاثة الغالبة والثلاثة المغلوبة؟ فأشار علیه السلام إلی أنّه:

1- یُهدم بنیان نور الفکر بطول الأمل.

2- وعمارة طرائف الحِکم یُهدم بفضول الکلام.

3- وبیت نور المعتبر یهدم بشهوات النّفس.

هذه مفردات من ورائها خزین من العلم والمعرفة، فنقول إجمالاً:

أوّلاً: نور الفکر وطول الأمل

لقد مرّ أنّ علامة العاقل والدلیل علیه هو التفکّر، وأوّل ما خلق الله واشتقّ من نوره هو العقل، فالعقل نور من نور الله سبحانه (اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) [13] وما یلزمه من الفکر یکون نوراً کذلک، وما یقابل النّور هو الظلام. وطول الأمل من الشیطان، وأنّه خلق من النار، والنار فیه الظلام، فکان طول الأمل من الظلام، کما أنّه یقسي القلب، والقساوة من جنود الجهل وهو مخلوق من الظلمات. فمن أظلم نور فکره بطول أمله في الحیاة، فإنّه أعان هواه ونفسه الأمّارة علی عدم عقله، لأنّ طول الأمل ینسیک الآخرة ویغفل الإنسان عن ربّه، فیفقد عقله الذي کان حقیقته (ما عُبد به الرّحمن واکتسب به الجنان) ویدخل في حظیرة الأنعام والعجماوات التي لا عقل لها، لأنّه یصبح بطول أمله من الغافلین وقال سبحانه وتعالی: ((وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ)) [14]

فالجهال من کان ظالماً، أو أظلم نور تفکّره بطول أمله، فإنّه بطول الأمل یُقبل علی الدنیا ولذّاتها، فیشغل عن التفکّر، أو مقتضی طول الأمل بمقتضی فکره الصائب.

ولا یخفی أنّ طول الأمل في الدنیا یمنع من التفکّر في الأُمور الإلهیّة وما یتعلّق بالآخرة لأنّ النّفس والقلب جُبِلا علی التفکّر في الأُمور العاجلة، وتحصیل رکّام الدنیا وأسبابها الظلمانیة وما هي سریعة الزوال.

ولا شکّ أنّ من یبذل تفکّره في الأنوار الأخرویّة وفي الباقیات الصالحات بتفکّره في الظلمات الدنیویّة التي ظهرت ونشأت من طول أمله وحبّه للفانیات، فقد أظلم نور تفکیره بطول أمله.

وثانیاً: طرائف الحکم وفضول الکلام

فان الحکیم العاقل قلیل الکلام، طویل الصمت، کثیر العمل، یتجنّب فضول الحیاة، وفضول الکلام، فإنّه بعقلانیّة یضع الأشیاء في مواضعها، فلا یتکلّم إلّا بالمقدار المطلوب، ولا یجیب إلّا إذا سئل، ولا یتدخّل فیما لا یعنیه، فإنّ الصمت خیر وقلیل فاعله، ومن کمل عقله نقص کلامه، ومن نقص کلامه کمل عقله، وکثرة الکلام من الفضول، ومن کثر کلامه کثر خطؤه، ومن کثر خطؤه أضاع ومحا طرائف حکمته عن صفحة وجوده، کما تکثر ذنوبه، ومن کثرت ذنوبه قسی قلبه، ومن قسی قلبه کان من أهل النّار، فإنّ القساوة من سنخ النّار، کما إنّ الرحمة من سنخ الجنّة والنعیم، والسنخیّة علّة الانضمام.

فالکلام حلاوة ولذّة یشغل النفس عن جهة الباطن ویجعل همّتها مصروفةً إلی تحسین العبارات، وتحریک القلوب بالنکات والإشارات الأدبیّة وما شابه، فیمحو به طرائف الحکمة عن قلبه (بشهوات نفسه) لأنّ حبّ الشيء یعمي ویصمّ عن إدراک غیره، فحبّ الشهوات یعمي القلب ویذهب بنور عبرته (کیف یزکو) ویطهر ویخلص وینمو.

ثمّ (طرائف) جمع طریف، وهو لغة بمعنی الجدید المستغرب، والذي فیه نفاسة.

ومحو الطرائف بالفضول لوجوه:

الأوّل: لأنّه إذا اشتغل بالفضول، فإنّه ینشغل عن الحکمة ولا سیما في زمان التکلّم بالفضول الکلامي.

الثاني: لأنّه لمّا سمع النّاس منه الفضول، لم یعبؤا بحکمته.

الثالث: لأنّه إذا اشتغل بالفضول محا الله عن قلبه الحکمة، وأطفأ نورها في الصدور.

ومن کان کذلک، فإنّه في الواقع أفسد علی نفسه دینه ودنیاه، لان أکملهم عقلاً أرفعهم درجة في الدنیا والآخرة، کما مرّ.

وثالثاً: نور العِبَر وشهوات النّفس

إنّ العِبَر وهي الدروس التي یأخذها الإنسان ممّا یجري من حوله من القضایا والحوادث والوقائع، فإنّ الدنیا دار الاعتبار، وما أکثر العِبَر وأقلّ المعتبرین، والعبرة کالجسر الذي یوجب النقل من مکان لآخر، فالعبرة والاعتبار من علائم العاقل والحکیم، کما إنّ العبرة من جنود العقل، والعقل بجنوده من النّور الإلهي، فالعبرة نور یمشي الإنسان في ضوئه لیستنیر به في حیاته، والإنسان یجمل قوتي الشهوة والغضب، ولکلّ واحدة منهما ثلاث حالات: الإفراط والتفریط والحد الوسط بینهما، وهو الفضیلة وطرفاها الإفراط والتفریط من الرذائل.

فالحدّ الوسط والوسیطة والعدالة في الشهوة هي من الرذائل، فمن أطفأ نور العبر بتسلیط الشهوات النفسانیّة، فقد هدّم عقله، ومن هدم عقله أفسد علی نفسه دینه ودنیاه، فکان فاسد الدین والدنیا، وهذا من الخسران المبین.

ثمّ الحدّ الوسط والفضیلة في قوّة الغضب، هي الشجاعة، وإفراطها التهور وتفریطها الجبن – وتفصیل ذلک في کتب الأخلاق کجامع السعادات للمحقّق النراقي قدس سره، والمحجّة البیضاء للفیض الکاشاني قدس سره فراجع – .

وخلاصة الکلام: ((إنّ الإمام علیه السلام تعرّض في کلامه إلی أنّ في الإنسان قوتین متبایتین، وهما العقل والهوی، ولکلّ واحد منهما صفات ثلاث تضاد الصفات الأخری، فصفات العقل: التفکّر والحکمة والاعتبار، وصفات الهوی: طول الأمل وفضول الکلام والانغماس في الشهوات)) ولکلّ واحد أثره کما مرّ ذکره. والحمد لله رب العالمین وصلی الله علی محمد وآله الطیبین الطاهرین.

الهوامش

[1] – سورة الزمر: 22.

[2] – الوافي 1: 112-113.

[3] – بحارالأنوار 1: 148.

[4] – بحارالأنوار 1: 154.

[5] – سورة المائدة: 54.

[6] – ما ذکرته إنما هو من نصوص وروایات عن أهل البیت علیهم السلام راجع میزان الحکمة، ج10 کلمة التواضع.

[7] – سورة الأعراف: 13.

[8] – سورة البقرة: 34.

[9] – سورة الحشر: 23-24.

[10] – سورة منافقون: 8.

[11] – سورة الإسراء: 37.

[12] – سورة الفرقان: 63.

[13] – سورة النور: 35.

[14] – سورة الأعراف: 179.

 

المصدر: موقع التبيلغ والإشاد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky