الاجتهاد: من الآثار النفسية التي تخلفها هذه العادة السرية السيئة الإحساس الدائم بالألم والحسرة حيث يؤكد أغلب ممارسيها على أنها وان كانت عادة لها لذة وقتية (لمدة ثوان) تعوّد عليها الممارس وغرق في بحورها دون أن يشعر بأضرارها وما يترتب عليها إلا أنها تترك لممارسها شعورا بالندم والألم والحسرة فورا بعد الوصول أوالقذف وانتهاء النشوة لأنها على الأقل لم تضف للممارس جديداً. إعداد : الأستاذ الشيخ علي الزيدي *
العادة السرية هي مُمارسة للجنس بشكلٍ فردي، وتتم بأن يقوم الإنسان البالغ -ذكراً كان أو أنثى- بالعبث بأعضائه التناسليّة أو المناطق الحسّاسة في الجسم عبثاً مُنتظماً ومُستمرّاً لغاية استجلاب الشّهوة وتهييجها؛ وذلك طلباً للاستمتاع والوصول إلى اللذّة الجنسيّة.
تعريفها: المراد من العادة السرية هو العبث في الأعضاء التناسلية لغرض الاستمناء وتحصيل اللذة، وهي من الفواحش والمعاصي الكبيرة.
حكمها الشرعي: أجمع الفقهاء على حرمتها وان من قام بهذه الفاحشة يُعزَّر من قبل الحاكم الشرعي، ويؤيد ذلك ما رواه الشيخ الطوسي بسنده عن زرارة، عن ابي جعفر (ع) قال: إن علياً (ع) أُتي برجل عبث بذكره حتى أنزل، فضرب يده حتى احمرت” (1)
دليل الحرمة :
أ – من القران الكريم : اسُتدل على حرمتها بقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ / إِلاّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ / فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾(2)فإن الإستمناء والعبث المذكور من الإستلذاذ بما وراء الأزواج يكون فاعله داخلاً في قوله تعالى: ﴿فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾
●ب- من السنُة الشريفة : اسُتدل بروايات عديدة عن أهل البيت (ع):
💎منها: ما رواه الكليني بسند معتبر عن عمار بن موسي، عن ابي عبد الله (ع) في الرجل ينكح بهيمة او يدلك فقال: كلُ ما أنزل به الرجل ماءه في هذا وشبهه فهو زنا” (3) والمراد من الدلك هو مابيناه من معنى العبث والإستمناء، وقد نزله الإمام (ع) منزلة الزنا أي في الحرمة والإثم.
💎منها: مارواه الكليني بسنده عن العلاء بن رزين، عن رجل، عن ابي عبد الله (ع) قال: سالتُه عن الخضخضه، فقال: هي من الفواحش…” ( 4) والخضخضة هي ما يُعبر عنه بالدلك والإستمناء، وقد عده الإمام -بحسب الرواية- من الفواحش وهو تعبير عن الحرمة المغلظة.
💎منها: مارواه احمد بن محمد بن عيسي في (نوادره) عن ابيه، قال: سُئل الصادق (ع) عن الخضخضة فقال: اثم عظيم قد نهى الله في كتابه، وفاعله كناكح نفسه، ولو علمتُ بما يفعله ما اكلت معه، فقال السائل: فبين لي يا بن رسول الله من كتاب الله فيه فقال: قول الله: ﴿فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ وهو مما وراء ذلك، فقال الرجل: أيهما اكبر الزنا؟ أو هي؟ فقال: هو ذنب عظيم…” (5).
💎منها: ما رواه الصدوق في الخصال بسنده عن أبي بصير قال سمعتُ أبا عبد الله (ع) يقول: “ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: الناتف شيبه، والناكح نفسه، والمنكوح في دبره ” (6).
آثارها السلبية و طرق الوقاية منها
إن الشعور بالذنب والرغبة في التخلص من هذه العادة السيئة يساعد في الحل وليعلم علم يقين أن الحل ممكن وفي متناول يده، لكنه يحتاج لعزيمة قوية وهمة عالية، وقد أودع الله في الإنسان من القوى ما تهد الجبال، لكن الكثير من الناس غافل عما بداخله من طاقة جبارة، ويمكن أن يبدأ الحل من الآن ،بالأمور الآتية :
أولاً: الاطلاع على الأحاديث الواردة عن العادة السرية (الخضخضة) لتتضح له حقيقة الذنب.
ومنها: سئل الإمام الصادق “عليه السلام” عن الخضخضة فقال: إثم عظيم، قد نهى الله عنه في كتابه، وفاعله كناكح نفسه، ولوعلمت بما يفعله ما أكلت معه.
وعن أبي عبدالله “عليه السلام” : ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أحدها.. الناكح نفسه.
لوتأمل هذه الأحاديث وغيرها لشعر بعظم الجرم، وما فيه من الجرأة على الله تعالى، وما يتبعه من العذاب وسوء العاقبة.
يقول الإمام علي “عليه السلام” : اذكروا انقضاء اللذات وبقاء التبعات.
فهي لذة سرعان ما تذهب وتبقى الآثام تسود صحيفة فاعلها…
☆ثانياً: التعرف على الآثار السلبية المترتبة على هذه العادة السيئة، فقد أثبتت الأبحاث العلمية أن العادة السرية لها آثار عضوية ونفسية سيئة لا تحمد عقباها. ومما ورد في ذلك :
العجز الجنسي (سرعة القذف، ضعف الانتصاب، فقدان الشهوة).
ينسب الكثير من المتخصصين تناقص القدرات الجنسية للرجل من حيث قوة الانتصاب وعدد مرات الجماع وسرعة القذف وكذلك تقلص الرغبة في الجماع وعدم الاستمتاع به للذكور والإناث إلى الإفراط في ممارسة العادة السرية
الإنهاك والآلام والضعف
كذلك ما تسببه من إنهاك كامل لقوى الجسم ولا سيما للأجهزة العصبية والعضلية وكذلك مشاكل والآم الظهر والمفاصل والركبتين إضافة إلى الرعشة وضعف البصر، وذلك كله قد لا يكون ملحوظاً في سن الخامسة عشرة وحتى العشرينات مثلا إلا أنه وفي سن تلي هذه المرحلة مباشرة تبدأ القوى تخور ومستوى العطاء في كل المجالات يقل تدريجيا.
الشتات الذهني وضعف الذاكرة
ممارس العادة السرية يفقد القدرة على التركيز الذهني وتتناقص لديه قدرات الحفظ والفهم والاستيعاب حتى ينتج عن ذلك شتات في الذهن وضعف في الذاكرة وعدم القدرة على مجاراة الآخرين وفهم الأمور فهما صحيحاً .
استمرار ممارستها بعد الزواج
يظن الكثيرون من ممارسي العادة السرية ومن الجنسين أن هذه العادة هي مرحلة وقتية حتّمتها ظروف الممارسين من قوة الشهوة في فترة المراهقة والفراغ وكثرة المغريات.
إلا أن هذا الاعتقاد يعد من الاعتقادات الخاطئة، فالواقع ومصارحة المعانين أنفسهم أثبتت أنه متى ما أدمن الممارس عليها فلن يستطيع تركها بعد الزواج. بل إن البعض قد صرّح بأنه لا يجد المتعة في سواها حيث يشعر كل من الزوجين بنقص معين ولا يتمكنا من تحقيق الإشباع الكامل مما يؤدى إلى نفور بين الأزواج ومشاكل زوجية قد تصل إلى الطلاق.
شعور الندم والحسرة
من الآثار النفسية التي تخلفها هذه العادة السيئة الإحساس الدائم بالألم والحسرة حيث يؤكد أغلب ممارسيها على أنها وان كانت عادة لها لذة وقتية ( لمدة ثوان ) تعوّد عليها الممارس وغرق في بحورها دون أن يشعر بأضرارها وما يترتب عليها إلا أنها تترك لممارسها شعورا بالندم والألم والحسرة فورا بعد الوصول أوالقذف وانتهاء النشوة لأنها على الأقل لم تضف للممارس جديداً.
تعطيل القدرات
وذلك بتولد الرغبة الدائمة في النوم أوالنوم غير المنتظم وضياع معظم الوقت ما بين ممارسة للعادة السرية وبين النوم لتعويض مجهودها مما يترتب عليه الانطواء في معزل عن الآخرين وكذلك التوتر والقلق النفسي.
☆ثالثاً: الوضوء والصلاة لله تعالى ركعتين بنية الاستغفار، وبعد الانتهاء من الركعتين يقرأ دعاء التوبة الوارد في الصحيفة السجادية.
☆رابعاً: يحاول أن يشغل وقته بالاشتراك في الأعمال الثقافية الدينية أوالاجتماعية التي يخدم من خلالها أبناء مجتمعه مع أي مجموعة ينسجم معها.
☆خامساً: يقوم بوضع برنامج عملي لتقوية إرادته وشخصيته ليكون أكثر عزيمة وتصميماً في مواجهة هذه العادة.
يقول الإمام علي”عليه السلام” : من كرمت عليه نفسه هانت عليه الشهوات. فكلما كان تقديره لذاته واحترامه لها أكبر كلما ترفع عن سيئات الأعمال وقبائحها.
الهوامش
1-وسائل الشيعة (آل البيت) – الحر العاملي – ج 20 ص 352.
2- سورة المؤمنون آية رقم5/7.
3- وسائل الشيعة (آل البيت) – الحر العاملي – ج 20 ص 349.
4- الكافي – الشيخ الكليني – ج 5 ص 540.
5- وسائل الشيعة (آل البيت) – الحر العاملي – ج 28 ص 364.
6- وسائل الشيعة (آل البيت) – الحر العاملي – ج 2 ص 131.
* أستاذ في الحوزة العلمية الشريفة – النجف الاشرف