خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / خاص بالموقع / 22 تقرير خبري خاص / إتجاهات التكفير في التراث الديني.. استحقاق الهُويّة الدينية (2) الشيخ حسن الصفار
إتجاهات التكفير في التراث الديني

إتجاهات التكفير في التراث الديني.. استحقاق الهُويّة الدينية (2) الشيخ حسن الصفار

يتحدث فضيلة العلامة الشيخ حسن الصفار في المحور الثاني من محاضراته العاشورائية بعنوان “إتجاهات التكفير في التراث الديني” عن استحقاق الهُويّة الدينية ويذكر أن هناك ثلاث طرق للفقهاء يحكم خلالها بإسلام أي شخص وانتمائه لمجتمع المسلمين وهي: النص، والتبعية، والدلالة.

خاص الاجتهاد:

المحور الثاني: استحقاق الهُويّة الدينية

يفترض في الإيمان أن يكون نابعاً من نفس الإنسان، فلا يفرض عليه من خارجه، فالدين في حقيقته وعمقه انفتاح مباشر بين الإنسان وربه وخالقه ، دون حواجز ولا وسائط، حيث يواجه الإنسان أسئلة الوجود، وتحديات الحياة، فتنتابه الحيرة، ويشعر بالضعف، وهنا يحتاج إلى الاتصال بالقوة المطلقة، (الله تعالى)، ليستمد منه الثبات والعون والهدي والرشاد، في اتصال مباشر.

{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} سورة البقرة، الآية 186.
وإذا كان اللطف الإلهي اقتضى بعث أنبياء ورسل إلى الناس، كما اقتضت طبيعة الحياة البشرية إقامة نظام اجتماعي على هدي الوحي الإلهي، فإن ذلك لا يعني إقامة أي حاجز بين الله وبين عباده، فالأنبياء والأئمة يدعون الناس للاتصال بربهم والانفتاح المباشر عليه، ودورهم الرئيس هو مساعدة الناس في ذلك، وإزالة الموانع والحواجز.

إن الأنبياء لا يفرضون الإيمان بالله على الناس وإنما يدعونهم إلى الإيمان، ويشجعونهم على استخدام عقولهم للاهتداء إلى الله، كما قال الإمام علي(ع) (ليثيروا في الناس دفائن العقول) (المصدر)

من هنا لا توجد أية ضوابط و لا شروط في انفتاح الإنسان على ربه، و إيمانه به، و اتصاله معه، لكن هناك ضوابط وشروطاً تتصل بتنظيم العلاقات الاجتماعية، لترتيب الآثار على الانتماء لمجتمع المسلمين.

ضوابط الانتماء للمجتمع الإسلامي

متى يستحق الإنسان الهوية الدينية؟
ذكر الفقهاء أن هناك ثلاثة طرق يحكم من خلالها بإسلام أي شخص وانتمائه لمجتمع المسلمين، وهي :

النص، والتبعية، والدلالة.

أولاً: النص

وذلك بإعلان الشهادتين، فيحكم بإسلام من أظهر الشهادتين، سواء علمنا باعتقاده الباطن بالإسلام أو لم نعلم، نظراً إلى ظاهر القول، فلا يُتجسس عليه، إذ ليس قبول إسلام من أظهر الإسلام لكون إظهاره كاشفا عن الإسلام الواقعي بالضرورة، بل لكونه موجداً ومحققاً للإسلام الظاهري.

وقد ورد – كما في الطبري – أن سبب نزول الآية الكريمة {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِن} : (قتيل قتلته سريّة لرسول الله (ص) بعد ما قال: ” إنيّ مسلم ” = أو بعد ما شهد شهادة الحق= أو بعد ما سلَّم عليهم= لغنيمة كانت معه، أو غير ذلك من ملكه، فأخذوه منه) .(1)

وجاء في صحيح مسلم عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ : بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ (ص) فِي سَرِيَّةٍ ، فَصَبَّحْنَا الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ ، فَأَدْرَكْتُ رَجُلًا فَقَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَطَعَنْتُهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ ، فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) : أَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلَاحِ ، قَالَ : أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا ؟ .(2)

وفي رواية أخرى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : ” مَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ (ص) فِي غَنَمٍ لَهُ ، فَقَالَ : السَّلامُ عَلَيْكُمْ ، فَقَالُوا : مَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا لِيَتَعَوَّذَ مِنْكُمْ ، فَعَدَوْا عَلَيْهِ ، فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا غَنَمَهُ ، فَأَتَوْا بِهَا النَّبِيَّ (ص) , فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّـهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ } سورة النساء،الآية 94. (3)

بل حتى لو علمنا نفاق من أعلن إسلامه وعدم مطابقة تظاهره بالإسلام للواقع، فقد ذهب الفقهاء إلى كفاية ذلك في الحكم بإسلامه.
وأوضح دليل على ذلك تعامل رسول الله (ص) مع المنافقين كمسلمين، مع نص الوحي على كذب ادعائهم للإسلام، حيث يقول تعالى:{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}سورة المنافقون، آية 1.

ومع كل الأدوار القذرة التي قام بها المنافقون في عهد رسول الله (ص)، إلا أنه لم يخرجهم من الإسلام ، ولم يصادر أي حق من حقوقهم المدنية، فكانوا يتمتعون بحقوق المواطنة كاملة كسائر المسلمين، يحضرون المساجد، ويدلون بآرائهم في قضايا المجتمع، ويأخذون نصيبهم من الغنائم وعطاء بيت المال.
بل و أكثر من ذلك كان رسول الله (ص) يبذل لهم الإحسان، ويحوطهم بمداراته، ويشملهم بكريم أخلاقه.

فقد (مرض رأس النفاق عبدالله بن أُبي، فجاء ولده عبدالله إلى النبي وأبوه يجود بنفسه، فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي إنك إن لم تأت أبي عائداً كان ذلك عاراً علينا. فاستجاب رسول الله وقام إلى عيادته فدخل عليه وعنده جمع من المنافقين، فقال ابنه عبدالله: يا رسول الله استغفر له، فاستغفر له.
فقال عمر: ألم ينهك الله يا رسول الله؟
فأعرض ، فأعاد عليه عمر.
فقال:إني خيّرت فاخترت إن الله عز وجل يقول:﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾(التوبة: 80)
قال الواقدي: ومرض عبدالله بن أُبي في ليال بقين من شوال، ومات في ذي القعدة، وكان مرضه عشرين ليلة، فكان رسول الله يعوده فيها، فلما كان اليوم الذي مات فيه، دخل عليه رسول الله، وهو يجود بنفسه.
فقال : قد نهيتك عن حب اليهود.
فقال ابن أُبي: أبغضهم سعد بن زرارة فما نفعه؟
ثم قال: يا رسول الله ليس بحين عتاب! هو الموت، فإن مِت فاحضر غسلي وأعطني قميصك أكفّن فيه.
فأعطاه قميصه الأعلى، وكان عليه قميصان، فقال ابن أُبي: الذي يلي جلدك.
فنزع رسول الله قميصه الذي يلي جلده فأعطاه.
ثم قال: صل علي واستغفر لي.
فحضر رسول الله غسله، وحضر كفنه، ثم حمل إلى موضع الجنائز فتقدم رسول الله ليصلي عليه، فلما قام وثب إليه عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، أتصلي على ابن أُبي وقد قال يوم كذا كذا، ويوم كذا كذا؟ فعدّ عليه قوله.
فتبسم النبي وقال: أخِّر عني يا عمر!
فلما أكثر عليه عمر قال: إني قد خيّرت فاخترت، ولو أعلم أني إذا زدت على السبعين غفر له زدت عليها، وهو قوله عز وجل:﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}﴾ .(4)

أحكام في تحقق الإسلام

1/ اقتصر عامة الفقهاء على الشهادتين وأن غيرهما ليس شرطا في تحقق الإسلام.
2/ أضاف بعض الفقهاء المعاد وأركان الشريعة من الصلاة والصوم والزكاة والحج، لكن أغلب الفقهاء لم يشترطوا ذلك.
نعم .. لا يصح أن ينكر المعاد وأي ضروري من ضروريات الدين بعد أن يعرف ضرورته، خصوصاً إذا كان إنكاره نوعاً من التكذيب للنبي و الرسالة.
3/ لا يشترط في الإسلام أن يكون مقرونا بالاعتقاد بصفات الله الثبوتية أو السلبية ولا الصفات المعتبرة في النبي كالعصمة.
4/ اختار بعض الفقهاء الاكتفاء من اليهودي والنصراني بشهادة الرسالة فقط لكون الشهادة الأولى متحققة منهما.
5/ لا توجد لغة خاصة يفترض بها إبراز الشهادتين، فيعلن إسلامه بلغته بما يؤدي معنى الصيغة المعهودة بالعربية.
6/ لا توجد صيغة ملزمة للشهادتين، فيمكن الاكتفاء بأي صيغة مرادفة فيها إقرار بمضمون الشهادتين.
7/ لا يعتبر بعد إظهار الشهادتين اليقين بمضمونهما، فلو علمنا أنه عقد قلبه على ذلك إجمالا كفى.
8/ لا يشترط أن يكون عن دليل وبرهان.
9/ لا يشترط التبري من كل دين غير الإسلام ، لأن الإقرار بما يقتضي الإسلام يوجب ذلك.

ثانياً: التبعية

وتعني أمرين: التبعية للأبوين، و التبعية لدار الإسلام.

الأول: التبعية للأبوين:
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن العبرة بإسلام أحد الأبوين فيحكم بإسلام الصغار بالتبعية.
ويحكم بإسلام الولد ذكرا كان أو أنثى، وتجري عليه جميع أحكام المسلمين، ولا خلاف في إسلامه حتى بعد ارتداد أبويه، استصحابا للحالة السابقة.
ولا فرق في التبعية بين إسلام كلا الأبوين أو أحدهما، لتسالم الفقهاء على تبعية الولد لأشرف الأبوين.

وذهب جملة من الأعلام إلى تبعية الأطفال لإسلام الأجداد من حين إسلامهم سواء كانوا لأب أو لأم. وقيَّد بعضهم بما إذا كان الجدان قريبين.
وذهبوا إلى أن إسلام الجد وإن علا يستتبع الحكم بإسلام الأحفاد الصغار ومن في حكمهم ولو كان الأب حيا كافرا.
والمشهور بين الفقهاء أن ولد الزنا مسلم كسائر المسلمين للتبعية إذا كان الزاني مسلما، وخالف في ذلك بعض الفقهاء.

الثاني: التبعية لدار الإسلام:
أي شخص في دار الإسلام لم تعرف هويته الدينية محكوم بأنه مسلم حتى يثبت العكس،
ومن ذلك الحكم بإسلام لقيط دار الإسلام حسب مشهور الفقهاء.
ودار الإسلام هي البلاد التي ينفذ فيها حكم الإسلام أو يسكنها المسلمون،بل اكتفى الفقهاء بوجود مسلم واحد محتمل الاستيلاد في دار الكفر.
فدار الإسلام هنا أوسع منها فيما يطلق عليه (سوق المسلمين)، ولو وجد ميت أو قتيل في دار الإسلام تجري عليه أحكام الإسلام.

ثالثاً : الدلالة

وهي الدلالة بالفعل كأداء الأفعال المختصة بالإسلام مثل الصلاة، فلو رأيت شخصاً يؤدي أفعال الصلاة تحكم بإسلامه، وكذا لو رأيته لابسا ثوبي الإحرام، وأمثال ذلك من الممارسات الدينية الإسلامية.
وقد ورد عن رسول الله (ص) أنه قال:(مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ) .
إن ذلك يوضح لنا منهجية الاستيعاب والتسامح في الإسلام،و أن الانتماء إلى المجتمع الإسلامي سهل لا تعقيد فيه، وأن التشدد والتسرع في تكفير الناس،وسلب حقوقهم ليس نهجاً إسلامياً، لكن الأمة ابتليت بهذه النزعات من وقت مبكر، وعانت من الاستبداد لزمن طويل.

 

الهوامش

[1] تفسير الطبري، تفسير سورة النساء، القول في تأويل قوله تعالى “يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا “.
[2] صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال لا إله إلا الله.
 [3]تفسير البغوي – البغوي – ج ١ – الصفحة ٤٦٦.
[4]الواقدي: محمد بن عمر بن واقد،كتاب المغازي، ج3 ص1043.

 

قراءة القسم الأول من الموضوع:

إتجاهات التكفير في التراث الديني.. التكفير و ما يترتب عليه من آثار (1) الشيخ حسن الصفار

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign