يعتقد بعض العلماء في العلوم السياسية أن السيد مؤمن كان واحدًا من أكثر المجتهدين تأثيراً في جمهورية إيران الإسلامية، وفي مذكراته؛ يقول هو نفسه أنه وعلى الرغم من اهتمامه بالتدريس، كان محيطًا بكل الجوانب لقبول المسؤوليات المُلقاة على عاتقه،ومن الأدوار المهمة التي قام به آية الله مؤمن؛ تأسيس جلسات النقاش الفقهية بحضور آية الله خامنئي في بداية فترة قيادته. بقلم الباحث الدیني علي أشرف فتحي
خاص الاجتهاد: ذلك الفتى الذي لم يُساعده فقر والده ليكون أحد طُلّاب الحوزة العلمية، لكن وبمساعدة بعض الأقارب والمُحسنين، ومع الحاجة والتوسل بالنذور، استطاع أن يُقنع والده الفقير بدخول الحوزة العلمية والدراسة بها.
آية الله محمد مؤمن والذي انتقل إلى جوار ربه في سن الـ 81؛ كان أحد أكثر المؤثرين والمجتهدين في تاريخ الأربعين عامًا من تاريخ الثورة الإسلامية الإيرانية.
بدأ آية الله مؤمن ؛ والذي ولد في العام 1938 في مدينة قم المُقدسة، وفي سن السادسة عشرة بدأ بدراسة الحوزة، وفي الأشهر الأخيرة من حياة آية الله بروجردي بدأ مؤمن درس مبادء الفقه والأصول عند الإمام الخميني، ولحوالي ثلاثة عقود؛ أصبح أحد تلاميذ والمساعدين القرب من الإمام الخميني، وكان تأثير الإمام الخميني عليه لدرجة أن درس وأسلوب الإمام كان معيارًا لطلابه وحياته الاجتماعية، الأمر الذي بالإضافة لمقارنته بينه وبين الأساتذة الآخرين، وفي نرى في مذكراته أنّه كان طموحًا، شجاعًا، ويعطي الطابع العلمي لشخصية لإمام الخميني الأسبقية الأولوية على كل شيء، حيث كان يؤكد على:
“معايير آية الله داماد وبقيّة من آيات الله لم تكن روح الكفاح والقتال، ولم يشعروا بأن الأفراد الذين قضوا في هذه الطريق هم من الشهداء، وحده الإمام الخميني يقول: “إذا قدّمنا 15000 قتيل في سبيل تأخير قرارات هذا النظام المخالفة للشرع، حتى ولو لمدّة شهر؛ فإنّ ذلك يستحق التضحية”.
كان إيمانه الراسخ بالجوانب العلمية والعملية للإمام الخميني لدرجة أنّه كان يرى الآخرين بمسافة بعيدة عن الإمام الخميني، وكان ينصح حتى أصدقائه المقربين بالامتناع عن المشاركة في دروس بعض العلماء مثل آية الله شريعتمداري.
آية الله مؤمن ؛ وبعد عدة سنوات من حضور دروس الإمام الخميني وآيات الله العظمى كمحقق داماد ومرتضى حائري يزدي، بدأ بتدريس المستويات العليا في الحوزة العلمية، وكان السيد حسن روحاني، الرئيس الحالي، كأحد أفضل طلابه في حقبة السبعينات.
آية الله مؤمن قمي ؛ وبسبب علاقته الطويلة مع الإمام الخميني، كان أحد مجتهدين النظام الإسلامي الرئيسيين منذ بداية الجمهورية الإسلامية، وتولى مسؤوليات مهمة في مجلس القضاء الأعلى ومجلس الوصاية وجمعية الخبراء ومجلس مراجعة الدستور،
ويعتقد بعض العلماء في العلوم السياسية أن السيد مؤمن كان واحدًا من أكثر المجتهدين تأثيرا في جمهورية إيران الإسلامية، وفي مذكراته؛ يقول هو نفسه أنه وعلى الرغم من اهتمامه بالتدريس، كان محيطًا بكل الجوانب لقبول المسؤوليات المُلقاة على عاتقه، ومن الأدوار المهمة التي قام به آية الله مؤمن؛ تأسيس جلسات النقاش الفقهية بحضور آية الله خامنئي في بداية فترة قيادته، يقول المؤمن القمي:
“قبل الذكرى الأربعين لوفاة الإمام الخميني، قلت إنه من الجيد أن يجتمع رجل نبيل في جلسة فقهية وأن يحضر بعض هؤلاء الفضلاء، حتى تكون شهاداتهم الفقهية والعلمية أكثر قيمة بالنسبة إلى بقية الفضلاء وحتى ينقلون هذا العلم إلى البقية، ذهبت أنا شخصيًا إلى هذه الجلسات وكنت بجانب الإمام وقلت له من الجيد إقامة مثل هذه الجلسات حتى يطلع الآخرون على علم سماحة القائد، وحتى يقوم سماحة القائد بعرض أفكاره ووجهات نظره، وهو قال إنها فكرة جيدة”.
نتيجة هذه الاجتماعات كانت أن آية الله مؤمن قد أدرك قيادة الاجتهاد ليصدر شهادةً في تموز/ أغسطس من العام 1991 جاء فيها: “عندما يصوَّت في مجلس الخبراء على قيادة المرشد الأعلى لآية الله خامنئي “دامت بركته”، فإن اجتهاد الإمام كان راسخًا بالاستناد إلى البيّنة الدينيّة، ولاحقًا ومن خلال وجود النقاشات الفقهية، أدركت شخصيا اجتهاد الإمام، والآن أشهد أن الإمام مجتهد عادل وجامع للشروط”.
ودافع آية الله مؤمن لاحقاً، مراراً وتكراراً عن “الاجتهاد المطلق” للإمام وتفوقه على معظم المراجع، ومع ذلك؛ استمرّت الشائعات حول موقف السيد مؤمن تجاه المرجعية العلمية لسماحة القائد، وكان دائمًا مُجبر على الرد على تلك الإشاعات وإنكارها.
ومع هذه الهوامش السياسية كان خلالها آية الله مؤمن واحد من أهم منظري وواضعي نظرية تنصيب الولي الفقيه، وضرورة العامة لأوامره، “ولي الأمر” هي المفتاح الرئيس للمباني الفقهية للسيد مؤمن. وفي جميع كتبه ومقالاته ومقابلاته؛ يشدد على الدور الرئيسي والمحوري للفقيه في الحكومة والدور الفرعي لبقية أركان الحكومة، ومن وجهة نظر السيد مؤمن؛ فحتى المجلس وهو الذراع التنظيمية لعمل لولي الأمر فإنه يتبع إرادته، كما أنّ طاعة ولي الأمر واجبة على جميع السلطات والناس وهذه الطاعة تعتبر طاعةً للنبي والأئمة (ع).
“الولي الفقيه لديه الولاية على الناس أيضًا، أي أنه اختيار الناس، وعلى الناس أيضًا إطاعة الولي الفقيه، هذا هو المبدأ العام لولاية الفقيه، وفي الوقاع هذه الولاية من مُعطاة من الله، كما أن الناس ملزمون إذا ما وجدوا هذا الفقه أن يتبعوه”.
آية الله مؤمن ومع هذه النظرية المحورية؛ كان له حضور فعّال ومؤثر في جميع الأركان الرئيسية للفقه الإسلامي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقد أثرت آرائه على جميع القوانين الأساسية للبلاد.
وفي النهاية فإنّ خسارة آية الله مؤمن بعد وفاة آية الله هاشمي شاهرودي قد شكّل فراغًا كبيرًا في كل المؤسسات الحكومية الهامة؛ حيث المجتهدان مستشاران هامّان لسماحة القائد الأعلى للثورة الإسلامية واجتهادهما هما كانا فصل الخطاب الفقهي للنظام في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
المصدر: موقع مباحثات