الاجتهاد: أشار عضو هيئة رئاسة مجلس خبراء القيادة في إیران “آية الله الشيخ عباس الكعبي” إلى نظرية “الجهاد الحضاري” قائلاً: “إن هذه النظرية تعمل وفق الآية الكريمة “لا تَظلِمونَ وَلا تُظلَمون” إذ تعترف بالتعددية الثقافية والحضارية لحفظ الحرية والعدالة والازدهار والشعبية والعزة والكرامة والعظمة”.
وأشار إلى ذلك، عضو هيئة الرئاسة في مجلس خبراء القيادة في إیران ونائب رئيس رابطة الحوزة العلمية في قم المقدسة آية الله “الشيخ عباس الكعبي” في حديث خاص له مع وكالة “إكنا” للأنباء القرآنية الدولية لدى شرحه لنظرية “الجهاد الحضاري في العلاقات الدولية ودورها في تطوير العلوم الإنسانية في المجالين الأمني والدفاعي” التي طرحها العام الماضي في المؤتمر العلمي السابع للعلوم الإنسانية الإسلامية.
وأوضح: “إن هناك النظرية المثالية التي تواجه النظرية الواقعية في العلاقات الدولية فـ تعتقد الأولى بأن السلام مطلوب البشر وإن كان لا يتحقق بالفعل”.
وأضاف: “إن أتباع النظرية الواقعية يؤمنون بأن الحرب مبدأ في العلاقات الدولية ولا مفرّ منه لأن الحرب يجلب القوة وبالتالي فإن الصفات البشرية من الأنانية والاستبداد تؤدي إلى الحرب والنزاع بين البشر”.
وأردف آية الله الشيخ عباس الكعبي: “هناك نظرية أخرى في العلاقات الدولية الإسلامية تدعم مبدأ السلام وتفيد بأن الجهاد في الإسلام يهدف للدفاع وإن الحروب من هذا المنظور خطوة دفاعية كما تفيد بأن البدء بالحروب أحياناً يأتي للوقاية ويطلقون عليه(الجهاد الابتدائي)”.
وأكد رجل الدين الإيراني: “إني طرحت نظرية رابعة تحت مسمى “الجهاد الحضاري” حيث أعتقد بأن الجهاد الدفاعي أو الجهاد الابتدائي له جذور فقهية أصيلة في تحقيق أهداف ومهام الأنبياء (عليهم السلام) أو بتعبير آخر فإن الغاية منه إنشاء حضارة إنسانية”.
رؤية الجهاد الحضاري تنطلق من مبدأ
وأردف موضحاً: “إن الحضارة البشرية أساسها المزج بين العلم والإيمان والعقل والمعنوية والعدالة والتطور وقوة الردع إلى جانب الرحمة الإلهية ولكن الحضارة البشرية الحالية تعاني من جهالة معقّدة وتستخدم أسلحة القتل العام لأن العلم دون الإيمان يؤدي إلى الإجرام”.
وقال عضو هيئة رئاسة مجلس خبراء القيادة في إیران إن هذه النظرية يمكن دراستها من منظورين: “أولاً: إن الجهاد يهدف إلى إنشاء الحضارة بمعني أنه أداة يستخدمها البشر لإنشاء الحضارات”.
وأضاف: “ثانياً: الجهاد يؤدي بالتالي إلى الحضارة وإن الحضارة هي حصيلة الجهاد وهذه هي الرؤية التي إنطلق منها في هذه النظرية”.
وصرّح قائلاً: “إن الجهاد هو خطوة حضارية وإن الجهاد الحضاري هو نوع من الجهاد الذي يهدف إلى إنشاء الحضارة وبالتالي فإنه يختلف عن الرؤية التدميرية التي كانت لدى “داعش” حول الجهاد”.
وبیّن آية الله الشيخ عباس الكعبي أن “تعزيز المعتقدات والقيم الإسلامية ونمط الحياة الإسلامية في المجتمع هو سمة أخرى من سمات نظرية الجهاد الحضاري، والتي يمكن تنفيذها من خلال نظام التربية والتعليم. ومن ناحية أخرى، وبحسب الآية 52 من سورة الفرقان المباركة التي تقول: “فأطيعوا الكفار وقاتلوهم جهاداً كبيراً” فإن الجهاد الكبير له قيمة ومكانة”.
رؤية الجهاد الحضاري تنطلق من مبدأ
وأضاف: “ينبغي علينا، إلى جانب الهياكل مثل الأمم المتحدة والمؤسسات ذات الصلة، أن نقوم بإنشاء اتحاد دول محور المقاومة، واتحاد الشباب، واتحاد النخب، واتحاد السوق الإسلامية المشتركة، واتحاد الرياضيين، واتحاد الفنانين، واتحاد المرأة، واتحاد الكتاب”.
وأشار آية الله الشيخ عباس الكعبي إلى أن تعزيز استقلال الأمم والوقوف في وجه نظام الهيمنة يعدّ أحد المؤشرات المهمة لنظرية الجهاد الحضاري، قائلاً: “أعتقد أن وجود شعوب مستقلة وحرة يمثل فرصة عظيمة للوقوف في وجه نظام الهيمنة ويمهّد الطريق لإنشاء حضارة إنسانية جديدة أساسها الإسلام”.
وقال إنه “في نظرية الجهاد الحضاري يعتبر سلاح المقاومة بمثابة سلطة عسكرية رادعة؛ وبعبارة أخرى، المقاومة تهدف إلى الحفاظ على حرية العالم ومقاومة الأزمات التي ينتجها الأقوياء. تواجه البشرية اليوم أزمات مختلفة، منها أزمة الإدارة، وأزمة الأسرة، وحرب الأغنياء والفقراء، والأزمة البيئية وغيرها، ويجب أن نفكر في هذه الأزمات”.
وفي الختام، قال آية الله الشيخ عباس الكعبي إنه “بحسب هذه النظرية فإن السلاح والمقاومة يستخدمان ضد المستكبرين ويجب دعم المظلومين حتى ولو كانوا غير مسلمين وفي هذا السياق قال الله تعالى “وَنُريدُ أَن نَمُنَّ عَلَى الَّذينَ استُضعِفوا فِي الأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَنَجعَلَهُمُ الوارِثينَ”. بهذا تتحقق الحضارة الإنسانية الجديدة وتسعى نظرية الجهاد الحضاري إل تمهيد منصة لظهور منقذ العالم الإنساني، ومقاومتنا اليوم تسير على نفس الطريق”.