الاجتهاد: حزن تتضح معالمه مختلفة هذا العام، حزن لقرب هلال شهر المحرم، شهر العزاء والمصيبة، وحزن لوجود وباء ألزم الناس أن يكون محرماً مختلفاً وأكثر حزناً ووحشة على قلب كل موالٍ،
العلاقة مع الحسين وشهر الحزن والمصيبة هي علاقة لا يصح السؤال عنها أو التشكيك فيها لإنها ممزوجة لحماً بعظم وروحاً بجسم بالحسين ، ولو تدفق دم ذلك المحب لرسم اسم الحسين على التراب دون اختياره، فكل نبضة من نبضات قلبه تصرخ يا حسين متجذرة منذ الولادة، أما الاستفهام عن هذا العشق أو التشكيك فيه كمن يسأل الأم عن شدة حبها لأبنائها وعلاقتها بهم.
لذلك يحتاج المشكك أن يتريّث، فلا مكان للمزايدة على حب الحسين ، فهذا الحب لا يحتاج إلى إثبات بل لا يصح من العاقل مناقشته.
نحن اليوم نمر بظرف استثنائي مر وتمر ذكرى عاشوراء بحدث واقعي صعب بجائحة اجمعت عليها الدنيا واتفقت كل خلافات العالم لأول مرة على وجودها، فالديانات والمذاهب والعوالم من شرقها إلى غربها ومن جنوبها إلى شمالها لم تصمد فرضيات المؤامرة لديها أمام واقعيتها وإقرار العالم والعلم والعقلاء بوجودها، هي جائحة خطيرة تقتل الناس دون رحمة، ولا تفرق بين مسلم وكافر ولا بين عربي أو أعجمي، ويزيد فتكها بالناس إذا تجاهلوا وجودها أو أنكروها لذلك خيار العالم والعلم المتفق حتى هذه اللحظة هو التباعد والاحتراز.
هذا العام شهر محرم محطة لإثبات الوعي والأخذ بالأسباب وليست محطة للمزايدة أو المغامرة خلاف كل تلك التوصيات وتحت مسميات وعبارات توحي بحب اللامبالي للحسين ، وضَعْفِ ذلك الحب للمتحرز العامل بالتوصيات، هي محطة وعي وليست ساحة إبراز الولاء واتهام الآخرين بعدمه.
نثق أن العقلاء وأهل الدين وأحباب الحسين باختلاف طرق الإحياء لهذه الشعيرة يدركون هذا الخطر وقرارهم لا ينفك عن أهمية استمرار مراسم عاشوارء التي ليست مراسم يمكن تجاهلها أو إلغاؤها ولم نسمع أحداً يطالب بإلغائها كل ما هناك هو اختلاف في طرق الإحياء وليس الإلغاء مع التأكيد على أن موسم عاشوراء هو محطة تزود لا تتعطل أو تغلق ومدرسة معرفة وعطاء لا تتوقف ومصيبة راسخة يلزم ذكرها والتأكيد عليها والبكاء على مظلومية أصحابها حتى خروج الطالب بدم المقول بكربلاء ولا يمكن تغيير ذلك مطلقاً وإن اختلف الظروف.
بل لا يستطيع المجتمع الحسيني حتى مع أسوء الظروف العيش بدونها.
ربما يأخذنا الحماس لتفسير خاطئ أو قول ما لا ينبغي أو الخوض في النوايا والاتهام كل هذا قد يغيّر عند البعض بوصلة الاهتمام بهذه الذكرى وطرق إحيائها يترفع عنها كل محب وعاقل وعاشق للحسين ،
هذه الأصوات تمثل أصحابها ولن يخلوا مجتمع في كل أزمة من تنوع الفهم واختلاف القراءة أو الحماسة باسم الدين.
وهنا تكمن المشكلة فلا أحد يملك أصوات الآخرين وانفعالاتهم ما نملكه أن لا نكون طرفاً في تلك الأصوات النشاز والانجرار للنزاعات الكلامية التي لا طائل منها سوى الفتنة.
يكفي أن إجماع الفقهاء والمراجع على اشتراطية التحرز… يدرك فيه رضا المعصوم ..
السؤال المهم والخطير
أنت وأنا وهو ونحن ما هو موقعنا من كل هذه الأحداث وهذا الموسم المختلف.
ما هو صوتنا الحسيني الجامع وكيف سنقدم رسالة الحسين وما هو مشروعنا الحسيني في زمن كورنا هل الرد على المناوشات وسكب الزيت على النار، أم سنكون قدر المسؤولية الحسينية ليكون موسم عاشوراء مع هذا الظرف الموجع موسماً مميزاً هو نتاج تلك السنوات التي قضيناها تحت منبر سيد الشهداء لينعكس اليوم عطاءً وتميزاً ووعياً يبهر العالم كيف ربى المنبر هذا الجمع وخلق هذا الوعي الذي أصبح شهر المحرم في زمن الكورونا هو المهرجان الثقافي الذي يعكس مبادئ الحسين وأهدافه بصورة مختلفة، وينظر العالم لهذا الوعي الأصيل الذي كان ومازال الحسين استاذه ومعلمه وصانع وعيه ومعرفته.
فقط حدد موقعك وراقب قلمك ولسانك وقلبك ستشعر أنك جزء من رسالة الحسين ، وستعرف في أي زاوية تقف من ثورة الحسين المباركة.
نسأل الله أن يكون موسم عاشوراء موسماً جامعاً للقلوب موحداً للشتات وأن تعي قلوبنا وعقولنا أهمية هذه الأيام المباركة وأن نحسن الظن في كل خَدَمة الحسين وشيعته ومحبيه، وإن قصروا نعوض نحن ذلك التقصير لنقدم عاشوراء للعالم بصورته الحسينية النقية التي كتب الحسين فصولها بدمه الزاكي لتكون ثورة خالدة.
المصدر: جهينة الإخبارية