الاجتهاد: سلام من الله ورحمة منه وبركات لكل الاخوة المعلقين بغض عن ارائهم الموافقة او المخالفة ولكن من المهم بمكان ان نوضح بعض الامور التي اثيرت في التعليقات .
اولا : المقال ( نقد التراث الديني بين المنهج العلمي والمنهج الانفعالي) لا ربط له باي شخص معين بالخصوص امثال فلان وفلان وانما نحن نطرح اشكالية قائمة وندعو لمعالجتها من قبل الباحثين واصحاب التخصص .
ثانيا : كون البعض لا يقبل نقد التراث شيء طبيعي وهم اصحاب الاتجاه الاول الذي اشرنا اليه في المقال ونحن نخالفهم بشكل كامل لوجود المقتضي الفعلي لذلك وقد ذكرنا بعض الامثلة التي تقتضي الثيام بهذا المشروع بل ان كل المسلمين قد ادركوا هذه الحاجة ولذا اسسوا علم الجرح والتعديل وعلم دراية الحديث هذا مضافا الى ما يسمى بمنهج نقد المتن .
ثالثا : لا بد من التفريق بين التعبير بنقد التراث و التعبير بتنقيح التراث لان النقد اعم والتنقيح اخص فالنقد يشمل اراء المتكلمين والمفسرين والفقهاء والشراح في حين التنقيح يخص التراث الروائي فقط ولذا عبرنا بالنقد دون التنقيح .
رابعا: راينا ان البعض اعترض على التعبير في عنوان المقال ( المنهج الانفعالي ) متصورا بانه لا يوجد ما يسمى المنهج الانفعالي ولكن هذا الاعتراض ليس في محله تماما لان المقصود بالمنهج في العنوان هو معناه اللغوي اي الطريق الذي يسلكه الناقد هل هو طريق علمي يستند الى القرائن والبرهان وواضح الوجدان ام هو مجرد ردة فعل انفعالية لا تمت الى الدليل والحجة والبرهان والقران بشيء ؟
واريد ان اعطي مثالا لذلك جاء في بعض التفاسير بان كيفية تكاثر البشرية في الجيل الثاني من اولاد ادم وحواء هو زواج الاخوة والاخوات حيث كانت الضرورة تقتضي ذلك والمفسدة من زواج الاخوان غير موجودة.
هنا تجد الكثير من القراء سوف يرد بسرعة وهل يعقل ان نكون اولاد زنا المحارم ؟ اليس هذا قبيح عقلا ؟ اليس هذا مخالف لكل الاديان السماوية ؟ بل مخالف لكل الثقافات والمجتمعات المتحضرة على مر التاريخ ؟ ووووو ؟ ولكن نريد ان نسال هل هذا النقد لهذه الفكرة _ بغض النظر عن صحتها او عدم صحتها في نفسها ولكن كفرضية ليس الا _ يعتبر نقدا علميا ام هو نقد انفعالي وردة فعل عاطفية بسبب الموروث والثقافة؟
لا شك بان مثل هذا النقد لا يعتبر منتجا لانه عبارة عن رفض ليس الا , في حين نجد ان النقد العلمي يضع الفكرة على طاولة التشريح ويعالجها من جميع الزوايا ويصل الى النتيجة وفق الاسس والمنطلقات الثابتة . هذا هو الفرق ايها الاحباب.
خامسا: هذا البحث لم ياكل عليه الدهر ولا شرب وانما هو بحث يتجدد بتجدد الدواعي والمقتضيات بل الحاجة اليه اليوم اكبر واكثر من الحاجة اليه في اي وقت مضى بسبب انفتاح العالم على وسائل الاعلام والتواصل بشكل كامل فما عاد هناك شيء خاف على الناس .
سادسا : حينما ندعو الى عدم طرح البحث التفصيلي لنقد التراث امام العامة فهذا لا يعني استهانة بعقولهم بل اننا ننقد التراث لاننا نحترم عقول الناس ولكن هذا النقد العلمي للتراث يحتاج الى تخصص دقيق جدا ويحتاج الى معالجات هادئه بعيدة عن صخب وضوضاء الاعلام والردود الانفعالية التي قد يتاثر بها الباحث بشكل او باخر فلا يكون نقده ومعالجته للتراث حياديا وموضوعا بشكل كامل . وبالتالي ما هربنا منه وقعنا فيه . وهو خلاف المنهج المطلوب .
فقضية التراث ليست قضية ثقافية حتى من الممكن ان تكون متاحة للجميع وانما هي قضية تخصصية بامتياز فلا يمكن ان ذلك مرمى لكل رام ولا لقمة لكل طاعم . ومن لا يعرف السباحة لا يلقي نفسه في البحر . والحمد لله رب العالمين
السيد فاضل الموسوي الجابري