السيد-هبة-الدين-الشهرستاني-السيد-كاظم-اليزدي

مذكّرات السيد هبة الدين الشهرستاني حول حركة المشروطة (في ذكرى وفاة السيد اليزدي)

الاجتهاد: للسيد هبة الدين الشهرستاني مذكَّرات حول حركة المشروطة والاستبداد، وقد نشرها المرحوم الأستاذ علي الخاقاني ضمن ترجمة السيد الشهرستاني في كتابه (شعراء الغري) 10/79 – 90، ولأهمّيتها وعلاقتها بموقف السيد اليزدي نوردها بنصّها:

نص المذكَّرة
بسم الله الرحمن الرحيم

… يقول علماء الاجتماع إن للحوادث سلسلة فكرية إيجابية، فكل حادث له علاقة بسابقه، وإن لم يتصوره المتصوّر. وإذا لاحظنا هذه الحركة الفكرية الدينية وأمعنا النظر فيها، وجدناها صدى لحوادث تقدَّمتها.

في شهر رجب من عام 1324هـ وردت النجف رسائل من قبل علماء طهران وفيها يستنجدون ويطلبون مشاركة الرأي للفكرة التي بدأوها، وهي المطالبة بايجاد مجلس يركن إليه شاه إيران (وهو مظفر الدين)، ويأخذ بمقرّراته “عين الدولة” (وهو رئيس الوزراء المعروف بالصدر الأعظم) وحكومته، وحاكم طهران العام علاء الدولة، والمجلس يرتكز على فكرة إيجاد عدالة تحترمها الحكومة ولا نتعدّاها، وتكف عن الظلم والحيف الذي لحق الناس من أعمالها واستبدادها. وقد سمّوها (عدالت خانه).

وكان لهذه الفكرة أولاً صدى ضعيفاً عند الحكومة، فلم يعبأ بها عين الدولة، كما لم يهتم بأمرها الشاه مظفر الدين، غير أن العلماء الذين أبدوا الفكرة وسجّلوها في رسائلهم ومضابطهم، واصلوا الأمر بجد واهتموا في انجاح الموضوع مهما كلّفهم من خسارة.

وأول عمل إيجابي قاموا به، انسحابهم من مدينة طهران والتحاقهم بمدينة الشاه عبد العظيم التي تعتبر آنذاك حصناً محترماً وحضيرة مقدسة، وعندما دخلوها في رمضان تلك السنة، أخذوا يذيعون مقرّراتهم وأرائهم، [حتى] صار الطلاب المثقفون ومن هم دون مرتبتهم العلمية ينضمون إليهم ويساندونهم،

كما التحق بهم فريق من الخطباء والوجهاء الذين يحملون الشعور الديني والعدلي، حتى بلغ عددهم الألف، وبذلك ظهر الصدى وتردد على أذن الشاه وحكومته، وشعر الجميع أن الأمر تطوّر وسيؤدي إلى ما لا يحمد عقباه، وصاروا يفكّرون في الأمر وفي إيجاد الحلول التي تقضي على هذه الظاهرة الخطرة التي قد تصل في خطرها إلى نسف الدولة وإيجاد غيرها، وشعروا بأن الرأي العام الذي هو صدى العلماء صار يردد بجرأة جرائم الدولة القاجارية وأنواع الظلم الذي قامت به.

أما العلماء الذي تبنّوا الحركة أولاً، جماعة هم:
1 – الحاج سيد عبدالله بهبهاني.
2 – الآقا أمير السيد محمد الطباطبائي.
3 – الحاج شيخ فضل الله النوري.

وأول رسالة بعثوها إلى علماء النجف وهم:

– أبو الأحرار الشيخ ملا كاظم الخراساني.
– والشيخ ميرزا حسين الحاج ميرزا خليل.
– والشيخ عبدالله المازندراني.
– والسيد كاظم اليزدي.

وقد طلبوا فيها إرسال البرقيات والرسائل التي تنصح الحكومة والشاه وتطلب منهم النزول على رغبة العلماء والشعب والكف عن المظالم التي يقومون بها.

وفعلاً بادر هؤلاء العلماء ببعث البرقيات والرسائل المؤثّرة والمؤنّبة والناصحة، وكان لها صدّى قوياً في نفس الحكومة، كما أن علماء طهران وجدوا فيها سنداً وقوة للمجاوبة التي حصلت والاتفاق الذي تم بفهم قيمة الهدف وشرفه.

ولأهمية مركز النجف في العالم الإسلامي، فقد أخذت الفكرة أولاً من طهران وتبنتها، وصارت طهران أخيراً صدى إلى النجف الذي هز بوقته عرش القاجار وزلزل مركزه وأوى به، ودارت الفكرة حول محورها الذي أصبح عَلَماً للجميع وأبا للحرية الديموقرطية، وهو أستاذي الجليل الشيخ الخراساني، وآنذاك صار كل إنسان يحمل فكراً نقياً وثقافة واسعة وعقلاً ناضجاً ينظم إلى هذه الحلقة الذهبية التي قلبت تاريخاً واسعاً وخلقت تاريخاً جديداً،

وصار الرجال الأبطال وأعلام الدين يهتفون بالخطط التي وضعوها والمقرّرات التي هيّأوها، وبذلك كثر العديد الذي لا أشك بأن الفرد منهم كان أمة، وكان لأخواني الذي انظموا إلى حلقتي الأثر الكلي في ترويج الفكرة وإيصالها إلى أكبر عدد من الناس، فقد أجمع العلماء ورجال الدين على ذلك، وكان في أول الأمر مع الجماعة ومن المؤيدين،

غير أن الذين تبنوا الفكرة لم يشعروا ولم يلمسوا منه صدق العمل بالاستمرار فقد كوّنوا بأسلوب غير مباشر جواً معكّراً ضده أدى بالأخيرة إلى تشويش الأذهان نحوه وجفاء الناس له.

واستمرت الحركة من عام 1324هـ إلى عام 1329هـ حيث توفِّي الإمام الخراساني، وفي خلال ذلك اجتمعت الكلمة من قبل رجال الدين، غير أن المفاجئات التي داهمتنا أوجدت تفكّكاً في الصفوف.

السيد هبة الدين الشهرستاني
سماحة السيد العلامة الامام هبة الدين الشهرستاني قدس سره في اصفهان الظاهر انه في مسجد الجامع

 

وإني كنت استغرب هذه الأسباب والأساليب التي تتولّد في كل يوم، غير أني كنت أعلّل ذلك بأمور، هي:

أن السلطتين الإيرانية والعثمانية أخذت تتجاوب تجاوياً سريعاً؛ لأنهما كانتا على طريقة واحدة في الحكم: ألا وهي الاستبدادية المقيتة، وبذلك فقد فاجأت الحكومة التركية الرعايا الإيرانيين بوضع ضرائب عليهم غير منتظرة ولا مأمولة، ممّا حدا بالرعايا الإيرانيين أن يستنجدوا بالعلماء وإن يطالبوا لهم برفع ذلك، والعلماء هنا وَقَعوا في حيرة من الأمر، فهم غير منظورين من الأتراك بصورة رسمية؛ لأنهم من شعب إيران وقد أخلي الظهر، فصارت دولتهم ضدّهم، وهنا اتسع الخرق وحدثت مأساة فضيعة أدت إلى مقتل العشرات من الناس.

وللإنكليز أصبع آخر، هو إدخال نفوذه المعدوم آنذاك في صفوف المسلمين.

والواقعة وقعت في كربلاء، وذلك عندما أيس الناس من نجدة العلماء لهم، فصاروا يستنجدون بقنصل الإنكليز، وهو محمد حسن النواب الكابلي القندهاري، وهو بدوره يشّجعهم على التمرّد ويقدّم لهم الضمانات الكاذبة والأساليب المعسولة، وبذلك طمع الناس به وساقهم جهلهم إلى الاطمئنان،

فتجمّعوا حول داره وتحت العلم الإنكليزي المئات من الناس إن لم أقل الألوف، وصاروا يعلنون رجوعهم واحتماءهم بشخص القنصل وبالعلم البريطاني، واستمروا في ذلك بعد أن انقطع الطريق ليلاً ونهاراً وجاءوا بأفرشتهم وصاروا يأكلون وينامون في الجادّة أكثر من خمسين يوماً،

وبذلك تصوّروا أن الحكومة لا تستطيع طردهم لاستمرار بقائهم، غير أن المتصرّف (رشيد باشا الزهاوي) بعد هذا الزمن أرسل إليهم مدير الشرطة فانذرهم بالارتحال من هذا المكان وفتح الطريق، ولكنّهم كانوا يقابلون الرسول بالاستهزاء والمسخرة، وكانت مدّة الإنذار أسبوعاً واحداً،

وبعد ذلك عزّزه بإنذار آخر مدته أربع وعشرون ساعة، وكذلك لم يعبأوا به، وفي الإنذار الثالث الذي كانت مدّته ست ساعات، وهي من أول الغروب إلى نصف الليل، فكل من يجدونه يكون طعمة للرصاص، وأيضاً لم يهتموا بالأمر، وفي ليلة القدر من رمضان جاءت الشرطة وبيدهم البنادق فصوبتها نحوهم، ففي الإطلاقة الأولى وقع منهم سبعون، والجرحى لا عدد لهم، وفرّ الباقون بعد أن استنجدوا بالنّواب وطلبوا منه فتح الباب ليلوذوا به فلم يجدوا من مجيب ولا مجير.

وبعد أن وقعت هذه الواقعة المؤلمة، والتي أشغلت بال ولاة الفكرة المحترمة وهم العلماء، صارت التعليقات تخلق ساعة بعد ساعة، وصار الخصوم من اتباع الاستبداد يستظهرون على أبطال الديموقراطية، وكانت واقعة كربلا خير وسيلة للتفرقة والتشنيع على جماعتنا،

فقد فرّقت بين صفوف العلماء حيث لم يتدخّل شيخنا الخراساني، غير أن الحاج ميرزا حسين والسيد كاظم اليزدي تدخّلا بصورة النصيحة والإنذار حيث بعثا رسلاً، كما تدخّل السيد محمد بحر العوم صاحب البلغة وغيره في نصيحة القوم، فلم يرتدعوا ولم يفد بهم النصح.

وبعد فتك الحكومة العثمانية بأهالي كربلاء، صارت تضايق رجال الدين الذين كانوا يتأسون للحادثة، كما أن القنصل الإنكليزي، وهو النواب، الذي ورّط الناس صار يساند فكرة رجال الدين لتنميتها من جديد، ولكن المتصرّف وقف سداً دون إظهار استياء العلماء بعدم بعث البرقيات والرسائل،

غير أن زعيماً دينياً معروفاً وهو السيد علي الشهرستاني المرعشي استطاع أن يفلت بمغامرة لطيفة، وهي تظاهره بالكسل وخروجه إلى بعض الرساتيق للراحة، وبذلك فلت من السياج الذي وضعه المتصرّف على رجال الدين، فقد غادر كربلاء إلى بغداد ودخل السفارة الإيرانية واستطاع أن يعلم السفير عن التصرفات التي أجراها المتصرّف،

والقتل الذي حلّ بالرعايا الإيرانيين وصار هذا يستعمل الشفرة مع السلطان وعلماء طهران الذي تحصّنوا في الشاه عبد العظيم، كما استطاع أن يتصل بالوالي ببغداد ويعلمه سوء تصرف المتصرّف وسوء المغبة التي ستجلبها أعماله.

وما أن حلّ شهر المحرم من عام 1325هـ وضح الاختلاف بين أعلام الحركة، وتفككت صفوفهم وصدرت الأوامر من إستانبول بوضع الرصد عليهم، وحجرهم بصورة غير مباشرة، وحجب الصحف عنهم، وهذا الحال أوجب أن ينشق الأمر إلى شعبتين: الشعبة الأولى هي التي لا تزال ترتبط بإيران. أما علماء كربلاء، فقد حصل لهم ربط بإستانبول.

وهذه الحالة أوجبت ضعف علماء طهران لضعف المساندين لهم في النجف ومصادمة الأتراك لهم، وهذه المصادمة لا أستبعد – كما سبق – أنها نتيجة توجيه الحكومة الإيرانية للحكومة التركية وإفهامها مغبة المصير على الجميع فيما إذا قوت شوكة علماء الدين.

ولما ضعف نفوذ العلماء في الشاه عبد العظيم، انتبه (عين الدولة) ورجاله والشاه مظفر الدين وحاشيته فطلبوا منهم التفرّق في البلدان، والتحاق كل منهم بعمله الخاص، فكان ما أرادوا.

غير أن الذين شايعوهم في الرأي من الوجوه والأعيان ورجال البلد أحسّوا بالشر، فتحصّنوا بالسفارة الإنكليزية، وصارت زوجة السفير، وكانت مثقفة تفهمهم أن الطلب الذي تذرّعوا به لا قيمة له، وأن (عدالت خانه) لا قيمة لها، في حين أن الغاية أوسع وأهم من ذلك: بأن تكون المطالبة بإيجاد الحرية والمساواة وإيجاد الشورى والمشروطية، وبعد أن نضجت الفكرة في معظم هؤلاء، انقلبت الأهداف والطلبات إلى هذه العناوين، مما أدى إلى حدوث تطور جديد وفكر جديدة تمتاز عن الأولى بتبلور الفكرة وتنقيحها.

والذي طوّر الأمر ولطفه وبسّطه هي جريدة (حبل المتين) التي تصدر آنذاك بكلكته، فقد كانت لسان حال الأحرار في العالم الشرقي والإسلامي، فكانت تهاجم الحكومة القاجارية وتأريخ القاجار وإثبات معايبهم وظلمهم، كما تطري المجاهدين والمصلحين أمثال السيد جمال الدين الأفغاني الذي وقف في وجه الاستبداد القاجاري والفوضوية القاجارية.

وكانت (حبل المتين) تأتي بغداد بلا رقابة، غير أن وصولها إلى كربلاء والنجف كان عسيراً لوقوف السلطة الإدارية ضدّها وضد الفكرة، ولكن بعض التجار الأحرار وهم الحاج علي أكبر الأهرابي وحاج ملا أحمد اليزدي هما اللذان كانا يوصلانا إلى أصحابنا الذين يتلهّفون عليها بواسطة موادهم التجارية.

وفي الوقف الذي كانت جريدة (حبل المتين) تغذّينا بالمعلومات، كان الصديق الشيخ ضياء الدين النوري يطلب لنا من مصر جريدة (المؤيد) و(اللواء) و(الهلال)، كما يجلب لنا الكتب التي تتضمن سير المصلحين أمثال كتاب (مشاهير الشرق)، وكنا نقف على كثير من الحقائق التي خفيت علينا، فقد وجهت كثيراً من النفوس كما خلقت من الكثيرين مناظرين ومجادلين ومحاكمين لأقوال المأجورين من الخصوم، وما أن تم

عام 1325هـ حتى وجدنا كثيراً من الرجال استعدوا للهجوم عن طريق العلم والمعرفة، والوقوف على كثير من الحقائق التي كانت ما وراء القصور وصار يدير الفكرة بطهران الذوات الذين تحصنوا بالسفارة الإنكليزية.

غير أن الروس بالنظر لخصومتهم المعروفة للإنكليز، رأوا أن الإنكليز قد توغّلوا في صفوف الحكومة والشعب الإيراني، وصاروا يبذرون سمومهم عن طريق إيجاد الوعي، فارتأوا أن ينزلوا إلى ساحات العمل بإيجاد مؤسسات تعارض وتصادم السياسة الإنكليزية، وأن يتصلوا بالشاه محمد علي وجماعة المستبدين،

فأسست بطهران وأسست في النجف قنصلية قائمة مشاغبة وقنصلاً فخرياً هو أبو القاسم الشيرواني، وبذلك استطاعوا أن يعملوا بواسطة هذين المركزين، وانظم الشيرواني إلى فريق من الرجال من جماعة السيد اليزدي، وهم الحاج محمود أغا وعبد الرحيم اليزدي خادمه وأمثالهما، وهؤلاء هم الذين استطاعوا أن يستميلوا السيد اليزدي إلى جانب الاستبداد ويفصلونه عن الشيخ الخراساني وجماعته.

وفي خلال عام 1325هـ بدأ النزاع على أشده بين جماعة شيخنا الخراساني والسيد اليزدي، وقويت الخصومة التي بلغت منتهى الوحشية من إيذاء العوام لإخواننا وهيئتنا بتسميم فكرة العوام: من أننا نريد الحرية التي هي ضد الدين، وكثيراً ما كانوا يضربونهم على رءوسهم، وأعتقد أن بعض الشياطين منهم عملوا عملاً سيئاً خدموا فيه جماعة اليزدي بنشرهم إعلاناً ألصقوه على الجدران، رسموا فيه يداً وفيها مسدساً خاطبوا فيه السيد اليزدي وناشدوه النزول على رأي رجال المشروطة.

فإنْ لم يفعل، يقتلونه. فكان لهذا الإعلان أثر سيء في نفوس العوام وانتصارهم لليزدي، فقد هاجت عواطفهم واعتبر أن هؤلاء مجرمين يريدون القضاء على ابن رسول الله، وانحاز إلى جنب اليزدي فريقا الشمرت والزگرت، الذين عرفوا بمروقهم عن الدين وقتلهم الأنفس المحرمة واستغلالهم لأموال اليزدي، وأعلموه بأنهم من أنصاره وأعوانه، وصاروا يخرجونه من داره إلى الحرم وهم مدججون بالسلاح ويهتفون باسمه.

وعزّز اليزدي مركزه الموقت بجلب أسرة علمية لها مركزها وهم أسرة آل كاشف الغطاء، فقد دعى الشيخ أحمد وأخاه الشيخ محمد حسين وطلب منهما مساندته والتعلق بهما وبآلهما، وبذلك انقطعا عن الحضور في حلقة الإمام الخراساني، بعد أن كانا من الملازمين الثابتين فيها. غير أن انضمام آل كاشف الغطاء حفّز أسرتين خطيرتين آنذاك وهما آل الجواهري وآل بحر العلوم فانضمّا إلى الإمام الخراساني وتعصّبا له ولجماعته، وتطوّرت الخصومة بصورة خطرة بين العلماء والعوّام ولرؤساء الشمرت والزگرت لِمَا عرف من سطوة رجال الدين وإجماعهم ضده.

وكانت جريدة (حبل المتين) تأخذ هذه الأخبار وتنشرها بصورة مكبرة ضد السيد اليزدي وجماعته مما أثارت العواصم الإسلامية وأحرار الهند من جماعة غاندي في أول الأمر، واتصلوا بالإمام الخراساني وجماعته ومنّوهم بالإمدادات والنصرة، وصارت النجف لها صدى عظيم في مختلف العواصم وخاصة طهران واستانبول، كما أنها أصبحت قبلة تتبع في اتخاذ الآراء والاستهداء بها.

وفي عام 1326هـ قامت قيامة الأحرار على السلطان عبد الحميد فانتعشت فكرة الأحرار في النجف ونفوسهم، وصاروا يتنفسون الصعداء بعد الابتلاء الذي غمرهم من عوام النجف ومن جماعة اليزدي، كما أحسّ فريق اليزدي بانقلاب الجو ضدّهم وتطور الوضع في تركيا فانعكس الصدى على النجف،

وزار النجف (ثريا بك) واجتمع في مدرسة الميرزا حسين ميرزا خليل بحضور أعلام النجف وزعماء الدين، وتضاءل شخص اليزدي وحاشيته، وتقارب أحرار الأتراك وأحرار النجف لتجاوب الفكرة، وصادف القدر بإنزال (مظفر الدين شاه) إلى رمسه، فكان لأحرار إيران أن أخذوا يوسّعون الهدف، وكان لأحرار الأتراك أن أعلنوا الدستور العثماني وقيّدوا السلطان عبد الحميد بالعهود والخضوع للدستور.

أما الذوات الذين كنا نجتمع معهم بتدبير الأعمال ورسم الخطط بصورة سرية في سراديب النجف، خشية العوام وحاشية السيد اليزدي، فهم فريق من الأحرار المخلصين، أذكر أسماء المعظم منهم، وهم:

1 – الحاج أغا الشيرازي.
2 – الشيخ محمد باقر الإصفهاني.
3 – ميرزا عبد الرحيم بادكوپي.
4 – ميرزا علي هيئت تبريزي.
5 – أغا ميرزا رضا إيرواني.

6 – السيد عبدالله إصفهاني المعروف أخيراً بثقة الإسلام.
7 – ميرزا حسن رشتي.
8 – حاج أغا شريف رشتي.
9 – شيخ أسد الله المامغاني.
10 – الشيخ عبد علي لطفي.
11 – السيد مهدي لاهيجي.
12 – شيخ إسحق الرشتي.
13 – السيد أبو القاسم الكاشاني.
14 – ميرزا علي نقي طباطبائي طهراني.
15 – ميرزا حسن رنكوني.
16 – أغا محمد محلاتي.
17 – الشيخ إسماعيل محلاتي.
18 – ميرزا مهدي الآخوند.
19 – الشيخ جواد الجواهري.
20 – السيد محمد علي بحر العلوم.
21 – السيد محمد علي حبل المتين الكاشاني.
22 – السيد محمد إمام الجمعة.
23 – الشيخ موسى النوري.
24 – الشيخ محمد تقي بن الحاج ميرزا حسين خليل.
25 – ميرزا حسين النائيني.
26 – الشيخ محمد رضا الشبيبي.
27 – السيد سعيد كمال الدين.
28 – السيد سعيد كمال الدين.
29 – الشيخ عبد الكريم الجزائري.
30 – الشيخ هادي كاشف الغطاء.
31 – الشيخ حسين الإصفهاني.

32 – السيد مسلم زوين.
وكان هذا الأخير عضواً مهماً في تحصن الكثير من إخواننا بسبب سطوة أسرته وقوتها.

السيد هبة الدين الشهرستاني

وفي عام 1326هـ تحسن الجو لفكرتنا المقدسة وجاءت الأوامر بالانتخابات فانتخبنا الأديب المعروف عبد المهدي الحافظ الحائري عن مدينتي كربلاء والنجف، وكان هذا الرجل من المخلصين للدعوة، خاصة في كربلاء التي كانت تعارض فكرتنا بوضوح، وكان معه في الهمة والشعور السيد حسين القزويني وهيئة المدرسة الحسينية الإيرانية، في الوقت الذي تجاوبها المؤسستان المدرسة العلوية الإيرانية في النجف، ومدرسة الأخوة في الكاظمية التي أسسها الحاج علي أكبر الإهرابي.

وكان الذي ألهب شعور الكربلائيين ضدنا هو السيد أكبر شاه الذي هاجر من طهران وسكن كربلاء وكان من مشاهير الوعّاظ الذين يحسنون الهيمنة على شعور العوام، فكان كلّما يوقد النار يطفيها عبد المهدي الحافظ والقزويني.

وساند الحركة المقدسة ظهور جمعية (أنجم سعادة) في الأستانة، فقد كانت هي الرابطة الوحيدة، والواسطة التي تربط بين إستانبول وطهران وأحرار النجف، وتواصل بسط الفكر وبعثها إلى أحرار العالم والمتطلّعين، كما تمد النفوس الحرة بالقوى، وقد مثّل أحرار النجف الشيخ أسد الله المامقاني فيها عندما التحق بإستانبول لدراسة الحقوق هناك.

وبذلك أصبحت النجف في هذا العهد مركزاً سياسياً مهماً وشبحاً مخيفاً بين عواصم الأمم الإسلامية، مما دعى أن يستنجد بها أحرار تركيا عندما أحسوا بأن السلطان عبد الحميد سيفتك بهم ويغتالهم، فطلبوا من أحرار النجف وزعيمهم الإمام الخراساني أن يبرقوا إلى عبد الحميد ببرقية ينصحونه فيها ويؤنّبونه،

وإجابة إلى تدعيم الفكرة فقد بادر أبو الأحرار الخراساني ببرقية مطوّلة ملأت صحيفة كاملة، وفيها إنذارات وتهديدات ونصائح للرضوخ إلى فكرة الأحرار، وتسلمناها منه وذهبنا تواً إلى مأمور البرق (زينل أفندي) فامتنع عن بعثها، وكلما أصررنا عليه لم يجد ذلك نفعاً؛

غير أن الإمام الخراساني بعث عليه وطمَّنه ووثّقه بالعهود والأقوال من أنه يدفع عنه كل خطر يأتيه من جرّاء ذلك، وأخيراً رضخ إلى رأيه بعد أن أستكتبه كطلب شخصي من الخراساني ليرتكز عليه، وبعث بالبرقية، ولكن من الصدف قبل وصولها كان أحرار الأتراك قد أجهزوا على عبد الحميد فأقصوه عن العرش وجعلوا مكانه السلطان محمد رشاد، وكان القائم مقام في النجف في هذا العهد هو السيد ناجي السويدي فقد كان من الأحرار العقلاء الذين ساندونا بقدر الإمكان.

المصدر: السيّد محمّد كاظم اليزدي سيرته وأضواء على مرجعيّته ومواقفه ووثائقه السّياسيّة. حقائق ووثائق ومذكّرات من تاريخ العراق السّياسي لم يُنشر بعضها من قَبل / كامل سلمان الجبوري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky