ممارسات الرياض القمعية ضد علماء الدين، كالشيخ نمر النمر، الذي تم قطع رأسه بحد السيف لمجرد خلافه السياسي للنظام الحاكم، بالإضافة إلى سجن الشيخ حسين الراضي ، ستجعل من نظام آل سعود كمن يشد الحبل حول عنقه، فعلى حدوده الخارجية ما زال يصعد لهجة العداء ضد حركة أنصار الله المدعومة إيرانيًّا، وفي حدوده الداخلية ما زال يشد الخناق على الشيعة في المناطق الشرقية كالإحساء والقطيف، وبالتالي يزيد من عدد خصومه السياسيين، خاصة أن الشعب السعودي، وبغض النظر عن تنوعه المذهبي، غير راضٍ عن أداء النظام السعودي.
الاجتهاد: في اللحظة التي تشتعل فيها المنطقة بالنزاعات والحروب، يبدو أن النظام السعودي مصمم على صب الزيت على النار، حيث أفادت مصادر حقوقية من داخل المنطقة الشرقية في السعودية أن السلطات السعودية أصدرت حكمًا بسجن الشيخ حسين الراضي ، من الأحساء، 13 عامًا، على خلفية تهم تتعلّق بحرية التعبير عن الرأي.
وأثار الحكم الصادر بحق الشيخ الراضي موجة انتقادات واسعة، حيث وصف مراقبون هذا الحكم بـ ” الظالم “، وأنه جاء بسبب “حرية التعبير عن آرائه الجريئة والناقدة لسياسة الحكومة السعودية”، فيما عمد كثيرون إلى نشر صور الشيخ ومواقفه الحرة في زمن الخوف وتعنت الأحكام.
انتهاكات السلطات السعودية في مجال حقوق الإنسان وتصوير أحكامها القضائية بحق شخصيات سنية أو شيعية أو حتى ليبرالية كرائف البدوي على أساس خلفيات يتم لصقها بالإرهاب، بينما هي في حقيقة الأمر تقمع معارضي نظام الحكم، هذه الانتهاكات قد تعصف بأركان الحكم في المملكة السعودية نفسها، خاصة أنها ليست بمنأى عن أتون الصراعات التي تحاول السعودية في كثير من الأحيان مذهبتها، فالرياض مذهبت الصراع في سوريا، وهي حاليًّا، وبعيدًا عن الأطر التي رسمتها من خلال تزكية النعرات الطائفية، تبحث عن حلول سياسية تنزلها من أعلى الشجرة السورية، بما في ذلك بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم نزولًا عند الرغبة الروسية وتوافقها الأخير مع واشنطن.
ولا يختلف الحال في اليمن، فبعد مذهبة الحرب فيها، تطفو على السطح خلافات سعودية إماراتية حول مناطق النفوذ والسيطرة في اليمن، مع العلم أن أطرافًا يمينة شاركت في مناهضة العدوان السعودي كالمؤتمر الشعبي العام، بقيادة الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، حليف المملكة القديم، الأمر الذي يخرج الصراع في اليمن عن نطاق المذهبية، ويدخله في نفق ودهاليز السياسة وتقاطع المصالح والأجندات ليس إلا، خاصة مع وجود أنباء إعلامية من مصادر أمريكية تتحدث عن صفقة قد يجريها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، مع المؤتمر الشعبي وأنصار الله في اليمن.
ممارسات الرياض القمعية ضد علماء الدين، كالشيخ نمر النمر، الذي تم قطع رأسه بحد السيف لمجرد خلافه السياسي للنظام الحاكم، بالإضافة إلى سجن الراضي، ستجعل من نظام آل سعود كمن يشد الحبل حول عنقه، فعلى حدوده الخارجية ما زال يصعد لهجة العداء ضد حركة أنصار الله المدعومة إيرانيًّا، وفي حدوده الداخلية ما زال يشد الخناق على الشيعة في المناطق الشرقية كالإحساء والقطيف، وبالتالي يزيد من عدد خصومه السياسيين، خاصة أن الشعب السعودي، وبغض النظر عن تنوعه المذهبي، غير راضٍ عن أداء النظام السعودي، لا من حيث سياسات التقشف وفرض الضرائب والخصخصة التي يتبدعها تنفيذًا لرؤية بن سلمان الاقتصادية 2030، ولا عن التغييرات الأخيرة التي تم بموجبها الإطاحة بمحمد بن نايف كولي للعهد، ولا حتى عن الخلاف الخليجي مع قطر الذي تقوده كل من الرياض وأبو ظبي،
وبالتالي فإن السعودية هنا تفتح العديد من جبهات النار، بما في ذلك تصعيد اللهجة الكلامية مع إيران، دون أن تؤمن جبهتها الداخلية المضطربة، كما أن الحلول الأمنية والقمعية التي تمارسها الرياض ضد الشيعة قد تفاقم من مشاكلها، خاصة إذا ما تم الأخذ بالاعتبار بما يحدث في العوامية، حيث يأتي الحكم بحق الشيخ الراضي بالتزامن مع ما تشهده بلدة العوامية شرق البلاد من عدوان عسكري، تصاعدت حدته في نهاية شهر يوليو، إذ استخدمت القوات السعودية خلاله الأسلحة الثقيلة والمدفعية، ما أسفر عن سقوط أكثر من 20 شهيدًا وإصابة العشرات.
كما عمدت السلطات إلى تهجير الأهالي قسرًا من العوامية، بالإضافة إلى أنها عمدت خلال اليومين الماضيين لشن حملات اعتقالات تعسفية، متزامنة مع اقتحامات للمنازل والعبث بمحتوياتها وسرقة مقتنيات المواطنين الشخصية منها.
وكانت السلطات قد بدأت محاكمة الشيخ حسين الراضي في 12 إبريل 2017، أي بعد أكثر من عام على اعتقاله، وهو يُعاني من أمراض عديدة، واعتقلت السلطات الشيخ الراضي وهو باحث ومحقق إسلامي، بعد محاصرته بمجموعة من القوات وسط الشارع في مدينة العمران بالأحساء، شرق البلاد.
وجاء ذلك بعد استدعاءات تعرض لها على خلفية خطب الجمعة التي ألقاها، وتناول فيها سلسلة من القضايا المحلية والإقليمية، بما في ذلك استنكاره لإعدام الشيخ نمر النمر والعدوان على اليمن، بالإضافة إلى دعوته إلى سحب القوات السعودية من البحرين، كما ندد بتصنيف حزب الله منظمة إرهابية، وأشاد بالحزب وبأمينه العام حسن نصر الله، ويكفي لنا الإشارة لكلام الشيخ راضي عن فلسطين المحتلة وضرورة مقاومة العدو الإسرائيلي والتصدي للإرهاب التكفيري؛ لمعرفة أن كل ما ينادي به الراضي لا يتوافق مع نهج النظام السعودي، الذي سار في ركب الدول المطبعة مع العدو الإسرائيلي.
ولم تقتصر أخطاء وعثرات النظام السعودي على سجن الشيخ حسين الراضي، فبموازاة ذلك شيّع أهالي القطيف محمد الرحيمان وحسن الزاهر من بلدة العوامية اللذين قتلا برصاص القوات السعودية، كما قامت السلطات السعودية بمنع تشييعهما ودفنهما في مقبرة العوامية، ما أضطر الأهالي لدفنهما في مقبرة تقع في الأحساء.
ويرى مراقبون أن مشكلة النظام السعودي تكمن في توصيفه الخاطئ في التعاطي مع الشيعة في السعودية، فالأزمة الحالية ليست سوى تعبير عن أزمة كامنة ومستمرة منذ سنوات، وجوهرها شعور المواطنين الشيعة في السعودية بالتهميش ونظرة السلطات لأي مطالب ينادون بها على أنها بإيحاء من إيران، كما أن حلول السلطات السعودية بشيطنة الأقليات والذين يشكلون جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي السعودي، لا تعود بالخير على الاستقرار الداخلي للمملكة، وهي التي تعوم على بحر من عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
ويأتي الحكم بحق الشيخ الراضي بالتزامن مع أوضاع محلية وإقليمية مضطربة، حيث تشهد بلدة العوامية شرق البلاد حربا عسكرية منذ الـ 10 مارس تصاعدت حدتها في نهاية شهر يوليو إذ استخدمت السلطة خلالها الأسلحة الثقيلة والمدفعية ماأسفر عن سقوط أكثر من 20 شهيد وإصابة العشرات، كما عمدت إلى تهجير الأهالي منها قسرا، بالإضافة إلى أنها عمدت خلال اليومين الماضين لشن حملة اعتقالات تعسفية متزامنة مع حملة اقتحامات للمنازل والعبث بمحتوياتها وسرقت مقتنيات المواطنين الشخصية منها.
واعتقلت السلطات الشيخ الراضي (مواليد ١٩٥١م) هو باحث ومحقق إسلامي، في ٢١ مارس ٢٠١٦م بعد محاصرته بمجموعة من القوات وسط الشارع في مدينة العمران بالأحساء، شرق البلاد.
المصدر: البديل + الوهابية