الاجتهاد: في ذكرى هدم قبور أهل البيت في البقيع، ننشر مقتطفات من مقال للمرجع الديني الراحل آية الله لطف الله صافي الكلبايكاني، دعا فيه إلى أن يستنكر جميع المسلمين من السنة والشيعة هذه الجناية والتذكير بهذا اليوم العالمي والمطالبة بإعادة بناء هذه المشاهد العزيزة واحياء التراث الاسلامي الساطع.
قال الله تعالى: (وذكرهم بأيام الله)؛ البقيع بقعة من بقاع المدينة الطيبة، تحتفظ في ترابها بتراث مهم من تاريخ صدر الاسلام، ول ازالت منذ ما يزيد على أربعة عشر قرن من الهجرة الشريفة تذكارا لأيام عظام يمثل كل يوم منها سندا تاريخيا مهما للتعريف بالاسلام والرسالة والرسول صلى الله عليه واله.
ان المحافظة على هذه الآثار والدفاع عنها، لهو دفاع عن المبادئ الاسلامية والتوحيد والقرآن الكريم.
هذه الآثار وسائر الآثار التاريخية في بلاد الحرمين الشريفين كانت ولا زالت موضع اعتزاز واحترام وتقديس جميع المسلمين، يرون فيها السيرة النبوية وجهاد النبي صلى الله عليه واله وغزواته، وسيرة أهل بيته وأصحابه، ولها من المكانة والاعتبار عند المسلمين ما ليس لغيرها.
صيانة الآثار الإسلامية .. آية الله الشيخ جعفر السبحاني / تحميل الكتاب
ان كل مكان في الحرمين الشريفين مبعث للايمان والبصيرة.
أجل، لا ريب في أن وجود النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وكل من يتصل به من أسرته الشريفة وجده عبد المطلب وعمه أبو طالب، وفاطمة بنت أسد زوجة عمه أبي طالب – التي كانت عنده بمنزلة أمه – وزوجته الفضلى خديجة وأزواجه في المدينة، وسبطه الأكبر وأحفاده، وحمزة عمه، لهم جميعا جزء مهم جدا من تاريخ الاسلام.
كما أن غزوة بدر وغزوة أحد والمقامات والمساجد، كموضع مولد النبي، وجبل حراء التاريخي وغاره الشريف – مركز البعثة النبوية وبداية الدعوة – وبيت أم هاني محل المعراج الشريف، وعشرات الأماكن المقدسة الأخرى، لا شك أنها جميعا معالم يتعرف الناس من خلالها على دين الاسلام.
وتمثل هذه الأماكن التاريخية بعد الكعبة المعظمة ومسجد النبي في الحرمين الشريفين هوية المسلمين.
لكن ياللاسف، قد تم هدم أكثر هذه المشاهد والمقامات. وحلت بتاريخ الاسلام خسارات فادحة بطمس هذه الوثائق والمعالم التاريخية، ولا يمكن جبر ما خرب من هذه الدعائم التاريخية للدين المبين.
في العصر الراهن، اذ تفتخر الدول والشعوب بحفظ تراثها الثقافي وتهتم بتاريخها، نجد أن تراثنا يخرب، أو تغير وتمحى أسماؤه. لا تجد أية أمة أو فرد واعي يطمس آثاره وتاريخه بهذا النحو!
القرآن الكريم يعتبر (البيت) محلا للايات البينات ، و(مقام ابراهيم عليه السلام) مقاما معززا مكرما، وجديرا بالاحترام والتقديس.
ان في الحرمين الشريفين بقاعا تنتسب لخاتم النبيين محمد صلى الله عليه واله. من اللازم أن تبقى هذه المقامات الجليلة المنسوبة للنبي صلى الله عليه واله عبر الأعصار والأجيال.
ويجب أن تكون مقامات محمد صلى الله عليه واله في مكة وفي المدينة معروفة مشهورة كمقام إبراهيم عليه السلام.
كما أن اسم إبراهيم، خالد كمنار للتوحيد الأكبر كذلك اسم محمد ورسالته بالتوحيد ومقاماته في مكة والمدينة يجب أن تخلد وتبقى.
وكما أن هدم مقام إبراهيم والمنع من عبادة الله واقامة الصلاة حرام كذلك المنع من تعظيم مقامات النبي الخاتم – وكل واحد منها لمحة من مقام ابراهيم – لا يجوز التطاول عليها.
ان المقدسات في مكة والمدينة وان صارت هي الان اماكن مسجلة باسماء الاخرين لكنها لا زالت باسم النبي ومواضع لمآثره الكبرى، ولازالت دعامات للتوحيد وتاريخ الدين الاسلامي.
ان خلد ابراهيم بمقام واحد فقد خلد محمد صلى الله عليه بكل هذه المقامات.
وعلى المسلمين جميعا التمسك والاحترام لهذه المقدسات والمقامات الاسلامية والدعائم التاريخية وأن لا يسمحوا بنسياها وتضييعها وهجرها.
يوم الثامن من شوال يوم بداية تخريب قبور أئمة البقيع القبور النورانية لأئمة أهل البيت عليهم السلام، يوم الجناية الكبرى على الهوية الاسلامية.
لذا على جميع المسلمين من السنة والشيعة استنكار هذه الجناية والتذكير بهذا اليوم العالمي والمطالبة بإعادة بناء هذه المشاهد العزيزة واحياء التراث الاسلامي الساطع.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
بقلم المرجع الراحل آية الله صافي الكلبايكاني.