خاص الاجتهاد: الشيخ الصفار: إذا كان كتمان الحق قولاً أو عملاً يدفع ضرراً محدوداً لكنه يؤدي من ناحية أخرى لضرر أشد وأكبر على مصلحة الدين والأمة، فهنا يصح التنازل عن العمل بالتقية بل قد يجب، وهذا ما يفسر موقف الإمام الحسين (ع) الذي شخّص أن الموقف يستلزم منه الاجهار بالحق، ورفض الخضوع لسلطة يزيد، لأن ضرر سكوته وخضوعه أشد على الدين والأمة مما يصيبه من قتل وأذى.
المفکر والخطیب الدینی سماحة الشیخ حسن الصفار من الباحثین الکبار في مجال التعایش والتسامح وثقافة الاختلاف والتنوع المذهبی كما يظهر ذلك جلياً في كتاباته ك: كتاب ” التنوع والتعايش “و كتاب ” التسامح وثقافة الاختلاف ” والمكتوبات العلمية الأخرى في هذا المجال، كما هو من الدعاة إلی هذه الفکرة.
ولد سماحة الشيخ حسن الصفار بمدینة قطیف و تخرّج فی الفقه و الأصول على يد الأعلام في قم وطهران والنجف والکویت وصدر له أكثر من مئة كتاب في مختلف مجالات المعارف الدينية والثقافية. أتاح سماحة الشیخ لنا هذه الفرصة الثمینة رغم کثرة انشغالاته و أجاب عن أسئلتنا حول نهج تحقیق التعایش فی المجتمع الإسلامی.
نبدأ الحوار مستعينين بالله عز وجل:
الاجتهاد: ما هو معنی «التقیة» الذی کان یهتمّ الأئمة (ع) بعمل الأصحاب به کما ورد في هذا الحدیث الشریف:«لَا وَ اللَّهِ مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ التَّقِيَّة»؟ ما الهدف من هذا الکتمان؟
الشیخ الصفار: كان يقلق السلطات الحاكمة، أن أئمة أهل البيت يقودون تياراً عقدياً سياسياً يتنامى داخل الأمة، ويخترق حتى مؤسسات الدولة، وله مرجعيته الخاصة المستقلة عن السلطة وهم الأئمة، وله إدارته الداخلية غير المكشوفة لدى أجهزة السلطة، وتتمثل تلك الإدارة في شبكة الوكلاء للأئمة، كما أن لهذا التيار مصادر تمويل أهلي من الأخماس وألوان الحقوق الشرعية والتبرعات خارج سيطرة الدولة. مما يمكن أن يطلق عليه بالمصطلحات الحديثة أنه كيان موازي للدولة، أو دولة عميقة.
والسلطات كانت تترصد هذه الحالة لأنها تزاحم نفوذها، وقد تقود إلى مواجهتها والانقلاب عليها.
والتقية كما يبدو لي تعني التكتم على أي قول أو فعل يعزز ذلك القلق عند السلطة، ويدفعها لاتخاذ إجراءات عدائية تجاه الأئمة وأتباعهم.
لذلك أمر الأئمة شيعتهم بعدم إظهار أي فكرة عقدية، أو ممارسة فقهية، يمكن أن تؤدي إلى تشخيص الولاء والانتماء لأهل البيت في الظروف الحساسة، ونجد مثلاً كيف أن الوشاة حرضوا الخليفة العباسي هارون الرشيد ضد علي بن يقطين، وأثاروا شكوك الخليفة في ولائه، فأراد الخليفة أن يتأكد من صدق تلك الوشايات، فقام بمراقبة علي بن يقطين حال وضوئه، ليستدل من طريقة وضوئه على انتمائه أو عدم انتمائه لخط أهل البيت(ع) وكما تشير الرواية فإن الإمام موسى الكاظم(ع) كان قد كتب إلى علي بن يقطين أن يتوضأ بالطريقة المخالفة لفقه الأئمة، وهكذا تمت حمايته من بطش هارون وبقاؤه في موقعه كوزير أول للخليفة.
الاجتهاد: ما رأیکم حول التقیة المداراتیة؟ هل بإمکاننا أن نکتم الحقیقة لا لصیانة نفس من الضرر بل للتقریب بین المذاهب؟ ما الدلیل علیه؟
الشیخ الصفار: إن رعاية المصلحة العامة للإسلام والأمة ليس أقل أهمية من صيانة النفس من الضرر، فإذا كان يصح كتمان الحقيقة دفعاً للضرر الشخصي، فمن الأولى أنه يصح دفعاً للضرر العام، وهناك عدد كبير من الروايات عن الأئمة (ع) تأمر بالمداراة، والعشرة مع الآخرين، وجلب مودتهم، بعدم فعل أو ذكر ما ينكرون ويخالفون.
فقد جاء الكافي عن مدرك بن الهزهاز عن أبي عبدالله الصادق (ع) أنه قال: (رحم الله عبداً اجتر مودة الناس إلى نفسه، فحدثهم بما يعرفون وترك ما ينكرون) .
والحديث واضح في أن يقول المؤمن ما يقبله الآخر، وأن لا يبدي ما ينكره الآخر، وإن كان خلافاً لما يعتقده ويراه. وأن جلب المودة مبرر كاف لتجويز ذلك، وليس دفع الضرر فقط.
وورد عن الإمام الحسن بن علي(ع) أنه قال: (إن التقية يصلح الله بها أمة لصاحبها مثل ثواب أعمالهم، فإن تَرَكها أهلك أمة تاركها شريك من أهلكهم) .
وجاء عن الإمام الصادق(ع): (ليس منا من لم يلزم التقية ويصوننا عن سفلة الرعية) . والحديث يدل على أن التقية مطلوبة لدفع الضرر عن سمعة المذهب، وليس فقط لدفع الضرر عن النفس.
الاجتهاد: ألیست التقیة کذباً؟ الدین لا یسمح الکذب و لو لمصلحة شخصیة أو نوعیة.
الشيخ الصفار: من الناحية الشرعية فإن الفقهاء يذكرون موارد يجوز فيها الكذب، ومنها دفع الضرر البدني والمالي عن نفسه أو عن الآخرين، بل تواترت الروايات على جواز الحلف كاذباً في هذا المورد
ومن موارد الكذب المستثنى من الحرمة، الكذب لإصلاح ذات البين فقد ورد عن رسول الله (ص) أنه قال: (ليس الكذاب من أصلح بين الناس) ، وفي صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبدالله (ع) قال: (المصلح ليس بكذاب) .
وإذا كان الإسلام يجيز كتم الحقيقة، بل قول ما يخالفها لإصلاح ذات البين بين شخصين متنازعين، ويعتبره من مستثنيات حرمة الكذب، فكيف لا يجيز ذلك للإصلاح بين طوائف الأمة ومكوناتها.
الاجتهاد: ما هی حدود التقیة ؟ نحن نری الأئمة (ع) و صحابة النبیّ (ص) منهم من یعمل بالتقیة ومنهم مثل الحسین(ع) و أبي ذرّ رحمه الله یترکها و یعلن بصراحة فسق الخلیفة و عدم أهلیته للخلافة. متی نقول الحق و متی نکتمه؟
الشيخ الصفار: إذا كان كتمان الحق قولاً أو عملاً يدفع ضرراً محدوداً لكنه يؤدي من ناحية أخرى لضرر أشد وأكبر على مصلحة الدين والأمة، فهنا يصح التنازل عن العمل بالتقية بل قد يجب، وهذا ما يفسر موقف الإمام الحسين (ع) الذي شخّص أن الموقف يستلزم منه الاجهار بالحق، ورفض الخضوع لسلطة يزيد بن معاوية، لأن ضرر سكوته وخضوعه أشد على الدين والأمة مما يصيبه من قتل وأذى. وكذلك الحال في موقف أبي ذر الغفاري الذي رأى أن سكوته عن الفساد والانحراف ضرره أكبر مما يصيبه من ضرر لمعارضته.
فلا بد من التشخيص الموضوعي للظرف، هل يقتضي المواجهة وتحمل تضحياتها؟ أو يرجّح فيه الصبر وممارسة التقية؟ فالظروف تختلف، ومواقع الأشخاص تختلف، فمن يكون في موضع القدوة والقيادة، يختلف عن الشخص العادي.
وهكذا تختلف أوضاع البيئات والمجتمعات، فقد تكون المواجهة هي الموقف المطلوب، وقد تكون المداراة هي الخيار المناسب.
الاجتهاد: ما هو دور التقیه فی التعایش مع المذاهب الأخری؟ هل لا یمکننا أن نتعایش مع الأخرین دون تقیة وکتمان للحقائق؟ یعنی یقول کل مذهب و فرقة کلما یعتقد أنه صحیح دون مشاجرة و نزاع؟
الشيخ الصفار: نحتاج للتقية لتحقيق التعايش مع المذاهب الأخرى، إذا كنا نعيش في ظل دولة تصادر الحريات الدينية، أو مجتمع يمارس التشدد تجاه الرأي المذهبي الآخر، وهذان الأمران لا زالا موجودين بشكل محدود، لكن الوضع العام في العالم الإسلامي حالياً، لا يستوجب استخدام التقية لتحقيق التعايش.
نعم هناك مسألة ترتبط بالسب واللعن لرموز المذاهب الأخرى، إذا اعتقدنا أنها جزء من المذهب، فإن اظهارها وإعلانها يمنع التعايش مع المذاهب الأخرى، وهنا لا بد من ممارسة التقية، ويبدو لي أنها ليست جزءاً من المذهب، وإنما هي افراز لبيئة وعصر معين، والبراءة الواجبة هي البراءة القلبية والعملية، كما أن النصوص التي تتحدث عن مثالب ولعن الرموز الأخرى معظمها غير معتبر في سنده أو غير مقبول في مضمونه.
بل وردت روايات عن الأئمة (ع) تشير إلى أن الروايات التي تذكر مثالب الرموز الأخرى مدسوسة في أخبار الأئمة، من قبل أعدائهم، كالرواية التي نقلها الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا(ع)، فيما قاله الإمام الرضا(ع) لابن محمود: (يا ابن أبي محمود إن مخالفينا وضعوا أخبارًا في فضائلنا وجعلوها على ثلاثة أقسام: أحدها الغلو، وثانيها التقصير في أمرنا، وثالثها التصريح بمثالب أعدائنا، فإذا سمع الناس الغلو فينا، كفّروا شيعتنا، ونسبوهم إلى القول بربوبيتنا، وإذا سمعوا التقصير، اعتقدوه فينا، وإذا سمعوا مثالب أعداءنا بأسمائهم، ثلبونا بأسماءنا، وقد قال الله عز وجل: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ فَيَسُبُّوا اللَّـهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}) .
وإذا ما استثنينا موضوع الشتم واللعن والمثالب والمطاعن، فليست هناك مشكلة في تعايش المذاهب وإعلان كل فرقة لمعتقدها، فنحن الشيعة لا مشكلة لنا في التعايش مع الاباضية مثلاً، لكننا لن نقبل منهم إذا أعلنوا بعض آراء الخوارج السابقين في النيل من الإمام علي(ع).
وكذلك فإن السنة لن يقبلوا من الشيعة اللعن والشتم للصحابة والخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين.
وأذكر هنا رواية عن الإمام الصادق(ع) تدعم هذه الفكرة، حيث يقول (ع) موجهاً كلامه لشيعته: (ما أيسر ما رضي الناس به منكم، كفّوا ألسنتكم عنهم) .
الاجتهاد: صحیح أن نقول أن علیّاً (ع) کفّ نفسه عن القتال فی قصه سقیفة للتعایش؟
الشيخ الصفار: نعم يمكننا القول بكل تأكيد أن علياً (ع) لم يشهر السلاح بعد وفاة رسول الله(ص) دفاعاً عن حقه في الخلافة، مراعاة للمصلحة العامة للإسلام والأمة، والتي كانت ستتضرر لو اندلعت حرب أهلية آنذاك، لأنها ستعيد حالة الاحتراب والاقتتال بين القبائل العربية، التي عانت منها سنين طويلة، وتجاوزتها ببركة الإسلام الذي اعتبرها أكبر نعمة تحققت بفضله، يقول تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[سورة آل عمران، الآية:103] فما كان يصح لعلي أن يفتتح ويدشن حالة العودة للاحتراب والاقتتال، كما أن عنوان الحرب حينئذٍ سيكون الصراع على السلطة، وهو ما يعزّز حالة الارتداد، ويعطي الانطباع بأن الدين مجرد غطاء لمصالح سلطوية لا أكثر، كما سيشجع القوى خارج الجزيرة العربية للانقضاض على الكيان الإسلامي.
وهذا ما توحي به الكلمات الواردة عن علي (ع) حول الموضوع. كقوله (ع) في خطبة له بذي قار: (قد جرت أمور صبرنا فيها وفي أعيننا القذى؛ تسليمًا لأمر الله تعالى فيما امتحننا به؛ رجاء الثواب على ذلك، وكان الصبر عليها أمثل من أن يتفرق المسلمون، وتسفك دماؤهم) .
وما رواه أبو الطفيل عامر بن واثلة: (كنت على الباب يوم الشورى، فارتفعت الأصوات بينهم، فسمعت عليًا (ع) يقول: بايع الناس أبا بكر وأنا والله أولى بالأمر منه، وأحق به منه! فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع القوم كفارًا، ويضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف)
الاجتهاد: بعض المعاصرین یقولون لا تجوز التقیة الیوم. لأن وسائل الإعلام لم تبق لنا شیئاً و عقیدة و حقیقة للکتمان. کل شیء مکشوف للعالم. إذن لا حاجة للتقیة فی الظروف الراهنة. مثلاً شیعیّ و سنیّ کلاهما یعتقدان بالنسبة للآخر أخطاء کبیرة أحیاناً تؤدّی إلی التکفیر و هذا مکتوب في كتبهم. لماذا نسعی للکتمان ولغرض غیر ممکن؟ ما رأي سماحتکم؟
الشيخ الصفار: من الناحية الشرعية فإن التقية جائزة عند الحاجة إليها في كل زمان ومكان، وفي أي مجتمع، ولكل فرد وجماعة، نظراً لإطلاقات النصوص المشرعة لها، كقوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم}[سورة النحل، الآية: 106].
وقوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}[سورة آل عمران، الآية: 28].
وأساساً فإن التقية حكم عقلي، ليس مقيدًا بزمن؛ لأن العقل يقضي بتقديم الأهم على المهم.
أما تشخيص الظروف الخارجية وهل فيها ما يستدعي التقية أم لا؟ فهذا يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأوضاع السياسية والاجتماعية.
على مستوى العلاقة بين السنة والشيعة في العالم الإسلامي اليوم اعتقد أن معظم أسباب التقية قد زالت، بسبب تغير الظروف السياسية والاجتماعية، التي أصبحت تؤمن قدراً كبيراً من الحريات الدينية والفكرية، والتعبير عن الرأي، لكن بعض المجتمعات الإسلامية لا زالت تعيش أجواء التشدد في آرائها ومواقفها، لا تتقبل وجود وإظهار الرأي الآخر، فينبغي بث ثقافة التعددية وحرية الرأي والتسامح وقبول الرأي الاخر في هذه المجتمعات، وإلى أن يتحقق التغيير في هذه المجتمعات، لا بد من رعاية أجواء الوحدة والتعايش بين مكوناتها، فإذا كان إظهار رأي عقدي، أو ممارسة شعيرة مذهبية، يسبب خطراً أو ضرراً، فإن التقية مطلوبة ضمن تشخيص القيادات الواعية في تلك المجتمعات.
ولا ينبغي الاندفاع عاطفياً خلف بعض المتحمسين الذين تنقصهم الحكمة والوعي، فيوقعون مجتمعاتهم في حال من الانقسام والاحتراب، خاصة مع وجود قوىً سياسية داخلية وخارجية، تريد إشعال نيران الفتن الطائفية لأغراض ومصالح لا تخفى.
وهناك فرق بين شيء كان يطرح في الماضي، وتذكره كتب التراث، وبين التعبئة الإعلامية والإثارة الجماهيرية، فليس كل ما حدث في التاريخ، ولا كل ما ورد في كتب التراث، يصح تفصيله ونشره على المستوى الشعبي في الحاضر، نعم يمكن أن يكون محل نقاش وحوار بين المختصين والعلماء من الجهتين، لا أن يكون مادة مبتذلة للنزاع والخلاف، يشغل أبناء الأمة عن قضاياها المصيرية، وعن التحديات الكبيرة التي تواجهها.
ويمكننا هنا الاستشهاد بجواب الإمام علي (ع) لبعض أصحابه وقد سأله كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به، فقال (ع): (يَا أَخَا بَنِي أَسَدٍ إِنَّكَ لَقَلِقُ الْوَضِينِ تُرْسِلُ فِي غَيْرِ سَدَدٍ وَ لَكَ بَعْدُ ذِمَامَةُ الصِّهْرِ وَ حَقُّ الْمَسْأَلَةِ وَ قَدِ اسْتَعْلَمْتَ فَاعْلَمْ أَمَّا الِاسْتِبْدَادُ عَلَيْنَا بِهَذَا الْمَقَامِ وَ نَحْنُ الْأَعْلَوْنَ نَسَباً وَ الْأَشَدُّونَ بِالرَّسُولِ (ص) نَوْطاً فَإِنَّهَا كَانَتْ أَثَرَةً شَحَّتْ عَلَيْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ وَ سَخَتْ عَنْهَا نُفُوسُ آخَرِينَ وَ الْحَكَمُ اللَّهُ وَ الْمَعْوَدُ إِلَيْهِ الْقِيَامَةُ.
وَ دَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ فِي حَجَرَاتِهِ * وَ لَكِنْ حَدِيثاً مَا حَدِيثُ الرَّوَاحِلِ وَ هَلُمَّ الْخَطْبَ فِي ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ…) .
فالإمام هنا يعتبر إثارة موضوع الخلافة بعد رسول الله (ص) في ظرف المواجهة مع معاوية، ينبعث من اضطراب الفكر (قَلِقُ الْوَضِينِ) ومن عدم الحكمة في الطرح (تُرْسِلُ فِي غَيْرِ سَدَدٍ) ويدعو إلى ترك إثارته، وتركيز الاهتمام على المعركة الحاضرة ضد تمرد معاوية.
الاجتهاد: کیف نستطیع أن نحکّم التقیة علی العالم الإسلامي؟ کیف نتعامل مع الأعمال و الأقوال المضادة للتقیة و المؤدیة إلی الصراع؟
الشيخ الصفار: هؤلاء الذين يثيرون القضايا الطائفية ليست المشكلة معهم أنهم يخالفون التقية، بل إنهم يشعلون الفتنة، ويخدمون مخططات الأعداء، وينبغي توعية المجتمعات لرفضهم، ورفض توجهاتهم، باعتبارها خطراً على مصلحة الإسلام والأمة بشكل عام وعلى التشيع والشيعة بشكل خاص.
فمعظم ما يقولونه ليس حقاً نطالبهم بكتمانه، بل معظمه ادعاءات ونقولات غير ثابتة، أو لا تمثل اصولاً عقدية في المذهب، وليست محل اتفاق وإجماع عند علماء الشيعة.
وقد كتب العلماء والباحثون تفنيداً علمياً لتلك المقولات، لكنهم يصرّون على طرحها، بمبررات واهية، وأدلة مصطنعة، نسأل الله أن يهديهم، وأن يكفي المسلمين سنة وشيعة شرهم.
حاوره: الشيخ محمد مرواريد
احسنتم واحسن الشيخ حسن فكلامه عين الصواب والحقيقة انني معجب بهذا الفكر النير وبهذه الاطروحات الجميلة
وفقكم الله جميعا
احسنتم جميعا حوار جميل ومفيد