فلسفة الفقه

فلسفة الفقه عند الشهيدين الصدر ومطهري “قدس سرهما” / الدكتور عبدالجبار الرفاعي

الاجتهاد: من هو أول مَن تحدّث عن “فلسفة الفقه” سواءً كان المصطلح نفسه، يعني تداول، أو على الأقل أشار إلى فكرة أساسية في موضوع فلسفة الفقه؟

تطرق الدكتور عبد الجبار الرفاعي خلال محاضرته بعنوان ” ما تعد به فلسفةالفقه” في منتدى الثلاثاء الثقافي في محافظة القطيف إلى أول من تحدّث من علماء الشيعة حول فلسفة الفقه، متسائلاً: من هو أول مَن تحدّث عن “فلسفة الفقه” سواءً كان المصطلح نفسه، يعني تداول، أو على الأقل أشار إلى فكرة أساسية في الموضوع فلسفة الفقه؟

أنا بحدود اطلاعي على الفقهاء الشيعة، ولا أدعّي أنّه عمل استقرائي مدوّنة في الفقه الإسلامي في كل المذاهب الواسعة جداً جداً، وأنا أيضاً أحترمهم وأحترم الاجتهادات المختلفة فيه، لكن أنا باعتبار أساساً تكويني تكوين حوزوي وبحدود إطلاعي على الفقه الجعفري، واجتدد أنّ أول من قارب هذا الموضوع بشكل منطقي وبشكل فتح باب البحث في هذا الموضوع هو السيد محمد باقر الصدر”رحمة الله عليه” في جزء الثاني من إقتصادنا، الذي طبع في النجف سنة ٦٠ أو ٦١ . وكانت الطبعة في جزئين كل جزء في مجلد مستقل عن الآخر. طُبع كتاب فلسفتنا في 59، وكتاب اقتصادنا في 60  الجزء الأول منه، والجزء الثاني أظن في آخر سنة الستين.

في مقدمة الجزء الثاني من إقتصادنا، ( في الطبعة الجديدة طبعاً باعتبار أن الكتاب مطبوع في مجلد واحد بعد أن طُبع في بيروت في دار التعارف) خلال صفحة ٣٨٠ إلى ٤٠٥ ، السيد رحمة الله عليه له بحث بعنوان عملية الاجتهاد والذّاتي.

تحدّث في المذهب الاقتصادي في الإسلام عمّا عبّر عنه بعملية الاجتهاد والذّاتي، اقصد بالذاتية يعني ذاتية المجتهد نفسه.

يقول الخطر الذي يحفّ بعملية الاكتشاف، أي اكتشاف المذهب الإقتصادي في الإسلام هو خطر العنصر الذّاتي للمجتهد، وتسرُّب الذّاتية إلى عملية الإجتهاد. إذا أضاف المُمارس يعني المجتهد إلى عملية اكتشاف المذهب الإقتصادي وبناءه، خلال عملية الاكتشاف وفهم النصوص، شيئاً من ذاته وساهم في العَطاء في بناء رؤيته، يعني لوّنها وأضافله من ذاته، فإن البحث يفقد بذلك أمانته الموضوعية وطابعه الاكتشاف الحقيقي.

طبعاً ها هو أول مرة يتحدث السيد الصدر “ره” عن هذه المشكلة بالتفصيل ومناشئها أساساً، وهو رجل معروف بالنبوغ والعبقرية حقيقة، لكن باعتباره أنه “ره” فقيه كان ينتهي إلى نتائج تنتمي إلى العقل الفقهي والعقل الكلامي. يعني مقدماتها مقدمات عقلية حرّة ولكن نتائجها نتائج كلامية.

ذاتية طبعاً أيضاً هنا أشار إليها كأنها ذاتية إرادية وإختيارية، بينما في فلسفة الفقه، الذاتية التي تتحدث عنها فلسفة الفقه هي ذاتية لا واعية ولا إرادية، و ما يعبّر عنه بالهرمنيوطيق الأحكام المسبقة التي هي مضمرّة وغير واعية.

ومن الذين تحدّث عن فلسفة الفقه من فقهاء الشيعة وكان حديثه أكثر وضوح وأكثر صراحة في مرحلة متأخّرة عن حديث السيّد محمد باقر الصدر “ره” هو الشيخ مرتضى المطهري”ره”.

في أحد محاضراته يتكلم كلاماً مثيراً وهو يلخّص ما نعنيه بفلسفة الفقه، وهذا الكلام أظن لو يتكلمه واحد الآن بعد نصف قرن، بتعبيرنا العراقي ” تنگلب عليه الدنيا”!!

يقول شيخ المطهري؛ المُسبقات الفكرية لكل فقية ونمط معرفته بالعالم الخارج المحيط به، تُؤثّر في فتاواه. بحيث أن فتوى العربي تفوح منها رائحة العرب، (يشير هنا إلى العامل الأثني القومي) وفتوى الأعجمي تفوح منها رائحة العجم، وفتوى القُرَوي تفوح منها رائحة القرية، وفتوى المَدَني تفوح منها رائحة المدينة، وتستطيع أن تقول أن فتوى البدوي تفوح منها رائحة البادية وفتوى الأوروبي تفوح منها رائحة الأوروبا ( هذا ما قال الشيخ المطهري، فقط على سياق هذا النص هو ذكر مثال، والمثال هنا يقرر قاعدة و هي كأنه هنا يشير إلى أنّ فهم النصوص تظهر فيه بصمة ذات المُفسّر والمجتهد بشكل هو لم يتنبّه ولم يلتفت إليه.

ولعل أجمل ما يُمكن استعارته في هذا المقام هو ما قاله الجنيد البغدادي المتصوف الشهير المدفون في بغداد: لونُ الماء لونُ إناءه . يعني لو فرضنا أن تسكب هذا الماء الذي هو بلا لون في قدح لون أسفر يكون لون الماء أسفر، و لو سكبته في قدح أحمر يكون لون أحمر و هكذا…

إذن هذا الماء يتلوّن ويتشكّل ويستبق بلون الإناء الذي يكون فيه، النص عندما يدخل إلى الوعاء الذهني للمفسر أو للمجتهد، كان يتلون هذا النص بذات المفسر وأحكام المُسبَقة وخلفياته بالشكل الذّي، (كما يقول الشيخ مطهري) تظهر عليه ثقافتة ومنشأه وأثنيته وقوميته.

 

 

رابط الفيديو الكامل للمشاهدة

https://www.youtube.com/watch?v=Ysw2tG5cPD0

 

almojam

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky