خاص الاجتهاد: يتكفّل كتاب “بداية الأفكار” بمنح الطالب فرصة الاطلاع الجزئي على آراء ثلاثة من القدماء، وهم السيد المرتضی في كتابه (الذريعة إلى أصول الشريعة)، والشيخ الطوسي في كتابه (العدّة في أصول الفقه)، والمحقق الحلي في كتابه (معارج الأصول)، مضافاً إلى العلامة الحلي في كتبه الثلاثة (مبادئ الوصول إلى علم الأصول) و(تهذيب الوصول إلى علم الأصول) و(نهاية الوصول إلى علم الأصول). بقلم: الشيخ علي الساعدي
وقد اعتمد المؤلف في كتاب ” بداية الأفكار ” على الطبعة الأولى لكتاب (أصول الفقه) التي طُبِعت في أواخر حياته، والتي تبتدئ بكلمةٍ لزعيم الطائفة الإمام الخوئي “قدس سره”، والتي كان لي شرفُ الحصول عليها عارية من أستاذي آية الله السيد محمد رضا السيستاني.
صدر حديثاً عن منشورات (مجلّة دراسات علميّة) كتاب ” بداية الأفكار ” في تسعة مجلّدات وهو شرح أصول الفقه وتوضيح متنه للشيخ محمد رضا المظفّر (رحمه الله) بقلم فضيلة الشيخ علي الساعدي (دام توفيقه). يُطلب الكتاب في النجف الأشرف من: دار البذرة / امتداد شارع الرسول (ص) – قرب مدرسة النضال. ومكتبة المهذَّب / سوق الحويش – خلف مسجد الهندي.”
عن الكتاب
ولمّا كان هدف المصنف – كما يبدو – تقديم موجز وافٍ بأهم مسائل ذلك العلم ضمن مستوى معيّن، وبمنهجيّة حديثة، وأسلوب حديث في العَرض، والمناقشة بصياغة أدبيّة جديدة لكنها متينة ومشحونة بالمحتوى العلمي بأقلّ العبارات وبمستوى غير مبسوط من الألفاظ، احتاج الدّارسون للكتاب إلى ما يذلّل لهم عباراته ويفكّ غامضها، ويبسِّط مستغلقها، ويبيِّن أفكارها بنحوٍ يسهِّل عليهم استيعابَ المطالب على طبيعتها بالمستوى الذي تسمح به المرحلة وبأقرب صورة لما رامه کاتبها “قدس سرها” خصوصاً مع ندرة المصادر المتاحة لشرح خصوص عبائر هذا الكتاب بأسلوب بسيط مسترسل.
هذا، وبالنظر إلى ما لكتاب (أصول الفقه) من أهمية و دور في إعداد الطالب في مرحلة التي يمثّلها فقد أخذت مجلة ( دراسات علمية) على عاتقها طباعة هذا الشرح وتيسيره؛ لما يتمتع به من خصوصيات سيقف عليها الدارسون، فهو يبتدئ كلّ موضوع ببيان المطالب الأصولي والتطرق لأهم الأقوال فيه، ويختمه بتوضيح عبارة المتن بنحو يربط فقراتها بما سبقَ بيانه في الشرح.
مقدمة ناشر كتاب ” بداية الأفكار “
لا شك في أن مسائل أصول الفقه هي مصباح الفقيه وملاذُه في عملية استنباط الحكم الشرعي، خصوصاً عندما تعوزه الأدلّة الاجتهادية الأخرى أو تتعارض، حتى قيل: إن الأقدر من المجتهدين على كبريات مسائل الأصول وصغرياتها هو الأقدر على الاستنباط.
وبغض النظر عن مدى دقة هذه المقولة في حدّ نفسها، إذ تكتنف عملية الاستنباط مهارات ومعارف أخرى مرتبطة بالفقه ممّا يضيِّق دائرة الحاجة إلى مسائل الأصول النظرية في كثير من المسائل الشرعية إلى الحدّ الذي يكون دور الأصول فيها نحواً من التطبيق المباشر للكبريات المسلمة كحجية خبر الثقة، وحجية ظواهر الألفاظ التي لا تخلو منهما مسألة فقهية تقريباً، ولا تُعد المهارة المصروفة تجاهها مهارة أصولية بقدر کونها فقهية وما يرتبط بالفقه.
وكيف كان، فلا يمكن إنكار دور تطوّر مسائل علم الأصول نظرياً وتطبيقياً في تطوّر الفقه ومتانة بناء مسائله، وبالتالي دقّة النتائج المعتمدة عليها طالما أنَّ المسألة الأصولية هي الحدّ الأوسط في كبرى الاستنباط .
وغير خفيّ أنّ من أهم المتون الدراسية لعلم الأصول على مستوى السطوح المتوسطة للدراسة في الحوزات العلمية هو كتاب (أصول الفقه) للمرحوم آية الله الشيخ محمد رضا المظفر؛ إذ نجح هذا الكتاب في أن يكسب ثقة المحصلين في أروقة الحوزة المختلفة، ويشغل بنجاح لسنين متطاولة متطلبات المعرفة بمسائل هذا العلم على المستوى الذي يُهيّئ الطالب لتلقّي مباحث علم الأصول في مستوى السطح العالي في كتاب آخر مثل كفاية الأصول للآخوند الخراساني، ولذلك تجد أن الكتاب يأخذ على عاتقه بلورة آخِر الأفكار في مسائل العلم إلى العصر الذي تلقّى فيه مصنّفه تلك الأفكار من أساتذته،
ولمّا كان هدف المصنف – كما يبدو – تقديم موجز وافٍ بأهم مسائل ذلك العلم ضمن مستوى معيّن، وبمنهجيّة حديثة، وأسلوب حديث في العَرض، والمناقشة بصياغة أدبيّة جديدة لكنها متينة ومشحونة بالمحتوى العلمي بأقلّ العبارات وبمستوى غير مبسوط من الألفاظ، منَعَ الكتاب عن المتناولين له جانبه وعَسُر على المرتادين الانتهالُ من فيض وارده إلا بالاستعانة بأستاذ متمرِّس سَبَر أغوار الكتاب قبل ذلك.
ومن هنا، كان الدّارسون للكتاب يحتاجون إلى أساتذة متمرِّسين في تلك الأفكار قد حصّلوها من مستويات أعلى أو تتبعوها في الكتب المختصّة في هذا المجال لكي يذلّلوا للطلبة في ذلك المستوی عبارات الكتاب، ويفكّوا غامضها، ويبسِّطوا مستغلقها، ويبيِّنوا أفكارها بنحوٍ يسهِّل على المتلقّي الدارس لذلك المتن استيعابَ المطالب على طبيعتها بالمستوى الذي تسمح به المرحلة التي هو فيها، وبأقرب صورة لما رامه کاتبها.
وقليل هم الذين انتبهوا لحاجة كتاب أصول الفقه – للأسباب المتقدمة – إلى صرف الهمّة والنشاط نحو شرح هذا الكتاب شرحاً مكتوباً یكون تذكرةً للأستاذ ومرجعاً، وللطالب تبصرةً وفهماً، فكان فضيلة الشيخ علي الساعدي (دام عزه) ممّن شمّر ساعد الجِدّ لشرح عبارات ومطالب الكتاب والوصول بدارسه إلى ساحل مرادات المصنف والتقاط لآلئ معانيه ومقاصده من أصداف الفاظ عباراته، وفي مختلف فصول الكتاب على طول أجزائه الأربعة.
ويظهر منه (دام عزه) أنه قد أرَّقه ما يراه من الصعوبة التي يكابدها الاثنان المتناولان للكتاب – المدرِّس والدّارِس – فالأول في طول الوقت الذي يقضيه في التطواف على المصادر المناسبة لتحضير الدرس، والثاني في صعوبة التحضير والمراجعة وتتميم الفائدة مع ندرة المصادر المتاحة لشرح خصوص عبائر هذا الكتاب بأسلوب بسيط مسترسل، فاهتدی (دام عزه) إلى تدوین خلاصات دروسه المعدّة لتدريس ذلك الكتاب، و من تم تجميعها بعد تشذيبها تحت متون الكتاب في أماكنها المناسبة.
ولمّا كانت مجله (دراسات علمية) مهتمة بكلّ ما يسهم في دفع عجلة النشر والإفادة في علمي الفقه والأصول وما يرتبط بها، بالإضافة إلى نشر البحوث المختصة بالعلمين المذكورين، ولأهمية الكتاب المشروح ودوره في إعداد الطلبة في المرحلة التي يمثلها، أخذت على عاتقها طباعة هذا الشرح وتيسيره للدارسين والمختصين إثراءً لمصادر هذا العلم على النحو الذي يُسهم في تيسير مآخذه.
وإذ يسرّ مجلة (دراسات علميّة) أن تتقدّم بوافر شكرها لفضيلة الشيخ المؤلف (دام عزه) على الجهود التي بذلها خلال ست سنوات قضاها مع الكتاب (شرحاً وتوضیحاً)، فإنها تأمل أن يقع هذا الشّرح موقع الرضا عند المهتميّن والمختصين فيكون رصيداً يضاف إلى ما تقدّمه المجلّة من منشورات تساهم في تركيز عملها ودفعه نحو مزيد من التقدّم والانتشار، وما توفيقنا إلا بالله عليه نتوكل وإليه ننيب.
مجلة دراسات علمية
3شوال 1440هـ
مقدمة المؤلف
إن كتاب (أصول الفقه) الذي صنّفه العلامة المجدّد الشيخ محمد رضا المظفر “قدس سره” (ت۱۳۸۳هـ) يحتل موقعاً مهماً في أوائل مرحلة السطوح، حيث يقف الطالب من خلاله على دورة أصولية مختصرة بأسلوب منهجي يوفّر له إطلالة جيّدة على كتاب (كفاية الأصول).
وبعد أن وفّقني الله تعالى لتدریس کتاب (أصول الفقه) لعدة دورات، استقر الرأي -بعد التّوكل عليه تعالى – على كتابة شرح بين مطالب الكتاب بأسلوب يبتعد عن الإيجاز المخلّ وينأى عن الإطناب المُمِل، ويوضّح عبارات المتن، ويتوقّف عند ما ينبغي التوقّف عنده، ويُمهّدُ للطالب الوقوفَ على مطالب (الكفاية) وفهم آراء مصنّفها الآخوند الخراساني في مختلف المسائل الأصولية المطروحة في (أصول الفقه).
ورأيت من النافع للطّالب أن يتعرف – قدر الإمكان – على أهم الأقوال في المطلب الأصولي، ونسبة كلِّ منها إلى صاحبه وفق التسلسل الزَّمني، وكان التركيزُ في هذا الجانب على أصحاب المصنفات المعروفة التي يطمأّن بأنّ المصنف “قدس سره” قد لاحظ جُلَّها عند تأليفه للكتاب،
ابتداءً بالمحقق الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني (۱۰۱۱هـ) في كتابه (معالمُ الدّين وملاذُ المجتهدين)، والشيخ البهائي (۱۰۳۱هـ) في كتابه (زبدة الأصول)، والفاضل التوني (۱۰۷۱هـ) في كتابه (الوافية في أصول الفقه)، والسيد محسن الأعرجي (۱۲۲۷هـ) في كتابه (المحصول في علم الأصول)، والمحقق القمي (۱۲۳۱هـ) في كتابه (القوانين المُحكَمة في الأصول)، والمحقق التقي(۱۲4۸ هـ) في حاشيته على المعالم المسماة(هداية المسترشدين)،
وأخوه المحقق الشيخ محمد حسین (۱۲6۱هـ) في (الفصول الغروية في الأصول الفقهية)، ومروراً بالشيخ الأعظم الأنصاري(۱۲۸۱هـ) في كتابه الخالد (فرائد الأصول)، وتقریرات بحثه(مطارح الأنظار)، والمحقق الآخوند (۱۳۲۸هـ) في تحفته (كفاية الأصول)، والمحققين الثلاثة – مشایخ المصنف وهم:
المحقق النائيني(1355هـ) في تقريرَي بحثه (فوائد الأصول) و(أجود التقریرات)، والمحقق الأصفهاني(1361هـ) في تعليقته على الكفاية (نهاية الدرية)، والمحقق العراقي(1361 هـ) في تقریرات بحثه (نهاية الأفكار) وكتابه (مقالات الأصول)، والسيد الحكيم (۱۳۹۱هـ) في حاشيته على الكفاية (حقائق الأصول)، وانتهاءً بالسيد الخوئي (1411هـ) في عدة من تقریرات بحثه منها (دراسات في علم الأصول) و(مصباح الأصول) و(مصابيح الأصول) و(الهداية في الأصول) و( محاضرات في أصول الفقه).
وزيادة في الفائدة العلمية،
فقد تكفّل هذا الشرح ( بداية الأفكار ) بمنح الطالب فرصة الاطلاع الجزئي على آراء ثلاثة من القدماء، وهم السيد المرتضی(436 هـ) في كتابه (الذريعة إلى أصول الشريعة)، والشيخ الطوسي(460هـ) في كتابه (العدّة في أصول الفقه)، والمحقق الحلي(676هـ) في كتابه (معارج الأصول)، مضافاً إلى العلامة الحلي (726هـ) في كتبه الثلاثة (مبادئ الوصول إلى علم الأصول) و (تهذيب الوصول إلى علم الأصول) و (نهاية الوصول إلى علم الأصول).
وقد اعتمدتُ في الشرح على الطبعة الأولى لكتاب (أصول الفقه) التي طُبِعت في أواخر حياته، والتي تبتدئ بكلمةٍ لزعيم الطائفة الإمام الخوئي، والتي كان لي شرفُ الحصول عليها عارية من أستاذي سماحة آية الله السيد محمد رضا السيستاني (أطال الله تعالى في عمره الشريف).
هذا، وقد حرصتُ – كل الحرص – على تخريج الآيات القرآنية والأحاديث التي أوردها المصنّف في المتن، مع ضبطها بالشكل، ووضع الحركات الإعرابية في المواضع المطلوبة، مضافاً إلى توظيف قواعد (علم الترقيم) للمساعدة في معرفة المعنى المقصود من خلال وضع الأقواس والعلامات الشارحة والفوارز وغيرها،
وقد أبقيتُ الإرجاعات التي ذكرها في ضمن المتن من دون أي تغيير، كما أوردت الهوامش المذكورة في أسفل الصفحة – من تعليقات وتخريجات – مصدَّرةً بكلمة (هامش) تميزاً لها عما يُذكر لتوضيح المتن.
وقد أخذ هذا العمل (شرحاً وتوضیحاً) مني جُلَّ أوقات العُطَل الصيفية وأيام المناسبات الدينية المتوزعة على عدة سنوات ابتدأت عقيب الانتهاء من آخِر دورة تدريسية للكتاب في العام 1434هـ حتى مَنَّ الله تعالى عليَّ بإكماله في أواخر العطلة الصيفية للعام 1440 هـ.
وقد كانت في النَّفس رغبةٌ في ملاحظة بعض الشروح المتيسّرة للكتاب (ولو في الجملة)، ولكنّ سيفَ الوقت – على عادته – كان قاطعاً، فحال بيني وبين ذلك، ولله تعالى الحمد على كل حال .
ولا يفوتني أن أقدّم جزيل شكري ووافر امتناني إلى إدارة مجلة (دراسات علمية) الغراء، وأخصّ بالذكر جناب الأخ الفاضل السيد جواد الموسوي الغُرَيفي (دام توفيقه) لتكفلهم بالإخراج الفني للشرح وطباعته، فجزاهم الله تعالى خير جزاء المحسنين، وأبقاهم ذُخراً وملاذاً لطلاب حوزتنا العلمية المباركة.
وختاما، أسأل الله تعالى أن يتقبّل هذا العمل القليل المتواضع قربةً إلى وجهه الكريم، وأن ينفعنا به يومَ لا ينفعُ مالٌ ولا بنون، إنه ولي ذلك، وما توفيقي إلا بالله تعالى، والحمد لله أولا وآخراً، وظاهراً وباطناً.
الرّاجي إلى رحمة ربّه ورضوانه
علي حسن الساعدي
– 29ذي الحجة الحرام 1440هـ.
# بداية الأفكار