خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
خانه / خاص بالموقع / 22 تقرير خبري خاص / ثلاثة أبعاد من شخصية العلامة النائيني: دروس في العلم والجهاد والورع للحوزات العلمية

ثلاثة أبعاد من شخصية العلامة النائيني: دروس في العلم والجهاد والورع للحوزات العلمية

خاص الاجتهاد: شهدت مدرسة “صدر بازار” العلمية في مدينة أصفهان، مؤتمراً كبيراً لتكريم ذكرى العلامة المحقق الشيخ محمد حسين النائيني قدس سره، بمشاركة نخبة من كبار الأساتذة والفضلاء من حوزتي قم وأصفهان العلميتين.
وكان في مقدمة المتحدثين سماحة آية الله طباطبائي نجاد؛ ممثل الولي الفقيه وإمام جمعة أصفهان، وسماحة حجة الإسلام والمسلمين الميرزا جعفر النائيني (من أحفاد المرحوم الميرزا النائيني)، وفضيلة حجة الإسلام والمسلمين أحمد فرّخ فال؛ الأمين العام للمؤتمر الدولي للميرزا النائيني “قدس سره”

وقد وجّه آية الله الشيخ حسين المظاهري رسالة للمؤتمر، أكد فيها أن إقامة هذا الحدث فرصة سانحة لدراسة أفكار العلامة النائيني واستلهام الدروس من حياته.
وأشار إلى أن شخصية النائيني جمعت ثلاثة أبعاد مهمة: البعد العلمي، البعد الأخلاقي والروحي، والبعد السياسي.

ووصف آية الله المظاهري العلامة النائيني بأنه كان مجدّداً لعلم أصول الفقه الشيعي، كما كان فقيهاً مجاهداً شارك في ثورة التبغ والثورة الدستورية، وواجه الاحتلال الأجنبي. وشدد على ضرورة اقتداء طلاب الحوزات العلمية بسيرة هذا العالم البارز، مؤكداً أن بقاء الحوزات واستمرارها يعتمد على التزامها بهذا النهج العلمي والجهادي.

نص رسالة سماحته إلى المؤتمر على ما يلي:

بسم الله الرحمن الرحيم
قال‌الله سُبحانه و تَعالی: «إِنَّما یَخْشَی‏ اللَّهَ‏ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللَّهَ عَزیزٌ غَفُورٌ.

أوجز فی هذا المجال القَصیر، بالإشارة والترکیز على ثلاثة أبعاد مهمة من الأبعاد المشرقة لشخصیة المحقق النائینی «قدّس‌سرّه»، والتی تحمل کلها دروساً بالغة الأهمیة لجمیع الحوزویین.

وأطلب منکم أیها الضيوف الأعزاء المشارکین فی هذا اللقاء الکریم، ومن سائر الطلاب ورجال الدین، وخاصة الأساتذة والمدرسین الأفاضل فی الحوزات العلمیة، أن یتدبروا بجدّیة فی السیرة العلمیة والعملیة النیرة والقویمة لهذه الشخصیة السامیة، وأن یقتدوا بهذا النهج والطریقة.

ولیعلموا أن بقاء واستمرار الحوزات العلمیة یرتبط بدوام هذه السیر العطرة للأساطین والأعلام الکبار الذین، على مدى قرون متمادیة بعد الغیبة الکبرى حتى یومنا هذا، قد أضاءوا الحوزات العلمیة الشیعیة وحفظوا مدرسة ومعارف أئمة الهدى «علیهم‌السلام» المحیّیة. سلام وثناء ورحمة الله الواسعة على أرواحهم الطاهرة جمیعاً.

إن البعد الأول من أبعاد شخصیة المحقق النائینی «رضوان الله علیه» هو البعد العلمی والسمة الفکریة لهذه العلامة المتبحرة. فقد کان سماحته، منذ طفولته، یتمتع، بعنایات إلهیة، بعبقریة وموهبة متألقة، لدرجة أن علماء عصره وأساتذته فی نائین وفی المراحل الأولى من دراسته، قد دهشوا من قوة فهمه وذکائه وحافظته. وفی فترة مراهقته، هاجر إلى الحوزة العلمیة فی أصفهان – التی کانت تعد فی ذلک العصر أهم حوزة علمیة فی إیران – ودرس لأکثر من عشر سنوات فی هذه الحوزة العریقة، وفی محضر کبار أساتذة تلک الفترة، وخاصة المیرزا أبو المعالی الکلباسی «قدّس‌سرّه» لمدة تقارب عشر سنوات، والشیخ محمد باقر النجفی الأصفهانی «طاب ثراه» الذی کان زعیم الحوزة العلمیة بأصفهان آنذاک لمدة خمس سنوات، وکذلک ابنه البار، الأقل شهرة، الشیخ محمد حسین الأصفهانی المسجد شاهی «أعلى الله مقامه»، الذی کان مربیاً ومرشداً للمحقق النائینی فی العلم والعمل طوال فترة إقامته فی أصفهان. وقد استفاد علمیًا على أکمل وجه، وفی هذه الفترة أصبح عالمًا مجتهداً وفقیهاً شاباً. ولذلک، یجب أن نعد المحقق النائینی «قدّس‌سرّه» أحد المفاخر البارزة للحوزة العلمیة فی أصفهان.

بعد هذه الفترة، یترک الحوزة العلمیة بأصفهان متوجهاً إلى سامراء لإدراک المحضر العلمی لسماحة المیرزا الشیرازی الكبير «رضوان الله تعالی علیه»، الذی کان محور العلم فی ذلک العصر فی العتبات المقدسة، لینهل ویستفید الإرث العلمی للشیخ الأنصاری «قدّس‌سرّه» من هذا التلمیذ البارز لذلک الشیخ الأعظم. وبشهادة کبار علماء ذلک العصر، کان هذا الفقیه الشاب القادم حدیثاً محط الأنظار وموضع اهتمام الجمیع، وخصوصاً محل عنایة خاصة من المیرزا الشیرازی «قدّس‌سرّه».

وخلال قرابة عشر سنوات، کان دائمًا من خواص ذلک الرجل العظیم ویحظى بمکانة بارزة فی الحوزة العلمیة بسامراء. وبعد هذه الفترة، یتشرف المحقق النائینی، بصفته عالمًا ناضجًا ومعروفًا، إلى النجف الأشرف، ویضرب خیمة الإقامة فی تلک الحوزة العظیمة، وینضم إلى الخاصّة المقربین من العلامة المحقق الآخوند الخراسانی «أعلى الله مقامه الشریف» ویصبح عضوًا بارزًا فی جلسات الإفتاء الخاصة به. وهو بدوره یصبح صاحب کرسی للتدریس والتعلیم، ویربی حتى نهایة عمره المبارک الکثیر من التلاميذ، الذین تخرج من بینهم مراجع تقلید رفيعو المقام. ومن أجلّائهم: الآیات العظام السید صدر الدین الصدر، والسید محمد تقی الخوانساری، والسید محسن الحکیم، والسید أبو القاسم الخوئی، والسید محمد هادی المیلانی، والسید محمود الشاهرودی، الذین کانوا جمیعاً مراجع تقلید فی العصور الأخیرة. ویُعدّ من أبرز تلامذة المحقق النائینی وتربیة مدرسته العلمیة هذه، کبار آخرون مثل العلامة الطباطبائی والعلامة الأمینی «قدس الله تعالی أسرارهم». کما أن بعض کبار علماء الحوزة العلمیة بأصفهان فی الفترة السابقة، مثل اصحاب السماحة آیات الله الخادمی، والطیب، والشمس آبادی «رضوان الله علیهم»، قد تتلمذوا أیضًا من منهل المحقق النائینی «قدّس‌سرّه».

هذا مجرد عرض موجز لمسیرة المحقق النائینی وتاریخه العلمی، وبالطبع، فإن بیان وتحلیل أفكاره وابتكاراته العلمیة والفقهیة، وتجدیداته في علم الأصول، مما جعله مجددًا لعلم أصول الفقه الشیعی، غیر ممكن في هذا المقام.

والهدف من ذكر النقاط المذكورة آنفًا هو مجرد التأكيد على التعلم من البعد العلمی للمحقق النائینی وجده واجتهاده في ساحة العلم، واهتمامه السامي بالتعلیم والتعلّم. إن بقاء الحوزات العلمیة مرهونٌ باقتداء الطلاب ورجال الدين الشباب بهذا السیر المشرق والمتین، وكلما تعززت هذه الطریقة والمنهج العلمی في صلب الحوزات العلمیة، كان الارتقاء والتطور للحوزات أفضل وأكثر ضمانًا.

البُعد الثانی المهم من أبعاد شخصیة المحقق النائینی، والذی ظل للأسف غیر معروف، هو البعد العملی والمقام المعنوی والأخلاقی الرفیع لديه. فالمحقق النائینی، بالإضافة إلى إدراکه لمحضر کبار أهل الأخلاق والمعنویات مثل الملا فتحعلی السلطان آبادی والملا حسینقلی الهمدانی «قدّس‌سرّهما»، کان هو نفسه فقیهاً نزیهاً وعالماً مهذباً وشخصیة معنویة. وقد نقل العدید من تلامیذه نماذج متعددة من حالات العرفان والمعنویات للمحقق النائینی، وأثنوا على مقامه الأخلاقی ومنزلة ورعه. وعلى الرغم من أن هذا البعد من شخصیته قد طغى علیه البعد العلمی، إلا أنه على کل حال، الدرس الکبیر المستفاد من هذه المیزة المتمیزة للمحقق النائینی لعموم أهل الحوزة، وخاصة الأساتذة والمدرسین الکرام فی الحوزات العلمیة، هو أولاً: «وَاتَّقُوا اللَّهَ وَیُعَلِّمُکُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِکُلِّ شَیْءٍ عَلِیمٌ» وثانیاً: «إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ یَجْعَلْ لَکُمْ فُرْقَانًا وَیُكَفِّرْ عَنْکُمْ سَیِّئَاتِکُمْ وَیَغْفِرْ لَکُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ» وثالثاً: «إِنَّ الْحَسَنَ مِنْ کُلِّ أَحَدٍ حَسَنٌ وَإِنَّهُ مِنْکَ أَحْسَنُ لِمَکَانِکَ مِنَّا.

البُعد الثالث من أبعاد شخصیة المحقق النائینی «رضوان الله علیه» هو اهتمامه وعنایته بالمسائل السیاسیة والاجتماعیة للمسلمین والشیعة، وخاصة المجتمع الشیعی فی إیران، وهو ما یعتمد على فکر عميق فی مجال السیاسة.

فهو فقیه مجاهد فی صورة منظّر سیاسی، وکتابه الهام والمعروف «تنبیه الأمة وتنزیه الملّة» لهذا العالم السیاسی، یُظهر أفکاره وآراءه فی میدان السیاسة. والهدف الرئیسي لهذا الکتاب هو نفي الاستبداد وإقامة الدلیل على براءة ساحة الدین من الحاکمیة الاستبدادیة، والتأکید على کرامة الإنسان وحریته ومساواته وحق الأمة فی المشارکة السیاسیة. وقد وصف شخص لا مثیل له مثل المحقق الآخوند الخراسانی هذا الأثر بأنه “أجلّ من أن یُمدح”

المحقق النائيني في ميدان السياسة لا يقتصر على التنظير فحسب، بل يشارك علميًا وعمليًا بصفته مرجعًا وفقيهًا مجاهدًا، في ثورة التبغ (التنباك) وكذلك في الثورة الدستورية. وبعد ذلك، خلال فترة هجوم القوات الروسية والبريطانية على إيران، قام مع مجموعة أخرى من العلماء في ذلك الوقت بتأسيس حركة ضد الأجانب. كما أنه مع بدء الحرب العالمية الأولى واحتلال جزء واسع من الأراضي العراقية من قبل القوات البريطانية الأجنبية، ومع صحبة العلماء الآخرين، قام بالاعتراض والانتفاضة، ونتيجة لذلك تم نفيه إلى إيران، وقضى فترة في الحوزة العلمية بقم مع المرحوم آية الله العظمى السيد أبو الحسن الأصفهاني «قدّس‌سرّه»، في فترة حياة المؤسس المرحوم «رضوان الله عليه»، يمضيها في البحث والتدريس، وبعد عام واحد عاد إلى الحوزة العلمية بالنجف الأشرف.

هذا البُعد من شخصية المحقق النائيني «قدّس‌سرّه» هو أيضًا درس لجميع رجال الدين، وخاصة أولئك الذين ينونون دخول ميدان السياسة.

إن دخول ميدان السياسة يتطلب أولاً: الوعي العلمي والمعرفة النظرية حتى يتمكن الشخص من تشخيص الحق بشكل صحيح في هذا المجال المعقد، وعدم الحيرة والضلال في العواصف والتقلبات السياسية؛

وثانياً: في هذا الميدان يجب على الشخص أن يهيئ نفسه للمجاهدة والعمل والنشاط، وهذا قطعاً يتطلب الشجاعة والبصيرة والصبر والتحمل والجلد في مواجهة المصائب والمشاكل، وكما قال أمير المؤمنين «عليه أفضل الصلوات المصلين»: «وَلَا يَحْمِلُ هَذَا الْعَلَمَ إِلَّا أَهْلُ الْبَصَرِ وَالصَّبْرِ وَالْعِلْمِ بِمَوَاضِعِ الْحَقِّ.

هذه هي دروس المحقق النائيني «قدّس‌سرّه الشریف» لحوزاتنا العلمية اليوم، والتي يجب أن تحظى بالاهتمام الكامل. وإذا استطاع هذا المؤتمر والبرامج الأخرى المخطط لها كمؤتمر الميرزا النائيني الدولي «قدّس‌الله‌روحه» أن توضح هذه الدروس بشكل مناسب، فإنها تكون قد حققت هدفها.

أتقدم بالشكر والتقدير لجميع القائمين على هذا المؤتمر في الحوزة العلمية بقم، وكذلك للمسؤولين عن هذه الجلسة في الحوزة العلمية بأصفهان، وجميع ضيوفنا الكرام. وأسأل الله تعالى الدرجات العلى للمحقق النائيني «أعلى الله درجته وكلمته»، وآمل أن نوفق في التعلم من سيرة وحياة هذا الفقيه الرفيع. إنشاء الله تعالى.

والسلام علیکم ورحمة‌الله وبرکاته.

 

المصدر: وکالة أنباء الحوزة العلمية في أصفهان بالفارسية

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *