فقه تاريخ الفقه

فقه تاريخ الفقه .. كتاب للدكتور هيثم بن فهد الرومي / تحميلpdf

خاص الاجتهاد: فقه تاريخ الفقه : المراد به الاطلاع من سيرة الفقيه على ما من شأنه الإعلام برتبته، والإفصاح عن معاني كلامه من القرآئن والأحوال، ومعرفة المتقدم من المتأخر من أقواله ومذاهبه إن تعددت، وفهم كلامه في سياقه وحمله على مراده فيه.

علم تاريخ الفقه علم شريف المرتبة رفيع المنزلة عظيم المنفعة، بل هو من أشرف العلوم وأنفعها؛ إذ يدخل في موضوعه كل ما يُحتاج إليه في فهم نشأة الفقه وتكون مدارسه الأولى ومذاهبه المستقرة، فمعرفة قرائن النصوص الزمانية والمكانية وظروفها وحسن تفهمها داخلة في تاريخ الفقه، ومعرفة تراجم الفقهاء وطبقاتهم وأخبارهم وآدابهم مما له أثر في فقههم داخلة في تاريخ الفقه، ومعرفة المذاهب الفقهية باصطلاحاتها وكتبها ومراتب فقهائها فيها داخلة في تاريخ الفقه، وكل ذلك بمجموعه يقدم صورة متكاملة لمسيرة الفقه وتاريخه وأثره.

وفي هذا البحث دعوة إلى تطوير مصطلح (علم تاريخ الفقه) الذي من شأنه أن يقوم بإعادة تنظیم لهیکلة العلوم الفقهیة، بحیث یکون نظاما لدرة هنا وجوهرة هناك.

وهو وإن تشكلت محدداته العامة من خلال الكتابات الأولى فيه، إلا أن ثمت مجالا لبسط مشتملاته على وجه يكون فيه خير ونفع وصلاح. فطرائق التعليم الفقهية عند المتقدمين والمتأخرين، ورصد تطور المسائل الفقهية من ابتدائها إلى استقرار المذاهب فیها، و مرجحات اختیار کتاب او شیخ لاعتماد قوله في مذهب من المذاهب، واستكشاف الأسباب والدواعي التي توريث التخالف في اعتبار المذهب، ومسائل أخرى كثيرة ذات أهمية في التدريب الفقهي، كلها بحاجة إلى علم ينتظمها.

فمع أنها مما يبحث تحت مناسبة و اخری، الا أنها تظل حسب تعبیر الزرکشي (ت794 ه) من (خبایا الزوایا)، مع أن ارتباطها بعلم تاريخ الفقه قائم وظاهر. فلا أقل من أن توضع مثل هذه المسائل في المحل اللائق بها من الاعتبار والمكانة بأن تكون جزءا لا يتجزأ من علم شريف متجدد ومستقل.

علم تاریخ الفقه علم حادث

وعلم تاریخ الفقه علم حادث، بدأ التأليف فيه في أواسط القرن الرابع عشر، وأول ما ألف فيه كتابا الحجوي (ت ١3٧٦ه) والخضري (ت ١3٤٥ هـ) الذين كان لهما بالغ الأثر في كثير مما جاء بعدهما في شكله ومضمونه.

غير أن الكتابات في الموضوع أخذت بالتخصص، فکتب الفقهاء والباحثون في مناهج المجتهدین و تاریخ المذاهب، وتوسعوا في ذكر حالة الفقه في أزمنة وأمكنة محددة، وفي بيان أثر فقهاء بعينهم أو كتب بعينها في مذهب ما أو في الفقه بالعموم، و مع ذلك فلا زال هذا المیدان فقیرا الی الدر اسات الموسعة في موضوعاته بالقياس إلى أهميته ومساحته، وإلى الكتابات الموسوعية المرجعية التي هي بحاجة إلى تبنّ مؤسسي و جهد جماعي، ومع ما للأقسام والکلیات والجامعات الشرعية من جهد مشكور في هذا في ندواتها ومؤتمراتها إلا أن الحاجة لتظل أكبر مما هو قائم بالفعل.

وعلم تاريخ الفقه من صميم تخصص الأقسام والكليات الفقهية، وليس بالعلم الطارى عليها أو المكمل لأنصبتها، وكذلك كل تخصص علمي فإنما يُبحث تاريخه في ذات التخصص؛ إذ هو مفتقر في معالجته إلى أدوات لا يحسنها غير المتخصص، وله فائدته وثمرته الكبيرة التي تعود على نتائج العلم نفسها بالنفع الكبير، بل إن تلك النتائج لا يتصور الوصول إليها بقفز مقدماتها وبداياتها التي تتصل بأدوار الفقه المختلفة، وقد مضى في البحث ذکر أبرز ثمرات هذا العلم التي توجب مزید العنایة به .

إن علم التاريخ علم شريف عظيم الخطر، ومن الغبن أن ينظر إليه ناظر على أنه مجرد تخصص لا غير، وأن الاهتمام به إنما يعني فئة من المتخصصين دون غيرهم. مع أن واقع العلوم كافة يشهد بأن التاريخ حياة متكاملة تحمل تفسيرًا لشتى التخصصات، وفي طياته نتفهم نشأة العلوم وتطورها، لا سيما ما كان منها مرتبطا بحیاة الناس و معایشهم.

أما إذا كان الحديث عن علم تاريخ الفقه بالتحديد، فإننا نقلب إذ نقلب صفحاته ديوان حضارة وكتاب حياة لأمة عظيمة تنظم أمما وشعوبًا لم تضق سعة الشريعة عن احتمال الصالح من أحوالها وأعرافها، وهي مع هذا باقية بأصولها محفوظة من التبديل، لم يفض بها اعتبار أحوال الناس إلى أن يغدو الدين أدياناً شتى، والشريعة الواحدة شرائع منتحلة، تقوم الواحدة منها على أنقاض ما تقدمها، حتى لا يبقى منها إلا الأسماء، ولا من الهياكل إلا الأشباح.

بل إن هذا الاعتبار قائم على أصول مقررة ليست خاضعة للأذواق والأهواء، كأصل المصلحة والعرف والاستحسان وعموم البلوى وسد الذرائع وفتحها، وغير هذه الأصول التي يلاحظ بها الفقهاء أحوال زمانهم، ويصونون في ذلك شريعة خاتم الأنبياء عن الغلو والجفاء وعن التعطيل والإبطال والتبديل .

عناية المتأخرون والمعاصرون بعلم تاريخ الفقه

وقد عني المتأخرون والمعاصرون بعلم تاريخ الفقه والتشريع وبالكتابة فيه، سواء كان ذلك في مؤلفات مستقلة تحمل هذا الاسم، أو كانت تحت اسم المداخل الفقهية التي يشكل الحديث عن تاریخ الفقه عُظمها وأسّها، وجُلّ هذه المؤلفات مقررات جامعية تتواطأ في أكثر مفرداتها.

ومع هذه الكثرة في المؤلفات إلا أن الأقل منها ما يتعرض مؤلفوه للحديث عن تأصيل هذا العلم بذکر موضوعاته و مباحثه و ثمرته ومناهجه و مصادره، وان وردت إشارة فهي إلماحة عابرة في تقديم أو ختام، ولعل هذا الاقتضاب في التدلیل علی فضل هذا العلم و شرفه او بیان حدوده کان له اثر فى ضعف العناية به بما يلائم مكانته وأهميته، فأوجب ذلك الاهتمام ببسط الكلام في أمرين يدور قصد هذا البحث عليهما، وهما بيان اتساع مساحة هذا العلم عما تصوره بعض المؤلفات فيه، وثانيهما بيان فائدته وثمرته، فإن العلم يشرف بشرف فائدته وعظم ثمرته.

والفکر ههنا یراوح حائراً بین الاطناب لاستیفاء الکلام علی وجهه، وبين الاختصار الذي هو أليق بمدخل مختصر، وكان في الحسبان أن تنضم لفصوله نظائر ذات تعلق بها، لولا أن يطول ما مبناه علی الاختصار .

فصول الكتاب

ثم إن مادة هذا البحث منعقدة في تمهيد وأربعة فصول و خاتمة، فاشتمل التمهید علی ذکر تعریف (علم تاریخ الفقه)، ثم كان الحديث في الفصل الأول عن موضوعات علم تاريخ الفقه، وتطرق الفصل الثاني إلى نشأة هذا العلم ومناهج التأليف فيه،

وفي الفصل الثالث بيان ثمرات هذا العلم الجلیل وفوائده، وفي الفصل الرابع بيان العلوم التي استمدّ منها، وفي الخاتمة نتائج وتوصيات.

ويمكن أن يقال في معنى تاريخ الفقه -لا من حيث الحد المنطقي بل من حيث تعريف الشيء بذكر أبرز مشتملاته وأهمها في تقريب معناه – إنه العلم الذي يبحث في نشأة الفقه ومدارسه وأئمته وأسباب اختلافهم، ومناهجهم الاجتهادية وظهور مذاهبهم وتطورها وأدوارها والظروف التاريخية التي أسهمت في تكونها، وطرائق التعليم والتدوین فیها و أماکن انتشارها.

والواقع أن تسمية (تاريخ الفقه) بالعلم إنما هو من باب التفاؤل والاستشراف”؛ لأنه وإن كان مستقلاً في نفسه وموضوعه غير أنه لا يعد – في واقع التعليم والتأليف – علماً مستقلاً، وواقعه التعليمي ومساحته البحثية في الجامعات وغیرها تشهد بهذا، حیث لا یلقی العناية الموازية لأهميته وعظيم نفعه.

مع أن تاريخ العلوم فى الجامعات الغربية يعد من التخصصات المهمة، بل إن فهم أي علم متعذر ما لم یعرف تاریخ ذلك العلم وتطوره. ولم يظهر تاريخ الفقه كشيء مستقل إلا بعد نشأة الکلیات الشرعیة حیث استحدثت مادة (تاریخ الفقه) لتكون مقدمة ومدخلاً لدراسة الفقه على غرار المداخل القانونية في كليات القانون والحقوق الغربية والعربية .

ويجدر التنبيه أخيرا إلى أن بعض المصنفين ربما استبدل كلمة (التشريع) بكلمة (الفقه) فيسمي كتابه (تاريخ التشريع)، بينما آثر مصنفون آخرون استعمال كلمة (الفقه)؛ خشية أن يفهم من استعمال كلمة (التشريع) في السياق التاريخي ترسيخ ما يزعمه المستشرقون ومن لفّ لفيفهم، من أن الشريعة الإسلامية مجرد قانون يتطور حسب الدواعي كسائر القوانين الوضعية،

مع أن التشريع الذي هو من الله تعالی قد اكتمل في عهد الرسول(ص) ولم يبق للناس إلا الاجتهاد في فهم النصوص والاستنباط منها”.

وعلى كلّ فالأمر في هذا واسع، وقد استعمل الفقهاء والأصوليون مادة (شرع) وما اشتق منها في سياق الأحكام المستنبطة، ما دام استمدادها من النصوص الشرعية في الكتاب والسنة وما بني عليها من مصادر الأدلة التي بينها الفقهاء وفصلوها في مباحث أصول الفقه”.فقه تاريخ فقه

عنوان الكتاب: فقه تاريخ الفقه – قراءة في كتب علم تاريخ الفقه والتشريع والمداخل الفقهية pdf

المؤلف: د. هيثم بن فهد الرومي

الناشر: مركز نماء للبحوث والدراسات

الطبعة: الأولى 2014 م

عدد الصفحات: 208

رابط تحميل الكتاب

https://archive.org/details/shamse_20170620_1121/mode/2up

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky