الاجتهاد: هذه الدراسة التي نحن في أوّل منازلها، بعنوان: «ضمان انخفاض قيمة النقد» مساهمة في بيان حکم من الأحکام الفقهية المترتبة علی التضخم النقدي وتجليتها، وهي أيضاً إسهام في إيجاد حلّ لمعالجة ما يضرّ التضخم النقدي وفق النصوص الشرعية وضوء القواعد الفقهية المرعيّة، مع ما يحتاج إليه من الفحص عن أصل الضمان.
إنّ الأصل في هذا التحقيق ما تدرّسناه عند الأستاذ المعظّم آية الله الشيخ محمّد جواد الفاضل اللنکراني(دام ظله) في السنة الدراسيّة 1431ق / 1389 ش في مرکز فقه الأئمّة الأطهار(عليهم السلام) وما حقّقناه حول ما أفاده الأستاذ(دام ظله) وقد أضاء في ذهني مکانة هذا الموضوع بحلاوة درسه، حيث حاولت أن أدوّن ما استفدته في محضره حول مسألة: «تعلّق الضمان بانخفاض قيمة النقد» حينما رأيت رضاية الأستاذ(دام ظله) عمّا اقتطفت من زريعة علمه.
ومن أجل ذلك قد طرحنا أحد العناوين الموجودة فيها وهو البحث عن ضمان انخفاض قيمة النقود في الديون والمهر وأمثالهما وتعرّضنا لأكثر ما ذكر في هذا المجال وإن كان الموضوع جديداً في عصرنا ولم يبحث عنه في كلمات القوم إلاّ قليلاً من بين المتأخّرين.
وفي أثناء هذا البحث يبحث عن بعض القواعد الفقهيّة كقاعدة العدل والانصاف وقاعدة الاتلاف وقاعدة أنّ المثلي يضمن بالمثل والقيمي بالقيمة وسائر القواعد.
الكلمة الافتتاحية
أمّا بعد فإنّ التضخّم النقديّ من المشكلات الاقتصاديّة التي تترائا من العويصات الكبرى لدول العالم على اختلافها، ويتهدّد اقتصاديّات كثير من الدول ويزلزل استقرارها ويمنع نموّها أو يجعله بطيئا، والذي أوجب هذا التأثير الواسع لانخفاض قيمة النقد هو ما يترتّب عليه من الآثار الكثيرة التي تطال جوانب عديدة من حياة الناس.
فقد تنادي الاقتصاديّون وخبراء المال والمختصّون في مراكز البحوث للدراسات الاقتصاديّة في العالم لدراسة التضخّم النقديّ ولما كان هذه المسألة بهذه المنزلة لا ينبغي أن تكون الدراسات الفقهيّة في الحوزات العلميّة في منأى عن دراسة الأحكام المترتّبة على انخفاض قيمة النقد وبحث المسائل الشرعيّة المترتّبة عليه.
إنّ هذا التحقيق الذي بين يدينا بعنوان: «ضمان انخفاض قيمة النقد» مساهمة في بيان حكم من الأحكام الفقهيّة المترتّبة على التضخّم النقديّ وتجليتها، وهي أيضا إسهام في إيجاد حلّ لمعالجة ما يضرّ التضخّم النقديّ وفق النصوص الشرعيّة وضوء القواعد الفقهيّة المرعيّة، مع ما يحتاج إليه من الفحص عن أصل الضمان.
إنّ الأصل في هذا التحقيق ما تدرّسناه عند الأستاذ المعظم آية الله الشيخ محمّدجواد الفاضل اللنكرانيّ دام ظلّه في السنة الدراسيّة 1431ق / 1389ش في مركز فقه الأئمّة الأطهار عليهم السلام بقم المقدّسة وما حقّقناه حول ما أفاده الأستاذ دام ظلّه حيث حاولت أن أدوّن ما استفدته في محضره حول مسألة تعلّق الضمان بانخفاض قيمة النقد حينما رأيت رضاية الأستاذ دام ظله عمّا اقتطفت من زريعة علمه، نعم إنّ هذا التحقيق أوجز مما حقّقته في تلك السنة حول ما أفاده الأستاذ دام ظلّه.
إنّ هذا التأليف مشتمل على فصل تمهيديّ وثلاثة أبواب:
فأمّا الفصل التمهيديّ بنفسه فمشتمل على أربعة مباحث:
فالمبحث الأوّل منها في موضوع البحث ومجاله في الفقه،
والمبحث الثاني في ضرورة البحث وما هو المقصود منه،
والمبحث الثالث في تاريخ البحث
والمبحث الرابع في تبيين المفردات،
وأمّا الباب الأوّل من أبواب هذا التأليف فمختصّ بمقدّمات لا بدّ منها للتحقيق عن تعلّق الضمان بما يسنح من النقصان في القوّة الشرائيّة للأوراق النقديّة، فيحتوي علي فصلين، أوّلهما في الفحص عن متعلّق الضمان وثانيهما في النقد والتضخّم النقديّ.
وأمّا الباب الثاني الذي هو المحطّ الأصلي للنظر في هذا التحقيق والمعنون بعنوان: «الضمان المتعلّق بانخفاض قيمة النقد»، فمبنيّ على ثلاثة فصول:
أوّلها في الأقوال الموجودة في المقام،
وثانيها في المبادي المحتاجة إليها لهذا البحث،
وثالثها أدلّة الأقوال في المقام أي أدلّة القول بعدم تعلّق الضمان بما يتّفق من انخفاض القدرة التبادليّة في النقود الورقيّة وأدلّة القول بتعلّق الضمان في المقام وما اختاره الأستاذ دام ظلّه من التفصيل.
وأمّا الباب الثالث
ففي ثمرات البحث ومشتمل على سبع ثمرات، حيث إنّ لهذا التحقيق ثمرات مختلفة في الأبواب المختلفة الفقهيّة، أشرنا إلى بعضها المعدودة من كيفيّة الردّ للمال المقترض والصداق والمال المغصوب وثلث الميّت وكيفيّة الأخذ بالشفعة وتشخيص مقدار العوض في المباراة ومقدار الرهن.
ثم إنّ الفصل التمهيديّ وما فيه من المباحث قد عقد من جانب المقرّر حسب ما يقتضيه التأليف على الأسلوب المتعارف في الكتب العلميّة الرائجة، كما أنّ الباب الآخر من الكتاب وهو الباب المربوط بثمرات البحث قد دوّنه المقرّر من جانبه أيضا حسب ما يترائا من مباني الأستاذ دام ظلّه خلال ما مضى من المطالب في المباحث السابقة على الباب الأخير، نعم قد استعان مما مرّ من الأستاذ دام ظلّه في بعض الثمرات.
أمّا تمحيص البحث في خصوص تعلّق الضمان بنقصان القوّة الشرائيّة للأوراق النقديّة، على منهج كتاب متفرّد متعارف فقد اقتضى تغيير الترتيب في بعض المطالب غير ما رتّبه الأستاذ دام ظله عند إفادته في مجلس درسه، مع التحفّظ علي مطالبه الشريفة ومقاصده المنيعة كما جرى عليه الأستاذ دام ظلّه عند بيانه في مقام تدريسه.
ونذكر آخرا أنّ هذا التحقيق الفقهيّ قد قام به قسم التقريرات والتحقيقات الفقهيّة في مركز فقه الأئمّة الأطهار عليهم السلام بقم المقدّسة.