بيعة الغدير بين الأدب والفقهاء

الاجتهاد:  الى كل من يسال عن السر في بقاء الإمام علي (ع) وان قضيته تتداول مع كل جيل فما هو السبب؟

الجواب ان عليا {ع} لم يمت بموته وإنما ازدادت حياته بعد موته، هو يقول عن نفسه: {غدا ترون أيامي تكشف لكم عن سرائري، وتعرفونني بعد خلو مكاني، وقيام غير مقامي”..!! ونحن اليوم اذ نشارك العالم الاسلامي مناسبة عظيمة ويوما من ايام الله هو عيد الغدير الاغر. اقدم في هذه المناسبة اسمى الامنيات للمسلمين عامة وللمستمعين خاصة بهذه المناسبة العظيمة.

كتب عدد من جهابذة العلم عن مناسبة عيد الغدير الاغر منهم العلامة الكبير الاميني {رض} الذي كتب موسوعة كتاب الغدير. والشهيد مرتضى مطهري طاب ثراه بداية لما بدأ أعداء مذهب أهل البيت{ع} بحملة ظالمة من خلال تلفيق الأكاذيب وبث الشبهات حول العترة الطاهرة بهدف تشويه وجه الحقيقة و كتمان الحقائق التي لو عرفها المسلمون لتغيَّر مسار الأمة،ولا زلنا نسمع من بعض الاعلاميين .

لماذا لم يذكر القران اسم الامام علي نصا.. وكان القران ذكر اسماء الصحابة وتنكر لاسم علي{ع} هذا نزر من الحملات المضللة . كل ذلك من أجل ضمان سلطان الحكام المؤيدين لاسرائيل ضد المسلمين ليبقون على رقاب المسلمين و تمزيق وحدة الامة الإسلامية ويتصيدون في الماء العكر، و من باب فَرِّق تَسُد.

عندما رأى العلامة الأميني نشاط أعداء أهل البيت وإنكار الحقائق الدينية المصيرية وشنهم حملة شرسة على الإسلام الأصيل المتمثل في مذهب العترة الطاهرة، بدأ العلامة الأميني دفاعه عن المذهب بكل ما أوتي من حول وقوة، فبدأ بمقابلة الكُتاب و المؤلفين الذين ساهموا في هذه الحملة محاولاً إرشادهم فتباحث معهم ورد شبهاتهم طالباً منهم تحري الحقيقة على أسس علمية بعيداً عن الانحياز والتعصب الأعمى و الابتعاد عن بث روح الفرقة والتنازع، هكذا بدأ العلامة الاميني نشاطه في الدفاع عن المذهب فشكل هذا النشاط النواة الأولى لفكرة تأليف موسوعة الغدير القيمة المباركة التي بلغت مجلداتها 22 مجلداً طبع منها إحدى عشر مجلداً.

بذل من اجلها اربعين عاماً من حياته في تأليف موسوعة الغدير، و كان رحمه الله يقوم بجهد علمي كبير فكان يبذل جُل وقته في المطالعة والكتابة و الاستنساخ بحدود ست عشرة ساعة في اليوم، و لم يدع فرصة تفوته في الحصول على المصادر و النسخ الخطية النادرة، وكان يواجه البخل و الانانية من قبل أصحابها أحياناً، و حتى من رجال العلم والدين، و كان رحمه الله يضطر كثيراً إلى إستنساخ الكتاب في ظروف صعبة فيبقى في المكتبة طوال الليل مشتغلاً بالاستنساخ وكان خادم المكتبة يقفل الباب ويذهب إلى بيته، ويبقى العلامة الأميني يشتغل حتى الصباح باستنساخ الكتاب ليستفيد منه لاحقاً.

اما الشهيد مرتضى مطهري رحمه الله حين الف كتاب “الغدير” كان بمثابة موجة اجتاحت العالم الإسلامي.

نظر المفكّرون الإسلاميون إلى كتاب الغدير من عدة جوانب وزوايا مختلفة: أدبية، تاريخية، كلامية، حديثية، تفسيرية واجتماعية. ما يمكن استخلاصه من قراءة هذا الكتاب من زاوية اجتماعية هو “الوحدة الإسلامية”.

في زماننا الراهن يعتبر العلماء والمفكرون الإسلاميون المنفتحون أن اتحاد الشعوب والفرق الإسلامية، خاصة في الظروف والأحوال الحالية التي يهجم فيها العدو من كلّ حدبٍ وصوب ويعمل بشكل مستمرّ بمختلف الوسائل لتوسيع شرخ الخلافات القديمة واستحداث خلافات جديدة من الأمور التي نحن بأمَسِّ الحاجة إليها. كما نعلم إن الوحدة الإسلامية والأخوّة بين المسلمين تقع محل اهتمام الشارع الإسلامي المقدّس بشدّة وهي من أهم غايات الإسلام. فالقرآن والسنّة وتاريخ الإسلام شهودٌ على هذا الأمر.

قد يتبادر إلى أذهان البعض تساؤل ألا يشكّل تأليف ونشر كتاب الغدير والاحتفال بعيد الغدير هو عودة الى اثارة أقدم مسألة خلافية بين المسلمين . في حين قال عنه المفسرون انه كتاب يحث على “الوحدة الإسلامية”؟ كمقدمة لا بد أن اوضح مفهوم وحدود الوحدة الإسلامية ثم نوضح مناسبة وكتاب “الغدير” سواء لمؤلفه “العلّامة الأميني” او لمرتضى مطهري رحمهما الله..

الى المعترضين على الاحتفال بيوم الغدير .. اقول ما المقصود من الوحدة الإسلامية؟ هل المقصود :أن يتم اختيار مذهب من المذاهب الإسلامية وتهميش سائر المذاهب؟. أو المقصود هو تجميع المشتركات ما بين كافة المذاهب، ووضع جميع الفوارق جانباً، ومن ثم يتم اختراع مذهب جديد لا يكون مطابقاً لأي مذهب من المذاهب الموجودة؟

أو أن الوحدة الإسلامية لا علاقة لها بأي شكل من الأشكال بوحدة المذاهب، ثم ما المقصود من اتحاد المسلمين هل هو اتحاد أتباع المذاهب المتنوعة في وجه الأعداء مع وجود الاختلافات المذهبية؟

. من البديهي أن ما يرمي المفكرون الإسلاميون الوصول إليه من الوحدة الإسلامية ليس حصر المذاهب بمذهب واحد، ولا تجميع المشتركات بين المذاهب ونبذ الفوارق الذي لا يُعدّ أمراً معقولاً وليس منطقياً. .ما يرمي إليه العلماء هو رصّ الصفوف في وجه عدوّهم المشترك. العلماء يقولون أن المسلمين يملكون الكثير من الأمور التي يتفقون عليها يمكن لها أن تتحول إلى أساس متين، جميع المسلمين يعبدون الإله الواحد الأحد ويؤمنون بنبوّة محمد{ص} كتابهم المشترك هو القرآن وقبلتهم الكعبة، يحجّون سويّة حجّاً واحداً ويصلّون صلاةً واحدة وصيامهم واحد، تكوينهم لأسرهم واحد، لا يوجد أي اختلاف في بيعهم وشرائهم، أسلوب تربيتهم لأولادهم مشترك وطريقة دفنهم لموتاهم واحدة.

لا يختلفون في هذه الأعمال سوى في الحالات التفصيلية. المسالة تحتاج احترام وقبول الاخر ليس الا. فليكن الانطلاق من عيد الغدير لبناء ثقاة وحدوية مشتركة . ونبني من خلال الطوائف الاسلامية حضارة جاهد من اجلها المسلمون الاوائل .. اما العبادات والمعتقدات ودرجة الالتزام هذه امور بين العبد وربه .

جميع هذه الأمور كفيلة بخلق شعب واحد وقدرة عظيمة وهائلة تجعل أعظم القوى العالمية مجبرةً على الانحناء والخضوع أمامها.المسلمون إخوة كما جاء في نص القرآن تربطهم حقوق ووظائف خاصة.

فلماذا لا يعمل المسلمون على الاستفادة من هذه الإمكانيات التي سخّرها لهم الإسلام؟ والتجأ بعضهم يطلب النصرة من اعداءه.؟

كتب عادل الغضبان مدير مجلة “الكتاب” المصرية في مقدمة المجلد الثالث يقول: ” كتاب الغدير، يسلط الضوء على منطق الشيعة ويمكن لأهل السنة من خلال هذا الكتاب أن يتعرفوا على الشيعة بشكل صحيح.

التعرف على الشيعة بالشكل الصحيح بعيدا عن الفضائيات المسمومة . نكون بإمكاننا التقريب بين آراء الشيعة والسنة، وتشكيلهم مع بعضهم البعض صفاً واحداً.” كتاب الغدير ومحتوياته الغنية بالعلوم الحديثية شيء يستحق أن يطلع عليه كل مسلم، لكي يعرف كيف قصَّر المؤرخون بمساعدة الحكام الفاسدين . ولتعرف اين الحقيقة ومن وراء اخفاءها..

في هذه المناسبة التي حدثت يوم الثامن عشر من ذي الحجة في العام العاشر من الهجرة حين رفع رسول الله{ص} يد علي{ع} وقال كلمته الشهيرة ” من كنت مولاه فهذا علي مولاه. اللهم وال من والاه وعادي من عاداه. وانصر من نصره واخذل من خذله.

فتحركت قريحة الشعراء . خاصة شاعر الرسول {ص} الذي سمع باذنه تنصيب الامام بالولاية وشاهد النبي بعينه وهو يرفع يد علي {ع} فانبرى حسّان بن ثابت ليدونها على صفحات التاريخ . بيقين راسخ .

يناديهم يومَ الغديرِ نبيهُم// بخمٍ وأسمع بالرسول مناديا // قالَ: فمن مولاكم ونبيكم // فقالوا ولم يبدو هناك التعاميا// إلهكَ مـولانا وأنتَ نبينا //ولم تلقَ منا في الـولايةِ عاصيا//فقالَ له: قُمْ يا عليُ فإنني //رضيتك من بعدي إماما وهاديا// فمن كنتُ مولاه فهذا وليّه //فكونوا له أتباع صدق مواليا // هناك دعا اللهم: والِ وليه//وكنْ للذي عادى عليّا معاديا ــــ نحن نقول ما قاله الشاعر الشيخ عبدالمهدي مُطر رحمه الله .

لَعلِع بِبابِ علي ايها الذّهب /وأخطفِ بأبصارِمن سَروا ومَن غضِبوا/وقل لِمَن كان قد أقصاكَ ناحية/ عذراً إذا جئتُ منك اليوم اقتـربُ/لَعلّ بادرةً تَبدوا لِحيـدرةٍ/أن تَرتـضيكَ بها الأبوابُ والقبب /فقد عَهدناهُ والصفراءُ منكرةٌ/لِعَينِه وسَناها عندهُ لَهبُ /ما قيمـةُ الذّهب الوّهُاج عنَد يدٍ/على الســواءِ لديها التِبرُ والترُبُ/قـل للمُعربِدِ حيثُ الكأسُ فارغة /خَفض عليكَ فلا خمرٌ ولا عِنبُ/سموك زورا امير المؤمنين وهل/ يـرضى بغيرِ عليٍ ذلك اللّقَبُ /هذا هو الرأسُ معقـودٌ لهامتِهِ // تـاجُ الخِــلافةِ فأخــســـــأ أيُّها الذّنبُ..

 

بقلم: عبد الحافظ البغدادي 

المصدر: كتابات 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky