طلاق-الثلاث-من-غير-رجعة-الشيخ-حسين-الحلي.jpg

الطلاق الفاسد.. طلاق الثلاث من غير رجعة / من بحوث الفقيه الشيخ حسين الحلي “ره”

الاجتهاد: لو طلق السني زوجته بقوله: (أنت طالق ثلاثا) كان عندهم صحيحا‌، و عند الشيعة باطلا، و تجري فيه قاعدة الإلزام. قال في الفقه على المذاهب الأربعة: 4/ 341 ما يلي:

فإذا طلق الرجل زوجته ثلاثا دفعة واحدة بأن قال لها (أنت طالق ثلاثا) لزمه ما نطق به من العدد في المذاهب الأربعة و هو رأي الجمهور قال المحقق الحلي; في شرائعه كتاب الطلاق عند التعرض لأقسام الطلاق «فالبدعة ثلاث طلاق الحائض بعد الدخول مع حضور الزوج معها و مع غيبته دون المدة المشترطة، و كذا النفساء، أو في طهر قربها فيه و طلاق الثلاث من غير رجعة بينهما، و الكل عندنا باطل [1] لا يقع معه طلاق» [2]

و يقع البحث في هذا الفرع في صورتين:

الأولى– فيما لو أراد أحد الشيعة الزواج بتلك المطلقة

الثانية– لو تشيع الزوج بعد ان كان سنيا، و كان قد طلق زوجته على النحو المذكور و أراد التزويج من تلك المرأة بعد ذلك فهل يجوز ذلك.

و يسوغ له الاقدام عليها حاله فيها كحال بقية الشيعة أم لا بد لها من زوج يحللها‌ عليه عملا بمقتضى الآية الكريمة الطَّلٰاقُ مَرَّتٰانِ فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ- إلى قوله- فَإِنْ طَلَّقَهٰا فَلٰا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّٰى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ.

و المفروض أن هذه المرأة مطلقة ثلاثا على مذهبه حين كان سنيا فيكون ملزما بما يقتضيه مذهبه السابق.

أما الصورة الأولى: فلا إشكال في جواز التزوج بهذه المرأة لغير الزوج لأن هذا الأثر هو مورد النصوص المتقدمة، و الدالة على أن الزوجة تبين منه واقعا طبقا للمصلحة الثانوية، و لا يقف شي‌ء في طريق هذا الزوج.

الصورة الثانية- و حيث عرفت ان محل الإلزام هو الحكم الواقعي الثانوي فبهذا يقع الطلاق صحيحا منه و بما أن هذا الحكم لا يكون محدودا بما دام سنيا، بل أن تسننه يكون علة في تحقق الحكم بالانفصال، و بقائه- فحينئذ- لا فائدة في تشيعه بعد ذلك، و لا يتمكن من الرجوع إليها بدون محلل يجتمع فيه الشروط الشرعية.

 

الهوامش بقلم: السيد عز الدين السيد على بحر العلوم*

[1] قوله المحقق (و الكل عندنا باطل) و منه طلاق الثلاث يقصد به أن مجموع هذه الطلقات البدعية باطلة من هي مجموع، و إلا فهو من القائلين بوقوع الطلاق الثلاث طلقة واحدة لو قال (أنت طالق ثلاثا).

[2] مسألة الطلاق الثلاث في مجلس واحد من غير رجعة متخللة بين الطلقات من المسائل الخلافية بين الشيعة، و السنة من جهة. و بين الشيعة أنفسهم من جهة ثانية.

فالسنة: يرون وقوع الطلقات الثلاث به و تبين زوجته منه و لا تحل له حتى تنكح زوجا آخر على الشروط التي يقيد بها الزوج الجديد من جانب الشريعة ذهب إلى ذلك جمهور العامة من «التابعين و كثير من الصحابة، و أئمة المذاهب الأربعة» على حد تعبير الشوكاني في نيل الأوطار:

6/ 260، أما الشيعة: فلا يرون وقوع الطلاق به لعدم تخلل الرجعة به و لكنهم اختلفوا فالأكثر أنه يقع طلقة واحدة و نقل الشوكاني في الموضع السابق ذهاب جماعة إليه كابن عباس، و طاوس و عطاء و جابر بن زيد، و الهادي عن أبي موسى، والقاسم، و الباقر، و الناصر، و أحمد بن عيسى و من المتأخرين كابن تيمية، و ابن القيم، و جماعة من المحققين.

و البعض الآخر من الشيعة ذهب الى عدم وقوع شي‌ء من الطلاق بهذا اللفظ لا واحدة و لا أكثر و قد حكي هذا الرأي عن بعض التابعين، و روي أيضا عن ابن علية و هشام بن الحكم و أبو عبيدة، و بعض أهل الظاهر.

و نقل الشوكاني قولا رابعا: يفصل فيه بين كون المطلقة مدخولا بها فتقع الثلاث و غير مدخول بها فواحدة و لكن من هؤلاء دليله.
استدل من قال بوقوع الطلاق الثلاث بهذا اللفظ من السنة بالقرآن الكريم: حيث قال تعالى الطَّلٰاقُ مَرَّتٰانِ فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ.

بدعوى: ان قوله (الطَّلٰاقُ مَرَّتٰانِ) يدل على جواز جمع الثنتين، و إذا جاز جمع الثنتين دفعة جاز جمع الثلاثة.
و أجيب عنه، بأنه قياس مع الفارق لأن جمع الثنتين لا يستلزم البينونة الكبرى بخلاف الثلاث.

و نقل الشوكاني عن الكرماني في نيل الأوطار: 6/ 160 مستدلا على ذلك بقوله: ان التسريح بإحسان عام يتناول إيقاع الثلاث دفعة واحدة.
و الجواب عنه: بأن التسريح في الآية إنما هو بعد إيقاع الثنتين فلا يتناول إيقاع الثلاث دفعة واحدة.

و قد استدل بأخبار دلت على وقوع الطلاق ثلاثا رويت من الطرفين و لكنها لم تسلم من المناقشة:

أما الشيعة: فالقول بوقوع الطلقة الواحدة بهذا التعبير هو المشهور عندهم يضاف إلى هذه الشهرة أن الواحدة مقتضى الصيغة المشتملة على شرائط الصحة عدا اشتماله على الزائد و هذا غير صالح للمانعية لأنه مؤكد لكثرة الطلاق و إيقاعه و هناك أخبار صحيحة استند لها هؤلاء القائلون.

منها ما جاء عن زرارة عن أحدهما- 7- قال: «سألته عن الذي يطلق في حال الطهر في مجلس ثلاثا قال هي واحدة» الوسائل باب/ 20/ من مقدمات الطلاق حديث/ 3.

و أمثال هذا الخبر توجد أخبار يرويها الشيعة من عبر عنها في الرياض: (بالصحاح المستفيضة).

أما من قال من الشيعة: بعدم وقوع الطلاق بهذا اللفظ لا واحدة و لا أكثر فقد استدل على دعواه بأخبار كانت مورد هجوم من قبل غالبية الفقهاء، و رميها بضعف الدلالة، أو السند.

راجع لها الرياضي، الجواهر، مختلف الشيعة، نيل الأوطار، في البحث في صيغة الطلاق.

 

المصدر: كتاب: بحوث فقهية لأستاذ الفقهاء الشيخ حسين الحلي الجزء : 1 صفحة : 292
 

السيّد عزّ الدين ابن السيّد علي ابن السيّد هادي بحر العلوم

كانت أنظار المؤمنين تتطلّع إلى مستقبل السيّد بحر العلوم، فهو موضع ثقة العلماء، لذا اختاره السيّد أبو القاسم الخوئي أن يكون أحد أعضاء اللجنة المركزية للانتفاضة الشعبانية عام 1411ﻫ، واُعتقل(قدس سره) من قبل أزلام النظام البعثي في العراق عام 1411ﻫ بعد الانتفاضة الشعبانية، وزُجّ به في السجن، وانقطعت أخباره، وبعد سقوط الطاغية صدام المجرم عام 1423ﻫ، تبيّن أنّه قد نال شرف الشهادة في فترة الاعتقال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky