خاص الاجتهاد: قد بادرت إدارة الحوزات العلمية إلى إحداث حركة تحولية في مجال الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة من خلال تأسيس “اللجنة التوجيهية للتكنولوجيا الذكية.
وفقا للاجتهاد: دفعت التطورات الأخيرة في مجال الذكاء الاصطناعي والدور البارز لهذه التقنية في مستقبل النظام البيئي البشري، إدارة الحوزات العلمية إلى تأسيس “اللجنة التوجيهية للتكنولوجيا الذكية” بهدف تعزيز البحث العلمي والتطبيق العملي في هذا المجال. ولم تقصر هذه اللجنة جهودها على نطاق الحوزة العلمية فقط، بل امتدت لتشمل مجالات التعليم والبحث والتدريب والتكنولوجيا.
وقد شهدت الفترة الأخيرة إطلاق منصتين جديدتين للرد على الأحكام الشرعية، وهما “دين دان” و”متينا“، وذلك بالتعاون مع هذه اللجنة. ومن المتوقع إطلاق منصة وطنية شاملة في المستقبل القريب. ويمكن اعتبار هذه الجهود امتدادا طبيعيا للخطط التطويرية للحوزات العلمية. لهذا، أجرت وكالة مهر حواراً قصيراً مع الدكتور محمدرضا قاسمي، أمين سر لجنة التوجيه للتكنولوجيا الذكية في الحوزات العلمية
يرجى تقديم شرح وافي عن التطورات والمشاريع التي تشهدها صناعة الذكاء الاصطناعي. وتشمل ذلك الإجراءات التي اتخذت، والمسارات التي تم اتباعها، والخطط المستقبلية، والتطلعات المتوقعة لهذا المجال.
الدكتور قاسمي: إن الذكاء الاصطناعي قد أصبح في السنوات الأخيرة من الأولويات الرئيسية للبلاد في مجال التنمية العلمية والتكنولوجية. وأن هناك العديد من المبادرات التي تم إطلاقها على المستويات الحكومية والأكاديمية والدينية لتعزيز هذا المجال، من بينها رفع الوعي العام، وتطوير البنية التحتية البحثية، وتأسيس مراكز الأبحاث المتخصصة، والاستثمار في بناء الكفاءات البشرية في مجال الذكاء الاصطناعي.
ثم أنه تم بذل جهود حثيثة لتعزيز شبكات البحث العلمي والتعاون البحثي بين الجامعات والمؤسسات البحثية. كما تم تقديم الدعم للمشاريع البحثية، وإعداد الوثائق الوطنية اللازمة، ووضع الأسس القانونية لحماية الخصوصية والأخلاقيات في مجال الذكاء الاصطناعي.
يهدف المشروع الحالي إلى توعية جميع الأطراف المعنية بإمكانيات توظيف خوارزميات الذكاء الاصطناعي في مجالات البحث، والإدارة، والتعليم، والصحة، والصناعة، وذلك لتعزيز الاقتصاد القائم على المعرفة وتحسين نوعية حياة الأفراد.
تتمثل إحدى الأولويات الرئيسية في تطوير منصات وطنية موحدة ومعتمدة للذكاء الاصطناعي، لتكون بمثابة البنية التحتية الأساسية لدعم الأبحاث وتطوير المنتجات والخدمات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. كما تشمل الجهود الحالية تطوير مشاريع ضخمة لجمع وتنظيم البيانات، وبناء قواعد بيانات معرفية متخصصة في اللغة الفارسية والمفاهيم الثقافية المحلية، بهدف بناء بيئة وطنية داعمة للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي.
خلال السنوات الأخيرة، عملت لجنة توجيه التكنولوجيا الذكية في الحوزات العلمية على تنظيم سلسلة من المؤتمرات والندوات الوطنية والدولية في مجال الذكاء الاصطناعي، ونتطلع إلى الإعلان عن أخبار سارة بهذا الشأن قريباً.
كما هو معلوم، تحتل بلادنا مكانة متقدمة نسبياً على الصعيد العالمي في مجال إنتاج المعرفة في مجال الذكاء الاصطناعي، إلا أننا نواجه تحديات في تطبيق هذه المعرفة على أرض الواقع. ونحن نتساءل: هل تعمل مؤسستكم على تطبيق هذه التقنيات في المجالات العملية؟
الدكتور قاسمي: كما أشرتم، فإن أحد التحديات الرئيسية التي تواجه بلادنا هو كيفية الاستفادة المثلى من الأبحاث العلمية في مجال الذكاء الاصطناعي وتطبيقها في المجالات الصناعية المختلفة. لقد عانى بلدنا طويلاً من فجوة بين البحث العلمي والتطبيق الصناعي. إلا أن المجالات الرقمية مثل تكنولوجيا المعلومات والبرامج والذكاء الاصطناعي توفر فرصاً كبيرة لتحويل الأبحاث العلمية إلى مشاريع تجارية ناجحة في وقت قياسي، وذلك بفضل انخفاض التكاليف. ويمكن لجميع القطاعات، سواء كانت حكومية أو خاصة، وقسم الصناعة و الخدمات أن تستفيد من هذه الفرصة.
أحد أهم أهدافنا هو تعزيز التعاون بين الجامعات والمؤسسات البحثية والقطاع الخاص لتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي. وقد قمنا بتصميم العديد من المشاريع المشتركة التي تهدف إلى الاستفادة من خوارزميات الذكاء الاصطناعي في تحسين عمليات الإنتاج وإدارة الموارد وحل المشكلات المعقدة في مختلف القطاعات مثل صناعة السيارات والزراعة والصحة والطاقة. كما نولي اهتمامًا خاصًا بتشجيع المؤسسات على استخدام الذكاء الاصطناعي للتصدي للتحديات الاجتماعية.
أحد المشاريع الواعدة التي تتطلب تضافر الجهود الحكومية والخاصة والأكاديمية هو تطوير أنظمة ذكية للتنبؤ وإدارة الأزمات في مختلف القطاعات. يمكن لهذه الأنظمة، على سبيل المثال، التنبؤ بالكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والزلازل والعواصف، وتحسين إدارة الموارد البشرية والمالية في أوقات الأزمات. وبدون شك، فإن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على تقليل الخسائر الناجمة عن الكوارث.
ومن المجالات الواعدة لتطبيق الذكاء الاصطناعي هو قطاع الصحة، حيث يمكن تطوير أنظمة ذكية قادرة على تشخيص الأمراض بدقة عالية بناءً على البيانات الطبية المتاحة. من شأن هذه الأنظمة أن تسهم بشكل كبير في تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة.
أعلن مدير الحوزات العلمية عن إطلاق مشروع بحثي ضخم يضم حوالي مائة باحث حاصلين على درجة الماجستير والدكتوراه، يعملون تحت إشرافه مباشرة في مجال الذّكاء الاصطناعِي.
الدكتور قاسمي: المشروع الذي أشار إليه الشيخ أعرافي مشروع بحثي ضخم يشمل نخبة من الباحثين الحوزويين الحاصلين على درجات علمية عليا، يعملون معاً على تطوير تطبيقات الذّكاء الاصطناعِي في مختلف المجالات العلمية والثقافية.
كما تمّ توقيع اتفاقيات شراكة مع عدد من المؤسسات الحكومية الهامة، حيث يتم حاليًا تنفيذ مشاريع مشتركة. وسيتم الإعلان عن نتائج مفصلة لهذه المشاريع فور الانتهاء منها إن شاء الله.
تصميم وإنتاج نظام تحت عنوان “ناصر جامع للفقيه” يعد أحد أهم المشاريع المشتركة بين الحوزة العلمية والجامعة. يهدف هذا المشروع إلى تطوير مساعد خبير وذكي للمجتهد، بحيث يتمكن من الوصول إلى جميع مصادر التفقه، كآيات القرآن والأحاديث وقواعد الاستنباط ومدى الاعتماد عل الرواة، ومن ثم تقديم اقتراحات تساعد المجتهد على الوصول إلى الحكم الشرعي بدقة أكبر. يمثل هذا المشروع جسراً يربط بين العالمين العلميين للحوزة والجامعة، ويسعى إلى تطوير نماذج من الذكاء الاصطناعي مصممة خصيصاً لتلبية احتياجات الاجتهاد. وعلى وجه الخصوص، يستهدف المشروع استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي لتحليل النصوص الدينية واستخراج الأحكام الشرعية منها.
ويضم فريق العمل في هذا المشروع نخبة من الخبراء الحوزويين الحاصلين على درجات علمية عليا في مجالات متنوعة كالتعلم الآلي، وهندسة الحاسوب، والبرامجيات، وتحليل البيانات. ويهدف المشروع إلى توظيف أحدث التقنيات في خدمة الدين والثقافة، وذلك من خلال تطوير أدوات وخدمات ذكية تساهم في تسهيل الأبحاث الدينية.
نظراً إلى الجهود المبذولة لتطوير الذكاء الاصطناعي في بلدنا، هل يمكن لهذه المشاريع أن تساهم بشكل فعال في التقدم والتطور في المستقبل؟
الدكتور قاسمي: نأمل أن تساهم هذه الجهود المشتركة بين الجامعات والقطاع الخاص والمؤسسات الحكومية في تحقيق نقلة نوعية في مجال الذّكاء الاصطناعِي في بلادنا. فمن خلال التعاون والتكامل بين هذه الجهات، يمكننا تحقيق إنجازات كبيرة في هذا المجال.