الاجتهاد: تمّ التركيز في هذا المقال علی وجهات نظر علماء الجمهور حول تسعير السلع، حيث تم تعميم المناقشة في بعض النواحي، مثل: هل التسعير ـ كما هو الحال في زيادة القيمة السوقية ـ يجري في شأن نقصان القيمة بالنسبة إلی قيمة السوق أم لا؟ وهل التسعير ـ كما هو الحال في خصوص السلع والأجناس التي هي مورد حاجة المجتمع وضرورياته ـ يجوز في أعمال أصحاب الحرف الضرورية للمجتمع مثل: الطبابة، والخياطة، والهندسة، وغيرها أم لا ؟
إنّ بحث تسعير السلع في دائرة المواد الغذائية التي تعتبر من متطلبات الحياة الضرورية التي كانت منذ القديم قد نالت اهتمام فقهاء الإمامية. واختلفوا في جوازه وعدم جوازه ـ وعلی فرض الجواز ـ اختلفوا أيضاً في عدد ونوع السلع التي يجوز لهم تسعيرها.
وهذا المقال الذي بين يديك، إضافة إلی اشتماله علی المباحث أعلاه، فقد تمّ التركيز فيه علی وجهات نظر علماء الجمهور، حيث تم تعميم المناقشة في بعض النواحي ، مثل :
هل التسعير ـ كما هو الحال في زيادة القيمة السوقية ـ يجري في شأن نقصان القيمة بالنسبة إلی قيمة السوق أم لا؟ وهل التسعير ـ كما هو الحال في خصوص السلع والأجناس التي هي مورد حاجة المجتمع وضرورياته ـ يجوز في أعمال أصحاب الحرف الضرورية للمجتمع مثل: الطبابة، والخياطة، والهندسة، وغيرها أم لا ؟
المقدّمة :
إنّ مسألة تسعير السلع هي إحدى المعضلات الاقتصادية التي ترتبط بحياة الناس ارتباطاً وثيقاً. من هنا، فمن المناسب أن نتعرّض في هذا البحث إلی نقد ودراسة هذه المسألة قدر الإمكان، رغم أنّها طُرحت في كلمات الفقهاء بشكل متفرّق ومختصر. لكنّ بحثنا هذا سيتناولها من زاويتين :
الاُولی: دراسة مقارنة بين فقه أهل البيت(عليهم السلام) والفقه السني.
والزاوية الثانية: التعرّض لبعض المباحث كالتفريع على الفروع، وتعميم البحث بالنسبة للتسعير علی عمل أصحاب الحرف، والتسعير في حال نقصان قيمة السلع عن قيمة السوق، وغيرها مما سندرسه لاحقاً برؤية جديدة.
تعريف التسعير :
إنّ من جملة مباحث التسعير مبحث معرفة مفهومه . فالتسعير من الناحية اللغوية معناه تعيين مقدار القيمة . وعلماء أهل السنّة صرّح أغلبهم بأنّ التسعير هو : تقدير السعر(1) .
والفقهاء إمّا لم يتعرّضوا لتعريف مصطلح التسعير ، أو أنّ أحداً لو تعرّض لتعريفه فإنّه لم يخرج عن التعريف اللغوي له(2). إذن فالمعنی المفهومي للتسعير في اصطلاح الفقهاء هو الآخر لا يختلف عن معناه عند أهل اللغة .
تقرير محلّ النزاع :
إنّ مشهور الفقهاء تطرّقوا إلی جواز وعدم جواز التسعير في خصوص مورد الاحتكار ، ولكن يبدو أنّ هذا البحث يشتمل علی موارد عديدة، بعض هذه الموارد قلّما تم بسط البحث فيه ، وبهذا الخصوص ينبغي الالتفات إلی النقاط التالية :
١ ـ هل يجوز التسعير في الحالات العادية بالنسبة للمواد الغذائية أم لا يجوز ؟
٢ ـ علی فرض عدم جواز التسعير في الحالات العادية، هل يجوز في الحالات غير العادية كما في موارد الاحتكار ونحوها أم لا ؟
٣ ـ علی فرض الجواز في الحالات العادية ، كما هو الحال في جواز التسعير للحدّ من ارتفاع الأسعار ، هل يجوز التسعير لئلا تنخفض القيمة السوقية أم لا ؟
٤ ـ وأمّا علی فرض جواز التسعير للحالات المتقدّمة، هل التسعير يختصّ بالموادّ الغذائية الضرورية أم يتسع ليشمل غيرها من السلع ؟
٥ ـ وهل يمكن تسعير عمل العمّال وأصحاب الحرف الضرورية للمجتمع، كالخبّاز، والطبيب مثلاً، وغيرهما أم لا ؟
كلّ واحد من هذه الموارد حريّ بالبحث والتحقيق، وسوف نتعرّض في هذا المقال إلى الإجابة عن كلّ هذه الأسئلة تفصيلاً أو إجمالاً وفق مقتضيات البحث .
المبحث الأول : حكم التسعير في الأوضاع الطبيعية
ويشتمل البحث فيه على مطلبين :
المطلب الأول : آراء فقهاء الشيعة الإمامية
ذهب مشهور فقهاء الإمامية إلى عدم جواز تحديد السعر، کالشيخ الطوسي والمحقق الحلي والفاضل الآبي والشهيد الأول والسيد العاملي فقد صرّحوا جميعاً بعدم جواز التسعير في الأحوال الطبيعية، بلا فرق في ذلك بين ما لو كانت قيمة السوق متعادلة أم غير متعادلة(3) .
وقد تمسّكوا بعدد من الأدلّة ، منها :
الدليل الأوّل : الإجماع
قال الشيخ الطوسي : «لا يجوز للإمام ولا النائب عنه أن يسعّر علی أهل الأسواق متاعهم من الطعام وغيره سواء في حال الغلاء أو في حال الرخص بلا خلاف »(4) .
المناقشة :
١ ـ الإجماع عليه إشكال صغروي ؛ لأنّه سوف يأتي أنّ عدداً من الفقهاء أفتوا بجواز التسعير .
٢ ـ علی فرض التنزّل عن الإشكال الصغروي لهذا الإجماع ، فإنّنا لو لم نقل بقطعية استناده إلى الدليل ، فلا أقلّ من احتمال مدركيته ؛ لأنّ مستندهم فيه الآيات والروايات قطعاً أو احتمالاً .
الدليل الثاني : الكتاب العزيز
تمسّك بعض الفقهاء بآيات القرآن الكريم من قبيل: {لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}(5)، ومن جملة من استدلّ من الفقهاء بهذه الآية: العلامة الحلّي في التذكرة، ونهاية الإحكام(6).
تقريب الاستدلال :
إنّ المستفاد من الآية هو أنّ التعاطي والتبادل الوارد فيها إذا لم يكن عن تراضٍ بين البائع والمشتري فهو غير صحيح ، وأنّ الثمن والمثمن الحاصل من هذه المعاملة باطل ، والتصرّف فيه غير جائز .
وبعبارة اُخرى، فالآية مشتملة علی مستثنیً منه ـ الملاك والمعيار فيه هو المال ـ حيث تبيّن الآية أنّ هذا المال باطل فيما لو كان التعاطي فيه عن غير رضا. كما تشتمل علی مستثنی ـ والذي ملاكه مال التجارة ـ حيث تشير إلی صحة هذا المال إذا تمّ التبادل فيه عن رضا الطرفين . ومع أخذ هذين المعيارين بنظر الاعتبار ، فتسعير السلع من قِبل الحاكم سوف لا يرضي البائع . إذن ، سيكون التسعير في هذه الحالة مصداقاً للمستثنی منه في الآية الشريفة .
المناقشة :
إنّ رضا البائعين في المبادلات المالية يكون علی شرط الصحة إذا لم يكن فيه تعارض وتضادّ مع المصالح العامة للمجتمع وحفظ النظام. من هنا، فلو دار الأمر بين رعاية تراضي البيّعين وبين رعاية مصلحة عامة الناس والمجتمع فإنّ رعاية حفظ النظام تكون مقدّمة؛ لأنّ العناوين الثانوية ـ كحفظ النظام العام ـ مقدّمة علی الأحكام الأوّلية .
ويشهد له أنّ جميع الفقهاء أفتوا بعدم شرط رضا المالك فيما لو وقع ملكه الشخصي في مسير طريق عام تستدعي الضرورة شقّه ، وصاحب الملك لا يرضی ببيع ملكه ، فالمصلحة العامة ـ هنا ـ مقدّمة علی المصلحة الشخصية ، من هنا يصار إلی تخريب وإزالة ملكه ، وتعطی قيمته للمالك بعد أن يقيّم بقيمة عادلة .
والمقام أيضاً مصداق لهذه الكبرى ؛ لأنّ مراعاة رضا المالك في هذه الحالة سيؤدّي إلی الإجحاف والضرر بعموم المجتمع ، وفي حال دوران الأمر بين رعاية المصلحة الفردية ومصلحة المجتمع ، فإنّ من الطبيعي تقديم الثانية ، إلاّ في بعض الحالات الخاصة .
الدليل الثالث : الروايات
إنّ أهم دليل علی عدم جواز التسعير هو الروايات الكثيرة ، وهي على عدّة طوائف :
الطائفة الاُولی :
وفيها روايات تدلّ علی أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة المعصومين(عليهم السلام) في مواسم القحط أمروا بوجوب عرض السلع وبيعها في الأسواق دون أن يُلزموا أصحابها بسعر معيّن ، ومن جملة تلك الروايات :
رواية حذيفة بن منصور، عن الإمام الصادق(عليه السلام) قال : نفد الطعام علی عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأتاه المسلمون فقالوا: يا رسول الله قد نفد الطعام ولم يبق منه شيء إلا عند فلان، فمره ببيعه. قال: فحمد الله وأثنی عليه، ثم قال: يا فلان، إنّ المسلمين ذكروا أنّ الطعام قد نفد إلا شيئاً(7) عندك، فأخرجه وبعه كيف شئت، ولا تحبسه(8) .
تقرير الدلالة:
في هذه الرواية نهی رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن احتكار الطعام وحسب ، في الوقت الذي نفد فيه الطعام في السوق ، ولم يُسعّر علی صاحب الطعام، مع أنّ الحالة حالة اضطرار، وأنّ المفقود طعام وليس سلعة يمكن الاستغناء عنها. فمن باب أولی أن لا يصحّ التسعير في الحالات الطبيعية .
والرواية ضعيفة من ناحية السند ؛ لأنّ سلسلة السند وقع فيها محمد بن سنان وفيه اختلاف ، فمدحه الشيخ المفيد(9) ، وضعّفه النجاشي ، وابن الغضائري، والشيخ الطوسي(10) ، وتوقّف فيه عدّة من المحقّقين(11) .
الطائفة الثانية :
وهي الروايات التي فيها دلالة علی أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندما طُلب منه أن يسعّر علی أصحاب السوق سلعهم للمحافظة علی توازن قيمة السلع مقابل صعود الأسعار وهبوطها ، فأجابهم بالنفي ، وأنّ إجابة طلبهم ذلك إنّما هو مصداق البدعة ، ومن جملة تلك الروايات :
رواية الصدوق التي جاء فيها : قيل للنبي (صلى الله عليه وآله) : لو سعّرت لنا سعراً ، فإنّ الأسعار تزيد وتنقص ، فقال (صلى الله عليه وآله) : «ما كنتُ لألقی الله ببدعة لم يحدث إليّ فيها شيئاً ، فدعوا عباد الله يأكل بعضهم من بعض ، وإذا استنصحتم فانصحوا»(12) .
تقرير الدلالة :
المستفاد من هذه الرواية هو أنّ التسعير بدعة؛ ولذلك اجتنبه رسول الله (صلى الله عليه وآله). أمّا سند الرواية، فهي مرسلة.
الطائفة الثالثة :
هذه الطائفة من الروايات لم يرد فيها خصوص التسعير ، بل لسانها العام دالّ علی كبری كلّية ، وهي : أنّ التصرّف في مال الغير بدون طيب نفس المالك غير جائز ، والتصرّف في مال الآخرين والتسعير عليهم هو أحد مصاديق هذه الكبری الكلّية ، ومن هذه الطائفة النبويّ المشهور : « لا يحلّ مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه »(13) ، وغيرها من الأخبار الدالّة على الكبرى المذكورة(14) .
تقرير الدلالة :
إنّ مضمون الرواية المذكورة أعلاه هو النهي عن التصرّف في أموال الآخرين بدون رضاهم وطيب أنفسهم ، والتسعير هو أحد مصاديق التصرّف بدون طيب النفس ؛ وذلك لأنّه من الواضح جدّاً أنّ وضع السعر علی السلع إنّما هو بدون رضا المالك ، وهو بحدّ ذاته تصرّف بدون طيب نفس .
الطائفة الرابعة :
وثمّة طائفة من روايات الاستدلال لها دلالة علی أنّ السعر إنّما هو بيد الله تبارك وتعالی. وعليه، فإنّ لله تعالی ملكاً أو ملائكة مكلّفون بأسعار الأسواق، ولا يحق لأيّ إنسان أن يسعّر علی التجار، وأصحاب السلع والبضائع، من تلك الروايات :
رواية أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسين(عليه السلام) قال : « إنّ الله عزّ وجلّ وكّل بالسعر ملكاً يدبّره بأمره »(15) .
تقرير الدلالة :
الرواية التي ذكرناها تدلّ علی أنّ تدبير السوق والسلع ، أي : إنّ قيمتها إنّما هي بيد الله تعالی ومن فعله وتدبيره . من هنا ، نفهم أنّ السعر قد اُوكل إلی عامل إلهي ، لذلك فيدلّ بالدلالة الالتزامية أنّ عباد الله ليس لهم حقّ التدخّل في عمل الله سبحانه .
هذا على فرض صحة سند الرواية .
الدليل الرابع : قاعدة السلطنة
ذكر الفقهاء أنّ من أدلّة عدم جواز التسعير في الحالات الطبيعية هي قاعدة : «السلطنة» المستفادة من الروايات أوّلاً ، ومنها النبويّ المعروف : « الناس مسلّطون علی أموالهم »(16) ، والمستفادة من حكم العقل ثانياً . وهذا الأخير مبتنٍ علی أنّ الإنسان كما أنّ له السلطة على نفسه ، كذلك له الاختيار والتسلط علی أعماله وعلی نتائج أعماله ، والذي يعتبر المال واحداً منها .
الدليل الخامس : العقل
يمكن الاستدلال بحكم العقل علی عدم التسعير في الحالات الطبيعية ؛ لأنّه لا شك أنّ التسعير بالنسبة إلی أموال الآخرين هو مصداق الظلم للمالك ؛ لأنّ ذلك سيكون سبباً في تضييع حقه في التسلّط علی ماله ، والظلم في نظر العقل قبيح ، وحسب قاعدة الملازمة ، فكلّ ما قبّحه العقل ، فهو عند الشارع قبيح وحرام .
ويُشكل عليه : بأنّ العديد من الفقهاء لا يسلّمون تلك القاعدة .
جوابه : إنّ المنكرين لقاعدة الملازمة يسلّمون مورد حكم العقل بقبح الظلم .
النتيجة المتحصّلة :
المستفاد من الأدلّة المذكورة عدم الجواز التكليفي للتسعير بالنسبة إلی أموال الآخرين . وأمّا بالإضافة إلی الحرمة التكليفية ، فهل يمكن استفادة الحكم الوضعي أيضاً ـ أي بطلان التبادل والتعاطي المنعقد على قيمة التسعير ـ أم لا ؟ إنّ هذا الأمر يرجع إلی أنّه هل النهي في المعاملات يوجب فساد المعاملة أم لا ؟
من هنا، فإنّ المشهور ذكروا بأنّ النهي في المعاملات لا يوجب فسادها، وعليه، فالمعاملة صحيحة، ولا يطالها الفساد.
إذن ، يمكن استفادة الحرمة الوضعية من هذه الأدلّة .
نقد وتحليل :
يمكن للقائلين بجواز التسعير أن يُشكلوا علی دلالة هذه الطوائف من الروايات علی النحو التالي :
الإشكال الأوّل :
إنّ كلّ واحدة من الروايات الدالّة علی عدم جواز التسعير ضعيفة من ناحية السند. وعليه، فهي لا تصلح للاستدلال بها .
جوابه : يبدو أنّ هذا الإشكال غير وارد ؛ لأنّ البعض من هذه الروايات معتبرة من الناحية السندية ، ومن تلك الروايات علی سبيل المثال :
١ ـ الرواية الواردة في دليل قاعدة السلطنة .
٢ ـ ثمة روايات عديدة في مصادر الفريقين إن لم ندّع التواتر اللفظي عليها ، فلا أقلّ من دعوى التواتر الإجمالي أو المعنوي فيها .
٣ ـ إنّ مشهور الفقهاء قد عملوا بهذه الروايات ، والبعض من هذه الروايات اعتبروها من مصاديق الروايات المرسلة إرسال المسلّمات ، ومن جملة تلك الروايات روايات الطائفة الثالثة .
وعليه ، فطبق مبنی جبر الضعيفة السند بعمل المشهور بها ، وهذا المبنی يحظی بقبول غالبية الفقهاء . فالروايات الضعيفة السند ينجبر سندها بعمل المشهور .
الإشكال الثاني :
إنّ عدم جواز التسعير يتنافی مع حفظ مصالح النظام ، ومصالح المجتمع الإسلامي ، ويستوجب العسر والحرج للناس . من جانب آخر يتنافی مع قبول نظرية ولاية الفقيه ؛ لأنّه علی أساس هذا المبنی فإنّ الولي الفقيه يستطيع أن يعمل وفق ما فيه مصلحة المجتمع ، لكنّ الشك في التسعير هو في بعض الموارد مصداق لهذه الكبری .
جوابه : هذا الإشكال ناشئ من عدم الالتفات إلی محلّ النزاع ؛ لأنّ في جواز وعدم جواز التسعير في الحالات الطبيعية صرف نظر عن العناوين الثانوية ، مثل : الاحتكار ، والقحط ، وأوقات الحرب ، أو حكم الولي الفقيه .
المطلب الثاني : آراء فقهاء أهل السنّة
إنّ فقهاء أهل السنّة أيضاً كما هو الحال عند فقهاء الإمامية يرون أنّ التسعير في الحالة الطبيعية غير جائز. وأكثر الأدلّة التي استندوا إليها هي عبارة عن الأدلّة التي استند إليها فقهاء الإمامية ، وأهمها :
١ ـ الكتاب العزيز
حيث استدلّوا بقوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (17) .
وتقريبه قد مرّ ذكره فلا نعيد .
وأمّا الفقهاء الذين تمسّكوا بهذا الاستدلال ، فمنهم : أبو بكر بن مسعود ، علاء الدين الكاشاني الحنفي ( ت ٥٨٧ ه / ١١٩١ م )(18) .
٢ ـ السنّة الشريفة
الدليل الثاني هو الروايات والتي منها النبويّ الشريف : «لا يحلّ مال امرئ إلا بطيب نفس منه»(19) .
تقريب الاستدلال :
وتقريب الاستدلال به نحو ما مرّ في تقريب أخبار الطوائف الأربعة السابقة ، فلا نعيد . فقد أورد صاحب البدائع(20) الرواية أعلاه ، ورواية اُخرى حملت نفس مضمون ما أوردناه فيما تقدّم عن مصادر الشيعة ، مع اختصار وتغيير يسير في الألفاظ ، واستدلّ بها علی عدم جواز التسعير علی مالك المال بضاعته . وقد جاء في تلك الرواية : إنّ السعر غلا في المدينة وطلبوا التسعير من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فلم يسعّر ، وقال : « إنّ الله تبارك وتعالی هو المسعّر القابض الباسط الرازق ، وإنّي لأرجو أن ألقی الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولا مال »(21) .
ويستفاد من هذه الرواية أنّ التسعير مصداق الظلم ؛ لذا امتنع رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن إعماله . كما استدلّوا بروايات اُخر علی هذه المسألة .
المبحث الثاني : حكم التسعير في الأوضاع غير الطبيعية
ويشتمل البحث فيه على مطلبين أيضاً :
المطلب الأول : آراء فقهاء الإمامية
في خصوص التسعير في الحالات غير الطبيعية كالاحتكار مثلاً ، ففي هذه الحالة هل يجوز التسعير أم لا ؟
ثمة قولان بين فقهائنا لا غير :
القول الأوّل : عدم جواز التسعير مطلقاً .
وممّن صرّح بهذا الرأي: الشيخ الطوسي وابن زهرة الحلبي والمحقّق الحلي والفاضل الآبي والعلامة الحلي(22) .
أمّا أدلّة أصحاب هذا القول ، فهي عبارة عن إطلاق وعموم الأدلّة التي أشرنا إليها في المبحث الأوّل ، وتعرّضنا لها مفصّلاً .
القول الثاني : جواز التسعير ، وذهب إليه آخرون كالشيخ المفيد وابن حمزة وابن سعيد الحلي والفاضل المقداد والشهيد الأوّل والمحقّق الكركي والمحدّث البحراني(23) .
والذي يبدو لنا أنّ القول الثاني هو الصحيح ، ومن أجل إثباته فقد تمسّكوا بالأدلّة التالية :
الدليل الأوّل : طروّ الحالات غير الطبيعية تكون من مصاديق العناوين الثانوية
من الواضح جداً أنّ أدلّة العناوين الثانوية حاكمة علی أدلّة العناوين الأوّلية ، وبالنتيجة يتقيّد إطلاق وعموم أدلّة العناوين الأوّلية بأدلّة العناوين الثانوية .
بعبارة اُخرى، إنّ الأدلّة التي مرّ ذكرها ناظرة إلی الحالات الأوّلية ، وهي منصرفة عن موارد الحالات غير الطبيعية . ولعلّه يشير إليه مفاد كلام الإمام الخميني في هذا الصدد : لو أنّ المالك أجحف في القيمة ، أُلزم بتنزيل القيمة ، وإن لم يلتزم بتنزيل السعر ألزمه الحاكم بسعر سوق البلد ، أو بما يراه مصلحة . فما دلّ علی عدم التسعير منصرف عن مثل ذلك(24) .
وبهذا الاستدلال فإنّ الكثير من الفقهاء المعاصرين ـ ومنهم السيد الخوئي(25) ـ ذهبوا إلى جواز التسعير في فرض الإجحاف .
الدليل الثاني : عهد أمير المؤمنين إلی مالك الأشتر
روي عن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّه قال : « ثمّ استوص بالتجّار وذوي الصناعات . . . فامنع من الاحتكار ، فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) منع منه . وليكن البيع بيعاً سمحاً : بموازينعدل ، وأسعار لا تُجحفُ بالفريقين من البائع والمبتاع . فمَن قارف حكرةً بعد نهيك إيّاه فنكّل به ، وعاقبه من غير إسراف »(26) .
تقرير الدلالة :
صرّح(عليه السلام) بأنّ الإجبار علی بيع السلع المحتكرة يجب أن يكون بقيمة عادلة بحيث لا تضرّ بالبائع ، وتخدم المشتري في الوقت نفسه . وتتحقّق عدالة قيمة السلع عندما يكون الحاكم هو الذي يعيّن السعر . إذن ، فالنص يدلّ علی جواز التسعير في الحالات غير الطبيعية ، كالاحتكار مثلاً .
البحث السندي :
هذا الكتاب لا غبار عليه من الناحية السندية ، ولا يرد عليه أيّ إشكال ، وذلك :
أوّلاً : إنّ سند النجاشي إلی هذه الرسالة معتبر .
وثانياً : سند الشيخ الطوسي إليها تام أيضاً .
وثالثاً : إنّ شهرة الرسالة الروائية والعملية وتداولها لا يترك محلاً للتشكيك بها .
رابعاً وأخيراً : نفهم من متن الرسالة ومضمونها أنّها لا تصدر إلاّ عن إمام معصوم .
هذه الاُمور بمجموعها توجب الاطمئنان ، بل القطع بصحة صدور هذا الكتاب .
الدليل الثالث : الروايات
منها الرواية الواردة في دعائم الاسلام، والتي جاء فيها: « . . . من نقص عن بيع الناس ، قيل له : بِع كما يبيع الناس . . . »(27) .
تقرير الدلالة :
ورد قول الإمام(عليه السلام) الآنف في جواب عن سؤال حول كيفية التعامل مع مَن يحتكرون السلع ، كيف يكون ؟ فأجاب الإمام(عليه السلام) بأنّ علی المحتكر أن يبيع «كما يبيع الناس» .
من الواضح ظهور عبارة : « كما يبيع الناس» في أنّ تعيين التسعير العادل يكون من قِبل الإمام(عليه السلام) .
المناقشة السندية :
إنّ سند هذه الرواية غير تام ، ولكونها مرسلة ، فبالنتيجة سوف لا تكون دليلاً لهذا القول .
الدليل الرابع : ولاية الفقيه
لا شك إنّه علی مبنی ولاية الفقيه ففي مورد الحالات غير الطبيعية، ومن أجل اقتضاء مصلحة المجتمع، ومن أجل حفظ النظام المعيشي للناس، وتحسين واستقرار أوضاعهم، فإنّه يجوز التسعير علی السلع؛ لكونه ضرورة ملحة تتعلّق بالصالح العام .
وهنا لا يوجد فرق سواء على القول بإطلاق ولاية الفقيه ، أو أنّها خاصة بالاُمور الحسبية ؛ لأنّ القدر المتيقّن من أنّ الأمور الحسبية تساعد في تحسين الاُمور المعاشية للناس .
الدليل الخامس : قاعدة تقديم الأهم علی المهم
في حالة التزاحم بين الأهم والمهم علی أساس الآيات القرآنية الكريمة ،والروايات الشريفة، وحكم العقل، وسيرة العقلاء، لابدّ أن يقدّم الأهم .
ومن الواضح أنّ مصالح المجتمع والاُمّة الإسلامية هي أهم من مصلحة المالك، ومقدّمة عليها. من هنا، ففي حال دوران الأمر بين (الاُمّة والفرد)، فإنّ الأوُل هو المقدّم، والنتيجة هي أنّ تأمين المصالح يدور مدار التسعير سواء كان جائزاً أو واجباً .
الدليل السادس: قاعدة الاضطرار
لقد ثبت لنا سابقاً أنّه لا يجوز تسعير السلع في الحالات العادية، وأنّ قاعدة الاضطرار المأخوذة من الآيات القرآنية والروايات وحكم العقل، إنّما هي في حدود رفع حرمة الحرام ليصبح حلالاً ، والحلال حراماً .
بناءً علی ذلك، فلو أنّ الشروط الزمانية والمكانية كانت بحيث يصبح التسعير أمراً لازماً وضرورياً، فإنّها ـ أي : قاعدة الاضطرار ـ تجوّز ذلك .
تحقيق المقام :
إلی هنا يدور الأمر بين القول الأوّل والثاني ، وعلى فرض صحة القول الثاني ، فهو لا يتمّ علی إطلاقه ، ولابدّ من التفصيل فيه .
ومن أجل بيان ذلك وإيضاحه لابدّ من الالتفات والتأمّل في عدّة مقدّمات ضرورية :
المقدّمة الاُولی : الحكم الأوّلي عدم جواز التسعير .
المقدّمة الثانية : الجواز الذي يختصّ في الموارد التي يكون مصداقها الحالات غير الطبيعية ، والاضطرار ، وحفظ مصالح المجتمع الإسلامي
.المقدّمة الثالثة : ثبت في الفقه أنّه في حال رفع الأحكام الأوّلية مع طروّ العناوين الثانوية ، كالضرر ، والعسر والحرج ، والاضطرار ، فإنّه يجب الاكتفاء بالقدر المتيقّن في حدود رفع الاضطرار .
النتيجة المتحصّلة من هذه المقدّمات هي : أنّه لو أمكن حفظ المصالح ورفع العسر والحرج والاضطرار بغير التسعير علی السلع ، فإنّ التسعير ـ حينئذٍ ـ لا يكون جائزاً .
بناءً علی ذلك ، فإنّ علی الحاكم عدم التسعير مباشرة ، بل عليه في المرحلة الاُولی أن يحكم ـ يصدر أمراً أو قانوناً ـ بخفض الأسعار من دون أن يحدّد قيمة معيّنة ، وفي المرحلة الثانية إذا لم يلق الحكم أو القانون آذاناً صاغية ، ولم يؤثّر في إيجاد الاستقرار القيمي في السوق ، فإنّه ـ عندئذٍ ـ يُعيّن السعر ، وإذا لم يترك تعيين القيمة الخاصة أثره كذلك ، فهنا تأتي المرحلة الثالثة والتي هي عبارة عن أنّ الحاكم نفسه يقوم ببيع السلع المحتكرة ـ بعد الاستيلاء عليها ومصادرتها ـ بالسعر المناسب ، ودفع قيمتها إلی المالك .
وقد صرّح العديد من الفقهاء بهذا التدّرج في مكافحة الاحتكار ، وكيفية التعامل مع المحتكر ومع السلع المحتكرة ، کالشهيد الثاني ، والنراقي ، والنجفي ، والخوانساري ، والسيد الخوئي ، والإمام الخميني(28) .
قال الإمام الخميني في هذا الصدد : « وأمّا التسعير فلا يجوز ابتداءً . نعم ، لو أجحف أُلتزم بالتنزيل ، وإلا ألزمه الحاكم بسعر البلد ، أو بما يراه مصلحة »(29) .
المطلب الثاني : آراء فقهاء أهل السنّة
ذهب فقهاء أهل السنّة إلى ما ذهب إليه فقهاء الإمامية من جواز فرض التسعير على المالك في الحالات غير الطبيعية ، وقد استدلوا عليه بما يلي :
أوّلاً ـ رواية عبدالله بن عمر
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «مَن أعتق شِركاً له في عبد ، فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوّم العبد عليه قيمة عدلٍ ، فأعطی شركاءه حِصصهم ، وعَتَق عليه العبد ، وإلا فقد عَتَق منه ما عتق»(30) .
وهذه الرواية دالّة علی أنّه في بعض الموارد يحكم الشارع علی مال المالك ويُعيّن عليه قيمة عادلة ولو بالقهر والإجبار ، حيث يسلب من يده ـ بهذه الطريقة ـ حقّ التصرّف بماله . وعلی الرغم من كون مورد الرواية شأن شخصي وخاص ، فقد جوّزت التسعير علی المالك ، فمن باب أولی يجوز التسعير في الشؤون التي تهمّ المجتمع وتمسّ حاجته(31) .
ثانياً ـ قصة عمر مع حاطب
«وجد عمر بن الخطاب [ حاطب ] بن أبي بلتعة يبيع الزبيب بالمدينة ، فقال : كيف تبيع يا حاطب ؟ فقال : مُدَّين [ بدرهم ] ، فقال : فقال : تبتاعون بأبوابنا ، وأفنيتنا ، وأسواقنا ، تقطعون في رقابنا ، ثم تبيعون كيف شئتم . بِع صاعاً [ يعني بدرهم ـ ] ، وإلا فلا تَبِع في سوقنا . . . »(32) .
ذكر البعض من فقهاء أهل السنّة تحت عنوان : شروط جواز التسعير ، موارد عدّوها مصاديق للحالات غير الطبيعية ، من تلك الموارد :
١ ـ التعدّي الفاحش في القيمة :
في هذه الحالة صرّح فقهاء أتباع مذهب أبي حنيفة بجواز التسعير .
٢ ـ حاجة الناس الشديدة والماسّة للسلع :
جوّز فقهاء أهل السنّة التسعير هنا أيضاً ، ولكن بشرط توقّف دفع الضرر المتعمّد علی التسعير .
٣ ـ موارد الاحتكار :
حکم فقهاء أهل السنّة بحرمة الاحتكار ، وأنّ عقوبته هي إجبار المالك علی البيع بالقيمة التي يضعها الحاكم(33) .
المبحث الثالث : حدود التسعير
المطلب الأوّل : نطاق التسعير عند الشيعة الإمامية
من جملة المباحث التي تحتاج إلی دراسة وتحقيق هي أنّ التسعير هل يختصّ بالسلع التي هي من جنس الطعام فحسب أم يشمل ماهو أوسع من ذلك ؟
هذا التساؤل يُطرح في موارد الاحتكار أيضاً ، ويبدو أنّ الأقوال والأدلّة التي تُطرح في بحث الاحتكار لها ارتباط مع هذا البحث .
من هنا ، يلزم الإشارة الإجمالية إلی الأقوال التي تُطرح في مجال حرمة الاحتكار . فمشهور الفقهاء يعتقدون أنّ متعلّق الاحتكار هو الأطعمة ، ولكنّهم اختلفوا في مصاديقها ، فالبعض يرون أنّها تشمل الغلات الأربع فقط ، أيّ : ( الحنطة ، الشعير ، التمر ، الزبيب )(34) ، والبعض الآخر أضاف إليها السمن(35) ، وبعضهم يرى أنّها في ستة مصاديق مضيفاً إليها الملح أيضاً(36) ، والبعض جعلها سبعة موارد بإضافة الزيت إلی الستة(37) ، بل إنّ البعض اعتبر الاحتكار في مطلق الطعام(38) ، ومنهم من أدخل كلّ المستلزمات التي يحتاجها الإنسان في حياته اليومية في كلّ زمان ومكان تحت مظلّة الاحتكار(39) ، وأمّا البعض فقد قال : بأنّ موضوع الاحتكار هو عبارة عن مطلق الأشياء التي يحتاج إليها الإنسان ، بحيث لولاها لا ستوجب ضيقاً وصريحاً في حياته ، كما لو كانت الحاجة إلی مثل البرّاد ( الثلاجة )(40) .
والذي يبدو أنّ هذا الرأي الأخير هو الأقرب إلی الواقع ؛ وذلك لأنّ حرمة الاحتكار ليس حكماً تعبّدياً ، بحيث لا يستطيع البشر فهم وإدراك ملاكه وفلسفته ، بل هو حكم غير تعبّدي اطّلعنا عليه من خلال الروايات وأدلّة حرمة الاحتكار ، أمّا الحكمة والفلسفة من تشريع هذا الحكم فهي لرفع مطلق العسر والحرج والشدّة في الاُمور المعيشية للناس ، والتي تشمل الأطعمة وغير الأطعمة . وعليه ، فالاحتكار في أيّ شيء يسبّب فقدانه ضيقاً وحرجاً في حياة الناس غير جائز . وتفصيل هذا البحث مرتبط ببحث الاحتكار .
وممّا لا بدّ من الإشارة إليه أنّ التسعير جائز في مطلق الأجناس التي هي مورد الحاجة الماسّة والشديدة للناس ، بحيث لو افتقدت لاستوجبت الضيق والحرج في حياتهم .
المطلب الثاني : نطاق التسعير عند أهل السنّة
اختلف فقهاء أهل السنّة في الأجناس التي يسري إليها التسعير ، فإنّ لفقهاء مدرسة أبي حنيفة في المقام قولان :
١ ـ البعض من أصحاب أبي حنيفة حصروا التسعير في أقوات البشر والبهائم ، منهم : العتابي ( أبو نصر أحمد بن محمد البخاري الحنفي ت ٥٨٦ هـ )(41) .
٢ ـ والبعض الآخر من أصحاب أبي حنيفة رأوا تعميم التسعير إلی غير أقوات البشر والبهائم ، ومنهم : القهستاني ( أبو قريش محمد بن جمعة الأصم ت ٣١٣ ه )(42) .
أمّا فقهاء الشافعية فقد عمّموا التسعير وقالوا بأنّه يشمل كلّ مكيل وموزون أعم من أن يكون طعاماً أو غير طعام(43) .
والقول الأخير لأصحاب مالك وهو : أنّ التسعير مختصّ بالمأكول فحسب ، وهو قول الحسن بن عرفة العبدي(44) .
المبحث الرابع : التسعير علی الأعمال
لقد بحثنا إلی الآن عدم التسعير علی الأجناس ، وخصوصاً المواد الغذائية التي هي مورد حاجة الإنسان. والسؤال المطروح هنا، والذي من الحريّ أن يُجاب عنه هو: هل أنّ التسعير یشمل عمل أصحاب الحرف والفنون أيضاً ، كوضع قيمة لعمل الطبيب أو الخياط أو المهندس ونحوهم أم لا ؟
طرح بعض فقهاء أهل السنّة مثل هذا البحث ، وأجابوا عنه بالجواز كالماوردي في الأحكام السلطانية ، حيث ذكر بأنّه يحق لوليّ الأمر أن يفرض علی أصحاب الحرف والمشاغل المختلفة التي هي مورد حاجة المجتمع أن يعملوا بقيمة اُجرة المثل ، ولا يحق لهم أخذ اُجرة زائدة عن اُجرة المثل(45) .
والذي يبدو أنّه علی الرغم من أنّ بعض الأدلّة قد وردت في جواز التسعير في خصوص البضائع ، بالأخص المواد الغذائية ، بناءً علی ذلك يحقّ التسعير علی الأعمال والمشاغل أيضاً .
ومن حصيلة ما تقدّم : فإنّ بحثنا هو في خصوص الحالات غير العادية، وكذلك في دعوى جواز تسعير البضائع ـ حتی المواد الغذائية ـ في موارد الحالات غير العادية أيضاً .
وبعد أن اتضح لنا أنّ محلّ البحث علی هذا المدّعی هي الأدلة الستة التي أُقيمت علی إثبات جواز أصل التسعير في موارد السلع في الحالات غير الطبيعية :
فالدليل الأوّل الذی بينّاه وقررنا به هناك ، يجري هنا أيضاً ؛ لأنّ مورد البحث هنا الحالات غير الطبيعية والتي هي مصداق للعناوين الثانوية ، وواضح جداً أنّ أدلة العناوين الثانوية مقدمة علی العناوين الأولية .
وأمّا الدليلان الثاني والثالث: فعلی الرغم من أنّهما في خصوص البضائع ، ولكن بتنقيح المناط والملاك فإنّهما يشملان مورد بحثنا أيضاً ؛ وذلك لأنّ جواز وعدم جواز التسعير علی الأعمال ليس حكماً تعبّدياً ، بحيث لا طريق له إلى تنقيح المناط . إذن ، مع تنقيح المناط يجري كلا الدليلين المذكورين في المقام أيضاً .
أمّا الدليل الرابع، فبناءً على القول بولاية الفقيه ، فإنّ للفقيه أن يتدخّل ، بل يجب عليه أن يتدخّل في بعض الموارد من أجل حفظ المصالح العامة ، وحفظ مصلحة النظام حتی لو كان ذلك في إعمال التسعير علی السلع والبضائع .
ومن الواضح أنّ الولي الفقيه لو لم يتدخّل مثلاً في تعيين أُجرة الطبيب المعالج للزم الهرج والمرج ، وبالتالي فإنّ مصالح الفقراء سوف تضيع.
وأمّا الدليل السادس من أدلّة جواز التسعير ، وهو قاعدة الاضطرار ، فهو مطلق أيضاً ويشمل مناقشتنا هذه .
وهنا يلزم التذكير أنّ جواز التسعير علی الأعمال والمشاغل نظير جواز التسعير علی الأجناس والبضائع ، له ثلاث مراحل ، ويجب أن يكون في حدود الاضطرار ، وأن تراعی فيه مصلحة الناس ، ولا يجوز في أكثر من ذلك . المبحث الخامس : التسعير في حالات نقصان القيمة
من جملة المباحث التي لم تبحث أو نادراً ما تمّ التطرّق إليها ، هي : لو أنّ شخصاً باع بضاعته بأقلّ من القيمة السوقية المتعارفة ، فهل يجري التسعير في البيع بأقلّ من الثمن هنا كما يجري جواز التسعير في مورد البيع بأكثر من القيمة هناك ؟
في بادئ الأمر يمكن القول إنّ التسعير هنا ينطبق علی هذه الحالة أيضاً بنفس أدلّة جواز التسعير في الحالات غير الطبيعية ، ولكن يبدو أنّ هذا القول لا يصح ؛ لأنّ الملاك والضابطة الأصلية لجواز التسعير كانت عبارة عن أنّ الحالة غير الطبيعية هي مصداق للعناوين الثانوية ، وأدلّة العناوين الثانوية دائماً مقدّمة علی العناوين الأوّلية ، وأنّ روح الأدلّة الستة التي تقدّم ذكرها آنفاً هو لإثبات الكبری الكلّية لتقديم أدلّة العناوين الثانوية علی أدلّة العناوين الأوّلية .
وبناءً عليه ، فمورد البحث هنا لا تشمله الأدلّة الستة ؛ لأنّ العنوان الثانوي لا يصدق هنا ؛ وذلك لأنّ البيع بأقلّ من القيمة لا يعرّض مصالح الاُمّة إلی الضيق والحرج ، ويجعلها في حالة من الاضطرار والعسر . من هنا ، فعلی فرض تعرّض مصالح المجتمع إلى الخطر ببيع سلعة مثلاً بأقلّ من القيمة ، فإنّه سوف تشمله وتصدق عليه حالة العنوان الثانوي .
هذا ، مضافاً إلى ما دلّ في مصادر أهل السنّة الروائية علی عدم جواز التسعير في مورد نقصان القيمة ، فقد روی الحاكم النيسابوري بسنده عن اليسع بن المغيرة قال : مرّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) برجل بالسوق يبيع طعاماً بسعر هو أرخص من سعر السوق ، فقال : « تبيع في سوقنا بسعر هو أرخص من سعرنا » ، قال : نعم ، قال : «صبراً واحتساباً» ، قال : نعم ، قال : «أبشر فإنّ الجالب إلی سوقنا كالمجاهدفي سبيل الله ، والمحتكر في سوقنا كالملحد في كتاب الله»(46) .
نتائج البحث
١ ـ لا يجوز التسعير من وجهة نظر فقهاء الإمامية في الحالة الطبيعية وتحت عنوان الحكم الأوّلي، وعلی الرغم مما أشكلوا علی دلالة أو سند بعض الأدلّة التي اُقيمت علی عدم جواز التسعير في المبحث الأوّل، ولكن بشكل إجمالي فإنّ دلالة تلك الأدلّة هي في موضع القبول .
٢ ـ هناك اختلاف بالنسبة إلی الحكم الوضعي للتسعير بناءً علی قبول الحرمة التكليفية، ومنشأ هذا الاختلاف هو أنّه هل النهي في المعاملات موجب لفسادها أم لا؟ ولما كانت وجهة نظرنا أنّه لا موجب للفساد، إذاً فلا حرمة وضعية له .
٣ ـ يرى فقهاء أهل السنّة کفقهاء الإمامية عدم جواز الاحتكار بعنوانه الأوّلي .
٤ ـ هناك اختلاف في التسعير في الحالات غير الطبيعية تحت العنوان الثانوي، والحق هو الجواز. وتمّ عرض ستة أدلّة لإثبات ذلك.
٥ ـ فقهاء أهل السنّة هم أيضاً لا يجوّزون التسعير في الحالات غير الطبيعية بالعنوان الثانوي .
٦ ـ مساحة ونطاق التسعير لا يختصّ ولا ينحصر في المواد الغذائية الضرورية ، بل يتسع ليشمل كلّ نوع من السلع الضرورية التي تمسّ الحاجة إليها في الحياة اليومية .
٧ ـ كما أنّ التسعير جائز للحدّ من زيادة الأسعار ، فإنّه من أجل الوقوف بوجه نقصان القيمة جائز أيضاً .
الهوامش
(1) الجوهري ، إسماعيل بن حماد ، الصحاح ، دار العلم للملايين ـ بيروت ، ط ٤ / ١٤٠٧ ه = ١٩٨٧ م ، ٢ : ٦٨٥ . ابن منظور ، محمد بن مكرم ، لسان العرب ، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ، ط / ١٤٠٨ ه = ١٩٨٨ م ، ٦ : ٢٦٦ . فتح الله ، أحمد ، معجم ألفاظ الفقه الجعفري ، مطابع المدوخل ـ الدمام ـ السعودية ، ط ١ / ١٤١٥ ه : ١٣٣ .
(2) المفيد ، محمد بن محمد بن النعمان ، المقنعة ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم ، ط ٢ / ١٤١٠ ه : ٦١٦ الباب ٢٦ من أبواب كتاب التجارة . سلار الديلمي ، حمزة بن عبد العزيز ، المراسم العلوية في الأحكام النبوية ، تحقيق : محسن الحسيني الأميني ، نشر : المعاونية الثقافية للمجمع العالمي لأهل البيت(عليهم السلام) / ١٤١٤ ه : ١٨٣ . السيوطي الرجيباني ، مصطفی بن سعد الدمشقي ، مطالب أولي النهی في شرح غاية المنتهی ، دار الكتب العلمية ـ بيروت/٢٠٠٩م ، وطبعة ثانية هي طبعة المكتب الإسلامي ـ دمشق / ١٣٨٠ ه = ١٩٦٠ م ، ٢ : ٦ و ٣ . أبو يحيی الأنصاري ، زكريا بن محمد القاضي الشافعي، أسنی المطالب في شرح روض الطالب، دار الفكر ـ بيروت، ط ١ / ١٤٢٨ و ١٤٢٩ه = ٢٠٠٧ و ٢٠٠٨ م، ٢: ٣٨ .
(3) الطوسي ، محمد بن الحسن ، المبسوط ، المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية ـ طهران / بلا تاريخ ، ٢ : ١٩٥ . المحقق الحلي ، جعفر بن الحسن ، شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام ، مطبعة الآداب ـ النجف الأشرف / ١٣٨٩ ه = ١٩٦٩ م ، ٢ : ١٥ . الفاضل الآبي ، الحسن بن أبي طالب ، كشف الرموز في شرح المختصر النافع ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم / ١٤٠٨ ه ، ١ : ٤٥٦ . الشهيد الأول ، محمد بن مكي العاملي ، الدروس الشرعية في فقه الإمامية ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم ، ط ١ / ١٤١٤ ه ، ٣ : ١٨٠ . العاملي ، السيد محمد جواد بن محمد الحسيني ، مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة ، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث ـ قم ، ط . حجرية .
(4)الطوسي ، المبسوط ٢ : ١٤٥ .
(5)النساء : ٢٩ .
(6)العلامة الحلي ، الحسن بن يوسف بن علي ، تذكرة الفقهاء ، منشورات المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية ـ طهران/بلا تاريخ ، ١ : ٥٨٥ ؛ وطبعة أُخرى لمؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث ـ قم ، ط ١ / ١٤٢٢ ه ، ٢ : ١٦٨ ـ ١٦٩ . وله أيضاً نهاية الإحكام في معرفة الأحكام ، مؤسسة إسماعيليان للطباعة والنشر ـ قم ، ط ٢ / ١٤١٠ ه ، ٢ : ٥١٥ . أقول : لم أر له استدلالاً بالآية الشريفة في المصدرين . ( المترجم)
(7)في الوسائل : شيء ، وهو كما ترى . ( المترجم )
(8)الحر العاملي ، محمد بن الحسن ، وسائل الشيعة إلی تحصيل مسائل الشريعة ، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث ـ قم ، ط ١ / ١٤٠٩ ه ، ١٧ : ٤٢٩ باب ٢٩ من آداب التجارة ، ح١ .
(9)المفيد ، محمد بن محمد بن النعمان ، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد ، نشر دار المفيد للطباعة والنشر ـ بيروت ، ط٢/١٤١٤هـ = ١٩٩٣م ، ٢ : ٢٤٨ ـ ٢٥٣ .
(10)النجاشي ، أحمد بن علي ، رجال النجاشي ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم ، ط٥/١٤١٦هـ : ٣٢٨ رقم٨٨٨ . ابن الغضائري ، أحمد بن الحسين ، رجال ابن الغضائري ، دار الحديث ـ قم ، ط١/١٤٢٢هـ : ٩٢ رقم ( ١٣٠ ) . الطوسي ، محمد بن الحسن ، رجال الطوسي ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم ، ط١/١٤١٥هـ : ٣٦٤ رقم ( ٥٣٩٤ ) .
(11) العلامة الحلي ، الحسن بن يوسف ، خلاصة الأقوال في معرفة الرجال ، مؤسسة نشر الفقاهة ـ قم ، ط ١ / ١٤١٧ ه : ٣٩٤ رقم ١٧. الخوئي، أبو القاسم الموسوي، معجم رجال الحديث ، منشورات مدينة العلم ـ قم ، ط٥/١٤١٣هـ = ١٩٩٢م ، ١٧ : ١٦٩ .
(12) الحر العاملي ، وسائل الشيعة ، ١٧ : ٤٣١ باب ٣٠ من آداب التجارة ، ح٢ .
(13) اُنظر: الميرزا النوري، حسين بن محمد تقي الطبرسي، مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث ـ بيروت ، ط ٢ / ١٤٠٩ ه = ١٩٨٨ م ، ١٧ : ٨٨ باب ١ من كتاب الغصب ، ح٥ .
(14) منها : ما أخرجه الميرزا حسين النوري الطبرسي ، في مستدرك الوسائل ، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث ـ بيروت ، ط٢/١٤٠٨هـ = ١٩٨٨م ، ٩ : ١٣٨ باب١٣٨ تحريم سب المؤمن ، ح٥ و٦ ، و١٨ : ٢١٠ باب١ من القصاص في النفس ، ح٢٦ ، والحديث مروي عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) أنّه قال : « سباب المؤمن فسوق ، وقتاله كفر ، وأكل لحمه من معصية الله ، وحرمة ماله كحرمة دمه » . الحر العاملي ، وسائل الشيعة ، ٢٩ : ٢٠ باب٣ من القصاص في النفس ، والحديث بنصه مروي عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) أيضاً لكنه مرسل هنا .
(15) المصدر السابق ١٧ : ٤٣١ الباب ٣٠ من آداب التجارة ، ح ٣ . وانظر الأحاديث ٥و ٦و ٨ من الباب نفسه .
(16) المجلسي ، محمد باقر بن محمد تقي ، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ، مؤسسة الوفاء ـ بيروت ، ط ٢ / ١٤٠٣ ه : ١٩٨٣ م ، ٢ : ٢٧٢ الباب ٣٣ من كتاب العلم ، ح٧ .
(17)النساء : ٢٩ .
(18) الكاشاني ، أبو بكر بن مسعود ، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ، ط ٢ / ١٤٠٦ ه ، ٥ : ٤٦ .
(19) ابن حنبل، أحمد بن محمد بن حنبل، مسند أحمد، دار صادر ، ـ بيروت / بلا تاريخ، اُفست عن طبعة أحمد البابي الحلبي ( المطبعة الميمنية) ـ القاهرة ، ١٣١٣ ه ، ٥ : ٧٢ .
(20)الكاشاني ، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ٥ : ١٢٩ .
(21)أبو داوود السجستاني ، سليمان بن الأشعث الأزدي ، السنن ( المعروف بسنن أبي داود ) ، تحقيق : سعيد محمد اللحام ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ـ بيروت ، ط ١ / ١٤١٠ ه = ١٩٩٠ م ، ٢ : ١٣٥ ح ٣٤٥١ .
(22) الطوسي، محمد بن الحسن، المبسوط، ٢ : ١٩٥. ابن زهرة الحلبي، حمزة بن علي بن زهرة الحسيني، غنية النزوع إلی علمي الاُصول والفروع، مؤسسة الإمام الصادق(عليه السلام)، ط١ / ١٤١٧هـ: ٢٣١. المحقق الحلي، جعفر بن الحسن، شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام،٢ :٢١. الفاضل الآبي، الحسن بن أبي طالب، كشف الرموز،١: ٤٥٦. العلامة الحلي، الحسن بن يوسف، إرشاد الأذهان إلی أحكام الإيمان، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم ، ط ١/ ١٤١٠ه، ١: ٣٥٦.
(23) المفيد ، محمد بن محمد بن النعمان ، المقنعة : ٦١٦ الباب ٢٦ تلقي السلع والاحتكار . ابن حمزة ، محمد بن علي أبو جعفر عماد الدين الطوسي ، الوسيلة إلی نيل الفضيلة ، نشر مكتبة آية الله المرعشي النجفي ـ قم ، ط ١ / ١٤٠٨ ه : ٢٦٠ . ابن سعيد الحلي ، يحيی بن أحمد بن يحيی بن سعيد الهذلي المشهور بـ : يحيی بن سعيد ، الجامع للشرائع ، نشر مؤسسة سيد الشهداء(عليه السلام) العلمية ـ قم/١٤٠٥ ه : ٢٥٨ . الفاضل المقداد السيوري ، مقداد بن عبدالله بن محمد الحلي الأسدي ، التنقيح الرائع لمختصر الشرائع ، نشر مكتبة آية الله المرعشي النجفي ـ قم ، ط ١/١٤٠٤ ه ، ٢ : ٤٣ . الشهيد الأول ، محمد بن مكي العاملي الجزيني ، اللمعة الدمشقية في فقه الإمامية ، مؤسسة فقه الشيعة ـ بيروت/١٤١٠ ه = ١٩٩٠ م : ١١٠ . والدروس الشرعية ٣ : ١٨٠ . المحقق الكركي ، علي بن الحسين بن عبدالعالي العاملي ، جامع المقاصد في شرح القواعد ، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث ـ قم ، ط ١ / ١٤٠٨ ه ، ٤ : ٤٢ . يوسف البحراني ، يوسف بن أحمد بن إبراهيم آل عصفور الدرازي ، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم ، ط ١ / ١٤٠٨ ه ، ١٨ : ٦٤ .
(24) الخميني ، روح الله ، كتاب البيع ، مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني ـ طهران ، ط ١ / ١٤٢١ ه ، ٣ : ٦١٣ خاتمة الجزء الثالث . له أيضاً ، تحرير الوسيلة ، اُفست عن الطبعة الثانية لمطبعة الآداب ـ النجف الأشرف/١٣٩٠ ه ، ١ : ٥٠٢ مسألة ٢٣ .
(25) الخوئي ، أبو القاسم ، مصباح الفقاهة ، تقرير أبحاث السيد الخوئي بقلم : محمد علي التوحيدي التبريزي ، تحقيق : جواد القيومي الإصفهاني ، نشر مكتبة الداوري ـ قم ، ط ١ / ١٣٧٧ ه ، ٣ : ٨٢٢ .
(26) أمير المؤمنين ، علي بن أبي طالب ، نهج البلاغة ، ضبط وفهرسة : صبحي الصالح ، اُفست انتشارات الهجرة ـ قم / ١٣٩٥ ه : ٤٣٨ الكتاب ٥٣ .
(27) القاضي النعمان المغربي ، أبو حنيفة النعمان بن محمد التميمي ، دعائم الإسلام وذكر الحلال والحرام ، تحقيق : آصف بن علي أصغر فيضي ، دار المعارف ـ القاهرة ، ط ٢ / ١٩٦٥ م = ١٣٨٥ ه ، ٢ : ٣٦ ح ٨١ . الميرزا النوري ، مستدرك الوسائل ، ١٣ : ٢٧٧ ـ ٢٧٨ باب ٢٤ من أبواب آداب التجارة ، ح١ .
(28) الشهيد الثاني ، زين الدين بن علي، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت / ١٤٠٣ ه ، ٣ : ٣٩٩. النراقي، أحمد بن محمدمهدي، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث ـ مشهد ، ط ١ / ١٤١٨ ه ، ١٤ : ٥٢. النجفي، محمد حسن، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، تحقيق: علي الآخوندي دار الكتب الإسلامية ـ طهران ، ط ٩/ ١٣٦٨ه. ش ، ٢٢ : ٤٨٥ ـ ٤٨٦. الخوانساري، السيد أحمد، جامع المدارك في شرح المختصر النافع، نشر مكتبة الصدوق ـ طهران، ط ٢ / ١٤٠٥ه، ٣ : ١٤٢. الخوئي، أبو القاسم الموسوي، منهاج الصالحين، نشر مدينة العلم السيد الخوئي ـ قم، مطبعة مهر ـ قم، ط ٢٨ / ١٤١٠ ه، ٢ : ١٣ مسألة ( ٤٦ ). الخوئي، مصباح الفقاهة٣: ٨٢٢ . الخميني، روح الله الموسوي، كتاب البيع ٣ : ٦١٣ .
(29) الخميني ، روح الله الموسوي ، كتاب البيع ٣ : ٦١٣ .
(30) البخاري ، محمد بن إسماعيل ، صحيح البخاري ( في ٩ أجزاء ) ، تحقيق : محمد زهير بن ناصر ، نشر دار طوق النجاة ، ط ١ / ١٤٢٢ ه ، ٣ : ١٤٤ ، ح ٢٥٢٢ .
(31)مصلح ، خالد بن عبدالله ، التضخم النقدي في الفقه الإسلامي ، نشر دار ابن الجوزي ، سلسلة رسائل جامعية ، ط ١ / ١٤٢٧ ه : ٣١٩ .
(32)المصدر السابق . والحادثة أخرجها : الصنعاني ، عبدالرزاق بن همام في المصنف ، تحقيق : حبيب الرحمن الأعظمي ، نشر المكتب الإسلامي ـ بيروت ، ط ٢ / ١٤٠٣ ه ، ٨ : ٢٠٧ ، ح ١٤٩٠٦ . وابن حزم ، علي بن أحمد الأندلسي في المحلی بالآثار ، دار الفكر ـ بيروت/بلا تاريخ ، ٩ : ٤٠ المسألة ١٥٥٤ .
(33)الشافعي الصغير ، محمد بن أحمد الرملي الأنصاري ، نهاية المحتاج إلی شرح المنهاج ، دار الفكر ـ بيروت ، ط ١ / ١٤٣٠ ه : ٢٠٠٩ م ، عن طبعة مصطفی البابي الحلبي / ١٩٦٧ م ، ٣ : ٤٥٦ . جماعة من علماء الهند برئاسة نظام الدين البلخي ، الفتاوی الهندية ، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ، ط ٤ / ١٤٠٦ ه ، ٣ : ٢١٤ .
(34)المفيد ، محمد بن محمد بن النعمان ، المقنعة : ٦١٦ .
(35) الأنصاري، مرتضی بن محمدأمين، المكاسب، مجمع الفكر الإسلامي ـ قم ، ط ١ / ١٤٢٠ه، بمناسبة المئوية الثانية لميلاد الشيخ الأنصاري، ٤: ٣٦٨ . الطوسي، محمد بن الحسن، النهاية في مجرد الفقه والفتاوى، نشر قدس محمديـ قم/بلا تاريخ: ٣٧٦.
(36) العلامة الحلي ، الحسن بن يوسف ، قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ـ قم ، ط ١ / ١٤١٨ ه ، ٢ : ١١ . وله أيضاً ، تذكرة الفقهاء ١٢ : ١٦٦ .
(37)المحقق الكركي ، علي بن حسين ، جامع المقاصد في شرح القواعد ٤ : ٤٠ .
(38)الخوئي ، أبو القاسم الموسوي ، مصباح الفقاهة ٥ : ٤٩٧ .
(39)السبزواري ، عبدالأعلی ، مهذب الأحكام ، مؤسسة المنار ـ قم/١٤١٧ ه ، ١٦ : ٣٤ . كاشف الغطاء ، جعفر بن خضر الجناجي ، شرح القواعد ، نشر سعيد بن جبير ـ قم / ١٤٢٢ ه ، اُوفست عن طبعة حجرية ، ١ : ٣١٤ .
(40) المنتظري، حسين علي، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية،مكتب الإعلام الإسلامي ـ قم، ط1 /١٤٠٨ه،٢: ٦٤٤.
(41)ابن عابدين ، محمد أمين بن عمر الدمشقي الحنفي ، رد المحتار علی الدر المختار ، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت/بلا تاريخ ، ٥ : ٢٥٦ . نظام الدين البلخي وجماعة من العلماء ، الفتاوی الهندية ٣ : ٢١٤ .
(42)ابن عابدين ، رد المحتار علی الدر المختار ، ٥ : ٢٥٧ .
(43)الباجي ، القاضي أبو الوليد سليمان بن خلف الأندلسي ، المنتقى (شرح الموطّأ)، دارالکتاب الإسلامي ـ القاهرة، ط٢/ بلا تاريخ، اُوفست علی ط. الاُولی / ١٣٣٢هـ ، ٥ : ١٨ .
(44)المصدر السابق : ١٩ .
(45)الماوردي ، أبو الحسن علي بن محمد البصري البغدادي الشافعي ، الأحكام السلطانية ، طبعة مصطفی البابي الحلبي ـ القاهرة ، ط ١ / بلا تاريخ : ٢٥٦ .
(46)الحاكم النيسابوري، محمد بن عبدالله، المستدرك علی الصحيحين، تحقيق : مصطفی عبد القادر عطا ، مع تعليقات الذهبي في التلخيص، دار الكتب العلمية ـ بيروت ، ط١/١٤١١ ه = ١٩٩٠ م ، ٢ : ١٥ ، ح ٢١٦٧ .
المصدر: العدد الثاني والتسعون من مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام