الاجتهاد: احتلت معركة الطف فاجعتها حجماً زمنياً امتداداً من سنة ٦١ للهجرة والى يومنا هذا وسيستمر بعداً مكانياً لم يقف عند حدود أرض كربلاء إنما امتد على كل أرض تشهد صراعا بين الحق والباطل حتى أضحت كل ارض كربلاء وكل يوم عاشوراء ،
كان حريا أن يحفظ التاريخ هذه الذكرى وأن يجددها كل عام بل أن الباري عز وجل خصصها بهذه الكرامة جزاء لما قدمته للإنسانية والرسالة المحمدية،فكانت مثالاً تطبيقياً لمبادئ الرسالة الإسلامية .
ومن ملامح هذا البقاء هو خصص الامام الحسين الله بزيارة الأربعين دون سائر الأئمة والأوصياء ، لما تتضمنه هذه الخصوصية من ابعاد نفسية وروحية ومجتمعية أثبتت نتائجها بشكل واضح وملموس في واقعنا الراهن اليوم في مقارعة الظلم في شتى صنوفه ، بالرغم من أشكال المخالفين بنتاجات هذه الزيارة وممارسة طقسها ولا يعلمن ان النفس تهفوا الى الحسين الله.
مقدمة
يحيي المسلمون، وخاصة أتباع مذهب أهل البيت في العشرين من شهر صفر من كل عام ذكرى مرور أربعين يوماً على حادثة الطف أو واقعة كربلاء التي استشهد فيها الإمام الحسين بن علي مع عدد من أهل بيته من أبنائه وإخوته وأولاد إخوته وأبناء عمومته وأصحابه، وذلك في العام ٦١ للهجرة النبوية، والزيارة تختص بالإمام الحسين ، دون سواه، حيث لم يرد استحباب زيارة أحد من الأنبياء والأوصياء والأولياء في يوم الأربعين بعد وفاته أو شهادته.
وتعود هذه السنة الشريفة إلى الإمام السجاد علي بن الحسين مع عمته السيدة زينب بنت علي ، عندما استرد الإمام رؤوس شهداء واقعة الطف من يزيد بن معاوية، وألحقها بالأبدان الطاهرة في كربلاء. يفد ملايين الزوار من مختلف أنحاء العالم، ولمختلف محافظات العراق لزيارة المراقد والعتبات المقدسة في العراق في هذه المناسبة، وخصوصاً مدينتي النجف وكربلاء.
وقد أثبتت تلك الملايين في توجهها الصادق صدق المقولة الشهيرة (الإسلام محمدي الوجود، وحسيني البقاء)، وهي عبارة حب وعاطفة أطلقها عشاق ومحبو الإمام الحسين ، فقد كانت المسيرة الإسلامية بعد استشهاد أمير المؤمنين قد اتخذت طابعاً وراثياً وانحرفت عن مبادئها التي أرادها الله سبحانه وتعالى، وتوالى على رقاب المسلمين أراذل الخلق وأشرارهم ، بيد إن الإمام الحسين بخروجه وثورته المباركة أثبت حيوية الإسلام وتصديه للظلم ورفضه للطاغوت وان هذه الحشود ولهذه الزيارة الكبيرة أبعادها ودلالاتها الاجتماعية والنفسية والثقافية يحاول هذا البحث الإحاطة بجزء منها من خلال توطئة نظرة ونتائج ميدانية وقد قسمت الباحثة بحثها ثلاثة مباحث لتغطية هذه الأبعاد.
أ.م.د. هديل تومان محمد البجاج
تحميل المقالة