تقليد المرأة التعصب
حيدر حب الله

أوجه التعصب في المجتمع العربي ـ العلماني والمذهبي أنموذجاً ـ

الاجتهاد: قد اتخذ التطرّف و التعصب أوجهاً متعدّدة في عصرنا الحاضر، فمن التطرّف الديني وحالة الأصوليّة المتنامية بين الأديان، إلى التطرّف المذهبي الذي يشعل المنطقة برمّتها، إلى التطرّف السياسي الذي يعيق تواصل الجماعات السياسية ويعزّز من حالة الاستبداد والقمع، إلى التطرّف الفكري الذي يُلغي الآخر ويتعامل معه من موقع النفي والإبعاد. / الشیخ حيدر حب الله(*)

التطرف في حدّ نفسه ظاهرة أو حالة غير صحيّة، إنّها حالة تعيق تواصل أبناء المجتمع الواحد، وتحدث التفكّك فيه، وتهدّد السلم الأهلي.

وقد ابتُليت الأمّة العربيّة والإسلاميّة عموماً بهذه الظاهرة التي نشهد لها تنامياً مطّرداً بوتائر سريعة خلال العقود الأخيرة، تنذر بالكثير من العواقب الوخيمة التي تنتظرنا في المستقبل القريب إن لم يتمّ تدارك هذا الوضع المُقلق.

وقد اتخذ التطرّف والتعصب أوجهاً متعدّدة في عصرنا الحاضر، فمن التطرّف الديني وحالة الأصوليّة المتنامية بين الأديان، إلى التطرّف المذهبي الذي يشعل المنطقة برمّتها، إلى التطرّف السياسي الذي يعيق تواصل الجماعات السياسية ويعزّز من حالة الاستبداد والقمع، إلى التطرّف الفكري الذي يُلغي الآخر ويتعامل معه من موقع النفي والإبعاد.

وتعدّ العلاقة بين ما يسمّى بـ (التيار الديني) و (التيار العلمانيّ)، إذا صحّ التعبيران، أحد أوجه تأزّم العلاقات بين الجماعات في العالم العربي والإسلامي، تماماً كما هي العلاقة المأزومة بين العديد من المذاهب والطوائف الإسلاميّة أيضاً، فقد ظهر التطرّف على هذا الصعيد أيضاً، وشهد تنامياً كبيراً في فترةٍ قياسيّة، إلى أن بلغ في العقدين الأخيرين حدّ التصادم في أكثر من موقع وعلى أكثر من صعيد.

لا نعاني في المنطقة من أزمة علاقات بين الديانات فحسب، ولا بين المذاهب فحسب، ولا بين التيارات والقوى السياسية فحسب، بل نحن نعاني أيضاً من أزمة علاقة بين الأفكار أيضاً.

بدرونا، سوف نحاول استجلاء معالم هذه الأزمة في العلاقة بين الديني والعلماني في عالمنا العربي والإسلامي، ثم نمارس نقداً على هذه الصورة القائمة، لنخرج بمجموعة من التوصيات التي نقترحها لفضّ هذا اللون من الاشتباك في بلداننا، بغية تحقيق السلم الأهلي الراسخ، والتواصل الدائم بين شرائح المجتمع ومكوّناته الدينية والثقافية والسياسية أيضاً.

ويهمّني جداً أن أوضح منذ البداية أنّني لا أتكلّم هنا عن الدين والعلمانيّة أو عن هذا المذهب في الدين أو ذاك، من الشيعة أو السنّة أو الصوفية أو الإباضيّة أو.. بل مركز اشتغالي هنا إنّما هو العقل أو التيارات أو الجماعات المتطرّفة في الحياة الدينيّة، وفي الحياة العلمانيّة، وفي الحياة السنيّة، وفي الحياة الشيعيّة وهكذا، فاقتضى التوضيح.

مفاتيح ضروريّة

عندما نفكّر في معالم الأزمة القائمة بين الديني والعلماني، وفقاً للثنائية المطروحة اليوم، فقد لا نجد فروقاً كبيرة في الجوهر بين هذه الأزمة وسائر الأزمات التي تتجلّى فيها ظاهرة التطرّف والتعصّب في المنطقة، بمعنى أنّ جوهر المشكلة القائمة في التطرّف الديني وفي التطرّف المذهبي وفي التطرّف السياسي، هو بعينه يظهر مرّةً أخرى في التطرّف القائم في العلاقة بين الديني والعلماني، ولسنا أمام ظاهرة مختلفة في جوهرها وروحها، بل نحن أمام تجلٍّ آخر للظاهرة نفسها، وهو ما سأحاول أن أكتشف بعض معالمه في هذه الوريقات المتواضعة.

ولا أريد هنا أن أغرق في نحت أو اختيار المصطلحات، من حيث إنّ التطرّف لا يعبّر ـ في وجهة نظر ـ عن حالة سلبيّة، إنّما الحالة السلبيّة تكمن عندما يتحوّل التطرّف أو غيره إلى نوعٍ من التعصّب؛ لأنّ التطرّف هو أخذ طرف واختيار جانب من الجوانب، بينما التعصب يأتي من العصابة التي قد توضع على العينين، فإذا اخترنا هذا التحليل اللغوي فنحن أمام مفهوم سلبي يقوم عليه أو يتخذه التعصب، بينما لا نجد بالضرورة هذا المفهوم في التطرّف؛ لأنّ اختيار طرف من الأطراف ليس عنصراً سلبيّاً،

ففي الفكر والعلوم لا يعني الاعتدال ولا الوسطية أن تختار وسطاً بين الاتجاهات وتتخلّى عمّا تراه حقّاً وصواباً، بل من حقّك ـ حيث يقودك العقل والتفكير ـ أن تختار أيَّ اتجاه، ولو كان لو قارنّاه بسائر الاتجاهات القائمة في الساحة يمثل أقصى اليمين أو أقصى اليسار، ففي قضايا العقل النظري والبحث عن الحقيقة لا توجد عمليات تفاوض بهذا المعنى، لكي يتمّ التنازل عن شيء هنا مقابل شيء هناك، بغية الوصول إلى حلول، إنّما جوهر الاعتدال والتعدّدية هو أن يسمح لكلّ طرف باختيار أفكاره مهما كانت بعيدةً عن الطرف الآخر، شرط أن تخضع العلاقة مع الآخر على أسس وسطيّة معتدلة، تؤمّن سلاماً وطنيّاً واستقراراً اجتماعيّاً وإنصافاً أخلاقيّاً وحفظاً للحقوق.

إنّما يصبح التطرّف عنصراً سلبيّاً حينما يساوي الانفصال عن المجتمع، فعندما يقوم الفكر المتطرّف بفصل ذاته عن المجتمع، محدثاً قطيعة وعزلة، فهو يبدأ بالانغلاق على ذاته، وتضعف عنده مهارة الحوار وفنّ التواصل، ليصاب في النهاية بأمراض ذهنيّة مزمنة.

المحاور الرئيسية التي تطرق الأستاذ حيدر حب الله في مقاله هذا هي:

1 – التطرّف والدوغمة

2 – التطرّف وأزمة الحماية والهويّة

3 – التطرّف والتغذية المتبادلة صراع السلطة ودوره في تغذية التطرّف

4 – هل يمكن الإيمان بوجود الله والإنسان معاً؟(حقّ الله وحقّ الناس)

5- عندما تنتهي الأهداف عند هدف واحد!

6 – خطوات أوّليّة في طريق الحلّ

اقرأ المقال كاملاً على النقر هنا

 

الهامش:
________________
(*) الورقة التي شاركت في (مؤتمر التطرّف الفكري ومدى تأثيره على المجتمع العربي)، والذي انعقد في مسقط (سلطنة عمان)، بدعوة من الجمعيّة العمانية للكتّاب والأدباء، وذلك بتاريخ 7 و8 ـ 12 ـ 2015م يُشار إلى انّ أعمال المؤتمر سوف يتمّ نشرها كاملةً من قبل الجمعية العمانيّة قريباً إن شاء الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky