خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد

تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد

مفاد هذه القاعدة أنّ أحكام الشارع التي شرّعها لعباده تنشأ عن وجود مصالح ومفاسد فيها, فالذي تنشأ منه مصلحة يأمر بفعله- كالصدق وإكرام الضيف والإحسان للوالدين والصلاة والصوم وصلة الرحم ونحو ذلك- والذي تنشأ منه مفسدة ينهى عنه, كشرب الخمر والزنا والغيبة والنميمة ونحو ذلك. ووقع البحث في ذلك في عدّة نقاط:

الاُولى: هل أنّ للأفعال مصالح ومفاسد في نفسها بغضّ النظر عن أمر الشارع ونهيه عن ذلك, ويدرك العقل ذلك بنفسه, أم أنّ الأفعال لا حسن لها ولا قبح, وإنّما الحسن ما حسَّنه الشارع والقبيح ما قبَّحه الشارع؟ ذهب العدليّة إلى الأول, وذهب الأشاعرة إلى الثاني.

الثانية: هل أنّ العقل باستطاعته إدراك المصالح والمفاسد في الأفعال؟ ذهب العدليّة إلى إدراك العقل لجملة من المصالح والمفاسد في تلك الأفعال بناء على مسلك التحسين والتقبيح العقليين.

الثالثة: هل هناك ملازمة بين ما يدركه العقل وبين حكم الشارع, أي أنّه إذا أدرك العقل مصلحة أو مفسدة في فعل ما, هل يحكم الشارع على طبق ما أدركه العقل؟

ذكروا في الإجابة عن ذلك أنّ ما استقلّ العقل بإدراكه- كالآراء المحمودة التي تطابق عليها العقلاء كقبح الظلم وحسن العدل- يدركه الشرع بالضرورة ويجب أن يحكم على طبقه؛ لأنّ الشارع واحد من العقلاء بل هو سيّدهم. أمّا غير ذلك فلا يمكن دعوى الملازمة بين حكم العقل وحكم الشارع؛ لأنّ المصالح والمفاسد وملاكات الأحكام قد تخفى على العقل فلا يمكن له استكشافها بوحده من دون الاستعانة بالشارع, وخير دليل على ذلك تباين عقول البشر وإدراكاتهم من زمان إلى زمان ومن مكان إلى آخر, فلا يمكن ردّ الأحكام وتفويضها إلى عقول البشر.

وقال بعض العلماء: إنّ جميع الأحكام الشرعيّة موافقة للعقول الصحيحة إلا أنّ عقول أمثالنا قاصرة عن إدراك جميعها, وأحدهما مستلزم للآخر وإن خفي البعض على بعض العقول.

ورغم ما يُنسب إلى أهل السنّة قديماً- باعتبار أنّهم أشاعرة- من إنكار تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد, إلا أنّهم عملاً التزموا بالتبعيّة وعملوا في فقههم بالمناسبات وأكثروا من تعليل الأحكام, وبنى الأحناف على أنّ الأصل في الأحكام هو التعليل.

وهذه القاعدة هي الأساس للقاعدة التي سوف تأتي وهي: (كلّ ما حكم به العقل حكم به الشرع) فإنّ كلّ البحث ينصبّ على مسألة إدراك العقل للمصالح والمفاسد التي تتبع لها أحكام الشارع.

(أنيس المجتهدين 1: 99- 103, المحصول للأعرجي: 532, فوائد الاُصول 3: 59, الموافقات 2: 8, قواعد الأحكام لابن عبد السلام 1: 8, تهذيب الفروق 2: 41, تخريج الفروع على الاُصول: 49)

Slider by webdesign