خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / التزاحم

التزاحم

هو التنافي بين الأحكام التكليفية الإلزاميّة في مقام الامتثال على ان يكون منشأ التنافي هو ضيق قدرة المكلّف عن الجمع بينهما في مقام الامتثال.

ومثاله ما لو اتفق ان عجز المكلّف عن الجمع بين وجوب النفقة على الزوجة ووجوب النفقة على الأب فإنّه يحصل التنافي في مقام الامتثال بين الوجوبين ، أي انّ امتثال أحد الوجوبين يفضي الى العجز عن امتثال الوجوب الآخر.

ومن هنا يتضح الفرق بين التزاحم والتعارض ، إذ انّ التعارض معناه التنافي بين مؤدى الدليلين في مرحلة الجعل ، بمعنى انّ كل مدلول ينفي واقعية مدلول الدليل الآخر بعد ان يثبته لنفسه ، ومن هنا تكون مرجحات باب التعارض موجبة لطرح الدليل المرجوح ، وهذا بخلاف التزاحم فإنّه لا تنافي بين مؤدى الدليلين في مورده بل يمكن الجزم بصدورهما ومطابقة مضمونهما للواقع ، غايته انّ المكلف عاجز عن امتثالهما معا. وهذا ما أوجب دعوى انّ امتثال أحدهما مقتض لسقوط فعلية الآخر ، لافتراض عدم قدرته بعد امتثال الاول على امتثال الثاني ، فيكون سقوط التكليف الثاني بسبب انتفاء موضوعه وهو القدرة ، وهذا لا يتصل بأصل جعله وصدوره لبيان الحكم الواقعي بل لأن الأحكام مجعولة على موضوعاتها المقدرة الوجود ، فحينما لا يكون الموضوع متحققا خارجا لا يكون الحكم المجعول فعليا.

فالتزاحم إذن يوجب انتفاء فعلية أحد الحكمين بسبب اقتضائه لانتفاء موضوعه ، وهذا بخلاف التعارض فإنّ الحكم في كل دليل ينفي ـ في مورد التعارض ـ الحكم في الدليل الآخر حتى لو اتفق تحقق موضوعه خارجا وحتى لو كان المكلّف قادرا على الجمع بين مؤدى الدليلين المتعارضين ، كما في بعض حالات التعارض العرضي فإنّ بإمكان المكلف ان يصلّي الجمعة والظهر ، وأما في فرض التزاحم فإنّ هذه الحالة لا تتفق أصلا.

ثم انّ هنا منبه آخر على الفرق بين التزاحم والتعارض ، فالتزاحم يختلف باختلاف المكلفين ، فقد يتفق ان يكون المكلّف قادرا على الجمع بين التكليفين فلا تكون أحكام التزاحم جارية في حقّه بخلاف مكلف آخر كانت قدرته أضيق من ان تجمع بين تكليفين ، فالمكلّف الاول مثلا قادر على ان يجمع بين امتثال وجوب النفقة على الزوجة ووجوب النفقة على الأب وأما الآخر فإنّه لا يقدر على الجمع بين الوجوبين ، كما قد تنعكس الحالة فيصبح القادر عاجزا والعاجز قادرا ، وهذا يعني انّ حالة التزاحم قد لا تظلّ مطردة في المكلّف الواحد فقد تعرضه ثم تزول عنه ثم تعرضه وهكذا ، فتكون أحكام التزاحم جارية في حقه متى ما طرأت حالة التزاحم عليه ومتى ما زالت يكون مسئولا عن الجمع بين التكليفين.

وأما التعارض فليس كذلك ، إذ انّ ترجح أحد الدليلين لا يختلف باختلاف المكلفين ، فلو كان المرجح مقتضيا لتقديم الدليل الاول على الآخر فإنّ ذلك يكون مطردا في تمام الأزمنة ولتمام المكلفين.

وبهذا اتضح انّ الفرق بين التزاحم والتعارض بيّن جدا ، ومن هنا لا يقع الشك في مورد من جهة انّه من باب التعارض أو التزاحم ، ولهذا لا تكون هناك حاجة لتأسيس أصل يكون مرجعا في حالات الشك كما أفاد السيّد الخوئي رحمه‌الله ونقل انّ المحقّق النائيني رحمه‌الله كان يقول : بأنّ القول ان الأصل في موارد الشك هو التعارض أو التزاحم أشبه شيء بان يقال : انّ الاصل في الاشياء الطهارة أو صحة بيع الفضولي.

وهنا أمر يجدر التنبيه عليه ، وهو انّ خروج التزاحم عن التعارض يرتكز على كبريين لا بدّ من التسليم بهما في مرحلة سابقة وإلاّ فمع عدم التسليم بهما أو باحداهما يكون التزاحم داخلا في التعارض.

الاولى : هي إمكان الترتب بين الاحكام المتزاحمة ، بأن تقول انّ المكلّف لو عصى التكليف الاول الاهم ـ مثلا ـ فإنّ التكليف المهم يصبح فعليا في حقه ، وهذا هو الترتب المقتضي لترتب الفعلية للتكليف الآخر عند عدم امتثال التكليف الاول.

فلو بنينا على عدم امكان الترتب لافضى ذلك الى التنافي بين الحكمين في مقام الجعل والذي هو التعارض ، وذلك لأنّه لمّا كان كل حكم مشروط بالقدرة على امتثاله ، فهذا معناه تحقق القدرة على التكليفين في ظرف عدم امتثالهما فيكون التكليفان فعليين في ظرف عدم الامتثال ، وهو مستحيل ، لأنه من غير المعقول ان يكونا مشروطين بالقدرة ومع ذلك يكونان فعليين في ظرف عدم امتثال الاهم ، إذ انّه لو بادر لامتثال الاهم فإنّه يكون عاجزا عن امتثال الآخر ، ومن هنا لا بدّ من الالتزام بأن التكليف المهم ينفي اطلاق الأهم لحالات عدم امتثاله وانّ التكليف الأهم ينفي تشريع المهم وجعله حتى في ظرف القدرة على امتثاله والتي هي حالة عدم امتثال الأهم ، وهذا هو التعارض.

وأما لو قلنا بامكان الترتب فإنّ عدم امتثال الأهم ينقّح موضوع المهم وهو القدرة على امتثاله ، وعندها يكون وجوبه فعليا ، ومع امتثال الأهم يكون المنفي هو فعليّة المهمّ لانتفاء موضوعه لا انّه منتف عن موضوعه.

الثانية : انّ كلّ حكم فهو مقيّد بالقدرة على امتثاله ، وبتعبير آخر : انّ كلّ حكم فهو غير مطلق من جهة لزوم امتثاله حتى مع الاشتغال بواجب آخر أهم منه ، وعليه يكون كلّ تكليف مشروط بعدم امتثال ضدّه الأكثر أهميّة منه ، وحين الالتزام بذلك لا يكون التكليف نافيا لجعل التكليف المهمّ وانّا هو ناف لموضوعه عند الاشتغال بالتكليف الأهم ، فغاية ما يصنعه الاشتغال بالتكليف الأهم هو نفي الفعليّة عن التكليف المهمّ.

أمّا لو لم نلتزم بهذه الكبرى وقلنا انّ كلّ تكليف فهو مطلق ، أي سواء اشتغلت بالتكليف الأهم أو لم تشتغل فهذا معناه انّ اطلاق الأمر بالتكليف الاول ينفي اطلاق الأمر بالتكليف الثاني وهكذا العكس ، وهذا هو التعارض.

وبتعبير آخر : انّ مقتضى اطلاق الأمر بالتكليف الاول هو انه لا شيء من التكاليف المضادة يضاهيه في الأهمية وانّه يلزم امتثاله على كل تقدير حتى لو استوجب ترك تكليف آخر وحتى لو اشتغلت بالتكليف الآخر الموجب للعجز عن التكليف الاول فالعجز لا يمنع عن بقاء الخطاب بالتكليف الاول. كما انّ مقتضى اطلاق الأمر بالتكليف الثاني كذلك ، وليس لهذا معنى سوى التنافي بين التكليفين في مقام الجعل وان كل واحد منهما ينفي جعل الآخر ، وبهذا اتّضح تقوم التزاحم بهاتين الكبريين.

Slider by webdesign