الاجتهاد: الشيح رفيعي: لم نعثر في كلام الشهيد الصدر ما يدلّ مباشرة علي مصطلح فقه النظريات ، ويبدو أنّ هذا المصطلح قد نشأ على يد بعض تلاميذه ودارسي القانون في الغرب والدول العربية/ الشيخ ملك زادة: إنّ الشهيد الصدر يصرّح بأنّ العلم الديني والإسلامي يتمكن من إدارة المجتمع الإسلامي. وقد يؤخذ على هذا الرأي بأنّ علماً كهذا يجب أن يتمكن من إدارة العالم أيضاً.
أقامت دائرة العامّة للبحوث في جامعة ” عدالت” (بإيران) بالتعاون مع مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي و المجلس الأعلي للثورة الثقافية محاضرة بعنوان” فقه النظريّات الإسلامية و التنظيم الفقهي من وجهة نظر آية الله السيد محمد باقر الصدر و آية الله هاشمي شاهرودي” وذلك في سبيل تنمية العلوم الإنسانية.
وقد حضر المحاضرة سماحة الشيخ “ملك زادة” أستاذ البحث الخارج في حوزة قم العلمية كمحاضر، و سماحة الشيخ “رفيعي العلوي” الباحث و المدرس في الحوزات العلمية والجامعات كناقد، وسماحة الشيخ “سعدي” المدرس لدروس الخارج في الحوزات العلمية وعميد كلية الإلهيات بجامعة الإمام الصادق (ع) كحكم في هذه المحاضرة.
الشيخ “ملك زادة” مفهوم النظام والتنظيم الفقهي
وقد ابتدأ سماحة الشيخ “ملك زادة” محاضرته محدِّداً لمفهوم النظام بأنّه إطار ذو أهداف منظّمة و محدّدة، وأنّه مجموعة متناسقة ومترابطة من المعتقدات و القيم التي تنظّم جانباً من جوانب الحياة البشرية.
وأضاف أنّ التنظيم يعني أن نتمكن من إيجاد هيكلية و نظام تسهّل عملية البلوغ إلي الأهداف و ذلك بأقلّ تكلفة ممكنة و بأفضل جودة. وأمّا جوانب الحياة البشرية ممّا تحتاج إلي التنظيم فهي متعدّدة وتشتمل على مجالات متنوعة منها: التربية والتعليم، والأسرة، والثقافة العامّة، والاقتصاد، والسياسة، والعلاقات الدولية، والقانون، والأمن، والإسكان، وبناء المدن، والصحّة و… .
وصرّح الأستاذ ملک زادة : أنّ التنظيم الفقهي يعني عملية الكشف و بناء إطارات وأنظمة ثقافية واجتماعية، وسياسية متناسقة مستنبطة من مصادر إلهية لتقوم بتنظيم مختلف الجوانب في المجتمعات الإسلامية وإرشاد وتوجية الإنسان ليتقرب من الله تعالي و يفوز بحياة سعيدة في الدنيا و الآخرة.
وقال مؤكِّداً: أمّا ما يختص بضرورة التنظيم الفقهي فمسألة التنظيم هي جسر تواصلي بين الفكرة والتطبيق، بحيث نحتاج من أجل تطبيق الأفكار إلي أن نقوم أوّلاً بتنظيمها وهذا يعني أنّ الأفكار الدينية يتمّ تطبيقها في المجتمع بواسطة مجموعة من الأنظمة والإطارات الدينية.
وصرّح “ملك زادة” قائلاً: لم يكن التنظيم مجرد جسر للتواصل بين المصادر الإسلامية و الحياة الإنسانية، بل هو جسر بين الجانب النظري و الجانب التطبيقي. و هذا يدلّ علي أنّنا بحاجة إلي تدوين برامج منهجية لتطبيق الفكرة الدينية و هذا يحتاج إلي معرفة دقيقة للظروف الزمنية و المكانية.
وقال: يبدو أنّنا سنفقد الحكومة الإسلامية في حال افتقادنا للتنظيم الديني، و في الحقيقة أنّ تعبير “كلمة الله هي العليا” لن تتحقّق في مجتمع إنساني غير منظّم.
وقال الأستاذ ملك زاده: إنّ إنتاج العلوم الإسلامية يخضع للتنظيم الديني في الإسلام و يرجع فضل هذه الفكرة و الرأي إلي الشهيد الصدر. وينصب ما يؤكِّد عليه قائد الثورة الإسلامية في هذا المجري ممّا يبين أهمية العناية بمسألة التنظيم في مختلف المجالات.
وقد صرّح بأنّ الخضوع لفكرة أنّ الإسلام دين شامل بحيث يجب رفض العلمانية هو من أهمّ المسائل التي يجب الاقتناع بها من وجهة نظر علم الكلام. فمسألة التنظيم الديني في المجتمع لا تلائم الفكر العلماني. بناءاً علي هذا يمكننا أن نعتبر كلّ من لا يخضع لفكرة التنظيم ضمن أنظمة إسلامية بأنّه علماني.
و أشار: إنّ النـزعة الأساسية في فهم الدين هي من خلفيّات هذه المسألة، ويجب أن ننـزع في فهم الدين نزعة اجتماعية، والنـزعة الأخري أن نعتقد بأنّ الدين و الإسلام هو نظام متناسق، بناءاً علي هذا يجب أن يتمتع الفقيه للمشاركة في هذا المجال بنـزعة يري فيها أنّ الإسلام دين منظّم بحيث تتكون حقيقة الإسلام من مجموعة منظّمة من المعارف الإسلامية.
*. مراحل الوصول إلي التنظيم الفقهي
وصرّح ملك زادة: إنّ عملية الوصول إلي التنظيم الفقهي بحاجة إلي اجتياز مراحل ويعتبر الاجتهاد الفقهي أوّل هذه المراحل، فهو الآلية الأساسية لهذا التنظيم الفقهي. علي أنّ الاجتهاد يجب أن يحصل علي أساس مبادئ كلامية و ميتافيزائية خاصّة. فإنّ لتحقيقه شروطاً و المبادئ الكلامية أحد هذه الشروط. وقد صرّح الشهيد الصدر في تفسيره بأنّ الفقه الإسلامي هو نوع من التفاسير الموضوعية وهذا يتطلب الاعتباد علي المبادئ الكلامية.
يقول الباحث ملك زادة: إنّ النـزعة الاجتماعية إلي الفقه أو الفقه الاجتماعي هي المرحلة الثانية. علي أنّ هناك فرقاً بين فقه الاجتماع و الفقه الاجتماعي وإنّنا نعتبر الفقه الاجتماعي منهجاً و نزعةً اجتماعية.
وقد اعتبر ملك زاده موضوع الفقه المعني بالمجالات الإنسانية و الاجتماعية المرحلة الثالثة أي ذلك الفقه الذي يعتني بالمجالات السياسية، و الثقافية و… ويعني هذا أنّه يجب أن يصبح لنا في مجال السياسة مثالاً فقه شامل ومتقن.
وأمّا المرحلة الرابعة فهي بناء حضارة تعتمد علي المبادئ الإسلامية.
ويضيف قائلاً: إضافة إلي مسألة شرعية التنظيم يجب أن نلاحظ إمكانية تطبيق هذا التنظيم. وهذه الإمكانية ملقاة علي المعنيين في السلطات وهنا يجب أن يتم الحديث حول ثلاث مسائل: ۱- مصدر حجيّة التنظيم الفقهي قبل إقامة الحكومة الإسلامية ۲- مصدر حجيّة التنظيم الفقهي بعد إقامة الحكومة الإسلامية ۳- مصير الحكوم الإسلامية بعد وفاة الولي الفقيه.
وقد أشار ملك زادة إلي كتاب “إقتصادنا” للشهيد الصدر و الذي نشره وهو في سن الـ ۲۷ أو ۲۶ إلّا أنّ ما يحتوي عليه هذا الكتاب من المعلومات القيمة قد يدلّ علي أنّ لجنة من المجتهدين البالغين من العمر خمسين عاماً قاموا بتأليفه. ويقول ملك زادة: أنّ الشهيد الصدر قد كشف نظام الاقتصاد الإسلامي، علي أنّ أهمّ من ذلك قيامه ولأوّل مرّة في تاريخ الإسلام بتنظيم فنّي للاقتصاد الإسلامي.
وقال: ألّف هذا الكتاب في مجلدين، و تمّ طبعه الأول عام ۱۹۶۱م، وتمّت طبعه الثاني بعد سبعة سنين في بيروت. علي أنّ الكتاب أصبح يطبع بعد ذلك في مجلد واحد.
يضيف ملك زادة: يتطرق المجلد الأول لهذا الكتاب إلي نقد الأنظمة الماركسية و الاشتراكية، ثمّ يتطرق إلي ماهية الاقتصاد الإسلاميّ. أمّا المجلد الثاني فيسعي الصدر بالاعتماد علي مبدأ الانسجام و التناسب في ربط الأحكام الشرعية يسعي ليلقي نظرة تنظيمية للاقتصاد الإسلامي ليتمكن عبر ذلك من كشف و استنباط مبادئه الأساسية. فإنّه يبيّن أوّلاً طريقة الوصول إلي نظرية الاقتصاد الإسلامي.
وقد تطرق إلي تبيين ثلاث نظريّات للاقتصاد الإسلامي هي أوّلاً نظرية التوزيع قبل الإنتاج، و ثانياً التوزيع بعد الإنتاج، و ثالثاً نظرية التوزيع. أمّا منطقة الفراغ فهي مسألة أخري يترّق إليها الصدر في كتابه هذا.
ويقول:لا يعتبر هذا الكتاب المصدر الوحيد لدراسة مسألة التنظيم الاقتصادي عند الصدر بل تطرق الشهيد الصدر إلي هذه المسألة في كتب أخري.وقد درس الشهيد الصدر في كتابه هذا الأنظمة الرأسمالية، والاشتراكية،والماركسية، والإسلامية.علي أنّه يعتمد في هذا الكتاب علي استخدام مصطلح المدرسة بدل النظام إلّا أنّ تعريفه يحدّد لنا مصطلح النظام أكثر.
وأضاف:يري الشهيد الصدر أنّ النظام الاجتماعي يتكفل بتنظيم الحياة الاجتماعية؛ أي هو نظام يحدد العلاقات بين أفراد المجتمع. إنّ الصدر عادة يستخدم مصطلح المدرسة في كتبه و آثاره. فكلّما عني في بحثه موضوعاً نظريّاً فيتجه كلامه نحو الإشارة إلي المدرسة، وكلّما عني الجانب التطبيقي فإنّه يشير إلي مصطلح النظام.
وقال ملك زاده:من الأفضل أن نعتبر مصطلح النظام قريباً من مصطلح المدرسة، فإن كان يقصد من النظام هو ما يتضمن مناهج و طرق لتطبيق المدرسة نظراً إلي المقتضيات الزمنية و المكانية فيمكننا أيضاً أن نستخدم مصطلح النظام أيضاً.
وقال: إنّ طريقة الشهيد الصدر في الكشف تتمّ بالنظر من البني الفوقية إلي البني التحتية. ثمّ إنّ الصدر يصرّح بأنّ أيّ فقيه إذا لم يتمكن من كشف نظام متناسق فبإمكانه مراجعة فتاوي سائر المجتهدين.
وقد صرّح هذا الاستاذ الحوزوي: أنّ المفارقة الموجودة بين نظرية منطقة الفراغ و ولاية الفقيه ترجع إلي أنّ نظرية الشيهد الصدر في المجال السياسي تمت في ثلاث مراحل. فإنّه كان يعتقد أوّلاً بأنّ دائرة ولاية الفقيه ضيقة المجال، ثمّ اعتقد بعد ذلك بأنّها تشمل أموراً أوسع، حتي وصل إلي ولاية الفقيه المطلقة. وقد أشار فيما بعد إلي مسألة الاستشارة و الديمقراطية الدينية.
وقال هذا الكاتب و الباحث: إنّ الشهيد الصدر يصرّح بأنّ العلم الديني و الإسلامي هو علم يتمكن من إدارة المجتمع الإسلامي. وقد يؤخذ علي هذا الرأي بأنّ علماً كهذا يجب أن يتمكن من إدارة العالم أيضاً.
الشيح رفيعي العلوي: فقه النظريات أساس التنظيم الفقهي
وقد صرّح في هذا الحفل سماحة الشيح رفيعي العلوي والذي شارك كناقد في هذه المحاضرة: إنّ فقه النظريات هو في الحقيقة أساس التنظيم الفقهي. هذا ويمكن الوصول إلي هذا التنظيم الفقهي الذي قد تطرّق إليه العلماء خاصّة بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران.
وقال: إنّ دراسة الماهية و فلسفة الأشياء هي مسألة ذات أهمية في فقه النظريات. ثم يجب العناية بدراسة مناهج البحث في موضوع فقه النظريات ومن ثمّ الإشارة إلي إشكاليّاتها. إنّ كتاب “إقتصادنا” يتمتع بجانبين أساسيين هما:الجانب الموضوعي، و الجانب المنهجي وهذان الجانبان قد لانجد لهما نظيراً في هذا المجال.
وقال مصرّحاً: عندما قرأت ولأول مرّة ترجمة كتاب “إقتصادنا” شعرت وأنا طالب في المرحلة الأولي من دراستي في الحوزة، بأنّه كتاب مفيد جدّاً في موضوعه فإنّه يتطرق إلي موضوع جديد في الفقه وهو يتطرق إلي مسائل ممثل: أنّ التنظيم الفقهي يلزم أن يتحقق في صعيدين العالمي، و نظام ديمقراطي مقدس، وأنّ أعمق مظاهر الفكر الإسلامي في الحكومة الإسلامية أن تعتمد أحكامها علي أساس الدين الإسلامي. وأنّ رائد هذه النظرية يعتقد أن تكون الحكومة الإسلامية و مؤسسها يعتمد علي أحكام و مبادئ إسلامية.
وقال هذا الإستاذ الحوزوي: إنّ أعظم ما قام به الشهيد الصدر هو الإجابة عن المسائل في الداخل و الخارج. وقد رأي البعض أنّ ما طرحه الشهيد الصدر تقتصر علي الحكومة الإسلامية في حين أنّه كان يري بأنّ غاية العالم تتجه نحو حكومة إسلامية.
وقال: لم نعثر في كلام الشهيد الصدر ما يدلّ مباشرة علي مصطلح فقه النظريات، ويبدو أنّ هذا المصطلح قد نشأ على يد بعض تلاميذه و دارسي القانون في الغرب و الدول العربية. ثم إنّ هذا المصطلح كثير الدلالات وهذا يرجع إلي أنّ كلّ نظرية علمية تعتمد علي نظام منطقي غير مجرّب.
يقول هذا الأستاذ: يعتبر فقه النظريات تطوراً للنظام التقليدي من حيث الموضوع و المنهجية. وثم إنّ الشهيد الصدر كان يعتقد بضرورة الاحتفاظ بالمنهج التقليدي في الفقه وكان يبحث عن حلول ضمن الفقه التقليدي. وإن راجعنا آراء كبار علماء الدين لشاهدنا أنّهم لا يختلفون في العلوم إلّا أنّهم قد وضعوا فيما بعد أبواباً للفقه منها فقه الصلاة و… .
وقال: وقد واجهت مسألة التبويب لموضوعات الفقه مشكلة في زمن الشيهد الصدر و هي أنّها تختص بحياة المسلمين ولاتعتبر مسألة أساسية في التنظير. ولهذا كان فقه النظريات ردّاً و حلّاً لتمحيص كثرة الاستدلاليّات في المسائل الخاصّة.
وقال الأستاذ رفيعي: إنّ الجانب التنظيري للنظام يتطرق إلي عرض الفِكَر و الآراء، أمّا ما يظهر في المجتمع نتيجة لتطبيق تلك الفِكر و الآراء فهو نظام منسجم تطبيقي لنصّ الشريعة و القيم الاجتماعية.
وقد صرّح: إنّ الشهيد الصدر كان يطالب بتعديل ما غُفل عنه و سُكت عنه من الموضوعات الفقهية. إنّه يعتقد بضرورة استخدام القضايا الكلامية في ترسيخ القواعد الأساسية، واستخدام نص التفسير في تأسيس النص الفقهي.
وقال مضيفاً: إنّ فقه النظريات يتطرق إلي ثلاثة مجالات: مجال الفرضيات، ثم البحث و الدراسة، ثمّ تنقيح الأحكام و عرض نظام فقهي مناسب. وقد أُخذ علي هذا الرأي بأن كيف يمكن الاستناد إلي مسائل لم يتم الاعتراف بها، وهذه إشكاليّة يمكن الرد عليها.
وقد صرّح هذا الأستاذ: إنّ ما قام به الشهيد الصدر في مرحلة البحث و الدراسة يتمثل في جمع آراء المنظّرين للفكر الإسلامي و تنقيحها ممّا نتج إلي عرض قاعدة عامّة. وقد قام الشهيد الصدر بعرض حلّ مسألة عدم ملائمة بعض المسائل الفرعية مع الفكر الإسلامي.
قال الأستاذ رفيعي: قد واجهت نظرية الشهيد الصدر إشكاليّات تسعة تتعلّق بمنهجية فقه النظريات منها مسألة الحجّية. علي أنّ هذه الإشكاليّة قد تلقّت إجابات متعددة يمكن استخراج أغلبها من آراء الشهيد الصدر، و يرجع قسم آخر من الإجابات إلي تلاميذ الشهيد.
الشيخ سعدي: الفقه الفردي و الفقه الحكومي
وقد صرّح سماحة الشيخ حسينعلي سعدي عميد كليّة الإلهيات بجامعة الإمام الصادق(ع) في نهايات هذا الحفل العلمي: يجب أن نخطو بهذه المحاضرات خطوات نحو الأمام.
وقال هذا الأستاذ الحوزوي و الجامعي: إنّ ما أنجزه الشهيد الصدر في مجال الاقتصاد الإسلامي يعتبر إنجازاً جديداً في فقه الإمامية. فالمنهجية التي استخدمها في إنتاج المعلومات لفقه الإمامية هي قابلة للدراسة و التقييم. هذا وقد تعرّض هذا الكتاب بعد طبعه لإشكاليات طرحها عدد من الباحثين في مجال العلوم الاجتماعية منها عدم تطرّقه لمسألة النوبوزيتويستية.
وقال: يجب أن يتمّ تعريف لمسألة التنظيم؛ تعريف متأثّر بوجهة نظر الشهيد الصدر. فالشهيد الصدر قد بيّن ما يريده من المدرسة الاقتصادية وهي المدرسة التي تتمكن من حلّ مختلف القضايا والمسائل الاقتصادية في المجتمع.
وقال عميد كليّة الإلهيات بجامعة الإمام الصادق(ع): قد تطرق الشهيد الصدر في كتابه “إقتصادنا” إلي عملية بناء التنظيم(الاقتصادي) و كيفية كشف قواعده النظرية. ثم هناك سؤال يطرح نفسه هنا وهو لماذا انطلق الشهيد الصدر من قضية الفقه إلي مسألة بناء التنظيم (الاقتصادي). فالفقه مجموعة من القضايا القياسية وهو من هذا المنطلق اتّجه نحو الكشف. و ما يواجه اليوم من المآخذ تتمثل في أنّه ترك الجانب التنظيمي لسائر العلوم الإنسانية واقتصر علي ذلك الجانب.
وقال أيضاً: علينا أوّلاً أن نقتصر علي دراسة منهجية الشهيد الصدر العلمية لنتبين طريقته الخاصّة في تبيين القضايا الفقهية. وسؤالنا هو هل تطرّق الشهيد الصدر إلي الفقه الفردي أم الفقه الحكومي؛ و بعبارة أخري ما هو الفرق بين الفقه الفردي و الفقه الحكومي؟
وصرّح هذا الأستاذ الحوزوي و الجامعي: إنّ الفقه الحكومي يتطرق إلي تبيين الأحكام الحقوقية التي تتعلق بالحكومة. هذا و إن لم نتمكن من التنظيم اعتماداً علي فقه الأحكام ونحتاج إلي فقه النظريّات فيجب إذاً أن نحدد ملامح فقه النظريات.
وقال أيضاً: إنّه لنفترض أنّ الشهيد الصدر قد كشف هذه النظرية مع تحديد لآليّاتها إذاً يطرح السؤال نفسه بأنّه إذا كان الفقيه الحاكم هو المسؤول في كشف سياسات الحكومة فلماذا يجب ألّا يراجع سائر الأقوال؟ وهذه مسألة أساسية قد تطرّق إليها كثير من الفقهاء. إنّ الشهيد الصدر قد ذكر أربعة أسباب و أدّلة للفقه الفردي تبيّن حرمة المراجعة إلي الغير وهي أدّلة لا ترتبط بالفقه الحكومي.
وقال هذا الأستاذ الحوزوي: يجب أن تخضع آراء الشهيد الصدر للدراسة الجادّة الدقيقة؛ فإنّ له آراء علمية مبتكرة لم يتطرق إليها أحد حتي الآن. هذا و عندما تُطرح أنظمة متعدد للنظريّة الواحدة فعلي الفقيه إذاً أن يتّجه إتّجاهاً منطقيّاً لتحديد القواعد لتلك النظرية.
المصدر : جامعة عدالت