إمامة المرأة للرجال في الصلاة.. باطلة

 الاجتهاد: بادرت سيدة دنماركية، بافتتاح مسجد فى الدنمارك خاص بالنساء فقط، كمشروع نسوى يهدف فى الأساس إلى إشراك المرأة فى إدارة المسجد وإمامته، وتسهيل العبادة عليهم، وهو الخبر الذى تداولته الصحف ووسائل الإعلام العالمية وأثار الكثير من الجدل حول جواز إمامة المرأة للمساجد، حيث أجمع علماء الدين على عدم جوازه، واعتبره البعض من علماء الدين”إحداثا” فى الدين ما ليس فيه.

بين الحين والآخر تظهر دعوات غريبة، تحاول إثارة قضايا ومسائل تهدف إلى الإثارة وزرع الفرقة والشقاق بين صفوف الأمة، ضمن محاولات اختراق فكر وعقيدة المسلمين والتشكيك فى الثوابت الدينية، وفى الوقت نفسه إلهاء علمائنا بالرد على تلك الأفكار الغريبة.

ومن تلك القضايا الغريبة ما يظهر على فترات غير متباعدة، فى أحد البلدان الأوربية من إمامة المرأة للرجال، وتشييد مسجد للنساء دون الرجال تؤدى فيه صلاة الجمعة بإمامة المرأة.

وبادرت سيدة دنماركية، بافتتاح مسجد فى الدنمارك خاص بالنساء فقط، كمشروع نسوى يهدف فى الأساس إلى إشراك المرأة فى إدارة المسجد وإمامته، وتسهيل العبادة عليهم، وهو الخبر الذى تداولته الصحف ووسائل الإعلام العالمية وأثار الكثير من الجدل حول جواز إمامة المرأة للمساجد، حيث أجمع علماء الدين على عدم جوازه، واعتبره البعض من علماء الدين”إحداثا” فى الدين ما ليس فيه.

ويقول الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن إمامة المرأة للنساء فى الصلوات اتفق على جوازها جمهور الفقهاء, ولم يجزه المالكية, إلا أن رأيهم منقوض بحديث أم ورقة الصحيح, فقد أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم ورقة الصحابية الجليلة, بأن تؤم نساء قومها فى الصلوات المكتوبات, وخبر الإذن لها فى ذلك صحيح, وقد كان يبعث لها من يؤذن لها, وأيضا ما ثبت من طرق موثقة أن عائشة وأم سلمة وغيرهما من أمهات المؤمنين كن يصلين بالنساء, ويقفن بين من يصلين منهن فى الصف الأول.

رفض بالإجماع

وأضاف: إن فقهاء الأمة سلفا وخلفا اتفقوا على أن المرأة لا تؤم الرجال فى فرض أو نافلة, حتى ولو كان الذى تريد أن تؤمه فى الصلاة ابنها أو زوجها أو غيرهما من محارمها, ولم يرو فى جوازه رأى أو خبر صحيح أو ضعيف, وأما تصدى المرأة للفتوى فهو مما أجمع على جوازه, وأدلة مشروعيته كثيرة, منها: قوله تعالي: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون), وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فليبلغ الشاهد منكم الغائب, فرب مبلغ أوعى من سامع», وقوله كذلك: «نضر الله امرؤ سمع مقالتى فبلغها, فرب حامل فقه غير فقيه, ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه», وقوله: « بلغوا عنى ولو آية», بما يفيد فرضية قيام المرأة بالفتوى والتبليغ بما تعلمه من الشرع الحنيف لبنات جنسها, بل وغيرهن من الرجال, وكانت السيدة عائشة تبين بالسنة العملية كيف تتطهر المرأة من الحيض بمحضر من رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا ينكر عليها, وكان يسألها الصحابة فى كثير من أمور الشرع فتفتيهم,

قال مسروق: نحلف بالله لقد رأينا الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألون عائشة عن الفرائض, وقد ورد قول الله تعالى فى حق أمهات المؤمنين: (وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب), ذكر المفسرون أن المتاع الذى يسأل فيه الناس أمهات المؤمنين: ما يحتاج إلى الانتفاع به كالسؤال عن الدين أو القرآن، وقد كانوا يسألون السيدة عائشة رضى الله عنها، عن مسائل الدين, وكان الصحابة يرجعون دائمًا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زوجاته، يسألونهن عن فتاوى وأمور جديدة لم تحدث من قبلُ، فيجدون الإجابة عندهن.

وأشار إلى أن الصحابة كانوا يسألون أمهات المؤمنين فى كثير من أمور الشرع وغيرهن من الصحابيات اللاتى يعلمن من أمور الشرع ما لا يعلمه غيرهن, كفاطمة بنت قيس, وسبيعة الأسلمية, وغيرهما من الصحابيات, والوقائع الدالة على هذا تمتلئ بها كتب السنن والتفسير والفقه, ومما هو بدهى أن من الأمور ما تستحيى المرأة من ذكره بحضرة الرجال الأجانب عنها, فسؤالها من كانت مثلها أوفق لها, وأعرف بحقيقة النازلة, والاستفصال عنها, من الرجل, ومن المعروف أن من أمور النساء ما تخفى معرفته على الرجال, فتكون المرأة أولى من الرجل فى بيان حكم ذلك لمن كانت مثلها, ولذا لما جهلت الأنصارية كيفية التطهر من الحيض, أسرت إليها عائشة بعيدا عن مجلس الرجال بكيفية التطهر منه, بما يدل على أن للمرأة أن تفتى بنات جنسها, ولكن بالشروط التى اعتبرها الفقهاء فى حق من تتصدى للفتوي, حتى لا تكون الفتاوى الصادرة عن المرأة عبارة عن مشاغبات ومظاهر من الشطط الفكري, كما هو حادث الآن, مما أنكرته الآذان ورفضته الأفئدة السوية فى المجتمع.

وظائف للرجال

وفى سياق متصل، يفصل الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، تلك المسألة قائلا: إن فى الشرائع السماوية وظائف دينية يختص بها الرجال، ولا علاقة لهذه الوظائف بذكورة أو أنوثة، بل اختصاصات تقتضى المخالطة والقوة الجسدية والفكرية التى تتلاءم مع هذه الوظائف الدينية،

فمثلا شعيرة الأذان تحتاج الى نداوة الصوت، فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم، عن سيدنا بلال رضى الله عنه «إنه أندى صوتا»، ولذلك يحصر الأذان فى الرجال دون النساء، وقد نهى عن التطريب فى الأذان، وصوت النساء فيه تطريب يخل بالخشوع. وأشار إلى أنه بالنسبة لإمامة المرأة فى الصلاة، فالثابت عن النبى صلى الله عليه وسلم، أنه قال «أخروهن من حيث أخرهن الله»، ومعنى ذلك أن الله سبحانه وتعالى هو الذى جعل النساء فى صلاة الجماعة بعد صفوف الرجال والصبيان، وإذا كانت المرأة لا تتقدم على الصبى الذى لم يبلغ الحلم، فمن باب أولى ألا تتقدم على الرجال البالغين، وكان للسيدة عائشة رضوان الله عليها غلام يسمى ذكوان يؤمها فى صلوات التراويح، وعلى ذلك فيحرم نصا وإجماعا، إمامة المرأة للرجال ومعهم الصبيان والنساء، أما إمامة المرأة للنساء فهذا محل خلاف بين العلماء، فمنع الإمام مالك ذلك منعا مطلقا، وأجاز الشافعية للمرأة ان تؤم النساء شريطة أن تقف وسطهن وليس أمامهن.

وأضاف: أما الخطابة فمن المعروف أنها من وظائف الرجال لا النساء، لأن الخطابة تحتاج الى علو الصوت والمخالطة بالناس، والمرأة لا تصلح أن تظهر مواضع جسدها فى الإمامة للرجال حال ركوعها وسجودها، ولا أن تقف على المنابر وتتمايل وتتحرك ذات اليمين والشمال، وهى أصلا مأمورة بعدم المخالطة بمجامع الرجال، لقول الله تعالي” وقرن فى بيوتكن…»، ولم يثبت ان نساء النبى عليه الصلاة والسلام، خطبن خطب الوظائف الدينية فى الجمع أو الأعياد على الإطلاق، حتى فقهاء الصحابيات لم يفعلن ذلك، مع أنه كانت لهن الريادة العلمية، وكذلك لم يؤدين الإمامة بالرجال مطلقا، فمما ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم والإجماع والمنقول والمعقول، يؤكد حرمة ممارسة المرأة المسلمة للوظائف الدينية القيادية مثل الأذان والإمامة فى الصلاة بالرجال وكذلك الخطابة.

تخصيص مسجد للنساء دون الرجال

وبالنسبة لتخصيص مسجد للنساء دون الرجال تؤدى فيه صلاة الجمعة بإمامة المرأة، أوضح الدكتور كريمة أنه من الثابت والمنقول فى الشريعة الإسلامية، أن المساجد كلها للرجال والنساء على السواء، قال تعالي«فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوّ وَالاَصَالِ * رِجَالٌ لاّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَإِقَامِ الصّلاَةِ وَإِيتَآءِ الزّكَـاةِ ..»،

ولم يرد فى الشرائع السابقة او الإسلام، وجود أماكن عبادة خاصة بالمرأة دون الرجال، فالسيدة مريم كانت تصلى فى محراب بيت المقدس فى المكان الذى كان يصلى فيه سيدنا زكريا عليه السلام، وقد سجل القرآن هذا، قال تعالى «كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا..»، وفى الإسلام المسجد الحرام والمسجد النبوى والمسجد الأقصى وجميع المساجد، للرجال والنساء على السواء، مشيرا إلى ان ما يحدث حاليا من بعض النساء فى العالم، تشييد مسجد خاص للنساء دون الرجال، يصدق عليه «مسجد ضرار»، فهذا الأمر فتنة، وإحداث فى الدين ما لم يأمر به الشرع، فعن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد».

الهدف من إعادة طرح مثل هذه الأفكار

وعن الهدف والغرض من إعادة طرح مثل هذه الأفكار والقضايا فى المجتمعات الإسلامية وغيرها، بين الحين والآخر، يوضح الدكتور نبيل السمالوطى أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، أن الغرض من هذه الأمور والقضايا إثارة البلبلة والفتنة بين الناس بمزاعم باطلة، وأيضا شغل وإلهاء المسلمين عن الاشتغال بالدراسة الحقيقية والتعلم النافع الذى يحدث التقدم والنفع العام لهم ولغيرهم، وهذا ما يحدث حاليا، فبعدما يتم طرح مثل هذه الأفكار، ترى وسائل الإعلام المختلفة تتلقفها بوعى وبغير وعى منشغلة ليل نهار، بمناقشة هذه الأمور من خلال استقدام ضيوف سواء كانوا من أهل التخصص أم لا، مما يترتب عليه صراع فكرى ليس من ورائه أى طائل، فترى المشاهد أو المستمع والمتابع لمثل هذه البرامج يحدث لديه تشويش فى فكره، وللأسف الشديد تجد مثل هذه البضاعة المزجاة، رواجا فى مجتمعاتنا المسلمة، ويتأثر بها كل من لديه أمية ثقافية ودينية وهجائية على السواء. وطالب المؤسسات الثقافية والفكرية والدينية والتعليمية، بالتنسيق فيما بينها للتصدى لمثل هذه الدعوات.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky