الأستاذ ترابي يقدم رؤية فقهية حول الألعاب الإلكترونية ويحذر من التهديدات الفكرية للأطفال

خاص الاجتهاد: خلال الاجتماع السادس والعشرين لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، قدم حجة الإسلام والمسلمين مرتضى ترابي مساهمتين علميتين تناولتا جانبين. أولاً، عرض تفصيلاً لفتوى جواز الألعاب الإلكترونية والمعاملات المرتبطة بها. وثانياً، وجه تنبيهًا بشأن المخاطر الإلحادية والفكرية التي تهدد الأجيال القادمة، مقترحًا على المؤتمر صياغة ميثاق إسلامي يهدف إلى صون فكر وهوية الأطفال الاعتقادية؛ وهو اقتراح استُقبل بتقدير من رئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي.

وفقا للاجتهاد صرح حجة الإسلام والمسلمين مرتضى ترابي، في سياق فعاليات الاجتماع السادس والعشرين لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، و تحديدًا في لجنة “الألعاب الإلكترونية والأحكام الفقهية ذات الصلة” وضمن فقرة الملاحظات والمداخلات العلمية للمشاركين، صرح بما يلي:

إن حرمة الألعاب الإلكترونية تستند إما إلى طبيعتها الجوهرية المكونة لها – كأن تتضمن اللعبة كسبًا وخسارة أو تُمارس بأدوات قمار، حتى لو كانت مجرد محاكاة وتصوير لها (مثل لعبة النرد) – أو إلى سبب عارض يدركه الحاضرون؛ مثل إلحاق الأذى بالذات أو بالآخرين.

وتابع أستاذ البحث الخارج في الفقه والأصول بالحوزة العلمية في قم قائلاً: بناءً على ذلك، فإن الألعاب التي لا تندرج تحت أي من هذين العنوانين (الحرمة الذاتية أو العارضة) يُباح اللعب بها؛ وإن كان ذلك قد يُعتبر مكروهًا بالنسبة للبالغين. وكذلك، يجوز شراء وبيع هذه الألعاب وكل ما يتعلق بها – بما في ذلك حسابات اللاعبين، والرموز الرقمية (Tokens)، وما شابه ذلك – لأنها لا تقع ضمن دائرة “أكل المال بالباطل”، بل تندرج ضمن “التجارة المباحة”، وذلك لصدق وصف “المال” عليها.

وأضاف موضحًا: إن وصف “المال” ينطبق على أي شيء يستوفي الخصائص الخمس التالية حصراً:
1- أن يكون ذا منفعة عقلائية (أي قيمة نفعية معتبرة عقلاً).
2- أن يكون مرغوبًا ومشتهى.
3- أن يكون ذا ندرة نسبية (أي ليس كالماء والهواء المتوفرين بكثرة في كل مكان).
4- أن يكون قابلاً للاختصاص بشخص حقيقي أو اعتباري (فالأشياء التي لا يمكن تخصيصها، كالكواكب البعيدة، لا تُعتبر مالاً).
5- ألا يكون الشارع قد نهى عنه؛ لأن كل ما حرمه الشرع يكون ثمنه محرمًا أيضًا.

وفي الختام، أكد الأستاذ ترابي على أن الألعاب الإلكترونية التي لا تندرج ضمن الأصناف المحرمة تستوفي هذه الخصائص الخمس المذكورة، وعليه فإن شراءها وبيعها وكل ما يتعلق بها يُعد حلالًا. بل إن هذا الحكم يشمل جميع الوسائل المستحدثة أيضًا – مثل ما نوقش بالأمس في هذه الجلسة حول “سندات الضمان” أو “العملات الرقمية المشفرة” – فإذا استوفت هذه الخصائص، فإنها تُعتبر مالًا ويجوز التعامل بها.

اقتراح صياغة ميثاق بشأن الأطفال

كما قدم هذا الأستاذ في الحوزة العلمية بقم، خلال لجنة “المستجدات في مجال حماية الأطفال”، وبعد طرحه لعدد من النقاط، اقتراحًا للمؤتمر يتعلق بصياغة ميثاق حول حقوق الأطفال وحمايتهم الفكرية.

وأكد حجة الإسلام والمسلمين مرتضى ترابي، مع التشديد على احترام جميع البحوث والدراسات التي أُجريت في هذا المجال، قائلاً: إن هذه الدراسات ركزت في الغالب على موضوعات مثل حماية الأطفال من الابتزاز، والتنمر، والاعتداء، والتحريض، وكلها تندرج نوعًا ما ضمن نطاق السلوك؛ في حين يبدو أنه ينبغي إيلاء اهتمام خاص للمسائل الفكرية والعقائدية للأطفال والمخاطر التي تهددهم من هذه الناحية. ذلك أن الأطفال اليوم يتعرضون لتهديدات جدية تشمل الانجرار نحو الإلحاد، وإنكار الرسالة (الربوبية الطبيعية أو الدئيسم)، وإنكار الشريعة (العلمانية)، وغيرها من العقائد الفاسدة.

ومن البديهي أن فساد العقيدة يقوض أسس الأخلاق والسلوك الصحيح أيضًا.

ثم أوضح الأستاذ البارز في الحوزة العلمية بقم قائلاً: إن تجاهل هذا البعد الهام يُحدث فراغًا خطيرًا ويمكن أن يؤدي إلى انحرافات أعمق في الأجيال القادمة.

وعليه، أقترح ما يلي:

1- أن تُناقش وتُدرس أبعاد المخاطر الفكرية والعقائدية التي تواجه الأطفال في المؤتمرات القادمة لمجمع الفقه الإسلامي الدولي.

2- أن تُحدد وتُحلل السبل والآليات الموجودة في الثقافة الإسلامية لمواجهة هذه التهديدات في الأسرة والمدرسة والمؤسسات الثقافية.

3- أن يُصاغ في الختام ميثاق إسلامي شامل لحماية فكر وهوية الأطفال.

وفي الختام، أشار ترابي إلى أنه قد يقول البعض إن التركيز على المسائل الفكرية قد يؤدي إلى تعزيز الميول المتطرفة والعنيفة بين الأطفال والشباب. لكن يجب الانتباه إلى أن التطرف والعنف نفسهما ينبعان من سلسلة من الأفكار والمعتقدات التي لا يمكن مواجهتها إلا بمجابهة فكرية صحيحة.

جدير بالذكر أن رئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي، عقب انتهاء الجلسة، وخلال لقائه مع هذا العضو في الوفد المرسل من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أعرب عن تقديره لتنبيه واقتراح الأستاذ ترابي.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

Clicky