الغدير

هل الاحتفاء بالغدير هامش لا داعي لاستحضاره في عالم اليوم؟

الاجتهاد:  ثمة اتجاه متأثر بالتاريخية، يحاول ان يغلق باب استدعاء المسلمين لرمزياتهم التاريخية او رؤيتهم العقدية، تحت منطق ضرورة القطيعة مع التاريخ وكأن التراث مارد لايجب أن يخرج من القمقم.

وولو أردنا ان نقلب هذه الرؤية بشكل فيه نوع من الدقة فانها تعاني من عوق مزمن لأنها رؤية محكومة بظرفها الزماني هي ايضاً، وهذا ما يفرضه منطقها الداخلي فلابد انت تموت في سياقها التاريخي ذاته وبيئتها التي ولدت فيها، ولو ذهبنا إلى أبعد من ذلك في التفكيك والحفر المعرفي لقفز لنا تسأول مفاده اذن ما الفرق بين هذه الرؤية والأيدلوجيات الدينية الأخرى؟

 الإجابة واضحة لافرق تماما، تلك رؤية مؤدلجة وهذه كذلك، وهذا حال اكثر المنهجيات التي حكمت العقل التنويري العربي منهجيات مستهلكة تحولت إلى ايدلوجيا بنكهة مركزية الأنسان وليس وراء ذلك شيء، افقدها حيويتها لان الأنسان بحسبها مجرد كيان ميت يعيش العمر البايلوجي وينتهي كل شيء وهذه بنية عمرها الافتراضي لايصمد ،ففي اللحظة التي حكمت عقلية (موت الاله) بعض دوائر الفكر دخلنا في نفق الثقافة الأيدلوجية الخافتة من الداخل … ولا اذهب في المراجعة إلى اكثر من ذلك .

تعالو معاً نفكر كمسلمبن ماذا يبقى لدينا اذا اهملنا استحضار رمزيتنا الدينية التي لها بعد تاريخي وبالتقادم والازاحة الجيلية ستفقد الأجيال الآتية بالتدريج هويتها وتمسخ إلى غير رجعة ووتتحول إلى كيان يتلون بلون الظروف ويتاكل من الداخل ويصاب بالضمور والاندثار … وينتهي كل شيء ولا اخفي القارئ المنصف اني لا اتجرد عن هويتي الثقافية العقائدية الصلبة مهما حدث لانه بصراحة لا شيء في العالم يستحق أن يتخلى المؤمن عن هويته الايمانية والدينية كما يريد دعاة التحديث البتة لاشيء يستحق و ومن هذا المدخل اجدني غير مضطر لتبرير استدعاء الغدير والاحتفاء بها واحيائها فالقضية يجب أن تبقى حاضرة في وجدان كل مسلم بكل محولاتها .

ان استدعاء قضية الغدير ليست حدث عابر او ترف فكري او نبش لمشاكل التاريخ، او إثارة طائفية كما يحاول البعض تسويقها تحت مظلات كثيرة ، فالغدير ظلامة كبرى في تاريخ الإسلام ، لا زالت تمثل ناقوس خطر في الفضاء الإسلامي،

فشيعة علي لازالوا يقفون لوحدهم في مواجهة التحديات الراهنة، لازالوا يدفعون ضريبة الانتماء لقضية الغدير ، وثمة بعد آخر واقعي للغدير في تشكلات واقعنا العام ، فكل شخص لايمتلك الأهلية الكافية لأي موقع ديني او دنيوي ولو بمستوى مدير مدرسة في أقصى الارياف هو بحد ذاته نوع من الاختلال، وتضيع للبوصلة يسبب خلل في بنية الاجتماع الديني والإنساني، فالسماء ترسم خط بياني للبشرية على لوحة الوحي ، لكن الطبيعة الانوية البشرية تأتي فتمزق اللوحة وترسم لوحة مشوهة.

استدعاء الغدير ضرورة تفرضها اكراهات الواقع ولكي نقول لكل انسان يتصدى لمسؤولية اي موقع وهو فاقد الأهلية ولا يمتلك الشرعية توقف …. ولان استحضارها يعيد للجماعة الدفق المعنوي وويقوي الروابط ويشحذ الذهنية ويمدها بالحياة، ويعمل على تثوير روح الانتماء .

الغدير

إشارة للرسالة المرفقة صورتها

لقد كان السيد عبد العزيز الطباطبائي (رحمه الله) مهموم بتحقيق الرسائل التي كتبها علماء المسلمين في فضائل الامام علي (عليه السلام) لانه كان يدرك بوعي حجم ظلامة علي(ع) في الأمة وحجم خسارة الأمة عندما غيبت الغدير .

في سابق الزمان اقتنيت نسخة من رسالة الذهبي في حديث من كنت مولاه ، التي حققها السيد الطباطبائي وكانت نسخة قديمة يلفها التراب مخلوعة الغلاف ولكنها فريدة في بابها في اكوام الكتب في بسطات باعة الكتب في سوق الحويش في النجف الأشرف، وقد رأيت نص الذهبي على تواتر مضامين الحديث .

لكن التاويل الاعمى الذي يمارسه البعض على النص الواضح يبقى يخيم على الذهنية العامة.

 

بقلم أحمد غلام الرفاعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky