الاجتهاد: اختتمت الدورة الخامسة والعشرون لمجمع الفقه الإسلامي الدولي أعمالها مساء الخميس 03 من شهر شعبان لعام 1444هـ الموافق 23 من شهر فبراير لعام 2023م، في مدينة جدة بعد 4 أيام من المداولات العلمية لمناقشة المستجدات والنوازل الفقهية وإصدار قرارات شرعية بشأنها، بمشاركة أكثر من 200 عالمٍ من كبار علماء الأمة من الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي؛ على مستوى 57 دولة؛ وذلك لمناقشة 160 بحثاً علمياً في الموضوعات المختلفة.
وفي حفل ختام الدورة الذي أقيم بحضور رئيس المجمع الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد والأمين العام للمجمع الدكتور قطب مصطفى سانو، أكد المندوب السعودي الدائم لدى منظمة التعاون الإسلامي الدكتور صالح بن حمد السحيباني استمرار المملكة العربية السعودية بتقديم كافة أشكال الدعم لجهود المجمع المباركة.
وأضاف السحيباني: كما يأتي هذا الدعم استشعاراً من المملكة لأهمية المجمع وما يضطلع به من أعباء جسيمة وما يمثله من خدمة جليلة للمسلمين في مختلف أنحاء المعمورة في سبيل ترشيد مقارباتهم الفكرية والعلمية والفقهية والتقريب بينهم في هذا الميدان.
وعبر المندوب السعودي عن أمله في أن تجسد نتائج هذه الدورة، المنعقدة في ظل ظروف إقليمية ودولية مليئة بالتحديات، قدرة الشريعة الغراء على إيجاد الحلول ومعالجة كافة المسائل المستجدة والنوازل ومشكلات العصر برؤية فقهية نيرة وبطرق خلَّاقة تقوم على الوسطية والاعتدال بحيث تحقق مصالح الناس وتخدم الأمن والاستقرار في جميع الدول الإسلامية بما يتوافق مع مقاصد الشريعة الإسلامية السمحة، ويحقق التكامل المعرفي بين مختلف علماء المسلمين وفقهائهم في هذا الشأن.
وشدَّد على أنَّ الآمال معقودة على العلماء لعرض الشريعة الإسلامية السمحة عرضاً يخلصها من الشوائب التي ألصقها بها بعض الفئات المتطرفة، ويبرز مزاياها وقيمها النفيسة ويبين قدرتها الفذة على معالجة المشكلات المعاصرة وعلى تحقيقها لسعادة الإنسان وإسعاده في الدنيا والآخرة، ولمواجهة أساليب الإلحاد والانحراف الجديدة التي بدأت تغزو بعض شباب الأمة والنظر في كيفية التعاون مع الثورة التقنية الحديثة.
واستعرض مقرر الدورة الشيخ الدكتور ثقيل بن ساير زيد الشمري الموضوعات التي ناقشتها الدورة والقرارات الشرعية التي أصدرتها.
وأوضح أنَّ الدورة أصدرت قراراً بشأن بيان حكم التعليم بشقيه الديني والدنيوي لكلا الجنسين في الإسلام، وقراراً بشأن أثر جائحة (كورونا) على أحكام العبادات والأسرة والجنايات، وقراراً بشأن أثر جائحة (كورونا) على أحكام المعاملات والعقود والإلتزامات المالية، وقراراً بشأن فتنة القراءة في الصلاة بغير العربية، وقراراً بشأن بيان حكم الصلاة خلف الهاتف والمذياع والتلفاز، وقراراً بشأن أحكام وسائل التواصل الاجتماعي وضوابطها، وغيرها.
وأشار إلى أنَّ الدورة أجلت إصدار قرارات في موضوعات أخرى.
بعد ذلك تلا الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي معالي الدكتور قطب مصطفى سانو بيانين لمجلس المجمع.
وعبَّر المجلس في البيان الأول عن تضامنه التام مع شعبي تركيا وسوريا بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلدين، داعياً الأمة الإسلامية والمجتمع الإنساني إلى إغاثتهم وتقديم المساعدة التي يحتاجون إليها من خلال الجهات الرسمية والموثوقة.
فيما استنكر المجلس في البيان الثاني ما حدث من حرق نسخ من القرآن الكريم في عدد من الدول، مشدداً على إدانته بأشد العبارات إقدام عدد من المتطرفين في السويد والدنمارك وغيرهما من الدول على حرق نسخ من كتاب الله تعالى تعبيراً عن حقدهم الدفين على دين يدين به ما يقارب من ملياري شخص في العالم، وتأكيداً على تنامي داء الإسلاموفوبيا في الفكر والسلوك.
وجدَّد المجلس التأكيد على أنَّ مثل هذه التصرفات الهوجاء غير المسؤولة، والأفعال الغوغائية لم ولن تنال من حرمة المصحف الشريف.
وأكد المجلس أنَّ هذه الأفعال الغوغائية لن تزحزح مكانة القرآن الكريم في قلوب المسلمين وإنما تزيده قوة ومحبة ورسوخاً، داعياً الدول والمؤسسات والمنظمات الدولية إلى تعزيز التعاون والتنسيق من أجل مواجهة التصرفات غير المسؤولة التي تزدري بالمقدسات والرموز الدينية، والعمل المشترك من أجل إصدار قرارات دولية تجرم تلكم التصرفات الشنيعة بدعوى حرية التعبير وغيرها.
كما دعا المجلس الدول والمنظمات الإسلامية إلى رفع دعاوى قضائية في المحاكم المختصة ضد كل من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم ضد الإسلام ونبيه ورموزه.
وقرأ الأمين العام للمجمع برقيتي شكر وتقدير من مجلس مجمع الفقه الإسلامي لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، نظير دعمهما اللامحدود لمؤتمر الدورة الخامسة والعشرين لمجمع الفقه، ودعمهما المتواصل للمجمع فضلاً عن استضافة مقر أمانته العامة في مدينة جدة.
من جانبه، أكد معالي رئيس المجمع الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد في كلمته أن الدورة الخامسة والعشرين انتهت إلى نتائج طيبة وفق المسلك العلمي والنظر الاجتهادي، وهو نظر واجتهاد يقوم على أساس ثابت من البحث العلمي والرصين ومن الحرص على تمكين المسلمين من مواجهة المشكلات المستجدَّة بتقديم الحلول الملائمة النافعة من الشريعة الإسلامية والمتجاوبة مع احتياجات العصر عن طريق الاجتهاد الصريح والأصيل.
وشدد على أنَّ الشريعة الإسلامية لبَّت حاجات الناس في كل زمان ومكان لما فيها من الأصول والقواعد المتسمة بالمرونة والرامية إلى تحقيق المصالح ودرء المفاسد، والمأخوذة من النصوص الشرعية من الكتاب والسنة.
وأكد الشيخ صالح أنَّ الشريعة الإسلامية لا تزال وستبقى في كامل حيويتها وثرائها وغنائها وهي كفيلة بإسعاد البشرية متى ما وضعت موضع التطبيق.
وشدَّد على أنه بات من الواجب أن يتداعى أرباب الاختصاص على أبواب كنوز الفقه الإسلامي وخزائنه عبر هذا المجمع وأن يعملوا بإقبال وهمة على خدمة أبناء الأمة الإسلامية وعلى خدمة الإنسانية كلها باستخراج المباحث الفقهية التي تتناول حياة الناس وتعالج مشكلاتهم وعرضها في أثواب متجددة وفق المناهج المتبعة في الدراسات العلمية دون تعصب في الرأي أو انتصار لمذهب مع ترجيح الآراء الصالحة لمقتضيات العصر ومتطلبات الحياة وفق الأصول الشرعية وقواعده المرعية في الدلائل والاستدلال.
وأشار إلى أنَّ أهمية الفقه الإسلامي في مجتمعاتنا الإسلامية تتجلى في أنه يتناول بشكل مباشر حياة الفرد والأسرة والمجتمع ويتناول العلاقات مع المجتمعات غير الإسلامية، كما تتجلى كذلك في أنه يعمل على إصدار الفتاوى والبحوث والدراسات المأخوذة من مبادئ الدين الحنيف والمنسجمة مع تطور الحياة.
وكانت الدورة الخامسة والعشرون لمجمع الفقه الإسلامي الدولي قد عقدت أعمالها في جدة على مدى أربعة أيام خلال الفترة من 20 – ٢٤ فبراير الجاري، بمشاركة أكثر من 200 عالمٍ من كبار علماء الأمة من الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي؛ على مستوى 57 دولة؛ وذلك لمناقشة 160 بحثاً علمياً في الموضوعات المختلفة.
يذكر أنَّ مجمع الفقه الإسلامي الدولي هو جهازٌ علميٌّ عالميٌّ مُنبثِق عن منظّمة التعاون الإسلامي، وقد أنشئ بمكة المكرمة تنفيذاً لقرار مؤتمر القمّة الإسلامي الثالث للمنظّمة في يناير 1981، ومقرّه الرئيس في مدينة جدّة بالمملكة العربيَّة السعوديَّة.
ويتكون أعضاء المجمع من الفقهاء والعلماء والمُفكرين والخبراء في شتى مجالات المعرفة الفقهيَّة والثقافيَّة والتربويَّة والعلميَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والطبيعيّة والتطبيقيّة من مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
المصدر: (سونا)