رؤية-الهلال

بعض العلامات غير المعتبرة في رؤية الهلال / الشهيد السيد محمد الصدر “ره”

الاجتهاد: بعض العلامات غير المعتبرة في رؤية الهلال: هناك بعض العلامات التي ورد بعضها في النصوص، وبعضها يمشي عليها الناس. في حين أنها جميعا ليست بحجة نشير إلى المهم منها هنا :

أولا : رؤية الهلال في النهار. إما قبل الزوال أو بعده. ومنهم من يقول : إن رؤيته قبله علامة الشهر المنتهى، ورؤيته بعد الزوال علامة الشهر الجديد .
إلا أن إعراض الفقهاء تماما عن الأخذ بالنصوص الواردة بهذا الخصوص تسقطها عن الحجية .

مضافا إلى أن هذا الأمر غير محتمل عادة ، فإن الهلال الضئيل الذي يكون في أول الشهر أو في آخره ، لا يمكن أن يرى في النهار. لضعف ضوئه تجاه ضوء الشمس أولا ، ولعدم ملاءمة موقعه لذلك أصلا .
وأسوأ من ذلك اعتباره للشهر السابق . فإن في ذلك إسقاط لفترة المحاق التي لا بدّ منها .

ثانيا : اعتبار شهر رمضان تاما دائما ليس فيه نقصان .
وهذا أيضا ليس بحجة ، لأن عددا من الروايات تؤكد على أن شهر رمضان كباقي الأشهر قابل للزيادة والنقصان . مضافا إلى إجماع الفقهاء على ذلك .

ثالثا : التطويق في الهلال ، حيث اعتبره السيد الأستاذ دليلا لليلة الثانية . وقد سبق أن ناقشناه .

رابعا : أن يكون له ظل بحيث يرى الإنسان ظل رأسه فيه . فيكون دليلا على الليلة الثانية . وهذا وارد في نفس الصحيحة التي دلت على التطويق إلا أن السيد الأستاذ لم يفت به .
والصحيح عدم الحجية أيضا لعدم تمييز الظلّ الخفيف بهذا المقدار ، إن كان له وجود . ولعمري إن الهلال في الليلتين الثالثة والرابعة لا يكون له إلا ظل خفيف جدّا فكيف بالليلة الثانية . إذن فهذه علامة غالبية وليست دائمة .

ثبوت الهلال بقول الفلكيّين.. دراسات وآراء وكتب

خامسا : تأخر الهلال في الأفق مدة طويلة . وقد وردت رواية صحيحة في نفي حجيته .
والاعتبار أيضا يدلنا على ذلك . لأن الهلال المولود قبل فترة طويلة ، لا محالة يبقى في الأفق طويلا . ولا يتعين أنه مولود قبل أربع وعشرين ساعة ليكون هو ابن الليلة السابقة .
نعم ، لو حصل لنا العلم أو الاطمئنان من ذلك . كان ذلك حجة لا محالة .

سادسا : زيادة النور في الهلال . والمناقشة فيه هو نفس ما قلناه في الصورة السابقة إلا أن يحصل العلم أو الاطمئنان .
سابعا : إذا انقطعت رؤية الهلال من المشرق في نهاية الشهر عند شروق الشمس أو قريبا منه . فهو علامة على وجوده مغربا – أي في مغرب ذلك اليوم نفسه – فيكون دليلا على أول الشهر الجديد .

وقد وردت في ذلك رواية غير معتبرة . وهو بحسب الاعتبار غير صحيح ، لأنه لم يأخذ فترة المحاق التي لا تبقى فقط لعدة ساعات بل تبقى أكثر من أربع وعشرين ساعة .

نعم ، إذا فقدناه ليومين متتاليين في المشرق ، فهو لا بد أن يظهر في المغرب . لأن المحاق لا يزيد على يومين على أيّ حال .
إلا أن هذا الأمر إن حصل فيه العلم أو الاطمئنان فهو الحجة . وإلا فالاعتبار قد لا يساعد عليه . لأن وجود الهلال في الأفق ، مهما كان أكيدا ، إلا أنه قد لا يكون بالحجم القابل للرؤية . ومن هنا لا يكفي ذلك لإثبات أول الشهر .

ثامنا : مما يحتمل الاعتماد عليه : حساب المنجمين أو الفلكيين وقد عرفنا حاله .

تاسعا : أن نعد خمسة أيام من السنة الماضية . فلو كان أول الشهر في السنة السابقة هو يوم السبت مثلا . كان أول الشهر هذه السنة هو يوم الأربعاء .

وقد وردت في ذلك بعض الروايات :
منها : ما عن عمران الزعفراني [1] : قال : قلت لأبي عبد اللَّه : إن السماء تطبق علينا بالعراق اليومين والثلاثة ، فأيّ يوم نصوم ؟ . قال : انظروا اليوم الذي صمت من السنة الماضية فعدّ منه خمسة أيام وصم اليوم الخامس .

وهو دال على العدد يبدأ من نفس اليوم ، وهو السبت في المثال .
ويصوم اليوم الخامس وهو الأربعاء .
وفي رواية أخرى : أن العد يكون في سائر السنين خمسة خمسة .
وفي السنة الكبيسة ستة أيام .
ولكن إسناد هذه الروايات غير معتبر ، مضافا إلى إجماع الفقهاء في الإعراض عنها . فلا يمكن العمل بمضمونها فقهيا .

عاشرا: في بعض الروايات غير المعتبرة [2] : قال الصادق عليه السلام : إذا صح هلال رجب فعد تسعة وخمسين يوما وصم يوم الستين.
وهو قائم على افتراض أن الشهرين رجب وشعبان أحدهما ناقص والآخر تام ليكون العدد 59 يوما . وهو أمر غير أكيد كما هو واضح.
والمهم هو عدم اعتبار السند .
فهذه عشر علامات غير معتبرة لا حاجة إلى الزيادة عليها . وينبغي هنا أن نختم حديثنا عن الهلال . والحمد للَّه رب العالمين .

 

المصدر: المجلد الثاني من كتاب ماوراء الفقه لآية الله الشهيد السيد محمد الصدر “ره”

قراءة الكتاب في مكتبة المدرسة الفقاهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky