الفقه الفهرستي، عرض واستدلال لأحكام المياه / تحميل الكتاب

الاجتهاد: كتاب «الفقه الفهرستي، عرض واستدلال لأحكام المياه» لمؤلفه سماحة الحجة الأستاذ الشيخ مهدي خُدّاميان الآراني؛ هو نموذج للتحليل الفهرستي للأحاديث الفقهية والذي قام المؤلف ببيان استدلالي لأحكام المياه.

وباختصار، هذا الكتاب الذي يقدمه مجمع البحوث الإسلامية في مشهد المقدسة لقرائه الكرام إنما هو حركة جديدة يقوم بها من أجل الأخذ بيد القارئ العزيز نحو الأحاديث الفقهية على المنهج الفهرستي.

ولا نبالغ إذا قلنا أن المؤلف كان سباقا في هذا المضمار؛ إذ لا نكاد نعثر على من حاول تشذيب الأحاديث الفقهية بهذا الأسلوب، مما يعني فاتحة خير في هذا المضمار، وأنه فتح الباب على مصراعيه لأهل العلم والمعرفة لمن أراد أن يدلي بدلوه تحقيقا للمزيد مما ينفع ويفيد.

ولا بأس بالإشارة إلى أن المراد من «التحليل الفهرستي» هو التركيز في مدى حجية المصادر الأولية التي أخذ عنها الأحاديث كما أنه ينظر إلى صحة طريق تلك المصادر والوثوق بصحة النسخة والاعتماد على راوي الكتاب وهذا هو منهج قدمائنا في تقييم الحديث.

فقدماؤنا كانوا مصرّين على أن يكون لهم طريق مطمئن إلى كتب الحديث، دون الاعتماد على الكتب الواصلة إليهم بالوجادة وتلك الكتب كانت مشهورة بينهم، ولهم طرق متعددة إليها، فاعتماد القدماء في تقييم التراث الحديثي – مضافاً إلى وثاقة الراوي- كان على ورود الحديث في كتاب مشهور مع صحة انتساب الكتاب إلى المؤلف وتحمّل المشايخ له، ووصول الكتاب إليهم بطريق معتبر.(من كلمة مجمع البحوث الإسلامية في الكتاب)

مقدمة المؤلف

إن أهمية كل علم بموضوعه وما يبحث فيه، وأشرف العلوم هو ما ارتبط بالله تعالى، أو بحث عن رسله وسفرائه وما أوحي إليهم من حقائق وأحكام وتكاليف.

ولقد نبغ في هذا العلم فطاحل سجل التاريخ أسماءهم بحروف من ذهب، ولا زال ذكرهم يتردد على الألسنة ما قامت لهذا العلم قائمة، جهابذة وأساتذة ومحققون أفنوا أعمارهم في تبويب الفقه وترسيم معالمه وتوضیح مبهمه وتذليل صعابه، فتركوا مؤلفاتٍ كثيرة زاخرة تُدرّس في أروِقَة المدارس وتتناقلها الأجيال لتتنوّر بها وتورثها إلى التي من بعدها بعد تشذيبها وتلطيفها وتسهيل عباراتها بما يتناسب ولغة العصر.

لطالما تشوّقت لأن أسير في ركاب أهل هذا العلم بتأليف كتابٍ فقهيٍ، مركّزاً على مسلك قدمائنا في تقييم الحديث، ولكن كانت تعوّقني عن ذلك كثرة المشاغل، فدعو الله تعالى أن يوفقني لتحقيق أمنيتي هذه، فلم أدع فرصة إلا اغتنمتها، فالفرص تمرّ مر السحاب، وقد فاز مغتنمها.

فكان ما سطّرته أناملي هذا الكتاب الذي بين يديك، وسمّيته بـ«الفقه الفهرستي»، وقمت بشرح أحكام المياه، وقد ذكرت أحكام المياه كنموذج لهذا البحث.

وكالعادة مما أوجبته على نفسي أن، لا يفوتني أن أتقدم بجزيل الشكر والثناء إلى سماحة الأستاذ العلامة فقيه أهل البيت “عليهم السلام”، السيد أحمد المددي أدام الله بقاءه، – مشجّعي في خوض هذا المضمار، والمتفضل علي بإرشاداته الغنية – والذي ما زال يعرب عن حبّه وشوقه لنشر هذه الأبحاث.

مقدمة الكتاب

لا غرابة أن يهتم العلماء على مرّ التاريخ بالحديث، فدوّنوا الكتب المطوّلة لذلك واهتمّوا به أشدّ اهتمام، خصوصاً بعدما افترق الناس إلى آراء شتّی بعد وفاة النبي الأكرم “صلى الله عليه وآله وسلّم”، فوجدوا أن أفضل وسيلة لإيصال الأجيال القادمة بعهد الرسالة هو حفظ الحديث وتدوينه، خصوصا بعد وفاة النبي “صلى الله عليه وآله وسلّم”، حتى أكثروا منه، فآل الأمر إلى أن يقوم الحكّام بضرب رواة الحديث وإقصائهم ومنعهم من تدوينه، لأسباب لا يسعنا ذكرها الآن، ونقول بما أنّ اهتمام الرعيل الأول قد تطرّف بالحديث، خصوصاً بعد فترة انتهاء الحظر عليه، فظهرت مدوّنات ومصنّفات ملأت الدنيا، فيها مرويّات وأحاديث الرسول وأهل بيته “عليهم السلام”.

فالاهتمام بالحديث لازم لكل من أراد الفقه والاجتهاد، لأن الحديث ليس سوى کلام الرسول والأئمة “عليهم السلام”، وهو من بعد القرآن يعتبر أكبر مصدر للفقه، بل حاجة الفقه في الفروع والأحكام الجزئية إلى الأحاديث أشدّ من حاجته إلى القرآن الكريم الحاوي لأُصول الأحكام وكلياتها دون الفروع الحادثة مع الزمن التي عنونت في خلال الأحاديث.

ولذلك لا بدّ لنا من تمهید مقال في بيان منهج قدماء أصحابنا في تقييم الحديث كما نشرح بعد ذلك منهجنا في استنباط الأحكام الشرعية،

فهاهنا أمران:
الأمر الأول : بیان منهج قدماء أصحابنا

أكد أئمّتنا المعصومون”عليهم السلام” على كتابة الحديث، وأمروا أصحابهم بتدوينه. قال الإمام الصادق”عليه السلام” للمفضل بن عمر: «أُكتب وبثّ علمك في إخوانك، فإن متّ فأورث كتبك بنيك؛ فإنه يأتي على الناس زمان هرج لا يأنسون فيه إلا بكتبهم» (1)

وقال “عليه السلام”: «اكتبوا؛ فإنكم لا تحفظون حتى تكتبوا »(2)
وأمر بالاحتفاظ بالكتب، حيث قال: «احتفظوا بكتبكم؛ فإنكم سوف تحتاجون إليها.(3)

وعلى ضوء تأكيد الإمام الصادق “عليه السلام”، ظهر العصر الذهبي لتدوین کتب الحديث عند الشيعة، وأوّل كتاب أُلف في هذا المجال هو كتاب عُبید الله بن علي الحلبي، وحينما عُرض على الإمام الصادق “عليه السلام” قال: «أترى لهؤلاء مثل هذا؟»(4)

فبدأت حركة التدوين لكتب الحديث بصورة واسعة نسبياً، فكتب أبان بن تغلب وأبان بن عثمان وهشام بن الحكم وهشام بن سالم ومحمد بن مسلم وحَرِيز بن عبد الله السِّجِستاني وأبو حمزة الثُّمالي وعاصم بن حميد وعلاء بن رَزِین وعلي بن رِئاب، وغيرهم.

والذي ساعد على كثرة تدوين الكتب عند الشيعة في ذلك العصر هو الانبساط في الوضع السياسي الذي حصل في أواخر الخلافة الأموية، بعد اشتداد الخلافات والمعارضات السياسية وحتى المسلحة ضد الدولة الأموية، فحصلت فرصة نشر الحديث الشيعي.

كما أن الهدف الأساس عند الإمام الصادق “عليه السلام” كان تقوية الكيان العلمي للشيعة، فلذلك نجد أن أساس المعارف الشيعية بني في ذلك الزمن، وألفت معظم كتب الحديث الشيعية التي أطلق عليها الأصول.

وأما أهل السنة، فقد قاموا بتأليف كتب الحديث بعد مضيّ أكثر من ثلاثين سنة من فترة الازدهار الحديثي الشيعي، ويعتبر مالك بن أنس (المتوفی سنة ۱۷۹هـ) أول من دوّن في هذا المضمار، حيث ألف «موطّأه»، ودوّن أحمد بن حنبل (المتوفى سنة ۲41 هـ) «مسنده»، وألف البخاري (المتوفى سنة ۲۵6 هـ) “صحيحه”؛ في حين أن الشيعة بدؤوا بتدوین کتب الحديث وبشكل واسع نسبياً قبل تلك التواريخ، ويتوضح لك ذلك حينما تعرف أن الإمام الصادق “عليه السلام” استشهد سنة (148هـ).

وكان عند الشيعة كتب كثيرة في الحديث، فأصحابنا القدماء “رحمهم الله” قاموا بتدوين أحاديث الأئمة المعصومين “عليهم السلام” في القرن الثاني، وكانت الكوفة مركزا في تأليف كتب الحديث، خصوصا إذا ما عرفت أن أكثر أصحاب الكتب كانوا من أهل الكوفة.

ثم إن الغالب في رواية الحديث الشيعي هو الكتابة، بخلاف الحديث السنّي فإن الغالب فيه كان الرواية دون الكتابة.

فأصحابنا في كل طبقة نقلوا هذه الكتب، وفي البدء قاموا بتحمّلها عن مؤلّفيها بعد تأليفها، مثلما نرى أن أحمد بن محمد بن عيسى وإبراهيم بن هاشم سافرا إلى الكوفة وتحملا كتب الحديث عن المؤلفين الكبار مثل ابن أبي عمير والحسين بن سعيد، ثم قاما بنشرها في قم.

ولذلك حينما بدأ البحث العلمي بين أصحابنا، كان الكلام يرتكز في مدى حجية هذه الكتب وصحة طرقها والوثوق من صحة النسخ والاعتماد على راوي الكتاب.

بينما كان البحث العلمي في التراث السنّي يعتمد على الرواة؛ حيث برزت عملية تأليف الكتب في عهد عمر بن عبد العزيز، وكان تراثهم يعتمد على ذاكرة الأشخاص. (5)

هذا وكانت مباحث علم الحديث عند قدماء أصحابنا ترتكز على محورية الكتب وتقييم نسخها وطرقها، وكانوا يصرون على أن يكون لهم طريق مطمئن إلى كتب الحديث، ولا يعتمدون على الكتب الواصلة إليهم بالوجادة .

فهذه الكتب كانت مشهورة بين قدمائنا ولهم طرق متعددة إليها، ولكن بعد قيام المشايخ الثلاثة بتأليف الكتب الأربعة، اعتنى أصحابنا بالكتب الأربعة أكثر ولم يهتموا بتلك المصادر الأولية ذلك الاهتمام.

ولتوضيح هذا المطلب نذكر عمل القدماء في كتاب الحلبي كمثال، فنقول:
إن قدماء أصحابنا تلقّوا كتابه بالقبول، حيث قام حمّاد بن عثمان بنقل هذا الكتاب عن الحلبي، وكان اصطلاح قدمائنا هكذا: «کتاب الحلبي برواية حمّاد»، ومرادهم: “کتاب الحلبي بنسخة حماد”، وبعد ذلك قام محمد بن أبي عمير وغيره بتحمّل كتاب الحلبي من طريق حمّاد، فنسخة حمّاد لكتاب الحلبي تحمّلها ابن أبي عُمير(6)، ثم قام إبراهيم بن هاشم وغيره بتحمل كتاب الحلبي عن طريق ابن أبي عُمير، وبعد ذلك تحمّله علي بن إبراهيم عن أبيه، كما أن الشيخ الكليني نقل نسخة حماد من كتاب الحلبي عن طريق علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير.

فتبين من هذا أن كتاب الحلبي كان في متناول أصحابنا، وكلّ طبقة تحملها من مشايخها، فالروايات التي ينتهي سندها إلى عبيد الله بن علي الحلبي مأخوذة من هذا الكتاب.

وبذلك يمكن أن يتبيّن مراد الشيخ الصدوق حين قال في ديباجة كتاب من لا يحضره الفقيه: «وجميع ما فيه مستخرج من کتب مشهورة، عليها المُعوّل وإليها المرجع، مثل كتاب حَرِیز بن عبدالله السِّجِستاني، وكتاب عُبید الله بن علي الحلبي، وكتب علي بن مَهزِيار الأهوازي، وكتب الحسين بن سعيد (7). 

وكذلك يظهر وجه الحجية في كلامه بقوله: «ولم أقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه، بل قصدتُ إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته وأعتقد فيه أنه حجة فيما بيني وبين ربّي».(8)

فإن وجه الحجية في كلامه هو وثوقه بالمصادر الأولية؛ لشهرة هذه المصادر في عصره.

ويتضح ذلك من كلام ابن قُولَوَيه في كامل الزیارات، حيث قال: «لكن ما وقع لنا من جهة الثقات من قدماء أصحابنا “رحمهم الله”، ولا أخرجتُ فيه حديث روي عن الشذاذ من الرجال».(9)

فإن كلامه ليس في توثيق مشايخه ولا توثيق جميع رجال الكتاب، بل كان مراده هو الوثوق بالمصادر، بمعنى أن هذه المصادر كانت مشهورة ومعروفة بحيث حصل له الوثوق بها، ولذلك نجد أنه روي في كامل الزيارات عمن اشتهر بالكذب، مثل عبد الله بن عبد الرحمن الأصم البصري. (10)

والظاهر أن وجه نقل ابن قُولَوَيه عن الأصم البصري إنما لوجود روايته في كتاب الحسين بن سعيد، ولم يكن اعتماد ابن قُولَوَيه على وثاقة الأصم البصري، بل كان اعتماده على وجود هذه الرواية في ذلك الكتاب. (11)

فاعتماد قدمائنا في تقييم التراث الحديثي – مضافة إلى وثاقة الراوي – كان على ورود الحديث في كتاب مشهور مع صخة انتساب الكتاب إلى المؤلف وتحمل المشايخ له ووصول الكتاب إليهم بطريق معتبر، ولذلك نجد أنه ربما لم يكن الرجل موثقة بحسب الاصطلاح، ولكن قدماءنا اعتمدوا على كتابه، كما نجد في کتاب طلحة بن زید، مع أنه لم يذكر له توثیق صريح، ولكن النجاشي صرح بأن كتابه معتمد. (12)

وليس هناك تلازم بين وثاقة المؤلف والاعتماد على كتابه؛ لأنه ربما يكون الاعتماد على الكتاب لشواهد خارجية، كما نرى قدماءنا قد اعتمدوا على نسخة النوفلي لكتاب السكوني، وليس معنى ذلك ثبوت الوثاقة المصطلحة للنوفلي، بل المراد الاعتماد على النسخة التي رواها النوفلي من كتاب السكوني.

وبالجملة: إن ما رواه النوفلي عن السكوني معتبر عند القدماء، بخلاف روایات النوفلي عن غير السكوني(13)

وربما يكون هناك اختلاف بین نسخ الكتب، فلذلك كانوا يهتمون بالنسخ كما يهتمون بالإسناد، وهذا هو مراد النجاشي، حين يكرر في كلامه: «له کتاب، تختلف الرواية فيه»، وكما في ترجمة الحسن بن صالح الأحول : «له کتاب تختلف روايته»، وترجمة الحسن بن الجهم بن بُكَیر: «له کتاب تختلف الروايات فيه»، وترجمة الحسين بن علوان الكلبي: «وللحسين کتاب تختلف روایاته».(14)
وكذلك كلام ابن نوح ناظر إلى هذه الجهة، حين قال: «ولا تُحمل رواية على رواية ولا نسخة على نسخة؛ لئلّا يقع فيه اختلاف.(15)

وبما أن معرفة النسخة المعتمدة تحتاج إلى خبرة خاصة مع قدرة علمية (ولا يمكن ذلك بمجرد العلم بوثاقة الراوي) فأصحابنا كانوا يعتمدون على اعتماد المشايخ وتوثيقهم، فلذلك لم تكن الشيخوخة عندهم مساوقة لمجرد النقل، بل انها تساوق الوثاقة والضبط والدقة والمتانة العلمية، فلذا نجد أن ابن نوح – في بيان طرقه إلى كتب الحسين بن سعيد – وصف الحسين البَزَوفَري بالشيخوخة فقط .”(16)

فتحصل من هذا: أن قدماء أصحابنا في مجال تقييم التراث الحديثي، مضافة إلى الجانب الرجالي، كانوا يهتمون بالجانب الفهرستي، ويعتمدون على الخبر إذا كان مذكوراً في كتب مشهورة مع تحمل المشايخ لها.

لذا يمكن القول: بأن الشيعة بحثوا عن زاوية أخرى لتقييم الحديث غير الجانب الرجالي – مع شدة اهتمامهم به – ألا وهو الجانب الفهرستي.

الأمر الثاني: بیان منهجنا

منهجنا بالنسبة إلى ما يرتبط بالفقه أنا سنركز في كل مسألة على مجموعة أمور:

1- نذكر ابتداءً عنواناً للمسألة.

۲- نبيّن حكم المسألة وما هو المختار، ونذكر قول المشهور وبقية أقوال المسألة.
٣- نتعرّض لبيان أقوال العامة إذا كان للاطّلاع على أقوالهم تأثير في أمر الاستنباط .

4- نقوم بعد ذلك بذكر الأدلة للحكم، فنذكر الآيات القرآنية أولا، ثم نذكر الأحاديث، فإذا كانت هناك طائفتان من الأحاديث متعارضتان، كما نراه في مسألة انفعال الماء القليل، فإن بعض الأخبار يدل على انفعاله ونجاسته بملاقاة النجس، بينما هناك جملة من الأخبار تدل على أن الماء القليل لا ينفعل بالملاقاة، فنحن نقوم باتباع خطوتين:

الخطوة الأولى: بيان الدليل، حيث نقوم بذكر الطائفة التي تكون دليلا للحكم ابتداء ونعبر عنه هكذا: «الخطوة الأولى: بيان الدليل» وفي هذه الخطوة نذكر الأحاديث الدالة على حكم المسألة ونبسط الكلام في أسانيدها ورجالها.

الخطوة الثانية: طرح المانع، بعد ذلك نأتي بالطائفة الأخرى من الأحاديث التي تكون معارضة مع حكم المسألة ونعبر عنه هكذا: «الخطوة الثانية: طرح المانع»، ومرادنا من طرح المانع أن هذه الطائفة من الأخبار يجب أن تطرح؛ وذلك إما لضعف سندها، وإما لإعراض أصحابنا عنها، ونحن غالباً نذكر في طرح هذه الأخبار نكتة فهرستية ونبسط الكلام فيها.

كما أنّا نعتقد بمسلك الطرح عند تعارض الأحاديث فإذا رأينا مثلا في مورد تعارضاً في حديثين فنأخذ بالحديث الذي كان فيه شواهد الوثوق ونطرح الحديث الآخر وفي قبال هذا المسلك مسلك التعادل و الترجيح بحيث يرجح حديث على حديث آخر ولتفصيل الكلام فيه محل آخر،

ثم إنا نركز في كل حدیث على بحثين:
البحث الأول: البحث الرجالي

نتعرض لحال رجال الحديث في كل طبقة ونذكر ما قيل في شأن الراوي من التوثيق أو التضعيف، ونحكم في النهاية على حال الرواية من صحتها أو ضعفها رجالياً.

فالنكتة الفنية في هذا البحث هو التركيز على لزوم البحث في أسانيد أحاديث الكتب الأربعة والتدقيق فيها، فإن ذلك لازم على الفقيه في مقام الاستنباط .

البحث الثاني: البحث الفهرستي
إنا قد أسلفنا الكلام في أن اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث – مضافاً إلى وثاقة الراوي – كان على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة، لذا سوف نتعرض في كل حديث لهذه الجهة ونبين بالشواهد والقرائن المصدر الأولي والثانوي للحديث.

ولهذا البحث شأن مهم في استنباط الفروع الفقهية على المنهج الفهرستي، فإن الحديث إذا كان في مصدر معتبر من مصادر أصحابنا، فهذا يدل على مدى اعتبار الحديث، وأما إذا كان الحديث مذكوراً في مصدر ضعیف لم يعتمد عليه أصحابنا، فلهذا نطرح الحديث ولا نعمل به في مقام استنباط الحكم الشرعي.

 

الهوامش

1. روى الشيخ الكليني عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه، عن أبي سعيد الخيبري، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله “عليه السلام”: الكافي ج ۱ ص ۵۲، وسائل الشيعة ج ۲۷ ص ۸۲، جامع أحاديث الشيعة ج ا ص ۲۳۵.
٢. الكافي ج ۱ ص ۵۲.
٣. روى الشيخ الكليني عن الحسين بن محمد، عن مُعلّی بن محمد، عن الحسن بن علي الوشّاء، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله “عليه السلام”: الكافي ج ۱ ص ۵۲، وسائل الشيعة ج ۲۷ ص ۸۱؛ وروى الشيخ الكليني عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ابن بُكَیر، عن عبيد بن بكیر، عن زرارة: الكافي ج ۱ ص ۵۲، وسائل الشيعة ج ۲۷ ص ۸۱، جامع أحاديث الشيعة ج 1 ص 244.
4. رجال البرقي: ۲۳ ، رجال النجاشي: ۲۳۱ الرقم 612
5. کتب عمر بن عبد العزيز إلى الآفاق: انظروا حديث رسول الله فاجمعوه، فإني أخاف دروس العلم وذهاب العلماء: ذكر أخبار اصفهان: ۳۱۲، تنویر الحوالك: ۵، فتح الباري ج ۱ ص ۱۷4، عمدة القاري ج ۲ ص ۱۲۹؛ وأول من دون الحديث ابن شهاب الزُّهري بأمر عمر بن عبد العزيز: فتح الباري ج 1 ص.۱۸۵
6. وبعبارة أخرى: «کتاب الحلبي بنسخة حماد من طريق محمد بن أبي عُميره .
7. کتاب من لا يحضره الفقیه ج ۱ ص ۲.
8. المصدر السابق : ۱.
9. کامل الزيارات: ۲۰.
10. ذكره النجاشي في رجاله: ۲۱۷ الرقم 566، وذكر أنه كان ضعيفا غالياً.
11. في كامل الزيارات: ۲۰6: «عن أبيه، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن بكير الأرّجاني، عن أبي عبد الله، وفي ص 4۷۰ من نفس المصدر: « عن محمد بن الحسن بن علي بن مَهزیار، عن جده علي بن مهزیار، عن الحسن بن سعيد، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ..”
12. انظر: رجال النجاشي: ۲۰۷ الرقم ۵۵۰.
13. نعم، لنا في التراث الشيعي روايات أصلها كانت أخبارا منقولة بصورة شفوية وليست من کتاب خاصّ، والغالب في التراث الشيعي هو النقل عن الكتب التي ألّفها أصحابنا القدماء.
14. رجال النجاشي: 50 الرقم ۱۰۷ والرقم ۱۰۹، و ۵۲ الرقم ۱۱6. .
15. المصدر السابق : 60 الرقم ۱۳۷ نقلا عن ابن نوح السيرافي.
16. ذكره النجاشي في رجاله: 59 الرقم ۱۳۷ قائلا: «أخبرنا الشيخ الفاضل أبو عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البَزَوفَري….

 

 

فهرس الكتاب

تحميل الكتاب

الفقه الفهرستي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky