الاجتهاد: من ثمار الفتوى المباركة: تعودت من خلال حضوري المهرجانات الفكرية والثقافية، أن أترقب ما يحدث في الحوارات والنقاشات الجانبية العفوية والتي تمتل ثمرة المؤتمر أو المهرجان؛ لما تنتجه من تلاقح فكري وثقافي، قد يكون سبباً في كتابة قصيدة او محصلة لموضوع أدبي أو مقال صحفي، على غرار ذلك،
كنت شاهداً على الحوار الذي دار بين الأديب والصحفي الكبير الأستاذ علي الخبّاز والدكتور المياحيّ, بينما كنت ماراً سمعت الأستاذ (علي الخباز) يتحدث قائلاً: (أُريد أن أُشير فقط لمسّألة وهي أنّ لكل سِلاح هناك صمام أمان، اعتقد من خلال جوابك لمرحلة ما بعد داعش ان هذه الرؤى الانسانيّة – والتي من الممكن أن تكون حاضرة وبقوّة ما بعد داعش – هي صمام أمان المرحلة التاليّة).
حينها عرِفت أنّ هذا الحوار لازال داخل ساحة الفتوى, فاقتربّت منهم, لاكتشف لاحقّا أن الدكتور كان يجيب الأستاذ علي الخباز:
“ان مشروع المرجعية الدينية العليا اليوم هو زرع السعادة في المجتمع الاسلامي، وتحرير الانسان من اي تشوهات فكرية وعسكرية وأمنية وسياسية, لذلك جوهر المشروع هو الجهد الانساني واستمراره ما بعد داعش، فلدينا شهداء وجرحى وعوائل الشهداء ودور مهدمة وارض يحتاج لها جهد انساني كبير وان المرجعية مستمرة بجهدها؛ لأن الفتوى لم تنحصر بتاريخ او مكان او منطقة او فئة”. .
– ثم أردف علي الخباز سؤاله بآخر قائلاً: هنالك بعض من فسر عملية الكسب الانساني هو عملية توطيد لكسب اجتماعي، قد يكون بهذا المعنى ولكن نحن نرى ان هناك دلائل تبيّن أن المسعى الانساني لم يكن مسعى لغرض معين, هذه المرجعية لم تؤطَر تحت أي غرضّية مسعاها الانسانيّ؟
ويأتي الجواب من الدكتور: “المرجعية الدينية ليست جهّة سياسية، وليس لها طموّح سياسي، اضافة لذلك ليست لها شرطة او جيش حتى تحكم، كما وليست هناك حكومة تحت وصايتّها, هي فقط تمارس الإرشاد والتوجيه والتعبئّة الجماهيريّة لحِفظ النظام وايضا تمارس دورها الثقافي، فهي ليست طرفا في نزاع سياسي أو مكسب سياسي أو طموح سياسي هي فقط تريد عراقا مستقلا،
حتى حين اصدرت فتوى الوجوب الكفائي خاطبت العراقيين المواطنين, لم تخاطب تحت مسمى مذهبي او مناطقي، وهذا دليل على عمق الوطنيّة لديها, والذي يقدّم شهداء في مناطق اخرى ليس بطامع او لديه مكسب بعيدا عن كل المزايدّات والتشوهّات، فهي لا تؤمن بمذهبّة الدولة، لذا فإن صمام الأمان للعراق هي مرجعيّة سماحة السيد علي السيستاني (دام عزه)، ولولا هذه الفتوى لأصبحنا اليوم متمزقين مناطقيّاً وطائفيّاً حتى على مستوى فئويّاً وعشائريّاً”.
يبدو ان الفتوى المباركة ولما لها من اهميّة أخذت على عاتقها كل المتبنيات الاجتماعية من الناحية الفكرية، وشقت رافداً أدبياً جديدا ذات اصول فكرية يقوم على سقاية الاقلام الواعية والكاتبة للتاريخ، والباحثة عن الحقيقة في هذا البلد.
كما واصبحت حديثاً يتناقله المثقفون والاكاديميون في حواراتهم, كيف لا.. ومن واجبنا الشرعي والوطني ان تكون لدينا وثائق ودراسات توثّق البُعد الانساني بفتوى المرجعيّة العليّا لفتوى الوجوب الكفائيّ, هذه الفتوى التي لم تنحصر فقط في البُعد العسكري, فسماحة السيّد السيسّتاني (دامَ عزّه) لا يؤمن بعسكرة المجتمع بل يؤمن بالسلمية والحوار وبإنسانية الفتوى.
وعندما يوصي السيد السيستاني (حفظه الله) بالنازحين ويعطي المساعدات في الأنبار والموصل وصلاح الدين للمسلمين وغير المسلمين ما هو إلا إيمان منه بعمق الجانب الانساني المتجذر في الاسلام.
المصدر: كتابات في الميزان