الاجتهاد: بمناسبة الرابع من شهر شوال المكرم ذكرى وفاة الأصولي الشهير آية الله الشيخ حسين الحلي “قدس سره” الذي لبي نداء ربه في الرابع من شهر شوال عام ١٣٩٤ ه، المدفون في الصحن الحيدري الشريف، نقدم لكم لمحة عن حياته السياسية من مقدمة على كتاب أصول الفقه للعلامة الشيخ حسين الحلّي “ره” ، – بعنوان دراسة عن حياة آية الله العظمى الشيخ حسين الحلي قدسسره والتي أعدّها العلاّمة الدكتور السيد محمد بحر العلوم “ره” (2015 – 1927م).
أصبحت السياسة جزءاً من حياة غالبية مراجع الدين وعلماء الحوزة العلمية الدينية في النجف الأشرف وكربلاء والكاظمية في بداية القرن الثالث عشر الهجري ١٣٠٠ القرن التاسع عشر الميلادي ١٩٠٠ رغم المحاولات المتعاقبة من قبل بعض رجال الدين في فصل الدين عن السياسة، وحصر مهامهم في الفتيا بما يتعلق بشأن الامور الدينية التي لا علاقة لها بالسياسة، واقتصار دور الفقيه على العبادات والمعاملات، والأحوال الشخصية وثبوت الهلال، وما يشابه.
وهذا الرأي وإن قال به بعض علماء الشيعة على أساس أن الدولة الإسلامية لا تقوم إلا بظهور الإمام المهدي “عليهالسلام”، ولكن الحاجة الزمنية المتطورة أدت إلى القول بتطور الفقه الشيعي.
في مقابل ذلك انتقل أغلب فقهاء الإمامية إلى معالجة القضايا الملحة التي لها لصوق بالحياة العامة كالحكومة والولاية ، والتصرف بالثروة الاقتصادية الوطنية على مختلف أوجهها، وضرورة ممارسة حق السلطة ، التي تنظم الحياة العامة ما دام العالم تطور إلى حكومات مقننة، وتوجهات تربط الدول بعضها ببعض، وإقرار نظرية للحكم على أساس تنسجم وقواعد الدين الإسلامي، وخاصة ما دامت حكومات غازية تحتل البلاد، وتسيطر على ثرواتها الفكرية والمادية، والضرورة تحكمت بذلك، وخاصة بعد أن مارست إيران هذا الحق ، وشارك رجل الدين في السلطة في إدارة الحكم.
وترى بعض المصادر أن أول رجل دين شارك في السلطة هو الشيخ علي بن الحسين بن عبد العالي الكركي (١)، ومنح لقب «شيخ الإسلام» ولأول مرة في إيران، وهو لقب كان معروفا في الدولة العثمانية، يمنحه السلطان العثماني عادة لعالم دين يترأس المشيخة (٢).
الشيخ حسين الحلي وجهاد العلماء ضد الانكليز :
وحين بدأ الإنكليز في غزو العراق لاحتلاله وإخراجه من عهد الحكم العثماني، وأبعدت ولاية العثمانيين من البلاد الإسلامية بصفتها الحكومة الإسلامية على أساس الخلافة العثمانية، ورغم أن المسلمين الشيعة في العراق عانوا من الحكومة العثمانية معاناة طائفية مقيتة، ولكن حين توجه الإنكليز لاحتلال العراق في عام ١٣٣٢ ه ـ ١٩١٣ م، وقف علماء الشيعة في العراق إلى جانب الحكومة العثمانية على أساس أنها حكومة إسلامية رغم طائفيتها، واستنادا إلى القاعدة المعروفة «الوجود الناقص خير من العدم» فقد تنادى مراجع الدين في العراق بدعوة المسلمين العراقيين للجهاد ضد الغزاة الصليبيين، وأفتوا بالجهاد المقدس، ووجوب الدفاع عن بيضة الإسلام.
وترى بعض المصادر: أن إفتاء معظم العلماء من الشيعة والسنة بوجوب الجهاد إلى جانب العثمانيين منشؤه دفع الضرر عن المسلمين ، ورأوا أن تعزيز موقف العثمانيين المسلمين أمر لا مناص منه حسبما تقتضيه أحكام الشريعة الإسلامية (3).
وقاد مراجع الحوزة العلمية في النجف الأشرف وكربلاء والكاظمية والشخصيات الدينية المجاهدين والعشائر العراقية إلى البصرة لمقاتلة الجيش الانكليزي الغازي المتمركز في الشعيبة والقرنة وغيرهما من المناطق الواقعة ضمن محيط محافظة البصرة ، فإن الجيوش الانكليزية قصدت العراق من ناحية البحر.
قال الشيخ جعفر محبوبة :
«بعد إعلان الحرب العامة واشتراك الأتراك بها وندائهم بالنفير العام اشترك العراقيون مع الأتراك فيها، ووقفوا معهم جبنا إلى جنب، وصفا لصف، ونهض علماء الشيعة في النجف وأفتوا بوجوب الدفاع عن بيضة الإسلام، فهاجت الشيعة لدفع الإنكليز عن العراق، وانتظمت الجبهات الحربية، وأكثرها من عشائر العراق، ولم يكتف العلماء بالفتيا فقط، بل خاضوا تلك المعامع بأنفسهم، ووقفوا وقوف الإبطال، وأبلوا بلاء حسنا، وكان أشدهم جهادا وأكثرهم صبرا وجلادا المرحوم العلاّمة السيد محمد سعيد الحبوبي (4)، فانه قاد جيشا جرّارا إلى جبهة الشعيبة. وإزاء هذه المقابلة من العلماء والمجاهدين العراقيين قابلت القيادة العثمانية المجاهدين مقابلة سيئة للغاية» (5).
وبعد هذه المقدمة الموجزة عن موقف علماء الشيعة في الجهاد ضد الإنكليز لنا أن نتساءل ، هل لشيخنا الحلي مشاركة فيها؟
قبل أن نردّ على السؤال لا بد أن نحدد عمر الشيخ خلال هذا التحرك الديني والوطني؟
أشرنا في بداية الحديث أن الشيخ حسين الحلي ولد في حدود عام ١٣٠٩ م (6) وثورة الجهاد ضد الإنكليز عام ١٣٣٢ فمعناه أن الشيخ كان عمره حينذاك في أوائل العشرينات، بين الاثنين أو الثلاثة والعشرين، وبالامكان مشاركته في الجهاد بهذا العمر،
قال الاستاذ حسن الأسدي ـ مؤرخ ثورة النجف ـ : «في ٤ صفر١٣٣٣ غادر للجهاد عن طريق بغداد جعفر الشيخ عبد الحسين(7)، والشيخ عبد الكريم الجزائري(8)، والشيخ حسين الحلي، والشيخ حسين الواسطي (9) ، والشيخ منصور المحتصر (10) ، ومعهم الكثير من رجال الدين وطلبة العلم » (11).
ولم أعثر على مصدر آخر ـ في حدود تتبعي ـ يذكر الشيخ الحلي في عداد المجاهدين في حركة الجهاد ضد الإنكليز عام ١٣٣٣ ه ولكن لم استبعد حضوره في هذه الحركة لسببين :
أوّلا : أن الشيخ حسن (12) الأخ الكبير للشيخ الحلي كان من حلقة المرحوم السيد محمد سعيد الحبوبي، ومن الملازمين لمجلسه (13)، وكما هو معروف أن السيد الحبوبي هو بطل حركة الجهاد ضد الإنكليز، وقاد جموع المجاهدين إلى البصرة. ومن الطبيعي أن يتأثر الأخوان ـ الحسن والحسين أبناء الشيخ علي الحلي ـ بالأجواء المفعمة بالحماس للتحرك إلى البصرة لمقاتلة الإنكليز بالمشاركة في الحركة، والانخراط في موكب المجاهدين، وهذا لا يتنافى أن يكون خروج كل منهما مع جهة ما، فكان الشيخ حسين مع الشيخ الجزائري عن طريق بغداد.
ومما يؤكد ذلك ما نقل لي أن المرحوم السيد محسن الحكيم ـ الذي كان ساعد السيد الحبوبي في تحركه الجهادي ـ قد التقى بالشيخ الحلي بالبصرة فنقله إلى صفوف المجاهدين مجموعة السيد الحبوبي (14).
ثانيا: والذي عرفته من بعض الإخوة الذين لهم معرفة برحلة الجهاد، أن الشيخ الحلي كان مشاركا في حركة الجهاد بصفته عسكريا مشمولا حينذاك بالجندية، وبحكم الواجب العسكري خرج للجهاد، وحين التقى به المرحوم السيد محسن الحكيم في البصرة طلب السيد الحكيم من قائد المجاهدين السيد محمد سعيد الحبوبي أن ينقله من معسكر الجندية إلى معسكر المجاهدين، ففي بداية الأمر تردد السيد الحبوبي لأنه جندي رسمي، لكنه بالأخير خوّل السيد الحكيم العمل بما يراه مناسبا، وفعلا نقله إلى معسكر المجاهدين.
وفي خضمّ المشروطة والمستبدة
ثانيا ـ كان الاستعداد للمشاركة في التحركات الوطنية عارما في نفوس هذا البيت ـ الأب والولدان ـ وقد ذكرهم الاستاذ حسن الأسدي في حديثه عن انقسام النجفيين حول موضوع المشروطة والمستبدة، فعدّ الشيخ علي وولديه الحسن والحسين من جماعة المرحوم السيد محمد كاظم اليزدي الذي وقف إلى جنب « المستبدة » مقابل الشيخ محمد كاظم الخراساني الذي اعتمد « المشروطة » (15).
وبمرور الزمن حكم الدور البرلماني في المنطقة ، وإيران جزء من المحيط الذي اتسع فيه حكم الدولة ، وخاصة بعد أن شارك رجل الدين بالسلطة ـ كما تقدم ـ فكان السؤال الأساس لمسيرة الحكم الإسلامي في الدولة الإيرانية بعد أن تجاوز المتنازعون عن سلطة الدولة ، هل الحكم يحد بدستور يقرّه البرلمان ، أو تبقى الامور خاضعة لاستبداد الحاكم؟
وهنا برزت نظريتان في هذا الشأن نوجزهما بالآتي :
الاولى: تلزم الحكومة بنظام دستوري تحد من تصرفات الحاكم المعتمد على رأيه، وأطلق على هذا التوجه مصطلح “المشروطة”.
الثانية: الحاكم في إدارته للدولة لا يعتمد دستورا محددا ، وإنما هو حرّ في رأيه ، وأطلق على هذا التوجه « الاستبداد ».
وعلى هذا الضوء انقسم علماء المرجعية الشيعية إلى فريق يؤيد الحياة الدستورية ، ليضع حدا للاستبداد السياسي والديني في نفس الوقت، وفريق آخر تشبث بنظام الحكم الاستبدادي خشية من انهيار التقاليد الدينية ، والتفريط بسطوتها على المجتمع ، لأن فصل الدين عن الدولة أو الحكم العلماني بالبلدان الاروبية كان طريق الحكم البرلماني والدستوري بالبلدان الأوروبية (16).
وكانت النجف من أهم المراكز الدينية الحساسة ، وبخاصة بالنسبة لإيران والعراق ، بل تكاد تكون المركز الديني الحساس الوحيد، لذلك فان جميع الحركات السياسية العنيفة في إيران والعراق كانت تنعكس آثارها في النجف انعكاسا مؤثرا نافذا تترتب عليه كثير من النتائج والأحداث ، وما الفتاوى والبرقيات الشديدة اللهجة التي كانت تصدر عن النجف لكل من سلاطين تركيا ، وشاهات إيران ، إلاّ صورة واحدة من صور ذلك التأثير.
الشيخ الحلي مع المشروطة أو المستبدة؟
وعند ما تطورت المعارضة في تينك الإمبراطوريتين إلى حركات دستورية ديمقراطية، نشأت في النجف بحوث ودراسات عميقة في الديمقراطية والدستور، وتناولها رجال الدين الأكابر من مختلف وجهات النظر الإسلامية ، وألّفوا في تأييد الديمقراطية الدستورية مختلف التأليف.
وربما كان حجة الإسلام الميرزا حسين النائيني في مقدمة من وضعوا الكتب في هذا الباب. وبنتيجة هذه الحركة الفكرية الصاخبة انشطرت النجف كل النجف بعد صدور الدستور العثماني عام ( ١٩٠٨ م ـ ١٣٢٦ ه ) إلى شطرين متناحرين بلغ الخصام بينهما أقصى حدوده.
شطر يتزعمه آية الله الملا كاظم الخراساني ، وتلتف حوله الأكثرية الساحقة من العلماء، والطبقة الخاصة المثقفة من النجفيين ، جميع آل الجواهري ـ عدا الشيخ علي الشيخ باقر الجواهري، والشيخ حسن بن الشيخ محمد حسن ـ ، وآل الشبيبي، وآل كمال الدين ـ عدا السيد حسين كمال الدين، الذي كان يعمل مع اليزدي إلى عام ١٩١٨ عند ما اختلف مع اليزدي في كيفية تعامله مع الإنكليز بشأن ثورة النجف فترك صحبته ـ، وآل مرزة خليل الذين كانوا لواء الدعوة الدستورية قبل الخراساني، ومن الأفراد : الشيخ علي الشرقي، والسيد هاشم الهندي، والشيخ حسن دخيل، والشيخ علي مانع، والسيد مسلم زوين، والشيخ محمد جواد الجزائري، والشيخ محمد حسين شليلة، وغيرهم. وهؤلاء سواء منهم الاسر أو الأشخاص عراقيون ، ولهم مكانتهم الدينية والاجتماعية في النجف وخارجه.
أما الشطر الثاني فيتزعمه السيد محمد كاظم اليزدي ، ومعه جميع أسرة آل كاشف الغطاء وبخاصة الشيخ أحمد والشيخ محمد حسين ـ عدا آل الشيخ عباس الشيخ علي ـ. و (مع اليزدي) أيضا معظم المعممين العرب، أمثال: آل سميسم، وآل مطوك، وآل محي الدين، وآل الدجيلي، وآل محبوبة، وغيرهم من المعممين. وكان معه من الأفراد صالح حجي، وجواد حجي، والشيخ حسن الحلي ، والشيخ حسين الحلي، وأبوهما الشيخ على الحلي المعروف بالزهد … والشيخ عبد الحسين الحلي …
وكان يطلق على جماعة الخراساني اسم المشروطة، لأنهم يؤيدون الحكم المشروط بالدستور. أما جماعة اليزدي الذين كانوا يعتبرون «المشروطة» كفرا وإلحادا، فكان يطلق عليهم اسم «المستبدة» (17).
ولكن المصدر المتقدم يشير إلى أن وفاة الشيخ الخراساني عام ١٣٣٠ ه وضع حدا لمظهر العنف بين التيارين ، وأن جميع رجال الدين ـ المرشحين للزعامة الدينية بعد السيد اليزدي ـ أيدوا رأي الشيخ الخراساني ، وشاركوه نفس الفكرة الدستورية المتحررة ، وعملوا على تحقيقها (18).
وكان من نتاج هذا الصراع الفكري أن كتب آية الله العظمى الميرزا محمد حسين النائيني كتابه القيّم « تنبيه الامة وتنزيه الملة ».
من خلال هذا النص توضح لنا بأن اسرة شيخنا الحلي بما فيها هو كانت تعيش جوا سياسيا قبل ثورة الجهاد على الإنكليز إلى جانب العثمانيين، وكانت تتبنى رأي السيد محمد كاظم اليزدي الذي كان يقر الاستبداد السياسي، ـ كما جاء في النص المشار إليه ـ ولكن بعد وفاة السيد كانت الحركة التثقيفية نشطة بالنسبة لتأييد المشروطة ، بجهود النخبة من المؤمنين بفكرة الدستورية التي نادى بها المرحوم الخراساني والتي أثرت على التوجه العام بعد وفاة المرحوم اليزدي (19).
والمهم الذي يتصل ببحثنا المتمحور حول الشيخ حسين الحلي يهمنا أن نعرف ، هل بقي على رأيه السابق بأن لا شأن لعلماء الدين في شئون السلطة زمن الغيبة ، أم تغير مع التطور المشار إليه؟
الإجابة على هذا التساؤل ليس بالأمر البسيط، خاصة وأن المصادر التي تتحدث عن حياته لا تشير لهذه الخصوصيات ، ولا تتحدث عن الموضوع من قريب أو بعيد، غير أننا نستطيع أن نتصيده من ثنايا أحاديثه الشخصية مع المقربين له، حيث يرى عدم جواز التصدي للسلطة الحكومية في زمن الغيبة، ولعل اتصاله بالميرزا النائيني في أيام مرجعيته العامة أثر على أستاذه في تبديل رأيه بالمشروطة الذي ضمّنه في كتابه « تنبيه الامة وتنزيه الملة »، خاصة إذا عرفنا أن الميرزا النائيني ـ كما نقلت المصادر ـ في آخر الأيام أخذ يجمع نسخ الكتاب سواء المطبوع باللغة الفارسية أو المترجم للعربية. ونقل أنه بذل على تحصيل كل نسخة منه مالا يصل إلى ليرة ذهبية، وقيل خمسة ليرات ذهبية. وتصفه أنه كان ذا ثراء، ومال غزير (20).
ويعزز هذا الرأي أن الشيخ النائيني كان يهتم بالشيخ الحلي لعلاقته الوثيقة به، وأنه من حضّار مجلسه العلمي أكثر من ١٨ عاما مما زاده وثوقا به، وقد نقل أن سئل الميرزا النائيني عن سر اعتنائه البالغ واهتمامه الكبير بالشيخ الحلي، فردّ بكل اعتزاز «إنه ما من مسألة تطرح حتى يكتب عنها رسالة مشتملة على التحقيق والتدقيق ونقل كافة الأقوال فيها ».
ولعل هناك سببا آخر دفع الميرزا النائيني تغيير رأيه بالنسبة للمشروطة وجمع كتابه «تنبيه الامة» هو ما حصل في إيران من استغلال أصحاب المشروطة الاعتداءات على الناس باسم مخالفة التوجه للمشروطة، والإعدامات التي حصلت باسم مخالفة خط المشروطة، كما حصل مع الشيخ فضل الله النوري(21)، والشيخ باقر الاصطهباناتي (22) لانهما ضدها، وغيرهما ممن نالهما الاضطهاد والقمع، وهذه من الامور التي ترفضها الشريعة الإسلامية. كل هذا دعا الميرزا النائيني لتغيير رأيه في موضوع المشروطة.
الشيخ الحلي وأحداث العراق المعاصرة
لقد تفجرت بالعراق في القرن الماضي أحداث كثيرة من انقلابات إلى ثورات ومؤامرات نجحت بعضها ، وفشلت بعضها ، وأدى كل ذلك إلى تعاقب حكومات تختلف في توجهاتها وايديولوجياتها.
ومن أبرزها تغيير الحكم من الملكي إلى الجمهوري ، ومدى المآسي التي عاناها الشعب العراقي من هذه الأحداث ، كان أشدها وأضيقها وأمرّها عهد صدام حسين الأسود ، ولمّا كانت المرجعية الدينية الشيعية في العراق تمثل الثقل الأكبر في المعادلة السياسية العراقية ، كان من الطبيعي أن يكون لها رأيها في التطورات السياسية العامة والخاصة التي تخص البلاد.
ولو تابعنا مسيرة المرجعية الدينية في القرن الماضي ، وما بعد سقوط النظام الشمولي لاحظنا أن المرجعية الدينية المتصدية في العراق بالأمس :
١ ـ تمثلت بالإمامين الراحلين السيد محسن الحكيم ، والسيد أبو القاسم الخوئي ـ قدسسرهما ولم يكن شيخنا الحلي بعيدا عن الجو السياسي العراقي أو الإيراني، وحين عصف بالعراق الجمهوري الشأن السياسي الحزبي المتطرف فمثّل البعد الايديولوجي بينهما صراعا عنيفا انتهى بحرب طاحنة أكلت الأخضر واليابس في الدولتين،
وكان على مراجع الدين في الدرجة الاولى ـ بما يتحملوا من المسئولية الاجتماعية والسياسية ـ أن يحددوا الموقف الديني من القضية، وهذا ما اصطدم به الشيخ الحلي وأمثاله، وفي مقدمتهم المرجعان الدينيان السيد الحكيم والسيد أبو القاسم الخوئي، وأن الموقف لا يختلف بينهم من حيث الرأي ، فلقد تصديا بصفتهما مركزي القيادة الدينية في العراق خاصة والعالم الإسلامي عامة ، وشيخنا الحلي يعيش الأمر نفسه ، ولكن درجة المسئولية الشرعية تختلف عما عاشها السيد الحكيم من قبل والسيد الخوئي بعده ، وكان الشيخ الحلي يقف إلى جانب المرجعية في مثل هذه الظروف ، ويساعدهم في الرأي ، وتحديد الموقف المقتضي ، على أساس تأييد المرجعية الدينية في أحلك ظروفها ضرورة دينية.
ومن هذا المنطلق المبدئي لم يترك الشيخ الحلي المرجعية الدينية وحيدة تغوص في أعماق السياسة ما لم يشاركها الرأي الذي يقتضيه الشرع الشريف في الميدان الخطير. فالظروف القاسية التي مرّ بها العراق بصورة عامة والنجف الأشرف على الخصوص ، وما عانته المرجعية الدينية من نظام لم يحترم القيم الدينية ، ولا يبالي في اجتثاثها ليخلو له الجو بكل فعالياته ، ليقيم على أطلاله سلطته الدكتاتورية الدنيوية.
ورغم هذا فان المرجعية الدينية الشريفة في النجف الأشرف التي كانت تعاني مداهمة الأخطار لكنها كانت تقف إلى صف الشعب لم يرهبها سيف الحاكم ، وشراسة الجلادين ، وسجلت موقفا رائعا في المحنة السوداء التي مرت على عراقنا مثل الصمود والتضحية والفداء من أجل عقيدتها وقيمها العليا ، وشرف الحوزة العلمية النجفية.
٢ ـ أما اليوم والمتمثلة بالإمام السيد علي السيستاني (دامت بركاته) وبقية المراجع (أدام الله ظلهم) التي تحتفي بهم مدينة النجف الأشرف اليوم دخلت بكلها في خضمّ السياسة العراقية العامة، ولو على سبيل التوجيه والإرشاد، نتيجة رجوع الجماهير إليها لتحديد الموقف المناسب والأصلح من الأحداث الجارية رغم عدم أخذها الكلي بمبدإ « ولاية الفقيه » كما هو رأي السيد الإمام الراحل السيد روح الله الخميني (عطر الله مرقده).
إن الشيخ حسين الحلي مع كونه انضم مع السيد اليزدي في الشأن السياسي العام، إلاّ أن من خلال أبحاثه نرى أنه توسع في صلاحيات الحاكم الشرعي، ولا يحصرها بامور ضيّقة، ويمكن أن نتعرف عليها من خلال هذين النصين.
الأول : صلاحيات الحاكم الشرعي على الطلاق جبرا على الزوج متى طلبت الزوجة منه ذلك من غير فرق بين :
١ ـ من لم ينفق على زوجته.
٢ ـ أو من اصيب بعنن بعد الوطء ولو مرة واحدة.
٣ ـ أو من ترك زوجته ولم يباشرها ولم يضاجعها مما ينطبق عليه عنوان الهجران بلا تقصير صادر منها، أو غير ذلك من الموارد التي يعسر معها بقاء للزوجة بدون زوج ، فيرى الشيخ الحلي رحمهالله التوسعة في صلاحيات الحاكم الشرعي وشمولها لهذه السلطة ، وإجراء الطلاق جبرا على الزوج متى طلبت الزوجة ذلك منه (23).
وفي موضع آخر « إنه في هذا المورد الذي يتمادى الزوج في امتناعه من القيام بشئون الزوجية أن يجبر الزوج أوّلا بأن يوقع الطلاق بنفسه ، فإن امتنع أجرى الحاكم بنفسه الطلاق جبرا عليه، لأن الحاكم الشرعي لا يقف مكتوف اليد في مثل هذه الموارد » 24).
الثاني: ما جاء في بحثه الشوارع المفتوحة من قبل الدولة ـ أن ذكر طرقا خمسة لعدم جواز المرور عليها ، قال شيخنا الاستاذ الحلي: بعد انسداد تلك الطرق الخمسة يحتاج إلى إثبات ولاية الحاكم الشرعي وعمومها لما يتوقف عليه النظام ، وقد حققنا في محله عدم قصور أدلة ولاية الحاكم عن مثل ذلك ، وإن منعنا منها فيما لا يتوقف عليه الانتظام كالحدود مما هو من خصائص الإمام عليهالسلام (25).
ونلاحظ من ذلك أن شيخنا الحلي لم يطلق صلاحيات الحاكم الشرعي، فاعتبر مثل إقامة الحدود وغيرها من مختصات الإمام، فلا تكون له ولاية عامة وسلطة مطلقة، لكنه لم يضيّقها في الموارد المنصوص عليها فقط، بل سار في الجادة الوسطى حسب ما استفاده من الأدلة الشرعية.
إن شيخنا الحلي أحد الشخصيات العلمية الكبيرة في الوسط الإسلامي الشيعي لم يكن في العراق فحسب، وإنما تعرفه المجتمعات الشيعية في أغلب مدن العالم الشيعي، وعرف أكثر بقربه لكل المراجع العظمى التي حظيت بالرئاسة الكبرى في العالم الشيعي، نظرا إلى أن الذين تسنموا هذه المكانة هم زملاؤه لدى دروسهم عند أعلام النجف السابقين، وكان الغالب من المراجع لهم رأي في الأحداث السياسية التي حصلت في البلاد الإسلامية في مقدمتها العراق وإيران خلال تلك الحقبة، بالإضافة إلى أن الشيخ لم يكن بعيدا عن هذه الأحداث الخطيرة التي عمّت المنطقة وتعامل معها العلماء إيجابا أو سلبا على اختلاف مواقفهم.
وبحكم صلتنا به ـ وهو بمنزلة الأب الروحي لنا ـ لم نر منه قولا أو كتابة بما يشير من قريب أو بعيد عن التأييد أو الرفض لتلكم الأحداث ، مع أنني شخصيا ـ وبحكم قربي منه ـ كنت أناقشه في كثير من الأحداث، وخاصة في وجود المرحوم والدي الذي كان بحكم مركزه الاجتماعي والسياسي في العراق لا يتباطأ في إعلان رأيه،
ومن أجل تحديد الموقف الشرعي كان يتشاور مع الشيخ، ويستنير برأيه في مثل تلكم الملمات الخطيرة، وكان الشيخ رحمهالله لا يبخل عليه برأي ومشورة، لكنه عند ما يطلب منه الادلاء برأيه الشخصي في الاعلام الخارجي كان يتوقف عن الإجابة، بالخصوص إذا كان المقصود التصريحات الصحفية، ولعله كان ملتزما برأيه بفصل الدين عن السياسة، ومن هذا المنطق كان حذرا من التدخل في القضايا السياسة خاصة الساخنة منها.
إن الشيخ حسين الحلي بحكم معايشته للأحداث السياسية العراقية، وما حصل فيها من سفك دماء، وإرعاب للناس، وغمط لحقوق الجماهير، واستغلال الأحزاب الظروف المواتية لصالح مراكزها، ترك أثرا كبيرا في نفوس المتحمسين الوطنيين ودعاهم إلى الابتعاد من السياسة بل هجرها، وهجر العراق إلى دول تتعاطف مع الديمقراطية، وتؤمن بحقوق الجماهير في التعايش السلمي، وحرية الرأي بدلا من الاستحواذ السياسي.
هذه الصورة القاتمة التي عكستها أوضاع العراق الحديثة بالإضافة إلى رواسب أحداث المشروطة والمستبدة في ايران، وما دعا الميرزا النائيني إلى الارتداد عن رأيه الخاص بالنسبة للحرية السياسية، ونبذ الاستبداد في السلطة، وتناوب المآسي الفضيعة في العراق منذ ما يسمى بالحكم الوطني في العشرينات من القرن الماضي، تركت الشيخ للابتعاد عن الشأن السياسي، وفك الارتباط معها كمتصد ورائد لتلكم التحركات التي عاشها الإنسان العراقي من بداية القرن الماضي إلى يوم وفاته بالثمانينات.
إن هذه النظرة الفاحصة على مجمل الوضع السياسي العراقي من خلال هذه الأزمنة التي تعبّر عن نظرة عميقة لقراءة السجل التاريخي للعراق، وحينها قد يكون من حقه الشرعي أن يبتعد عن الانزلاق في هذا الخط المثير للشبهات الشرعية ، والمشاكل الوطنية.
الهوامش
(١) الشيخ علي بن الحسين بن عبد العالي الكركي المعروف بالمحقق الثاني ، أبو الحسن، ولد عام ٨٦٨ ه في جبل عامل بلبنان ، ورحل إلى سوريا ومصر فأخذ عن علمائها ، ثم انتقل إلى النجف ودرس فيها زمنا ، وانتقل إلى إيران لأداء رسالته ، والتقى بالشاه طهماسب الصفوي وأعجب بعلمه ، وجعل له الولاية في إدارة ملكه ، وكتب إلى حكام بلاده بامتثال أوامره باعتباره « ولي الأمر » وبصفته « نائب الإمام » ، فكان الشيخ يكتب إلى جميع البلدان الخاضعة لحكم الشاه الصفوي طهماسب بدستور العمل في شأن الرعية وأمر البلاد ، توفي عام ٩٤٠ ه. ترجمه : الزركلي ـ الأعلام ٤ / ٢٨١ / طبع دار العلم للملايين ٢٠٠٢ ، والقمي ـ الكنى والألقاب ٣ / ١٤١ ، وآل علي ـ المصدر المتقدّم : ٧٥.
(٢) رشيد الخيون ـ المشروطة والمستبدة : ٧١ / بيروت ٢٠٠٦ عن الشيخ مرتضى مطهري ـ الإسلام وايران : ٣٣٨ / طبع دار التعارف للمطبوعات بيروت.
(3) د. عبد الله فياض ـ المصدر السابق : ١٤٩ / طبع بغداد مطبعة دار السلام ١٩٧٥.
(4) محمد سعيد بن محمود بن القاسم بن كاظم بن الحسين الحبوبي الحسني. ولد في النجف عام ١٢٦٦ ه ونشأ بها ، ودرس في جامعتها الدينية وحضر في الفقه والاصول على أعلامها كالشيخ محمد حسن الكاظمي ، والفاضل الشربياني ، والشيخ آغا رضا الهمداني والشيخ موسى شرارة ، والسيد مهدي الحكيم ، والشيخ محمد طه نجف ، ولازمه ، وبعد ذلك استقل بالبحث والتدريس ، وكان من كبار الفقهاء والمجتهدين وأعلام الفضل والتقوى والصلاح ، كما عرف بمكانته الشعرية في الأوساط الأدبية ، توفي في الناصرية متأثرا من خسارة المعركة ضد الانكليز عام ١٣٣٣ ه. راجع ترجمته : محسن الأمين ـ أعيان الشيعة : ٩ / ٣٤٤ ، ومحمد حرز الدين ـ معارف الرجال : ٢ / ٢٩١ ، وعلي الخاقاني ـ شعراء الغري ٩ / ١٤٧ ، وكاظم عبود الفتلاوي ـ مشاهير المدفونين في الصحن العلوي الشريف : ٢٩٧ ـ ٢٩٩ / طبع قم ٢٠٠٦.
(5) محبوبة ـ المصدر المتقدم ١ / ٣٤٠ ـ ٣٤٤.
(6) الطهراني ـ طبقات أعلام الشيعة / القسم الثاني / ٦٠٣.
(7) الشيخ جعفر الشيخ عبد الحسين آل الشيخ راضي ، المنتهى نسبه إلى الشيخ خضر الجناجي النجفي ، من علماء وزعماء الاسرة البارزين الشهيرة بـ « آل الشيخ راضي » النجفية ، والتي عرفت بالعلم والفقاهة والزعامة ، حضر في دروس الفقه والاصول على أعلام منهم : الشيخ محمد كاظم الخراساني ، والشيخ محمد طه نجف ، والشيخ آغا رضا الهمداني ، وغيرهم ، توفي عام ١٣٤٤ ه في النجف. ترجمه الطهراني ـ المصدر المتقدم : القرن الرابع عشر : ٢٩٠.
(8) الشيخ عبد الكريم بن الشيخ علي بن الشيخ كاظم ، المنتهى نسبه إلى الشيخ أحمد ـ صاحب كتاب « آيات الأحكام » عالم كبير وزعيم ديني معروف ، ولد عام ١٢٨٩ ه في النجف ودرس على يد أعلام الحوزة النجفية ، وقد حضر في درس الاصول على الشيخ محمد كاظم الخراساني ، والشيخ حسن بن صاحب الجواهر ، وفي الفقه على الشيخ محمد طه نجف ، والسيد محمد كاظم اليزدي ، وغيرهم من العلماء ، كما عرف بالمكانة الأدبية والشعرية ، كما أنه من الشخصيات الوطنية التي عرفت بالجهاد ضد الاستعمار ، وقائد محنك ، ومرجع لمختلف الناس ، توفي في النجف عام ١٣٨٢ ه ترجمه الطهراني ـ نقباء البشر في القرن الرابع عشر : ١١٧٣ ـ ١١٧٩.
(9) لم أعثر على ترجمته في حدود المصادر المتوفرة لدي.
(10) الشيخ منصور بن الشيخ محمد بن الشيخ علي المحتصر ، ولد عام ١٢٩٨ من قبيلة بني سعيد في المنتفك ، وصفته المصادر : بأنه من العلماء الفقهاء الثقاة ، حضر على أعلام الحوزة العلمية النجفية ، منهم الشيخ محمد كاظم الخراساني في الاصول ، والسيد محمد كاظم اليزدي في الفقه ، وكذلك من أساتذته الشيخ علي الشيخ باقر الجواهري ، توفي عام ١٣٥٥ ه ودفن في الصحن الحيدري في النجف. ترجمه : الشيخ محمد حرز الدين ـ معارف الرجال ٣ / ٢٥ ـ ٢٦ ، والفتلاوي ـ المصدر المتقدم : ٣٥٨ ـ ٣٥٩.
(11) حسن الأسدي ـ ثورة النجف : ٩١ / طبع دار الحرية للطباعة ١٩٧٥.
(12) الشيخ حسن الشيخ علي الأخ الأكبر للشيخ الحلي ، ولد في النجف عام ١٣٠٥ ه ونشأ على أبيه العالم الجليل ، وغيره من الأجلاء ، واختلف على أندية أعلام الأدب ، وقرض الشعر وأجاد فيه وأبدع ، وكان شديد الملازمة لحضور نادي العلاّمة السيد محمد سعيد الحبوبي ، توفي ١٣٣٧ ه انظر ترجمته : الطهراني ـ طبقات البشر في القرن الرابع عشر ٤٠٤ ، ومحمد علي اليعقوبي ـ البابليات : ٣ / ق ٢ / ٢٨ طبع النجف المطبعة العلمية ١٣٧٣ ه.
(13) محمد علي اليعقوبي ـ البابليات : ٣ / ق ٢ / ٢٩ طبع النجف المطبعة العلمية ١٣٧٣ ه.
(14) حديث شخصي مع سماحة السيد محمد سعيد الحكيم.
(15) انظر حسن الأسدي ـ المصدر المتقدّم : ١٠.
(16) انظر رشيد خيون ـ المصدر السابق : ٥.
(17) حسن الأسدي ـ ثورة النجف : ٩ ـ ١١ طبع بغداد دار الحرية للطباعة ١٩٧٥.
(18) الأسدي ـ المصدر السابق : ١١.
(19) انظر الأسدي ـ المصدر المتقدم : ١١ ـ ١٢.
(20) حرز الدين ـ المصدر المتقدم ١ / ٢٨٦ ، وراجع : الأمين ـ أعيان الشيعة ٦ / ٥٤ وخيون ـ المصدر المشار إليه : ٢١٢.
(21) الشيخ فضل الله بن عباس النوري المولود في إيران عام ١٢٥٨ ه هاجر إلى العراق ، وسكن في النجف ، ودرس فيها ، وعاد إلى إيران ١٣٠٠ ه ، وأقام في طهران ، وكان علما من أعلام الإسلام ، واستنكر أعمال رجال المشروطة وعارضهم ، فالقي القبض عليه وحاكموه فحكم بالإعدام ونفذ فيه الحكم سنة ١٣٢٧ ه ودفن في قم. انظر ترجمة : حرز الدين ـ المصدر السابق ٢ / ١٥٨.
(22) الشيخ باقر بن عبد المحسن الاصطهباناتي الشيرازي ، وصفته المصادر بأنه فقيه عالم ، حكيم محقق في العلوم العقلية والنقلية ، هاجر إلى النجف عام ١٣٠٣ ه ثم انتقل إلى سامراء للالتحاق بالسيد ميرزا محمد حسن الشيرازي ، وكان من المقربين له ، وبعد وفاة السيد عاد إلى النجف ، وانشغل بالدرس والتدريس ، وعاد إلى موطنه شيراز ، وصادف فيها أحداث المشروطة وقتل فيها عام ١٣٢٦ ه. انظر ترجمة حرز الدين ـ المصدر السابق ١ / ١٢٩ ـ ١٣٠.
(23) عزّ الدين بحر العلوم ـ بحوث فقهية : ١٨٥ ـ ١٨٦.
(24) عزّ الدين بحر العلوم ـ المصدر المتقدم : ١٩١.
(25) عزّ الدين بحر العلوم ـ المصدر المتقدم : ٢٤٦.
المصدر: مقدمة كتاب أصول الفقه للأصولي الشهير آية الله الشيخ حسين الحلي “ره” ، – دراسة عن حياة آية الله العظمى الشيخ حسين الحلي قدسسره – أعدّها : العلاّمة الدكتور السيد محمد بحر العلوم.