الاجتهاد: يتحدث الكتاب عن استراتيجية تيار أنصار الشريعة المتمثلة في السيطرة على 400 مسجد بما في ذلك مسجد الفتح الذي يُشكل نقطة التقاء في قلب مدينة تونس، والسيطرة على الأحياء الشعبية، والاندساس والاختراق للأجهزة الأمنية وتشكيل خلايا نسائية لاستقطاب الرجال العاملين في الأمن والجيش(ص42 – 48). ويرى الكاتب أن السلفية التكفيرية العنيفة في تونس شهدت تمددا بفضل الخيمات الدعوية التي كانت تقام أسبوعيا والاجتماعات الألفية الكبرى التي عقدها التيار.
صادر كتاب “السلفية التكفيرية العنيفة في تونس من شبكات الدعوة إلى تفجير العقول” عن الدار التونسية للكتاب سنة 2020 لأستاذ التاريخ السياسي المعاصر والراهن في جامعة منوبة التونسية الدكتور عبد اللطيف الحناشي. ويحتوي على 398 صفحة بما في ذلك الملاحق والمصادر والمراجع.
– تقديم الكتاب قام به العميد المتقاعد مختار بن نصر الذي اعتبر أنه يبدد شيئا من الحيرة التي سكنتنا على مر العقود حول هذا الكمّ الهائل من العنف المنتشر في مجتمع مسلم يفترض أن يعمه السلام والتآخي والتآلف والتحابب .
في المدخل النظري للكتاب اعتبر الباحث عبد اللطيف الحناشي أن السلفية التكفيرية العنيفة الحديثة بدأت مع تيار الإسلام السياسي الذي أسسه حسن البنا الذي «وظّف الدين في السياسة، وادّعى أن الإسلام مصحف وسيف، ومهّد بذلك الطريق أمام انبعاث ما يسمى السلفية الجهادية، التي اتخذت تَشكُّلها على يد سيد قطب» (ص 23 من الكتاب).
ثم يتحدث الكاتب عن عولمة «الجهاد» في فترة لاحقة على يد أسامة بن لادن مؤسس تنظيم القاعدة. وقد تَبَنّتْ داعش بعده أيضا عولمة الجهاد ولكن بأكثر تفصيل وبأسلوب أكثر عنفا.
ويمكن أن نُقسّم الكتاب إلى محوريْن: السلفية التكفيرية العنيفة قبل 2011 ثم السلفية التكفيرية ببن 2011 – 2020.
1. السلفية التكفيرية العنيفة قبل 2011 :
يَعتبر الكاتب أن هناك عوامل خارجية وأخرى داخلية ساهمت في بروز السلفية التكفيرية في تونس. وتتمثل العوامل الخارجية بالخصوص في عدم تطوير الفكر الإصلاحي الذي ظهر منذ القرن 19، وفشل التجارب التنموية وتجربة التحديث في العالم العربي. أما العوامل الداخلية فأبرزها فشل التجارب الاقتصادية مع دولة الاستقلال بالانتقال من رؤية اشتراكية في الستينات من القرن العشرين إلى رؤية ليبرالية اقتصادية في السبعينات لم تتبعها ليبرالية سياسية حيث هيمن الحزب الحاكم على البلاد مدة عقود.
وزيادة على ما ذكره الكاتب نشير أيضا إلى أن المؤسسة الدينية الرسمية كانت منخرطة بشكل مطلق في سياسة الحزب الحاكم، فكان غياب صوت المعارض السياسي والمعارض الديني والمعارض الاقتصادي والمعارض الثقافي والحقوقي أحد الأسباب في تراكم مشاعر الإحباط بالنسبة للسياسيين، وشعور النقمة لبعض التيارات الدينية التي انجذبت إلى شعارات الثورة الإيرانية كما يقول الكاتب، وأصبحتْ ترى الخلاص في نمط مجتمعي معين ورؤية دينية لا تتفق مع رؤية المؤسسة الدينية الرسمية.
ويرى الكاتب أن اندلاع حرب أفغانستان والشيشان وانتصار الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر في الانتخابات البلدية سنة 1990 ساهمت في بلورة تيار ديني يُكفّر من لا يلتزم برؤيته، ويحمل السلاح للانتصار لمبادئه، ومن هنا انتقل التيار السلفي من التكفير النظري إلى التصفية الجسدية فأصبح تيارا سلفيا تكفيريا عنيفا.
ويعتبر الكاتب عبد اللطيف الحناشي أن هناك عمليات إرهابية حصلت في تونس وتُنسب لهذا التيار قبل 2011 ومن أبرزها تفجير في فنادق سياحية بمدينتي سوسة والمنستير في صائفة 1987 راح ضحيتها عدد من السيّاح الأجانب في أواخر عهد الرئيس بورقيبة، وعملية إرهابية في مدينة جربة السياحية سنة 2002 تمثلت في هجوم واعتداء على كنيس يهودي أودى كذلك بحياة العديد من السياح الأجانب.
وأهم عملية كانت في مدينة سليمان القريبة من العاصمة وقعت في ديسمبر 2006 إلى بداية جانفي/ يناير 2007 تمّ فيها القضاء على العديد من عناصر هذا التيار واعتقال البعض منهم. وهذه المجموعة هي التي ستشكل نواة تنظيم أنصار الشريعة بعد ثورة 2011 عند مغادرتها للسجن إثر صدور مرسوم العفو التشريعي العام في 19 فيفري 2011. ويعتبر الكاتب أن هذه المجموعة سيكون لها شأن كبير في نشر مبادئ السلفية التكفيرية العنيفة محليا وإقليميا وقد خصص الكاتب حوالي 40 صفحة عن هذا التيار قبل 2011.
2. السلفية التكفيرية العنيفة في تونس بعد 2011:
يرى الكاتب أن السلفية التكفيرية العنيفة لئن ظهرت قبل 2011 فإن مرحلة قوتها تزامنت مع تراخي السلطة الحاكمة كما يقول الكاتب (ص202) وهي حركة النهضة وحلفاءها آنذاك.
ويتحدث الكتاب عن استراتيجية تيار أنصار الشريعة المتمثلة في السيطرة على 400 مسجد بما في ذلك مسجد الفتح الذي يُشكل نقطة التقاء في قلب مدينة تونس، والسيطرة على الأحياء الشعبية، والاندساس والاختراق للأجهزة الأمنية وتشكيل خلايا نسائية لاستقطاب الرجال العاملين في الأمن والجيش(ص42 – 48).
ويرى الكاتب أن السلفية التكفيرية العنيفة في تونس شهدت تمددا بفضل الخيمات الدعوية التي كانت تقام أسبوعيا والاجتماعات الألفية الكبرى التي عقدها التيار على غرار اجتماع سكرة بالعاصمة واجتماع القيروان في ماي 2012 الذي جمع خمسة آلاف مشارك.
ويعتبر أن هذا التيار التكفيري العنيف تَفرَّع لاحقا إلى تنظيمين كبيرين: أنصار الشريعة المرتبط بالقاعدة وجُنْد الخلافة المرتبط بالدولة الإسلامية (داعش).
1. أنصار الشريعة : سلفية تكفيرية مُسَيَّسة
يُورد مؤلف الكتاب النص التأسيسي لتيار أنصار الشريعة الذي ظهر لأول مرة سنة 1994 على يد أبو حمزة المصري (المحكوم حاليا بالمؤبد في أمريكا سنة 2015) ويذكر أن بن لادن فَكَّر في أن يُغير اسم القاعدة باسم أنصار الشريعة ويكون لها فروع في العالم (ص56)، لكن ذلك لم يحصل وبقيت أنصار الشريعة أحد فروع القاعدة.
ويُعتبر أبو عياض واسمه الحقيقي سيف الله بن حسين، الرجل الأهم في هذا التنظيم (خرج مُتخفّيا من تونس ويقال أنه قُتل لاحقا من طرف قوات فرنسية في مالي في فبراير 2019 وصدر بيان عن مقتله بعد سَنة من طرف تنظيم القاعدة في 27 /02 /2020)،
وقد حرص أبو عياض في تعامله مع حركة النهضة كحزب حاكم، على أن يتعامل معها كتيار إسلامي مستقل ويرفض التعامل معها كحكومة لأنها لا تمثل في رأيه الإسلام (ص61)، ولعل ذلك ما جعله يتحلل من أي التزام بقوانين الحكومة عندما ما رفع المشاركون في اجتماع القيروان سنة 2012 شعار «كلنا أسامة بن لادن» ونقلت ذلك معظم تلفزات العالم ولم تتخذ حكومة الترويكا آنذاك أي إجراء عقابي ضد هذا التيار ولكنها اضطرت لاحقا إلى تصنيفه كتيار إرهابي بعد أن اتهمت عناصره بالاعتداء على السفارة الأمريكية في سبتمبر 2012. ويذكر الكاتب أن قيادات من حركة النهضة اعترضت على تصنيف أنصار الشريعة كتيار إرهابي مثل الصادق شورو(ص63 من الكتاب).
2. السلفية التكفيرية العنيفة بتونس: التوزع الجغرافي والمهني – الكتائب والموارد.
يؤكد الكاتب أن معظم القياديين في أنصار الشريعة تتراوح أعمارهم بين 20 – 29 سنة وغالبيتهم من ذوي المستوى الدراسي الضعيف ومستواهم المهني محدود ما عدا أقلية منهم (ص172). وبخصوص توزعهم الجغرافي يُورد الكاتب أن 77 % من المتهمين بالإرهاب ينحدرون من تونس الكبرى والقصرين ومدنين حسب دراسة لعَيّنة من المعتقلين، وبخصوص المهن فإن حوالي 70 % منهم عاطلون وعمال غير قارين وتجار صغار، ويرى أن الأحياء الشعبية مناطق آمنة للعناصر القيادية وتُشكل حاضنة اعتبارا للظروف الاجتماعية (ص183).
ويشرح أسباب التحاق عناصر هذا التيار ببؤر التوتر بالاستفادة من مرسوم العفو التشريعي للبعض، وخطاب تحريضي لعدد من الأئمة، والدعاية الدينية المُرَكّزة ضد النظام السوري (ص 179) وذكر أن شبكات التسفير استفادت من تراخي السلطة التي كانت بيد حركة النهضة آنذاك، وبتدفّق مبالغ مالية ضخمة لجمعيات خيرية أجنبية وبارتفاع عدد خلايا التسفير إلى سوريا (708 خلية بين 2013 – 2017) تمّت الإطاحة بها (ص 202).
وأن أكثر من 20 جمعية خيرية مَوَّلت التسفير بمبالغ وصلت إلى 10 ملايين دينار إلى غاية 2017 (ص 205). كما تحدث الكتاب عن أنّ إقليم الساحل (سوسة- المنستير – المهدية) الذي أصبح منطقة هامة للتسفير. ولذلك يرى الكاتب أن التطرف الديني ليس نتاج الفقر والبطالة فقط بدليل أن إقليم الساحل الذي تقل فيه البطالة والفقر عن المناطق الداخلية كان مُزَوّدا هاما للمقاتلين
ويرجع ذلك إلى أن هذا الإقليم انتشرت فيه الحركات الإسلامية بكل تياراتها منذ عقود (ص 213) لكنْ ما يلفت النظر بالنسبة للمقاتلين التونسيين بالخارج هو أنّ ترتيبهم في نسبة الانتحاريين في الخارج يأتي في المرتبة الثالثة (ص 224) وهذا يستدعى دراسة نفسية وسوسيولوجية في حد ذاتها لأن الإقبال على الموت بهذه الطريقة ربما يتعلق بنوع من التأطير الديني الذي حصل عليه قبل الخروج من تونس وبعوامل نفسية مُكمّلة. والسؤال المطروح هل أن العائدين من بؤر التوتر الذين دخلوا إلى البلاد مؤخرا فيهم الكثير من هذا الصنف أم لا ؟
3. جند الخلافة وتمدد الدولة الإسلامية (داعش) بعد 2014
– يرى الكاتب أن ظهور داعش في تونس عَبْر جند الخلافة في 2014 جاء نتيجة انشقاق عن كتيبة عقبة بن نافع التابعة للقاعدة (انظر أهم الكتائب ص ص 73-95) وقد تزامن أمر ذلك مع إعلان أبي بكر البغدادي عن قيام خلافة داعش في 29 جوان 2014 ولم يكن هذا الانشقاق داخل الكتائب خاصا بتونس بل ظهر كذلك في بلدان شمال إفريقيا وبالمشرق العربي.
ويمكن القول أنه منذ ظهور داعش خَفَتَ بريق أنصار الشريعة وسائر التنظيمات الأخرى المرتبطة بالقاعدة. ويعلل بعض الباحثين ذلك بأن أسلوب داعش القائم على التحدي والقسوة في القتل (حرق، دهس، طعن، الخ) وامتلاكها لموارد مالية وأراضي شاسعة، وتفوّقها في الدعاية الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي وتواطؤ بعض الأجهزة الاستخباراتية الأجنبية معها جعلها الرقم الأول دون منازع عالميا في ما تسميه داعش بالجهاد المسلح. وفي تونس انشقت بعض العناصر عن أنصار الشريعة وانضمت لداعش، وكانت لها بصماتها في عديد العمليات الإرهابية الكبيرة في تونس لعل أبرزها عملية باردو بالعاصمة التونسية (مارس 2015) وعملية بن قردان (مارس 2016) بالجنوب التونسي.
4. المرأة في تنظيم السلفية التكفيرية العنيفة بتونس.
يتحدث الكاتب عن أن الجهاد لم يكن مفروضا على المرأة حسب الفقه التقليدي وأن أبا مصعب الزرقاوي هو مَنْ أباح للنساء القيام بعمليات إرهابية واعتبر أنّ الجهاد أصبح فرض عين بالنسبة لها (ص 227). وبالنسبة للنساء التونسيات الملتحقات ببؤر التوتر فيذكر أن هناك تضاربا في الأرقام الصادرة سنة 2015 داخل نفس الحكومة (300 حسب وزارة الداخلية و700 حسب وزارة المرأة) (ص230).
ويذكر أن 40 % من مواقع التطرف تديرها نساء أعمارهن بين 18 و25 سنة. ويتحدث عن دور الخيمات الدعوية في شحن عقول الفتيات بلباس الحجاب والجهاد، ودور الفتاوي وشبكات التسفير في استقطابهن ويورد أن أكبر شبكة تسفير نسائية توجد بمدينة قابس بالجنوب التونسي (ص ص 233-234) وبخصوص جهاد النكاح يذكر الكاتب أن مفتي تونس تحدث عن 16 فتاة تونسية ذهبن إلى سوريا من أجل جهاد النكاح (ص242).
وفي الفصل 13 يتحدث الكاتب عن العائدين من بؤر التوتر وكيفية التعامل معهم ويذكر أن رئيس حركة النهضة اقترح في 2015 إصدار قانون التوبة بشرط التخلي عن الأفكار الهدامة الذي يراه حلا وحيدا لإقناع الجهاديين بالإقلاع عن التطرف (ص265) لكن معظم التيارات السياسية رفضت هذا المقترح.
هـ. أهم الكتائب المرتبطة بالسلفية التكفيرية العنيفة بتونس.
يذكر الكاتب (ص ص73 – 95) أن هناك 12 كتيبة موزعة بين تنظيمات تابعة للقاعدة وداعش: المبايعون على الموت (أسسها أحمد الرويسي) وكتيبة البتار تأسست في أواخر 2012 في سوريا بها تونسيون وهي مورطة في عمليات باردو وسوسة وبن قردان. وفي 2014 تأسست كتيبة جند الخلافة التابعة لداعش بعد حصول انشقاق في كتيبة عقبة بن نافع (المرتبطة بالقاعدة)، بالإضافة إلى تأسيس كتائب داعشية أخرى ذات صبغة جهوية مثل كتيبة الدولة الإسلامية بالقصرين وكتيبة طارق بن زياد الخ (ص ص 73 – 95).
ويذكر الكاتب أن هذه الخلايا تتدرب في معسكرات محلية (نتيجة ضعف الدولة) وإقليمية معتبرا أن السلفية التكفيرية العنيفة مسؤولة عن اغتيال عديد الشخصيات السياسية والأمنية (ص ص133 – 137).
وفي خاتمة الكتاب تحدث المؤلف عبد اللطيف الحناشي عن انتشار الخلايا والكتائب السلفية التكفيرية العنيفة على كامل تراب الجمهورية التونسية وإن كان ذلك بتفاوت (ص281).
– ملاحق هامة
وتحتل 48 صفحة تضمنت بالخصوص ابرز العمليات الإرهابية بين 2011- 2020، كما اشتملت على بيانات شيوخ السلفية ووثائق عن بعض مخازن السلاح، وملحق عن مؤتمر علماء المسلمين لنصرة سوريا.
3. ملاحظات واستنتاجات
– إن حدوث أكثر من 70 عملية إرهابية في تونس بين 2011 – 2020 يؤشّر إلى أن السلفية التكفيرية العنيفة لم تكن لتقوم بمثل هذه العمليات لولا تراخي السلطة وتواطؤ بعض الأجهزة.
– يمكن القول أن فترة ما يسمى بالربيع العربي سمحت لتيار السلفية التكفيرية العنيفة بإعادة التشكُّل من جديد تحت أعين السلطة الحاكمة آنذاك، ومن تجنيد آلاف التونسيين للقتال في سوريا والعراق وليبيا، كما تورّط هذا التيار في قتل العديد من السياسيين والمدنيين والأمنيين والعسكريين في تونس. وقد تشكلت في 2017 لجنة تحقيق برلمانية للبحث في ملف تسفير التونسيين للقتال في بؤر التوتر، ولا تزال أعمال اللجنة تُراوح مكانها لحد الآن.
– إن التحالف بين الإسلام السياسي والسلفية التكفيرية العنيفة كان مبكرا ويظهر ذلك من خلال الفيديو الموجود في اليوتيوب ( نُشر على قناة نسمة ويوجد مقال حول مضمون الفيديو في موقع فرنسا 24 بتاريخ 11 أكتوبر 2012) الذي جمع رئيس حركة النهضة بقيادات من التيار السلفي يحثهم فيه على الإسراع بإنشاء مؤسسات ومدارس وجامعات لأنهم لا يتحكمون بَعْدُ في الجيش والشرطة).
وعندما أصبح هذا التيار متمكنا من الحكم حصل اختراق للأجهزة الأمنية ويتحدث الكاتب ص 50 من الكتاب عن تورط أمنيين في استخراج 174 جواز سفر لأشخاص سافروا للقتال في سوريا. ودخلت كميات هامة من السلاح عن طريق المهربين وقد تمّ الكشف عن بعض مخازن السلاح بمناسبة عملية بن قردان الإرهابية في مارس 2016). والسؤال المطروح لماذا لم تقدم حركة النهضة نقدها الذاتي إلى اليوم على ما ورد في الفيديو المذكور آنفا؟ ونتمنّى أن تفعل ذلك لتُثبت أنها تخلت نهائيا عن هذه المواقف.
– إن ملف الجمعيات الخيرية والدعوية في تونس بعد 2011 ملف شائك، والدراسات حوله قليلة (انظر بحث مطول، أعلية علاني، في إطار كتاب جماعي بعنوان: مكافحة الإرهاب، المفاهيم، الاستراتيجيات، النماذج، عنوان المقال: التيارات الإسلامية الراديكالية في تونس أنصار الشريعة، منشورات مركز المسبار للدراسات والبحوث، يونيو/ جوان 2015، ص ص 105 – 130) وتنادي بعض جمعيات المجتمع المدني بإعادة النظر في قانون الجمعيات ومراقبة تمويلاتها وبرامجها تفاديا لما حصل مع مدرسة الرقاب بولاية سيدي بوزيد. ويُعَدّ هذا الكتاب إحدى الوثائق العلمية في تسليط الأضواء على بعض المسائل المتعلقة بتطور ظاهرة الراديكالية والتطرف العنيف التي شهدتها تونس بعد 2011.
– يمكن القول أنه لا توجد لحدّ الآن استراتيجية حكومية واضحة في التعامل، مع العائدين من بؤر التوتر، ومع حوالي ثلاثين ألف تونسي وتونسية مُنعوا من السفر والالتحاق ببؤر القتال، ومع المعتقلين المحليين المنتمين إلى خلايا نائمة تنتمي للسلفية التكفيرية العنيفة داخل البلاد ويصل عدد هؤلاء المعتقلين إلى حوالي الألفين،
علما وأنّ الطريقة المعتمدة حاليا تقتصر على المقاربة الأمنية، وهي غير قادرة لوحدها على مكافحة التيارات المتشددة بل لا بد من تفكيك الخطاب التكفيري العنيف والقيام بعملية تأهيل شاملة، ضمن برنامج مفصل لتقليص مخاطر الجنوح إلى العنف باسم الدين وقد تعرّضنا إلى بعض ملامح هذا البرنامج في مقالات منشورة (انظر 13 مقالا قصيرا للباحث اعلية العلاني بصحيفة الشروق التونسية بين 25 سبتمبر 2020 و18 ديسمبر 2020 حول تأهيل تيارات التطرف العنيف)
– وأخيرا نتساءل هل يمكن القول أن سياسة التوافق بين الرئيس الأسبق الباجي قايد السبسي وراشد الغنوشي أدت إلى تحييد تيار السلفية التكفيرية العنيفة في تونس أم جعلتها تُعيد التشكّل في السرية من جديد؟
– وإجمالا فإن كتاب الأستاذ عبد اللطيف الحناشي من الدراسات العلمية الأكاديمية القليلة حول هذا التيار جدير بالقراءة، وهو كتاب غنيّ من حيث التوثيق والتوصيف والتحليل لفهم هذه الظاهرة.
(أعلية العلاني – المغرب)