الشيخ مرتضى الأنصاري - شبيري الزنجاني

سلوك الشيخ مرتضى الأنصاري وعرفانه في كلام المرجع الديني شبيري الزنجاني

الاجتهاد: كان الشيخ مرتضى الأنصاري فقيها بارعا و أصوليّا مدقّقا، مدرّسا كبيرا، مربّيا لجيل كبير من التلاميذ، و مديرا للحوزة، و مجيبا للأسئلة الفقهية التي ترد إليه يومذاك من كافة أنحاء البلاد الإسلامية، و كلّ ذلك لم يمنعه من تزكية النفس عن طريق التتلمذ في الأخلاق و العرفان على السيّد علي الشوشتري الذي كان من أحفاد السيد نعمة اللّه المحدّث الجزائري.

إنّ السيد بعد ما أكمل دراسته في النجف ارتحل إلى تستر و انصرف إلى التدريس و قضاء حاجات الناس و تقلّد القضاء فيها.

في إحدى الليالي طرق باب بيته شخص يدعى ملا قلي جولاء و قال له:

هذا الطريق الذي تسلكه يوصلك إلى جهنم. يتعجب السيد و يقول في نفسه: كيف يكون الطريق الذي يرشد الناس و يعلمهم و يقضي بينهم بالحق موصلا إلى جهنم؟بعد عدّة ليالي تكرر الحادث إذ طرق الباب نفس الشخص و قال أيضا: ألم أقل هذا الطريق يوصلك إلى جهنم؟و قال: إنّ الدعوى الفلانية التي قدّمت إليك مجعولة، و الملك المتنازع عليه وقف و سند وقفه في المكان الفلاني، فذهب السيد علي في اليوم التالي إلى المكان الذي ذكره ملا قلي و هدم جزءا من الجدار و أخرج سند الوقف.

و بعدها يقول ملا قلي للسيد: اذهب إلى النجف و اسكن هناك.

فذهب السيد إلى النجف و بقي إلى آخر حياته و كان يحضر درس الشيخ.

كان الشيخ مرتضى الأنصاري والسيد صديقين حميمين لا يفترقان و لم يعلم بين حفظه الناس ايّهما كان أكثر عرفانا و مقدّما على صاحبه حتّى توفّي الشيخ، فعند تشييع جنازته كان السيد متألما كثيرا و لم يقرّ له قرار وقال: بكائي على تلك الأشياء التي كانت في صدر الشيخ و لم يجد أحدا يودعها.

حكى العلاّمة الحجّة السيد موسى الشبيري-دام ظلّه-عن المرحوم ملا علي الهمداني قدّس سرّه و هو يحكي بواسطة عن ملا حسين قلي الهمداني الذي كان أحد تلامذة السيد علي التستري، القصة التالية:

وقفت على أنّ الشيخ يذهب في كلّ أسبوع إلى بيت و يمكث فيها ساعة ثمّ يخرج، فتتبّعته فرأيت أنّه يذهب إلى بيت السيد علي التستري، ثمّ إنّي دققت الباب و استجزت لأمر الخيرة، فأذن لي فرأيت أنّ السيد يعظ و الشيخ يسمع، فلما أنهى وعظه قام الشيخ من المجلس و شايعه السيد علي باحترام بالغ.

ثمّ إنّي استجزت من السيد أن أشارك في هذا الدرس الذي ملقي في كل أسبوع ساعة، فقال السيد: إنّ الشيخ الأنصاري أحد الزعماء و لا يسعه الوقت للحضور باستمرار، و بامكانك أن تأتي في أي وقت شئت.

ثمّ يقول: ذهبت يوما إلى بيت السيد علي فرأيت جماعة من التلاميذ التفوا حوله و هو يعظهم و يرشدهم إلى منازل الكمال و كسب الفضائل.

 

المصدر: كتاب: الشيخ الأنصاري ، رائد النهضة العلمية الحديثة لآية الله الشيخ جعفر السبحاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky