الاجتهاد: مع اقتراب مصر من سن قانون جديد للأحوال الشخصية وقيام هيئة كبار العلماء بمشيخة الأزهر بصياغة النسخة الجديدة وتقديمها للبرلمان لإقراره، تصاعد الجدال بين مؤيدي ومعارضي القانون.
وانتقد كٌتاب ونواب ليبراليون قيام الأزهر بإعداد مواد القانون الذي ينظم أحوال العلاقات داخل الأسرة المصرية والزواج والطلاق، وانتقدوا مما اسموه “الدولة الدينية”، وعدم أحقية الأزهر بالتشريع.
بالمقابل، انتقد علماء ونشطاء الحملة ضد الأزهر، مشيرين لرغبة معارضي القانون في إدخال مواد تتعارض مع الشريعة الإسلامية.
وردا على الانتقادات، قال شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في مقال له إن الأزهر قام بإعداد مشروع القانون “انطلاقا من واجبه الشرعي” مشيرا أنه حين يكون الوضع متعلقا بقوانين مصدرها القرآن والسنة والشريعة الإسلامية التي هي المصدر الوحيد الذي يمكن أن تنطلق منه أحكام الأحوال الشخصية لا يصح أبدا ولا يقبل أن يترك الحديث فيها لمن هب ودبّ”.
قصة القانون
في 18 أكتوبر 2017، أصدر شيخ الأزهر قرارًا بتشكيل “لجنة لإعداد مقترح مشروع قانون لتعديل بعض أحكام القوانين المصرية المتعلقة بالأحوال الشخصية، لتقديمه للبرلمان.
أحالت اللجنة الدينية في البرلمان مشروع القانون المعروضة عليها إلى الأزهر لاستطلاع الرأي الشرعي فيها، باعتباره الفيصل في الرأي الشرعي فيما يخص مسائل الزواج والطلاق والنفقة وغيرها.
لأن مشروعات القوانين والمقترحات قدمها نواب البرلمان ومنظمات نسائية جاءت مخالفة للشريعة الإسلامية، قرر شيخ الأزهر أن تكلف هيئة كبار العلماء بوضع مشروع قانون متكامل من جانب الأزهر وتجاهل المشاريع الأخرى.
صاغت لجنة خاصة بقرار من شيخ الأزهر القانون بعد قرابة 30 اجتماعا، ثم تم الإعلان عن مشروع القانون الشهر الجاري.
رد الأزهر على المعارضين
أطلق معارضون للأزهر تصريحات تنتقد مشروع القانون بدعوى أن دور الأزهر ليس سن القوانين ورأيه “استشاري غير ملزم”.
الدكتور أحمد الطيب قال في مقال إن اتهام الأزهر باتخاذ موقف متحيز مع المرأة ضد الرجل، هو شهادة على أن الأزهر يقف إلى جانب الضعيف لأن المرأة “بنسب متفاوتة مظلومة”، والأزهر يقف بجانبها.
الطيب قال في تصريحات لجريدة صوت الأزهر إن الأزهر أعد مشروع قانون الأحوال الشخصية للأسرة “انطلاقًا من واجبه الشرعي، وحقه الذي يخصه وحده في هذا الأمر”.
الطيب: “الأزهر ليس جهة تشريع ولا إقرار قوانين عامة، ولا دخل لنا بالتشريعات ولا الأمور السياسية أو البرلمانية”.” لكن حين يكون الوضع متعلقا بقوانين مصدرها القرآن والسنة والشريعة الإسلامية، لا يصح أبدًا ولا يُقبَل أن يترك الحديث فيها لمَن هَبَّ ودَبَّ”.
الطيب: “يجب عُرفا ودستورا وقانونا أن يُترك الأمر للعلماء الشرفاء الذين لا تغريهم الأضواء أو البحث عن أعراض الدنيا الزائلة”.
الطيب: “حين يتصدى الأزهر لمشروع قانون الأحوال الشخصية كمشروع قانون فهو يزاول عمله أو واجبه الأول بحكم الدستور وبحكم القانون وحتى بحكم العامة، لأن العامَّة لا تقبل أن يقنن لها مَن لا علم له بشريعته أو بأمور الأسرة من زواج وطلاق وميراث وغيرها”.
رأي المعارضين للقانون
مؤسسة قضايا المرأة، قالت في بيان، إن “مشروع القانون المقدم من الأزهر، لم يراع مبادئ العدل والمساواة والإنصاف، ونصوص الدستور والاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها مصر وحقوق المرأة بشكل خاص”.
المؤسسة، المعنية بحقوق المرأة، وصفت قانون الأزهر بأنه “يعد تكريسا لسلب حقوق المرأة”.
الإعلامي إبراهيم عيسى قال في تغريدة على تويتر:
من كلف الأزهر بوضع قانون الأحوال الشخصية الذي جاء قانونا راكبا جملا من العصر الأموي ! يسمح القانون الازهري للأب بفسخ زواج الابنة لو زوجت نفسها ولم يعجبه المهر أو الزوج ، ويسمح بزواج القاصرات بإذن القاضي ويسمي الزواج ب( النكاح ) لكن الحمد لله لا يسمي القانون الزوج ب( البعل )
لنائب في البرلمان محمد أبو حامد قال في تغريدة على تويتر:
من الآخر كده و بخصوص إشكالية قانون الأحوال الشخصية و الأزهر أظن يجب علينا جميعاً أن نفكر في هذا السؤال / هل الأزهر الشريف مؤسسة من مؤسسات الدولة المصرية و يخضع كما تخضع جميع المؤسسات للدستور و القانون أم إنه يظن أنه فوق الدولة و الدستور و القانون و يعمل و كأنه دولة داخل الدولة ؟
الدكتورة آمنة نصير، عضو مجلس النواب، وأستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، هاجمت القانون قائلة إن “الأزهر ليست من مسئولياته التشريع، وإنما تأكده من عدم مخالفة أي تشريعات للشريعة الإسلامية بعد الموافقة عليها في المجلس”.
رأي مؤيدي القانون
أيد بعض النواب وفقهاء دستور وحقوقيون قانون الأزهر، حيث قال الناشط جورج ميلاد:
شايف هجوم من العلمانيين علی قانون الأحوال الشخصية للأزهر(أنا رافض التعليق لأني غير مسلم ومش حابب يبقي فيه حساسية).بس حابب افكركم أن أيام مرسي كنا بنحتمي ف(وسطية الأزهر)من عاصم عبد الماجد ووجدي غنيم.عرفتوا فرق طموح الحريات الشخصية بين الدولة العسكرية والدينية؟
النائب شكري الجندي، عضو لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، قال إنه “يحق للأزهر الشريف كمؤسسة من مؤسسات الدولة التقدم بالقوانين كيفما، لأن الأزهر مؤسسة من مؤسسات الدولة وممثل للحكومة ولها رؤيتها فيما يتعلق بالقوانين المتعلقة بالشريعة”.
النائب أحمد حلمي الشريف، وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، أكد أيضا أن “من حق الأزهر الشريف تقديم القوانين للبرلمان، وله أيضاً حق النظر في النصوص والمواد التي تتصل بالشريعة الإسلامية في إطار اختصاصاته”.
النائب ضياء الدين داود، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، أوضح أن هناك بعض الأمور المتعلقة بالشريعة الإسلامية كالحضانة والنفقة والطلاق والزواج وغيره متعلقة بالشريعة الإسلامية والمرجع الأول لها هو الأزهر الشريف.
الدكتور رأفت فودة، أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة، شدد على أن “للأزهر الحق بأن يتصدر وأن يبدى رأيه في الأمور المتصلة بالشريعة الإسلامية وعلى رأسها قانون الأحوال الشخصية”.
الفقيه الدستوري، فؤاد عبد النبي، أوضح أن الدستور المصري نص صراحة في المادة السابعة على أن الأزهر الشريف هو هيئة إسلامية علمية مستقلة، وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ومن ثم يكون رأى الأزهر في قوانين الأحوال الشخصية من صميم عمل الأزهر وكفله له القانون والدستور ورأيه ملزم للبرلمان.