التفسير الأحكامي للفقه والشريعة أضر بنا كثيرا. الفقه ليس أحكاما وإنما شبكة متضامنة متشابكة منظمة لها صلة متينة جدا جدا بالزمان والمكان. حيث تتغير الأحكام بتحول الظروف والزمكانية وأحوال الناس و موقعياتهم.
الاجتهاد: لا يمكن فهم الأحكام لشخص أو حالة بالرجوع إلى الكتاب والسنة فحسب. نعم الكليات منها واضحة انها تُستنبط منهما عبر المنهج العقلي ولكن بيان أحكام الأشخاص والشركات والأشياء بصورة محددة لا يمكن الا بفهم موضوعي محاط بالظروف والأوضاع لها.
عليه ففقه الحالات والمصاديق غير فقه الكليات الاسلامية رغم أن أحكام الأزمنة والأمكنة والظروف والحالات تُقتَبس من تلك الكليات والقواعد العامة.
عليه فنقترح التعامل الثنائي المتاصل بين النص والعقل. حيث يعنى النص بتبيين الكليات الثابتة وفصلها عن المتحلات التاريخية عبر الاجتهاد ويعنى الثاني أي العقل بتحريك تلك القواعد والأحكام الكلية في الحلال والحرام في عوالم وأزمنة وظروف مختلفة عبر العقل المختص الطبي أو الهندسي أو الكيميائي أو السياسي أو الاقتصادي وما إلى ذلك.
بناء على كل ذلك نقول إن الفتوى للحكم الشرعي نوعان. الأول هي الفتوى التي تبين للناس تلك الأحكام والقواعد الملية في الحلال والحرام التي يستنبطها الفقيه من الكتاب والسنة ولاةعلاقة لها بالعلوم الحديثة إلى حد كبير.
كمثال على ذلك حرمة الظلم والسرقة والربا والزنا والغيبة والحسد والافساد والفسق والفتنة والبغي و….هي كلها محرمات لا يحتاج الفقهاء لفهم هذه الأحكام إلى المعاصرة ومعرفة الزمان والمكان إلى حد كبير.
والنوع الثاني هي الفتاوى في حكم المعاصرين من الناس والمجتمعات وتفاصيل حياتهم وظروفهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
هنا إصدار الفتوى يحتاج إلى العقل وما وصل إليه في كل زمان ومكان. فلا يمكن أن يفتي الفقيه بالاستناد إلى المصادر الشرعية الأولى فقط وإنما خبرة الخبراء واختصاص المختصين وإعمال العقل التخصصي هي ركن أساس.
نستطيع القول إن الفقيه دوره يقتصر على الأول أي بيان الأحكام والقواعد والمبادئ الشرعية التي لا تؤثر عليها الظروف المتحولة.
وأما النوع الثاني من الأحكام التي هي عبارة عن تطبيق الكلي على الجزئي والعام على الخاص والمطلق على المقيد والثابت على المتغير هي مهمة العقل والمفتي في الثاني هو العقل وليس الفقيه. نعم لا مشروعية لفتاوى العقل الا إذا انطلقت من فهم فتاوى واحكام الفقيه في الكليات والتزم بها بصورة كاملة.
ثم إن جزءا هاما للفقه هو فقه علاجي أتى لمعالجة بعض الأمراض أو التعقيدات أو الحالات الواقعية الموضوعية. لا يمكن تعميمها بدون فهم هذه المسألة الهامة.
العقد المؤقت هو ليس كالدائم لأنه لحالات خاصة. وإلا ما السبب في تخريب البيت السعيد؟ انت سعيد مع زوجتك و بيتك معمور بالأولاد. الان ما الداعي للعقد المؤقت؟ من السذاجة اعتبارهما عقدا شرعيا ولا اختلاف بينهما الا بالزمان. إنما هناك فارق جوهري آخر وهو في المقصد وفلسفة التشريع.
المؤقت لحالات تقتضي العلاج. هكذا التعدد والطلاق و…من الساطة الحديث عن إباحة الطلاق مطلقا سواء كان هناك من الأدلة المنطقية التي تبرر الطلاق أم لم تكن. طبعا هذا بعيد عن كل قواعد الاسلام بل العقل والضمير السليم؟
أحكام هذه الأمور مرتبطة بقدرتها على معالجة المشكلة وإلا فهي بعيدة عن الحكمة.