الإمام الجواد

الإمام الجواد “عليه السلام” ذروة العطاء وقمة العلم / آية الله السيد محمد تقي المدرسي

الاجتهاد: صفة الكرم والسخاء والجود والمبادرة إلى التصدق في سبيل الله – تعالى – كانت من أهم الصفات البارزة التي تلفت النظر في شخصية الإمام الجواد إلى درجة أن معاصريه اطلقوا عليه لقب (الجواد) لسخائه وكرمه اللا محدودين، هاتان الصفتان ورثهما عن آبائه واجداده عليهم السلام الذين تميزوا من بين سائر خلق الله بسماحة النفس والجود والعطاء.

“وأتيناه الحكم صبيا” تنص الروايات على أن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام أعلن عن امامة ولده الإمام الجواد عليه السلام من بعده وهو (أي الإمام الجواد) لم يتجاوز الربيع الثالث من عمره الشريف، وفي هذا المجال يروي لنا ( صفوان بن يحيى) (رض) عن الإمام الرضا عليه السلام قائلاً:

فقلت للرضا عليه السلام قد كنا نسأل قبل أن يهب الله أبا جعفر فكنت تقول: “يهب الله لي غلاماً فقد وهب الله لك، وأقر عيوننا به فلا ارانا الله يومك فان كان كون فإلى من؟ فأشار بيده إلى ابي جعفر وهو قائم بين يديه، فقلت له جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين! قال: وما يضره من ذلك قد قام عيسى بالحجة وهو ابن اقل من ثلاث سنين).

نعم وما يضره ذلك وهو إمام معصوم مسدد من قبل الخالق – تعالى- تتدفق من فيه الحكمة، ويفوح من سيرته شذى العصمة حتى وان كان طفلاً رضيعاً.

الإمام الجواد اسم على مسمى:

صفة الكرم والسخاء والجود والمبادرة إلى التصدق في سبيل الله – تعالى – كانت من أهم الصفات البارزة التي تلفت النظر في شخصية هذا الإمام إلى درجة أن معاصريه اطلقوا عليه لقب (الجواد) لسخائه وكرمه اللا محدودين، هاتان الصفتان ورثهما عن آبائه واجداده عليهم السلام الذين تميزوا من بين سائر خلق الله بسماحة النفس والجود والعطاء.

وقد روى المهتمون بسيرة الإمام الجواد عليه السلام روايات عنه في هذا المجال تربو على الحصر والعد نذكر منها الروايات التالية على سبيل المثال:
1- روى الصفدي قائلاً: “كان (أي الإمام الجواد ) يبعث إلى المدينة في كل عام بأكثر من الف درهم وكان من الموصوفين بالسخاء، ولذلك لقب بالجواد”. الوافي بالوفيات ج4 ص150.

2- وعن أحمد بن حديد قال: خرجت مع جماعة حجاجاً فقطع علينا الطريق فلما دخلت المدينة لقيت ابا جعفر عليه السلام في بعض الطريق فأتيته إلى المنزل فأخبرته بالذي اصابنا فأمر لي بكسوة واعطاني دنانير، وقال: فرقها على اصحابك على قدر ما ذهب فقسمتها بينهم فإذا هي على قدر ما ذهب منهم لا اقل ولا اكثر “بحار الانوار ، ج12، ص109.

الإمام الجواد عليه السلام في مواجهة الأعداء:

يؤكد لنا التاريخ أن الإمام الجواد عليه السلام كان يتمتع بفضل اخلاقه السامية الرفيعة بقاعدة جماهيرية عريضة وانه كان يحظى بحب الملايين من المسلمين، الأمر الذي حدا بالخليفة العباسي المأمون إلى مداهنته ومصانعته في محاولة منه لعدم اثارة الرأي العام ضده، فكان أول ما فعله في هذا المجال أن بادر إلى مصاهرته من خلال تزويجه ابنته أم الفضل ومنحه المكانة اللائقة به سواء في البلاط ام في خارجه وهو لم يتجاوز العقد الأول من عمره.

كل ذلك ادى إلى اثارة حسد الحاسدين، وبغض الباغضين من رجال السياسة ومن العلماء والقضاة فكانوا يتحينون الفرص من اجل وضع الإمام الجواد عليه السلام في المواقف الصعبة من خلال طرح الاستفتاءات والأسئلة الغامضة الصعبة عليه امام الناس أو امام المأمون في محاولة للنيل منه عليه السلام واسقاطه من عين محبيه ومريديه وتأليب المأمون عليه لكي يسلب منه المزايا التي منحها اياه.

وفي هذا الصدد يروى لنا الشيخ المفيد رحمة الله عليه قائلاً:

“كان المامون قد شغف بأبي جعفر عليه السلام لما رأى من فضله مع صغر سنه وبلوغه في العلم والحكمة والأدب وكمال العقل ما لم يساوه فيه احد من مشايخ أهل الزمان” الأرشاد، 342.

ولقد خرج الإمام عليه السلام من جميع المناظرات التي اقحم فيها مرفوع الرأس، ناصع الجبين فإنقلب السحر على الساحر، وبان فضل الأئمة وجدارتهم بالخلافة للملأ أكثر فأكثر.

وقد سجلت كتب الأحاديث المناظرات المروية عن الإمام الجواد عليه السلام وهي مناظرات طويلة لا يسع المقام لإيرادها هنا ولعل من اشهرها تلك المناظرة التي جرت بينه عليه السلام وبين (يحيى بن اكثم) الذي كان قاضي القضاة آنذاك وسندرج فيما يلي احدى هذه المناظرات القصيرة.

روى الطبرسي (قدس سره) صاحب الاحتجاج قائلاً:
(قال المأمون ليحيى بن أكثم : اطرح على ابي جعفر محمد بن الرضا مسألة تقطعه فيها فقال: يا أبا جعفر ما تقول في رجل نكح امرأة على زنا ايحل أن يتزوجها؟ فقال عليه السلام: يدعها حتى يستبريها من نطفته ونطفة غيره إذ لا يؤمن منها أن تكون قد احدثت مع غيره حدثاً كما احدثت معه، ثم يتزوج بها إن اراد، فانما مثلها مثل نخلة أكل رجل منها حراماً ثم اشتراها فأكل منها حلالا فانقطع يحيى). تحف العقول ، ص335.

من اقواله وحكمه عليه السلام:
(تأخير التوبة اغترار، وطول التسويف حيرة، والاعتلال على الله هلكة، والاصرار على الذنب امن لمكر الله ولا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرين).
“المؤمن يحتاج إلى ثلاث خصال: توفيق من الله وواعظ من نفسه وقبول ممن ينصحه”.
“العفاف زينة الفقر، والشكر زينة البلاء ، والتواضع زينة الحسب، والفصاحة زينة الكلام، والحفظ زينة الرواية ، وخفض الجناح زينة العلم ، وحسن الادب زينة الورع، وبسط الوجه زينة القناعة، وترك ما لا يغني زينة الورع”.

” من وثق بالله واتكل عليه نجاه الله من كل سوء ، وحرزه من كل عدو، ولو كانت المساوات رتقاً على عبد ثم اتقى الله لجعل الله له مخرجاً منها”.
“من اصغى الى ناطق فقد عبده، فان كان الناطق عن الله فقد عبد الله، وان كان الناطق ينطق عن لسان ابليس فقد عبد ابليس “.

المصدر: ( هنا )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky