سياسات تقنين الشريعة

سياسات تقنين الشريعة .. كتاب جديد يصدر عن جامعة شيكاغو

صدرت مؤخرا الترجمة العربية لكتاب أستاذة السياسة والقانون في جامعة كامبردج عزة حسين، تحت عنوان “سياسات تقنين الشريعة : النخب المحلية والسلطة الاستعمارية وتشكل الدولة المسلمة”.
الاجتهاد: ويتناول الكتاب مسألة استجابة المسلمين المحدَثين للتحديات التي خلقتها مواجهة الاستعمار أو “مجابهة الكولونيالية”، وكيف كانت هذه الاستجابة على مستوى العلاقة بين الشريعة والقانون والدولة.

وفي الكتاب الذي صدر عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر ومدارات للأبحاث والنشر، تعقد عِزة حسين مقارنة بين كلٍّ من الهند وماليزيا ومصر، أثناء الحقبة الكولونيالية البريطانية بحسب مقدمة الناشر.

ويحاول الكتاب تتبع أثر تشكُّل وتحول النمط المعاصر من “القانون الإسلامي”؛ وتوضح عزة أن القانون الإسلامي ليس الشريعة فحسب، ولكنه أيضا بُنى مؤسَّسية حاضرة، ومحتوى موضوعي ومعجم رمزي، وعلاقة بين الدولة والمجتمع. أي بكلمات أخرى: يتناول الكتاب سياسات بُنيت من خلال مؤسَّسات نشأت في سياق مجابهة الكولونيالية.

ويسعى الكتاب -الذي صدرت نسخته الأصلية عن مطبعة جامعة شيكاغو- إلى تقديم عرض تاريخي للقانون الإسلامي المعاصر، أو لـ”هجين” النُّظم القانونية الإسلامية المعاصرة، وتحليل مفاوضات النُّخبة حول الدين والدولة والمجتمع خلال الحقبة الكولونيالية البريطانية تحليلا سياسيا، وتأريخ المقاربات الإسلامية المتداوَلة للقانون والدولة والهوية.

وتتخلَّل الكتاب مباحث في العلمانوية والحداثات الكولونيالية والمسلمة، كما يتضمن مباحث في بروز القانون بوصفه أداة للسيطرة، ومباحث أخرى ترتبط بسجالات حادة سادت حقول الدراسات الإسلامية والقانون المقارَن والتاريخ والسياسة المقارَنة.

وطرحت هذه السجالات أسئلة حول كيفية تأسيس سلطة الدولة وإدامتها، وكيفية انتقال القانون من موقع إلى آخر، وجواز القول إن الشريعة لا تزال واقعا حيا في الدولة المسلمة الحديثة، ومعضلة مركزة في القانون الإسلامي، وحصر الشريعة في قوانين الأسرة والشعائر، وكيف أنتجت تلك التحولات في الدولة المسلمة الإطار الذي يتم من خلاله التعبير عن الإسلام اليوم.

الهند ومصر وماليزيا تحت الاستعمار البريطاني

بحثت الكاتبة في الهند ومصر ومالايا تحت الاستعمار البريطاني، معتبرةً أن تعدي الدولة على مؤسسات الفقه الإسلامي والفصل بين المحاكم المدنية والشرعية والمناهج الصارمة المتزايدة للتفسير والتدوين وآليات إنفاذ القانون المتوافقة مع مصالح البيروقراطية المركزية، كل ذلك قيّد المؤسسات الشرعية الإسلامية أو أدى للاستيلاء عليها من قبل الدولة.

ومع ذلك، حتى هذه المساحة المقيّدة وفرت مجالا وموارد شكلت تحديا قويا للدولة المستعمرة، وولدت هذه الظروف في الواقع مجموعة من الإستراتيجيات لدى النخب المسلمة التي ساعدت في الدفاع عن القيم العليا للدولة الشرعية، من خلال قدرتها على تمكين القانون الإسلامي في نطاق محدود مثل قانون الأسرة والأحوال الشخصية والطقوس الاحتفالية.

في مالايا، بنى السلاطين شرعيتهم وسلطتهم وفقا لمفهوم سيادة مستمد من الدين والعرق، وفي الهند ترجم المحامون المسلمون والقضاة والموظفون المدنيون الفقه الإسلامي إلى لغة القانون الاستعماري البريطاني، بينما اختارت النخب الحاكمة في مصر خليطا من التحديث والتغريب من أجل الحفاظ على قوتهم في مواجهة الاستعمار.

وبالنسبة لكل مجموعة من هذه المجموعات، فإن التهميش المؤسسي للإسلام ونخبه قد أطلق جدلا ومفاوضات لجعل “الشريعة الإسلامية” مركزا لشرعية الدولة، لكن هذه “الشريعة الإسلامية” لم تكن الفقه الإسلامي ولا الشريعة (المسار الإلهي الإرشادي للسلوك الصحيح)، بل شكل القانون الإسلامي بناءً جديدا في محتواه ونطاقه ومنطقه وعلاقته بالدولة.
دراسة القانون الإسلامي الحديث

ينقسم الكتاب إلى ثلاثة أقسام تتكون من سبعة فصول، يبدأ أولها بطرح موضوع الكتاب ومنهجه في دراسة القانون الإسلامي بوصفه منتجا تاريخيا له سياقه الحديث المخصوص والمرتبط بالتحديث والاستعمار، وهو بذلك يختلف كثيرا عن الشريعة كما عرفت في التاريخ الإسلامي.

ويحاول الفصل الثاني تتبع حركات الإصلاح في مصر والهند وماليزيا وتفاعلها مع السلطات البريطانية، وفي الفصل الثالث يدرس الكتاب الفاعلين والمعنيين بالقانون الإسلامي من السلطات الاستعمارية والنخب الوطنية وعموم الناس.

وفي الفصل الرابع يستشهد الكتاب بمحاكمات جرت في البلدان الثلاثة ليتتبع كيف نشأ القانون الإسلامي في هذه السياقات المعبأة بصراع بين الاستعمار والنخب الوطنية، وفي الفصل الخامس يتناول الكتاب القانون الإسلامي كمصدر للشرعية والرمزية استطاعت بها النخب الوطنية توكيد حضورها في مواجهة منافسيها من النخب المرتبطة بالاستعمار أو الاستعمار ذاته.

ويتناول الفصل السادس قضايا الدين والعلمانية في أعمال مفكرين معاصرين، وفي الفصل الأخير يدرس تطبيقات معاصرة لأحكام مستمدة من القانون الإسلامي في ماليزيا مثل قضايا الردة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky