الأزمات الراهنة في العالم الإسلامي و طرق التخلص منها من منظور آية الله الأراكي

في مراسم حاشدة افتتح صباح اليوم الاحد، المؤتمر الدولي التاسع و العشرون للوحدة الاسلامية  اعماله برئاسة آية الله الأراكي وحضور و مشاركة حشد كبير من كبار الشخصيات الدينية و السياسية و الفكرية من مختلف بلدان العالم الاسلامي.

موقع الاجتهاد: افتتح الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية آية الله الأراكي حفظه الله المؤتمر بكلمة رحب في مستهلها بالضيوف الكرام معرباً عن شكره و تقديره لحضورهم، و متمنياً بأن تكلل جهودهم بخروج المؤتمر بقرارات و توصيات تحفظ للامة الاسلامية هويتها و تصون وحدتها ، و اتخاذ موقف موحد يتصدى للمخاطر و التهديدات التي تهدد المجتمعات الاسلامية في التطرف و التزمت و ما تقوم به الجماعات التكفيرية الارهابية .

كما لفت الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية، الى التحدي الاكبر الذي يعاني منه العالم الاسلامي على ايدي الموتورين من ابناء الامة المنحرفين جنباً الى جنب مع الاستكبار العالمي.

و أوضح آية الله الشيخ محسن الاراكي أن التصدي لهذه التحديات و مواجهة المخاطر و التهديدات، يتطلب ارادة قوية فاعلة على جميع المستويات من علماء و ساسة و مفكرين و أناس مخلصين حريصين على دينهم و عقيدتهم.

و أشار آية الله الأراكي الى أن العالم الاسلامي يواجه ثلاث ازمات رئيسية:

الأزمة الأولى

هيمنة اعداء الامة الاسلامية على مراكز اتخاذ القرار في العديد من البلدان الاسلامية، و غياب الارادة الحقيقية لدى كبار المسؤولين مما يقود الى اضعاف مواقف الدول الاسلامية، و ان مثل هذا يبدو واضحاً في مواقف هذه الدول ازاء القضية الفلسطينية.

ولفت سماحته إلى مهمة العلماء العالم الإسلامي و كذلك النخب الفكرية و الثقافية و السياسية في العالم الإسلامي وهي الجهود الشاملة لاستعادة الإستقلال للعالم الإسلامي و قطع أيدي الأجانب من مراكز صنع و اتخاذ القرار في العالم الإسلامي.

 مستدلا بقول الله سبحانه و تعالى : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ »
و كذلك الأية القرآنية: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ»

الأزمة الثانية

2 – و أشار آية الله الأراكي إلى الأزمة الثانية التي تواجه الأمة الإسلامية و هو التطرف الذي تعاني منه العديد من الدول الإسلامية.

وقال : الغرض من التطرف هو إنشاء بدع التي تؤدي إلى تكفير المسلمين و توفر الأرضية للعداء والكراهية والحرب داخل المجتمع الإسلامي.

فوفقا لرواية البخارى يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في إشارة الى هذا التيار الخطير :

” لاترجعوا بعدی کفاراً یضرب بعضکم رقاب بعض”.
و في رواية أخرى يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “لاترتدوا بعدی کفاراً یضرب بعضکم رقاب بعض”.
و في رواية أخرى يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “سباب المسلم فسوق و قتاله کفر”.
و في رواية أخرى يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : من قذف مومناً بکفر فهو کقتله “.

وأشار الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية إلى المراكز القوية والفعالة في العالم الإسلامي و دورهم في نبذ التطرف و قال: توقع من الأزهر أن يواصل نهجه السابق الذي يتسم بالاعتدال الوحدة والتقريب و ان لا يقع تحت تأثير الصهاينة. يجب ان لا يقع الازهر تحت هيمنة السعودية و سياسات الدول الأخرى. الازهر يجب ان يكون مؤسسة مستقلة، مؤسسة محترمة و مقدسة وأن لا يفسح المجال للتكفريين و المتطرفين بإتخاذ مواقف وإجراءات ضد بعض المذاهب الإسلامية.

الأزمة الثالثة

3 – وأشار آية الله أراكي إلى الأزمة الثالثة و هي أزمة التفرقة والتشتت و الحرب في العالم الإسلامي .و قال: لقد منع القران الكريم المسلمين من التفرقة والتشتت. یقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه : وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ »

و كذلك يقول: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ.
و يقول: «إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ.

وکذلك يشير إلى رسالة الأنبياء و هي رسالة الوحدة والإجتناب من التفرقة ويقول : إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ .

وفي أية أخرى يقول: شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ .

كذلك الرسول صلى الله عليه و آله وسلم ينهى المسلمين من التفرقة و العداوة . يقول الإمام احمدبن حنبل:
” کان  ـ ای رسول الله صلی الله علیه و آله _ یأتینا إذا قمنا إلی الصلاة فيمسح عواتقنا أو صدورنا و کان یقول : « لاتختلفو فتختلف قلوبکم “

و في رواية أخرى يقول : “من فارق الجماعةـ او خالف الجماعة ـ  شبراً فقد خَلَع ربقة الاسلام من عنقه” .

و كذلك يروي أحمد من عبدالله بن مسعود أنه قال ” سمع رجلا يقرأ آية سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ خلافها. قال: فأخذت بيده فانطلقت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “كلاكما محسن فاقرأ” قال شعبة أحد رواة هذا الحديث: أكبر علمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “فإن من كان قبلكم اختلفوا فأهلكوا” .

و أوضح آية الله الشيخ محسن الاراكي أن التصدي لهذه التحديات و مواجهة المخاطر و التهديدات ، يتطلب ارادة قوية فاعلة على جميع المستويات من علماء و ساسة و مفكرين و أناس مخلصين حريصين على دينهم و عقيدتهم .

طرق التخلص من هذه الأزمات

و أشار آية الله الأراكي إلى العوامل المؤثرة للخروج من هذه الأزمات في الوقت الراهن مقترحا الأمور التالية:

1 – نشر و ترويج خطاب الوحدة و التقريب بين عامة المسلمين في العالم الإسلامي خاصة الشباب وضروة التجنب من أسباب التفرقة و التشتت.

2 – محاولة جادة لحشد الطاقات والإمكانيات العالم الإسلامي لدعم المقاومة الإسلامية الفلسطينية و السعى لخلق الوحدة بين جماعات المقاومة الإسلامية في فلسطين حتى تبقى مسألة الفلسطين المسألة الأولى في العالم الإسلامي .

3 – السعى لإيجاد أرضية في مجال التقريب و الوحدة في العالم الإسلامي من خلال الحلول العملية مثل إنشاء إتحاد الدول الإسلامية و إلغاء التأشيرات و تفعيل التجارة والتعاون الإقتصادي بين الدول الإسلامية خاصة سوق إسلامية مشتركة و كذلك التعاون العلمي و التقني والأكاديمي بين الدول العالم الإسلامي خاصة في مجال العلوم والدراسات الإنسانية الإسلامية

4 – السعي لإنشاء عملة إسلامية موحدة بين الدول الإسلامية.

خاص موقع الاجتهاد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky