بعد انتشار الهواتف النقّالة في العصر الراهن، واعتماد تفعيل المكالمات فيها والخدمات الأخرى التي تبذلها شركات الاتصال المشغّلة لهذه الهواتف على كارتات التعبئة (الرصيد)، برز موضوع لمسألة شرعية مستحدثة يدخل في دائرة ابتلاء المكلفين من جهة الحكم الشرعي في التعاملات التجارية بهذه البطاقات (الرصيد) من حيث شراء نفس تلك البطاقات (الرصيد)، لاسيّما في صورة شراءه بالدَّين(نسيئة) إذ اختلفت فيه أنظار الفقهاء المعاصرين (حفظهم الله تعالى) بين مستشكل ومجيز. فهذه أربع مسائل في ما بات يعرف في عصرنا الراهن ببيع الرصيد، تناولت فيه المسالة من حيث الموضوع والحكم الشرعي له بالتصويرات الممكنة، وهي من المسائل التي اختلفت فيها أنظار الفقهاء وفتاواهم من الخاصة والعامة.
الاجتهاد: تظهر بين الحين والآخر موضوعات تقع موردة لأسئلة شرعية لتعلق أفعال المكلفين بها، وخصوصا على مستوى المعاملات الدائرة بين الناس، نظرا لتطور الوقع العام للحياة، وتنوع أساليب التجارة والعمل مما يفرز خصوصیات تلحق بعض الموضوعات المعروفة بأحكامها الشرعية بشكل عام، الا ان الخصوصية أضفت حيثية على الموضوع جعلته يأخذ منحى آخر في مناط الحكم الشرعي له، فيجدر بالباحث عن الحكم الشرعي لتلك الموضوعات مع تلك الخصوصية أن يجد المدرك المناسب لها ويؤطرها بحدودها الشرعية رافعا اللبس والإبهام الذي تلبس به ذلك الموضوع.
ومن الموضوعات التي حامت حوله الشبهة موضوعة وحكمة، ما یسمی بـ (بيع الرصيد) الممثل ببطاقات شاع التعامل بها بظهور خدمة الهاتف النقال، وأثیر معها إشكال بيع الرصيد الممثل بتلك البطاقات الذي هو مقدار من المال بالعملات المتداولة الورقية، حاصله: أن المعاوضة على تلك البطاقات هل هي معاوضة على نفس المال الذي تغطيه تلك البطاقة، أو أنها شيء وراء ذلك؟
فقيل إن الشركة المصدرة لتلك البطاقات إنما تتعهد وتلتزم بالمنفعة المتحققة بخدمة الاتصال قبال ما تأخذه من ثمن تلك البطاقات، محسوبة بتعرفة معينة ك مائة دینار للدقيقة الواحدة للاتصال الداخلي وأربعمائة دينار للدقيقة الواحدة للاتصال الخارجي، مثلا. فتصير الشركة ملتزمة – على ضوء ذلك – ب مائة دقيقة للبطاقة الواحدة من فئة عشرة آلاف دينار.
وسنرى في هذا البحث، محاولة لتحقيق المعاملة الصحيحة التي يمكن أن تنزل عليها معاملات الناس على هذه الأرصدة بحسب واقع تعاملات شركة الاتصال وطريقة أدائها للخدمة، والقواعد المناسبة في الأدلة الشرعية وفقه المعاملات لتحديد الحكم الشرعي على ضوء معطيات الواقعين ولمختلف تقلبات المعاملات من البيع النقدي والآجل – النسيئة – وتحويل الرصيد بين المشتركين.
وقد تجنبت في البحث الخوض في مؤدى فتاوی الفقهاء من الخاصة والعامة، واكتفيت ببحث المسألة بحسب القواعد العامة للفقه والأدلة المناسبة التي يمكن أن تدخل هذه المسألة تحتها بحسب المعروف من فقه المعاملات، وبالوجوه الصالحة لتحديد الحكم الشرعي لهذا الموضوع الغائم بعض الشيء، فاستلزم في جانب كبير منه البحث في ربا المعدود، لدخول مسألتنا على بعض الوجوه صغرى لكبراها، وفرد من کليها، في شيء من الإستطراد لم أجد منه بدّاً.
والبحث هنا يقع في المعاملات الشرعية التي تتداول بها هذه البطاقات من البيع العاجل المنجز، والمؤجل بنوعية من تأجيل الثمن المسمى (نسيئة) أو المثمن المسمى (السلف) وغيرها، والمحاذير المتصورة التي تشكل عائقا دون انجاز بعض أنواع المعاملات فيها.
وفي البحث أربع مسائل
المسالة الأولى: بيع الرصيد نقداً (يداً بيد).
المسالة الثانية: بيع الرصيد نسیئة (تأجيل الثمن)
المسالة الثالثة: بيع الرصيد سلفاً (تعجيل الثمن وتأجيل المثمن).
المسالة الرابعة: تحويل الرصيد بين المشتركين.
هذا، وان غالب البحث وقع في تفصيل المسالة الثانية لأنها موضع لإشكال والبحث.
عناوين البحث:
المقدمة
توطئة
المكونات الاعتبارية لرصيد الأموال
بطاقات التعبئة ( شحن الرصيد)
التوجيه الأول لمالية بطاقة الشحن
التصوير الشرعي لتعجيل دفع أجرة المنفعة
طريقة الجعالة والإباحة بالعوض
المناقشة في وفاء المعاملات المذكورة بمقصود صاحب المنفعة
التوجيه الثاني لمالية بطاقة الشحن
المسالة الأولى: بيع الرصيد نقداً (يداً بيد).
المسالة الثانية: بيع الرصيد بثمن مؤجل (نسیئة)
بحث الجهة الأولى في المسألة الثانية
موقف الجمهور من بيع الأجناس بنفسها متفاضلاً نسيئة
الطائفة الأولى : تدل على جواز بيع المعدود بجنسه متفاضلاً مطلقاً
الطائفة الثانية : تدل على جواز بيع المعدود بجنسه متفاضلاً نقداً
الطائفة الثالثة : تدل على الجواز نسيئة
الطائفة الرابعة : تدل على عدم جواز بيع المعدود متفاضلاً بجنسه نسيئة
الطائفة الخامسة : تدل على عدم جواز بيع المعدود متفاضلاً بجنسه مطلقاً
مناقشة الروايات في المسألة
النص على عدم جواز بيع المعدود بجنسه نسيئة
النتيجة
ثمرة البحث في الربا المعدود
شبهة القرض الربوي و الجواب عنها
بحث الجهة الثانية في المسألة الثانية
المسالة الرابعة: تحويل الرصيد بين المشتركين.
مصادر البحث
بيع الرصيد في خدمات الإتصال بالآجل
تحمیل المقالة
المصدر: العدد الأول من مجلة دراسات علمية